«يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون». (الصف 2،3).
إذا كان بعض المفسرين يرون أن الآيتين السابقتين نزلتا في وصف حال بعض المؤمنين، الذين كانوا يتمنون أن يسمح الله لهم
بالجهاد ضد المشركين لينالوا منهم، فلما طلب منهم القتال إذا هم يخافون الحرب أشد خوفا من عذاب الله. ولكن في هذا المقال
أود توضيح خطورة الأفراد الذين يقولون ما لا يفعلون بصفة عامة على الدولة. فالله يكره هذه الفئة من البشر. الذين يقولون عكس
ما يفعلون، وتتناقض أفعالهم مع أقوالهم. كما يقول المثل، «اسمع كلامك يعجبني، واشوف أعمالك اتعجب»، أو كما يقول الشاعر:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ عنك كما يروغ الثعلب.
فهذه الفئة المنافقة والمخادعة يجب أن تكون منبوذة مكروهة عند الناس، ويجب ألا تنال ثقتهم خاصة أن يصبح منهم نواب للشعب يمثلونه ويدافعون عن مصالحه.
وعلى هذا الأساس نرى أن ما يقدمه بعض النواب من مقترحات لتعديل قانون الجنسية ليصبح إسقاط الجنسية عن أي مواطن بيد القضاء، بحجة أن القضاء أكثر عدالة. ولكن لما طلب منهم رفع الحصانة البرلمانية عن أحد زملائهم ليحاكم أمام القضاء عن تهمة موجهة إليه تعتقد الدولة أنه ارتكبها. نرى أولئك النواب يرفضون رفع الحصانة البرلمانية عن زميلهم ليحموه من المثول أمام القضاء. فإذا كان القضاء عادلا ونزيها كما يقولون، وأنهم يثقون بالقضاء أكثر من ثقتهم بالحكومة، فلماذا إذن يرفضون رفع الحصانة عن زميلهم ليحاكم أمام القضاء العادل كما يقولون؟
سبب التناقض في موقف أولئك النواب يرجع إلى أنهم يبحثون عن مصالحهم. فبما أنهم متأكدون أن زميلهم ستتم إدانته إذا حوكم لوجود أدلة تثبت إدانته.. لذلك حموه بالحصانة البرلمانية لمنع محاكمته. أما بالنسبة لما قدموه من مقترحات لتعديل قانون الجنسية، فقد يكون الهدف حماية المزورين والمتلاعبين لاعتقادهم أن مثل هذه القضية إذا تحولت إلى المحاكم فقد تأخذ سنوات طويلة، يمكن أن تحدث خلالها تبدلات في المواقف. خاصة أنهم وضعوا مادة في ذلك القانون تقول إن القضية تسقط في التقادم.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com
جريدة القبس