ترى الكاتبة الصحفية عبلة مرشد، أن اختبارات قياس (للقدرات العامة، والتحصيلي)،
فيها ظلم كبير وإجحاف في حقوق الطلاب ومستقبلهم؛ في ظل نظامنا التعليمي الحالي؛
رافضة أن يتلقى طلابنا التعليم بأسلوب تقليدي قديم، ثم نُجري لهم اختبارات قياس،
بأسلوب حديث ومبتكر لم يعهدوه.
اختبار موحد
وفي مقالها “هل اختبارات قياس القدرات منصفة تربوياً وإنسانياً؟” بصحيفة “الوطن”، تبدأ “مرشد” بالتأكيد على أهمية اختبارات القياس؛ لكنها ترى أن الاختبار الموحد أكثر عدلاً ومصداقية وتقول: “يمكن قبوله كمقياس تربوي للكفاءة العلمية إذا تساوى فيه مستوى القياس للجميع؛ بمعنى أن تتوحد الأسئلة كما كان متبعاً سابقاً قبل اعتماد اختبارات قياس كأداة تقييم، وكذلك قبل ترك الحبل على الغارب للمدارس لتتحمل مسؤولية اختبارات طلابها وتتنافس في نتائجهم؛ وذلك ليس مطلوباً فقط في الاختبارات النهائية؛ وإنما كذلك في اختبارات نصف الفصل الدراسي؛ ليكون للاختبار مصداقية وعدالة في التقييم ليس للمدارس الحكومية فحسب؛ وإنما كذلك المدارس الأهلية؛ بحيث يشمل الجميع اختبار موحد يتم إعداده من نخبة مشتركة من معلمي المدارس لكل منطقة؛ وذلك أخذاً في الاعتبار الزيادة السكانية، واتساع مساحة المملكة، وصعوبة احتواء جميع المناطق في اختبار موحد؛ ناهيك عن إمكانية السيطرة على مصداقيته وعدم تسربه بين المناطق”.
تعليم تقليدي
ثم تتوقف “مرشد” أمام قضية نظام التعليم بالمملكة واختبارات القياس وتتساءل: “هل نوعية الدراسة التي يتلقاها الطلاب ومحتواها وأسلوب التدريس وطرقه المتبعة وبيئته المتاحة؛ تؤسس لعقل وفكر قائم على التحليل والربط والاستنتاج والإبداع وغيره؟! أم أن التعليم الموجود قائم على التلقين والحفظ وتعطيل كل القدرات الذهنية والفكرية والإبداعية التي يمكنها أن تنجز في اختبارات القدرات؟! أليس من المنطق العلمي والمنهج التربوي الصحيح أن تعتمد آلية الدراسة الفعلية وطرق تقييمها على ذات القاعدة التربوية التي تُبنى عليها اختبارات القدرات العامة؟! أليس من الإنصاف أن نعدّ الطلاب ونهيئهم فكرياً وعلمياً ونطوّر قدراتهم ومهاراتهم أثناء الدراسة ليستطيعوا تخطي اختبارات القدرات؟! أليس من الإنصاف والمنطق أن يكون اختبار القدرات هو حلقة تراتبية تتفق مع منهج تربوي منفّذ تم التجهيز والإعداد له علمياً وتربوياً، وبما يتضمنه من آلية دراسة وتقييم متقاربة؟! أم أننا نستهدف تحطيم أبنائنا والتشكيك في قدراتهم وفقدانهم الثقة في أنفسهم من تلك الاختبارات التي تتحكم في مستقبلهم ومجرى حياتهم”.
دورات القدرات
وترى الكاتبة أن دورات القدرات التي تقدّمها بعض المدارس، لا تكفي كما أنها ليست متاحة للجميع، تقول “مرشد”: “مما لا يخفى على الجميع، أن هناك دورات للقدرات تُجرى في المدارس الأهلية بصفة خاصة، وبعضها متاح التسجيل فيه لطلاب الحكومة كذلك؛ وذلك جميعه مقابل مبالغ مادية تُدفع للمدربين والمدارس التي تقام فيها تلك الدورات، هذا إلى جانب ما تزخر به المكتبات والإنترنت من كتب ومواد علمية تتصل بذلك؛ لكن السؤال: هل الجميع يستطيع الدفع لتلك الدورات وتسمح ظروفه بحضورها؟! وهل تكفي تلك الدورات لتغيير أسلوب التفكير والقدرة على التحليل والإجابة الصحيحة الذي يختلف تماماً عن واقعهم الدراسي؛ أم أن الحظ يلعب دوره؟! بل وهل جميع من يأخذ تلك الدورات يستطيع أن ينجز في اختبار القدرات العامة والتحصيلي؟! بالطبع لا؛ وذلك ليس محكوماً فقط بالنسب المتدنية فحسب؛ وإنما كذلك بقدرة استيعاب الجامعات لهذا الكم الكبير من مخرجات الثانوية العامة”.
“قياس” في دول العالم بتعلم ابتكاري
وتلفت “مرشد” إلى أن كل دول العالم التي تعتمد اختبارات القدرات، تقدم تعليماً ابتكارياً مبدعاً يهيئ لهذه الاختبارات، وتقول: “مما تجدر الإشارة إليه أن جميع دول العالم المتقدم تعتمد تلك الاختبارات التي تسبق التعليم الجامعي “كالقدرات العامة”؛ بل وإن كثيراً منهم يعتبرها هي أساس التقييم؛ لكونها تعتمد على تقييم محصلة الطالب الدراسية في الثانوية العامة؛ بالإضافة إلى تقييم مهارة الطالب وقدرته على الاستنتاج والتحليل والربط بين أطراف السؤال، والذي تدرب على آليته وأسلوبه مسبقاً عندما كان طالباً؛ ليس في الثانوية فحسب؛ وإنما في مختلف مراحل التعليم السابقة، والتي بها تكونت معلوماته، ومنها تشكلت طريقة تفكيره ومعالجته لمفردات الأسئلة التي يجدها في تلك الاختبارات؛ وبالتالي فإن تلك الاختبارات تتمتع بمصداقية عالية في التقييم وفي الأمانة العلمية والتربوية، بالإضافة إلى توخيها الإنصاف الإنساني والعدالة؛ لكونها تحترم حق الإنسان في أن يُعَد ويُمَكَّن من المعرفة والعلوم المختلفة وعليها يقيم بذات المنهج”.
تطوير التعليم أولاً
وتخلص “مرشد” إلى أنه يجب تطوير النظام التعليمي قبل اعتماد اختبارات القياس، وتقول: “أما أن يتلقى طلابنا التعليم وطرق التدريس بأسلوب تقليدي قديم ثم نُجري لهم اختبارات القدرات والتحصيلي، بأسلوب حديث ومبتكر لم يعهدوه؛ فهذا ظلم كبير وإجحاف في حقوق الطلاب ومستقبلهم.. كان من الأجدر على وزارة التعليم قبل أن تعتمد اختبار القدرات العامة لقياس مستوى كفاءة الطلاب وأهليتهم المعرفية؛ أن تعمل على تطوير آلية التعليم ونوعيته، وطرق التدريس فيه، وأسلوب التقييم الذي يحتاج إلى تنوع وتحديث في أدواته المتبعة، ومنهجه التربوي ومستوى جودته؛ بحيث يشمل جميع القدرات ويحوي مختلف المهارات.. هذا بالإضافة إلى عدم الاعتماد على الاختبارات النظرية لتكون وسيلة التقييم الوحيدة والأساسية للطلاب في كثير من المدارس، وأن يعتمد أسلوب الجودة في تقييم الأداء المدرسي بكافة مراحله في جميع المناطق وبمعايير محددة ومؤشرات معروفة للجميع، وطرق قياس شاملة لجميع المكتسبات العلمية والقدرات العامة للطلاب؛ وبذلك نرتقي بتعليمنا وجودته؛ وبمستوى طلابنا وطالباتنا فكرياً وعلمياً، ونعدهم ليس للجامعات فحسب؛ وإنما لتحمّل مسؤولياتهم المجتمعية والوطنية في الحياة العامة؛ ليكونوا فخر الوطن وثروته على كل المستويات المهنية والتعليمية”.
سبق