هل البصمة هي الحل؟: حديث القلم

حينما قرر ديوان الخدمة المدنية إلزام جميع الموظفين ببصمة الدخول والانصراف،

أثيرت ضجة كبيرة بين أوساط الموظفين، ولكن كل حسب زاويته وحياته الخاصة التي

سبقت إقرار وتطبيق البصمة. فمن اعتاد على التأخير الصباحي في كل يوم، من أجل

توصيل أبنائه لمدارسهم مثلاً، إذا أحسنا الظن، فسيتعرض لعقوبات إدارية لن تراعي

بطبيعة الحال وضعه العائلي القائم، لأنه لن يتمكن من وضع بصمته في الوقت المحدد لبداية العمل والذي غالبا سيتضارب مع بداية اليوم الدراسي. وهناك أمثلة كثيرة من المتضررين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم موظفون، وخاضعون بالنهاية لقرار إداري اتخذه مسؤول في شكل مفاجئ من دون دراسة.

أعلم أن هناك العديد من الموظفين الذين وقع عليهم الضرر من خلال اعتيادهم على التسيب والإهمال، وهم يرفضون شتى أنواع القيود داخل العمل أو خارجه، ويشترك معهم في هذا الذنب رؤساؤهم في العمل الذين حولوهم إلى مجرد أناس يعملون من دون أي إنتاج يذكر، وهم مجرد عنصر في الدولة لاقتسام وتوزيع الثروة لا أكثر، كما يشترك معهم متنفذون ونواب سابقون ساهموا في تعيينهم في وظائف هامشية حيث لا محاسبة ولا مراقبة ولا شعور بالمسؤولية، وهذه الشريحة من الموظفين سوف لن تردعهم البصمة، وسوف يظلون في حالة من الكسل ولن يقدموا أي شيء يذكر للدولة حتى وإن أجبروا على الحضور والانصراف.

رغم مميزات البصمة والتي يأتي في مقدمتها تعزيز الالتزام بمواقيت الحضور للعمل والانصراف منه، إلا أن متخذ القرار قد قفز قفزة كبيرة تجاوز من خلالها العديد من القضايا التي كان يجب أن تعتلي الأولويات الحكومية، ولا شك في أن الأزمة المرورية التي باتت تخنقنا فعليا في كل صباح تأتي في مقدمتها، بالإضافة إلى بعض الوظائف التي لايمكن تطبيق البصمة عليها نظرا لطبيعتها واختلافها عمن سواها.

في النهاية قد تكون الضجة المثارة مبررة لدى البعض، وقد تكون غير مبررة ومبالغ فيها لدى البعض الآخر. وكما أسلفت فكل منا ينظر للأضرار والمنافع حسب وضعه القائم، ولكن لا يختلف إثنان على وجود قرارات حكومية متخبطة وغير مدروسة بالشكل الكافي، وأمثلة هذا التخبط والعشوائية كثيرة وفي مختلف وزارات الدولة وقطاعاتها العامة.

الآليات يجب أن تختلف، والفكر لا بد أن يتبدل بآخر، والوظيفة يجب أن تمنح لمستحقيها وفق القانون واللوائح حسب المؤهلات والتخصصات، لأن الواسطة في التعيينات والتخبط في طرح وظائف لاتتناسب مع المؤهل الدراسي، سيظل ينتج موظفين غير محبين لوظائفهم وبالتالي غير منتجين وغير مخلصين وأكثر رغبة في التمرد على قوانين العمل.

وخزة القلم:

ما زلت أبحث عن إجابة عن سؤال ظل يجول في نفسي طوال الأيام السابقة: هل هناك رغبة حكومية جادة وصادقة للنهوض بالعمل العام وتنمية موظفي الدولة، أم أن هناك منتفعا يقف خلف الستار، كما حدث مع قضية الفلاش ميموري؟

twitter: @dalshereda

الرأي العام

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*