يُفطِر أحدهم على ماء بارد فيبكي

[سواها قلبي]

تفرَّق الصحابة رضي الله عنهم بعد رسول الله في الأمصار والبلدان ، ولم يبقوا تلك المجموعة الصغيرة التي تلتقي في المسجد ؛ فإذا خرجوا منه ساعة حّرك الشوق أقدامهم حتى يرجعوا مرة أخرى للمسجد يلتقوا فيه بإخــوانهم ..

تفرقوا ولم يعودوا تلك الأجساد المُلتفة حول قائدها تستمع منه نور الوحي وتتــــعّلم منه آيات الله عزوجل

تفرقوا ..
ليموت أبو ذر على قارعة طريق مهجوراً ، ويموت أبو أيوب الأنصـــــــاري على حدود أوروبا ..

ولا يُدفن في المدينة من المئة ألف صحابي الذين شهدوا حجة الوداع إلّا عشرة آلاف فقط ..

ويُـــدفن التسعون ألفاً في مشارق الأرض ومغاربها فاتحين معلمين ومجاهدين وعابدين ..

يموت هؤلاء ولم ير أحدهــــم رفقاء عمره طوال السنين ..

لكنك لو رأيت أحدهم في الصين لوجدته ثابتاً على المبدأ الذي يؤمن به تماماً كما يثـــبُت أخــــــوه في المغرب ، وكما يثبت ثالثهم في اليمن وليس بينهم اتصال ..

لقد ثبت الصحابة على تلك المبادئ التي تشربـوها سَوِيَّاً حين كانت ركبهم تلتصق مع ركب إخوانهم في حلق العلم حول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ..

لقد تناثر الصحابة رضي الله عنهم في كل مكان .. وبقي كل مــنهم يتسمّع وينتظر أخبار أخيه في تلك الأرض ..

يُفطِر أحدهم على ماء بارد فيبكي ويقول: ” مـــات أخي ولم يذق من نعيــــم الدنيا شيئ ، أخشـــى أن أكون ممن عجلت لهم حسناتهم في الدنيا .”

ويرســل أحدهم الرقعة بالبـريد فيقـطع الفـــــيافي والقــــفار ليفتحها أخوه فإذا هي : ” يا أخي كيف تجد قلبك ؟ ألا لا تَغُرَّك الدنيا .. والموعد الجنة والسلام “ !!

ومع ذلك فالثابت في زماننا أجره أجر خمسين منهم.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .