01-23-2016, 12:43 AM | #31 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم إن علم المسيح الغيبَ ليس من علْمه ابتداء بل هو من الله .. ففي إنجيل يوحنا ( 5: 20 ) : " لأنّ الآب يحبُّ الابن ويُريهِ جميعَ ما هو يعملُه وسيُريه أعمالاً أعظمَ من هذهِ لتتعجّبوا أنتم . " وفيه ( 21 : 5 ) : فقال لهم يسوع يا غلمان ألعلّ عندكم إيداماً ؟ أجابوه : لا وفي إنجيل متى ( 8 : 10 ) : " فلمّا سمع يسوع تعجب ... " وفيه 15 : 34 ) سؤال المسيح لتلاميذه : " فقال لهم يسوع كم عندكم من الخبز ؟ فقالوا له : سبعةٌ وقليلٌ من صغار السمك " وفي إنجيل لوقا ( 8 : 45 ) أن المسيح لم يعرف المرأة التي لمسته : " فقال يسوع من الذي لمسني ". فهذه الفقرات تدل على أنّ المسيح عليه السلام لا يعلم الغيب .. وإلا لَمَا قال بأنّ الله سيريه أعمالاً .. ولَمَا صدر منه التعجب الحاصل بخفاء السبب ، ولَمَا سأل الغلمان عن مقدار الطعام وعن الذي لمسه.. فإذا كان لا يعلم بأقرب الأشياء إليه فكيف بما بَعُد عنه ؟! وهذا يدل على أنه بَشَرٌ مخلوق وليس إلهاً ولا ابن إله . تجربة إبليس للمسيح : ارجوا الانتباه هذا ( إبليس ) ورد في أنجيل متى ( 4 : 1 – 11 ) : " ثم أصعِدَ يسوعُ إلى البريّة من الروح ليُجرَّب من إبليس . فبعد ما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلةً جاع أخيراً . فتقدّم إليه المجرِّب وقال له : إن كنتَ ابن الله فقلْ أنْ تصير هذه الحجارةُ خبزاً . فأجابَ وقال: مكتوبٌ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسانُ بلْ بكلّ كلمة تخرجُ من فم الله . ثم أخذه إبليسُ إلى المدينة المقدّسة وأوقفه على جناح الهيكل . وقال له : إن كنت ابن الله فاطرحْ نفسك إلى أسفل ز لأنه مكتوبٌ أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تَصْدِمَ بحَجَرٍ رجْلَكَ. قال له يسوع : مكتوبٌ أيضاً لا تجرّب الربّ إلهَكَ . ثم أخذه أيضاً إبليسُ إلى جَبَلٍ عالٍ جداً وأراه جميعَ ممالك العالم ومجدها . وقال له : أعطيكَ هذه جميعها إنْ خررتِ وسجدت لي . حينئذ قال له يسوع : اذهبْ يا شيطانُ . لأنه مكتوبٌ للربّ إلهك تسجدُ وإياه وحده تعبدُ . ثم تركه إبليسُ وإذا ملائكةٌ قد جاءتْ فصرات تخدمُهُ. " نرى في هذه الفقرات أن إبليس أراد أن يُجرّبَ المسيحَ فطلبَ منه أن تصيرَ الحجارةُ خبزاً . وأن يُلقيَ نفسه من مكانٍ عالٍ ، وأن يَسجد له سجدةً واحدةً ليعطيَه ملْكَ العالَم ، وهذا القصة _ على الشكّ في صحَتها _ فيها إشارةٌ تامّة وواضحةٌ لبشرية المسيح ورسالته .. وتوحيده لله ، وأنّه ليس إلهاً ولا ابن إله ، بل هو عابدٌ لله . وفيما يلي أوجه الدلالة : الوجه الأول : أنّ إبليس قاد المسيح إلى بيت المقدس ثم إلى مكان عال. وما نرى المسيح إلاّ انقاد له ، ولابدّ أنْ يكون قد انقاد له طائعاً أو مكرهاً لا ثالث لهما. فإن كان انقاد له طائعاً فيكون تحت حُكم الشيطان وتصرّفه .. وهذه منزلة يجلّ عنها الأنبياء فضلاً عن الإله ذي العزة والجبروت . وإنْ كان انقاد له مكرهاً فهذه منزلة المصروعين الذين يتخبطهم الشيطان من المسّ .. ولا تليق بعيسى عليه الصلاة والسلام وهو عبدُ الله ورسوله الكريم . الوجه الثاني : كيف يطمع إبليس في أنْ يسجد له الإله الذي خلقه لعبادته، بل كيف يتجرّأ إبليس _ لو كان المسيح إلهاً _ أنْ يدعو إلهه إلى السجود له وعبادته ؟! .. والمسيح بزعمكم خالقكم وخالق إبليس .. فهل يُجرِّب المخلوقُ خالقه ؟! وهذه التجربة والدعوة للسجود تصحّ في حق البشر المخلوقين ، والله يعصم الأنبياء .. فلئن صحّت دعوتُ إبليس للمسيح أنْ يسجد له فهي أكبر دليل على أن المسيح بَشَرٌ مخلوق خالص العبودية لله الواحد الأحد. الوجه الثالث : هو أنّ إبليس وجنده كلهم ضمن ملْك الله وتصرّفه .. فكيف يصّح أنْ يمنّي إبليسُ ربَّه بإعطائه ملْك الدنيا والحال أنه مملوك له ؟! فأن قال قائل إن الجوعَ والانقيادَ وطلبَ السجودِ مقابل ملْك الدنيا كله واقع على الناسوت دون اللاهوت ، يقال : إنّ اللاهوت والناسوت عندكم متّحدان ، فانقيادُ الناسوت يعني انقياد اللاهوت بالضرورة .. ويؤيدُ ذلك أنّ إبليس دعا اللاهوت دون الناسوت بقوله : " إنْ كنتَ ابن الله ". الوجه الرابع : وفيه عدة نقاط : 1- صعودُ إبليس إلى البرية ليجرّب وصومُه وجوعُه يدلّ على أنّه بشرٌ مخلوقٌ معرّض للامتحان ، واللهُ يمتحنُ عبادَه ولا يُمتَحَن ، ويُطْعِمهم ولا يُطعَم . 2- جواب المسيح لإبليس عندما طلب منه أن يأكل من خبز الحجارة " مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان " فيه دليلٌ على أنّ المسيح إنسانٌ أعطاه اللهُ الحياةَ ، وجعل وسيلةَ الحفاظ على هذه الحياة الأكل من الخبز ، وهو بهذا يُشْبه سائر البشر ، لأنّ الإله حياته بذاته لا يغيره ، وهي حياة مستمرة أزلاً وأبداً بدون خبز . 3- قول المسيح : " بكل كلمة تخرج من فم الله " اعتراف بوحدانية الله ، وبأنّ الحياة الدنيوية تستمر بالخبز ، لكنّ الحياة الأخروية تكون بالحفاظ على أوامر الله واتّباع كلماته. 4- قول إبليس " يوصي ملائكته بك " دالٌ على أنّ المسيحَ عبدٌ يختلف عن الملائكة ، وليس هو إلهاً .. لأنّ الإله ليس بحاجة إلى من يحفظه .. والملائكة يحفظون البشر . 5- قول المسيح " لا تجرب الربّ إلهَك " .. " للربّ إلهِك تسجدُ وإياه وحده تَعبد " دالٌّ على أنّ المسيحَ عبدٌ مربوبٌ يَعبد الله ربَّه ويسجدُ له وحده ، ولم يَرْض أنْ يُجَرِّب إلهَه ، لأنّ المخلوقَ لا يجرِّب خالقَه . 6- قول الإنجيل : " ثم تركه إبليسُ وإذا ملائكةٌ قدْ جاءتْ فصارتْ تخدِمه " دليلٌ على أنّ المسيحّ عبدٌ إلى الله يحفظه ويقوّيهِ بالملائكة .. والله ليس بحاجة لملائكته. (( أفلا يَعلم مَن كان في عقله أدنى مسكة أنّ هذا الفعل لا يكون من شيطان إلى إله . ولو كان إلهاً لأزاله عن نفسه قبل أنْ يأتيه الملَك من عند ربه . )) وللحديث بقية ... أخوكم : الاثرم التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 01-23-2016 الساعة 12:50 AM |
02-26-2016, 11:23 PM | #32 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم 2- مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها : بعد ذلك نأتي لموضوع خطير هو مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها . إن المتفق عليه بين علماء الديانات وخاصة ديانات الكتب المقدسة ( عند أهلها ) هو أن أحد تعاريف النبي بأنه الشخص المرسل من عند الله سبحانه وتعالى أو الذي يتكلم بوحي من خالقه ولا يدخل الخلف في أخباره. فمن المؤكد أن النبي الذي يصدقك فيما حدث في الدنيا ، لابد أن يصدقك ما وعد به في الآخرة . لكن عندما تنسب نبوءة لنبي ما ، بل وأكثر من نبوءة تثبت أن الحياة الدنيا التي نعيشها قد انتهت .. فماذا يكون المصير بالنسبة لتنبؤات الحياة الأخرى ؟ من المؤكد أن ما وعد به لن يتحقق أيضاً . اعتقد أن هذه قاعدة متفق عليها . وبالنسبة لموضوع التنبؤات في الأناجيل نجد الآتي : التنبؤ بأن نهاية العالم تحدث في القرن الأول الميلادي : تقول الأناجيل إن السيد المسيح : " دعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض .. وأوصاهم قائلاً .. ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام .. ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان ( المسيح ). ( متى 10 : 1 – 23 ) . وبصورة أخرى تؤكد ما سبق فأن نهاية العالم وعودة المسيح ثانية إلى الأرض لابد أن تحدث قبل أن يفني ذلك الجيل الذي عاش في القرن الأول من الميلاد . ( متى 24 : 29 - وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع * 30- وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء . ... ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ...34 -الحق أقول لكم (( لا يمضي )) ((ؤهذا الجيل )) حتى يكون هذا كله ويتفق كل من إنجيلي ( مرقس 13 : 24 - 30 ) وإنجيل ( لوقا 21 : 25 - 32 ) مع ذلك التقرير الخطير الذي قرره (متى) . وان شيئا من هذا لم يحدث كما توقعه (متى) . ( تفسير إنجيل متى : ص 21 ). وعلى ذلك تكون التنبؤات التي نسبتها الأناجيل للمسيح عن حدوث نهاية العالم في ( القرن الأول الميلادي استحال تحقيقها ولا يمكن لأحد الدفاع عنها . ب - التنبؤ باصطحاب يهوذا الخائن للمسيح في العالم الآخر : فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك . فماذا يكون لنا . فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا على أثنى عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر . " ( متى 19 : 27 – 29 ) . لقد كان يهوذا الأسخريوطي أحد التلاميذ الاثنى عشر الذين قيلت لهم هذه النبوءة وبعد خيانته أصبح يعرف ( بابن الهلاك ) لأنه طرد من صحبة المسيح في الدنيا والآخرة . وبهذا استحال تحيق هذه النبوءة . وإذا رجعنا إلى نظير هذه الفقرة في إنجيل لوقا لوجدنا _ كما يقول جون فنتون _ " أنه حذف العدد الاثنى عشر ولعل ذلك يرجع إلى أنه كان يفكر في يهوذا الأسخريوطي " . ( تفسير إنجيل متى : ص 317 ج - التنبؤ بدفن المسيح في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالي : حاول قوم من اليهود تعجيز المسيح فقالوا له : " يا معلم نريد أن نرى منك آية . فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثالث ليال يكون هكذا ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال متى 12 : 38 – 40 ) . إن هذا القول شائع في الأناجيل وتكرر ذكره في أغلبها وفي أكثر من موضع . وقد ذكر في إنجيل ( مرقس في 8 : 31, 9 : 31, 10 : 34 ). وذكر في إنجيل لوقا مع اختلاف هام يلحظه القارئ ، وذلك في قوله : " وفيما كان الجموع مزدحمين ابتدأ يقول. هذا الجيل شرير يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي . لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل " ( 11 : 29 – 30 ) . وذكرت الأيام الثلاثة في إنجيل ( يوحنا 2 : 19 ) . ونقرأ في سفر يونان ( يونس عليه الصلاة والسلام ) ما حدث له فقد " أعد ( الرب ) حوتاً عظيماً ليبتلع يونان . فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال .. فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت .. وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر " ( 1 : 17 ، 2 : 1 – 10 ) . ومن الواضح إذن أنه لكي تتحقق هذه النبوءة فيجب أن يبقى المصلوب في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. ولكن إذا رجعنا إلى ما تذكره الأناجيل عن أحداث الصلب والقيامة لوجدنا أن المصلوب أنزل من على الصليب مساء الجمعة ( يوم الصلب ) : " ولما كان المساء إذا كان الاستعداد أي ما قبل السبت. جاء يوسف الذي من الرامة .. ودخل إلى بيلاطس ( الحاكم ) وطلب جسد يسوع .. فدعا قائد المئة وسأله هل له زمان قد مات. ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف . فاشترى كتاناً فأنزله وكفَّنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتاً في صخرة ودحرج حجراً على باب القبر " ( مرقس 15 : 42 – 46 ) . ولقد اكتشف تلاميذ المسيح وتابعيه أن ذلك القبر كان خالياً من الميت في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد . وفي هذا يقول إنجيل متى : " وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر ... فأجاب الملاك وقال للمرأتين .. ليس هو ههنا لأنه قام كما قال " ( 28 : 1 – 6 ) . كذلك يقول إنجيل يوحنا : " وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر ( 20 : 1 ) . وبعملية حسابية بسيطة نجد أن : عدد الأيام التي قضاها الميت في بطن الأرض ( في القبر ) = 1 يوماً ( يوم السبت ). عدد الليالي التي قضاها الميت في بطن الأرض ( في القبر ) = 2 ليلة ( ليلة السبت وجزء من ليلة الأحد على أحسن الفروض ). وبذلك استحال تحقيق هذه النبوءة التي قالت ببقاء الميت في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. وللحديث بقية .. أخوكم : الاثرم |
03-17-2016, 02:12 PM | #33 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم المحاكمة : لم تتفق الأناجيل على عدد المحاكمات ... سنكتفي بالحديث عن محاكمتين فقط . 1- المحاكمة الأولى : أمام مجمع اليهود : يقول مرقس : " مظوا بيسوع إلى رئيس الكهنة فاجتمع ومعه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة . وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة وكان جالساً بين الخدام يستدفئ عند النار. وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطلبون شهادة على يسوع ليقتلوه فلم يجدوا . لأن كثيرين شهدوا عليه زوراً ولم تتفق شهاداتهم .. ثم قام قوم وشهدوا عليه زوراً قائلين نحن سمعناه يقول إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني حجر غير مصنوع باياد . ولا بهذا كانت شهاداتهم تتفق. فقام رئيس الكهنة في الوسط وسأل يسوع قائلاً : أما تجيب بشيء .. ماذا يشهد به هؤلاء عليك. أما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشيء . فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له : أأنت المسيح ابن المبارك. فقال يسوع : أنا هو . وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء. فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال : ما حاجتنا بعد إلى شهود ؟ وقد سمعتم التجاديف . ما رأيكم ؟ . فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت . فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له : تنبأ . وكان الخدام يلطمون " ( 14: 53-65) يقول نينهام : " ليس من السهل ان نتبين كيف نشأ هذا الجزء . ولقد كان السؤال حول قيمته التاريخية _ ولا يزال _ موضوعاً يتعرض لمناقشات حيوية. ومن الواجب أن نعرض الأسباب الرئيسية للشك في قيمته التاريخية ، ونناقشها وبأختصار : كما يلي : 1- يصف القديس مرقس المحاكمة على أنها حدثت أمام المجمع _ أي السهندرين _ وهو هيئة رسمية تتكون من واحد وسبعين عضواً يرأسها رئيس الكهنة وتمثل السلطة الشرعية العليا في إسرائيل. ولما كانت لائحة السهندرين المذكورة في المشنا ، تبين الخطوات التفصيلية التي يجب اتخاذها أمام تلك الهيئة ، فان المقارنة بين تلك الإجراءات وبين ما يذكره القديس مرقس عن محاكمة يسوع ، تكشف عن عدد من المتناقضات أغلبها جدير بالاعتبار . 2- ولكن ، هل كان من الممكن أن يجتمع أعضاء السهندرين ، ولو حتى لعمل مثل تلك الإجراءات القضائية الرسمية التي تسبق المحاكمة في منتصف ليلة عيد الفصح ، أو إذا اعتبرنا أن تقويم القديس مرقس لأسبوع الأحداث غير دقيق ، فهل كان يمكن أن يجتمعوا في منتصف الليلة السابقة لعيد الفصح ؟ إن محاكمة رسمية في مثل ذلك الوقت تبدو شيئاً لا يمكن تصديقه ، كما يشك أغلب العلماء تماماً في عقد جلسة في مثل ذلك الوقت ، ولو لعمل تحقيقات مبدئية " ( تفسير إنجيل مرقس : صفحة 398 – 401 ) المحاكمة الثانية أمام بيلاطس : يقول مرقس : " وللوقت في الصباح الباكر تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله وأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه على بيلاطس. فسأله بيلاطس : أنت ملك اليهود ؟ فأجاب وقال له : أنت تقول ؟ وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيراً . فسأله بيلاطس أيضاً قائلاً أما تجيب بشيء . انظر كم يشهدون عليك . فلم يجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس . وكان يطلق لهم في كل عيد أسيراً واحداً ، من طلبوه . وكان المسمى باراباس موثقاً مع رفقائه في العتنة ، الذين في الفتنة فعلوا قتلاً . فصرخ الجميع وابتدأوا يطلبون أن يفعل كما كان دائماً يفعل لهم. فأجابهم بيلاطس قائلاً أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود. لأنه عرف أن رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسداً فهيج رؤساء الكهنة الجميع لكي يطلق لهم بالحري باراباس . فأجاب بيلاطس أيضاً وقال لهم فماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود ؟ فصرخوا أيضاً أصلبه . فقال لهم بيلاطس : وأي شر عمل ؟ فازدادوا جداً صراخاً : أصلبه . فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجميع ما يرضيهم أطلق لهم باراباس وأسلم يسوع بعد ما جلده ليصلب " ( 15 ك: 1 – 15 ) يقول نينهام : " رغم أن المحاكمة تعرض لنا باعتبارها وقعت في العراء _ فإن رواية القديس مرقس لا يمكن اعتبارها بأية حال تقريراً لشاهد عيان ، وفي الواقع إنها ليست تقريراً على الإطلاق . إننا لم نخطر كيف علم بيلاطس بالتهمة . ( وفي العدد 2 نجده قد عرفها من قبل ) ولماذا لم يرد ذكر لحكم رسمي ( على عكس لوقا الذي يقول : فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم – 23 : 24 ) وبالنسبة لما قيل عن عادة إطلاق أحد المسجونين _ فإن وجهة نظر أغلب العلماء تقرر أنه : لا يعرف شيئاً عن مثل هذه العادة كما وصفت هنا. إن القول بأن عادة الحكام الرومان جرت على إطلاق أحد المسجونين في عيد الفصح ، وأن الجماهير هي التي كانت تحدد اسمه بصرف النظر عن جريمته .. إنما هو قول لا يسنده أي دليل على الإطلاق .. بل إنه يخالف ما نعلمه عن روح الحكم الروماني لفلسطين وأسلوبه في معاملة أهلها . على أن محتويات الحوار بين بيلاطس والجمهور تعتبر من المشاكل أيضاً .. فيبدو منها أن بيلاطس قد وُوجِه مقدماً بالاختيار بين مجرمين أدينا , بحيث إذا أطلق سراح أحدهما لوجب عليه إعدام الآخر .. وفي نهاية الفقرة التالية ( الأعداد 2- 5 ) نجد أن يسوع لم يدن وحسبما تذكره القصة لا نجد مبرراً يمنع بيلاطس من تبرئة يسوع إذا كان قد اعتقد في براءته وإصدار عفو كذلك عن باراباس . ونجد في رواية القديس متى لهذه القصة أن اسم ذلك المتمرد قد ذكر مرتين ( في 27: 16-17 ) في أغلب النسخ على أنه : يسوع باراباس .. والاعتقاد الشائع أن ذلك كان القراءة الأصلية. إن حذف كلمة يسوع من النسخ المتداولة .. يمكن شرحه ببساطة على أساس انه بالرغم من أن اسم يسوع كان شائعاً في أيام المسيح . فلم يلبث المسيحيون أن اعتبروه اسماً مقدساً يرقى عن الاستخدام العادي ، وأن إطلاقه على أحد المجرمين يعتبر مهيناَ . ( تفسير إنجيل مرقس : صفحة 411 – 416 ) ولقد أضاف متى إلى رواية مرقس قصتين : احدهما تحكي نهاية يهوذا ، وهذا الموضوع سوف نتعرض له في حينه .. وأما الأخرى فهي الحديث عن حلم زوجة بيلاطس . كذلك بيَّن متى أن بيلاطس أعلن براءته من دم المصلوب بطرقة قاطعة فهو يقول : " فقال الوالي وأي شر عمل ؟ فكانوا يزدادون صراخاً ليصلب. فلما رأي بيلاطس أن لا ينفع شيئاً بل بالحري يحدث شغب أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلاً إني بريء من دم هذا البار . أبصروا أنتم . فأجاب جميع الشعب وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا . حينئذ أطلق لهم باراباس . وأما يسوع فجلده وأسلمه ليصلب " ( 27 : 23-26 ) لكن العلماء يشكون في حادث غسل يد بيلاطس _ كما يقول جون فنتون _ باعتبار أن " عملية غسل اليد لتكون دليلاً على البراءة إنما هي عادة يهودية أكثر منها رومانية ، إذا يقول سفر التثنية : " يغسل جميع شيوخ تلك المدينة القريبين من المدينة أيديهم ، ويقولون أيدينا لم تسفك هذا الدم . " ومن المستبعد جداً أن يكون بيلاطس قد عمل شيئاً كهذا . ( تفسير إنجيل متى : صفحة 436 ) . نكتفي بهذا القدر بالنسبة لبعض ما يقال في المحاكمات والثغرات الموجودة فيها ثم نمر بعد ذلك على عدد من العناصر التي تتعلق بقضية الصلب ، وهي لا تحتاج كثيراً للاستشهاد بأقوال العلماء ، إذا أن اختلاف الأناجيل فيها واضح لا يتحاج إلى تعليق . وللحديث بقية .. أخوكم : الاثرم التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 03-17-2016 الساعة 02:20 PM |
03-21-2016, 10:19 PM | #34 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
[size="5"
]بسم الله الرحمن الرحيم أنتقل الآن لمناقشة قضية هامة وخطيرة هي قضية الصلب .... وأقولها الآن _ بأمانة _ ومرة أخرى إن من أكبر معجزات القرآن أنه نفي نفيا قاطعا القول بصلب المسيح . لقد قالها في آية واحدة .. هي الآية رقم ( 157 - من سورة النساء : "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين إختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا ". ) لكن قضايا أخرى مثل القول بان ( الله هو المسيح ) أو ( أن المسيح ابن الله ) .. ذكرها القرآن في مواضع كثيرة وتكفل بالرد عليها باعتبارها كفرا صريحا . ولقد استغرق الحديث عن قضية التوحيد وما يرتبط بها نحو ثلث القرآن الكريم . ومن المعلوم أن سورة الإخلاص التي تقول ( قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد . ولم يولد . ولم يكن له كفواً أحد . ) _ تعدل ثلث القرآن . ويحق لنا أن نقول : لو أن القرآن كان من عند غير الله وأن بشرا من الأرض قد افتراه كذبا على الله وادعى أنه أوحي إليه .. أما كان الأولى به والأيسر لرواد دعوته أن يقول بصلب المسيح .. باعتبار ذلك شائعا ومعروفا بين الناس. وفي تلك الحال فإنه يستميل النصارى ( المسيحيون ) إليه ويقلل من المشاكل والعقبات التي تعترض قبولهم الإسلام . إن الشواهد القريبة تبين أن تحول المسيحي من طائفة مسيحية إلى أخرى يمكن أن يحدث دون ضجة .. وذلك لاشتراك تلك الطوائف في أصول عقائدية كثيرة . لقد بينت الشواهد البعيدة _ في الزمن _ أن تحول أصحاب العقائد التي شاعت في العالم الروماني الوثني إلى المسيحية كان يرجع بالدرجة الأولى على التشابه الكبير بين أصول تلك العقائد والعقيدة المسيحية التي شاركتها فكرة الإله المتجسد وأفكارا وطقوسا أخرى سوف أتحدث عنها بشيء من التفصيل فيما بعد . أما تحول المسيحي إلى الإسلام فإنه يعتبر انقلابا في حياته ومعتقداته لأنه غيرّ مفاهيم وعقائد كثيرة ترسبت في عقله ووجدانه. لكن القرآن _ كتاب الإسلام _ لم يجارِ النصارى على معتقداتهم وما تعارفوا عليه ، لكنه حدد الموافق تحديدا واضحا فجعل القول بأن( الله هو المسيح ) أو أن ( المسيح ابن الله ) كفرا لا يقبل المغفرة . حتى إذا جاء الحديث عن قتل المسيح _ وكم قتل اليهود من أنبياء قبله يقول الله سبحانه وتعالى في ( سورة النساء 155- ... وقتلهم الأنبياء بغير حق .... ) وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله فإنهم قتلوا جما غفيرا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ._ نجد القرآن ينفي قتل المسيح وينفي صلبه نفيا قاطعا لا لشيء إلا لأن ذلك ما حدث فعلا . فالقرآن لا يقول إلا الحق بصرف النظر عما إذا كان ذلك الحق يتفق وما شاع بين الناس وصار من المسلمات بينهم أم أنه جاء مخالفا لما توارثوه عبر قرون عديدة . وبما أن الصلب قضية ، وما أناقشه هنا عبارة عن مجموعة من القضايا ، فالأولى بى أن أذكر قاعدة بسيطة متفق عليها تحكم أحكام الناس في مختلف القضايا على مختلف المستويات_ وهذه القاعدة تقول : كل ما تسرب إليه الاحتمال سقط به الاستدلال .. فحين تختلف شهادة شاهدين أمام قاض في محكمة .. فإن ما تفرضه عدالة المحكمة هو عدم الاعتداد بأي من الشهادتين إلى أن يأتي شاهد ثالث يؤيد شهادة أحد الشاهدين ، وإلا امتنع صدور حكم عادل . والآن نذهب لمناقشة قضية الصلب كما تعرضها الأناجيل .. وهي التي تبدأ بمجموعة من الأحداث الخاصة بمحاولة قتل المسيح إلى أن تنتهي بتعليق شخص يصرخ يائسا على الصليب ، وما أعقب ذلك من تكفينه ودفنه . قضية الصلب : 1- مسح جسد المسيح بالطيب : لقد اختلفت الأناجيل في هذه الحادثة البسيطة التي تعتبر مقدمة لأحداث الصلب . يقول إنجيل مرقس : " كان الفصح وأيام الفطير بعد يومين وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه ... وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص وهو متكئ جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن فكسرت القارورة وسكبته على رأسه . وكان قوم مغتاظين في أنفسهم فقالوا لماذا كان تلف الطيب هذا . لأنه كان يمكن أن يباع هذا بأكثر من ثلاثمائة دينار ويعطي للفقراء وكانوا يؤنبونها ". ( 14 : 1 – 5 ) . وقد ذكر متى هذه الحادثة في ( 26 : 6 – 9 ) ، ولوقا في ( 7 : 36 – 39 ) ، ويوحنا في ( 12 : 1 – 6 ) مع اختلاف بينهم في توقيتاتها وعناصرها الرئيسية . يقول نينهام في هذه القصة : " نجد القديس يوحنا يذكرها مبكراً عما أورده القديس مرقس ببضعة أيام ، وكذلك يضعها القديس لوقا في موقع مختلف تماماً من سيرة يسوع .. فبينما نجدها في إنجيل مرقس قد حدثت في منزل سمعان الأبرص من قرية بيت عنيا .. نجدها في إنجيل يوحنا حدثت في بيت مريم ومرثا ولعازر . ( تفسير إنجيل مرقس ص 370) . ويمكن تلخيص اختلاف الأناجيل في هذه القصة كالآتي : مكان الحادث : في بيت سمعان الأبرص ( مرقس ومتى ) _ في بيت فريسي ( لوقا ) _ في بيت الإخوة لعازر ومريم ومرثا ( يوحنا ) . شخصية المرأة : مجهولة ( مرقس ومتى ) _ خاطئة ( لوقا ) _ امرأة صديقة هي مريم أخت لعازر ( يوحنا ) . ماذا فعلت : دهنت راس يسوع بالطيب ( مرقس و متى ) _ دهنت رجليه بالطيب ( لوقا و يوحنا ). رد الفعل عند المشاهدين : اغتاظ قوم لإسرافها ( مرقس ) _ اغتاظ التلاميذ ( متى ) . _ كان تساؤل الفريسي مع نفسه حول معرفة يسوع لشخصية المرأة ( لوقا ) _ اغتاظ يهوذا الأسخريوطي لإسرافها ( يوحنا ) 2- التحضير للعشاء الأخير : - ( مرقس 14 : 12 - وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح . 13- فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما اذهبا إلى المدينة فيلاقكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه . 14- وحيثما يدخل فقولا لرب البيت إن المعلم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي 15- فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة . هنالك أعد لنا . 16- فخرج تلميذاه واتيا إلى المدينة ووجدا كما قال لهما فأعدا الفصح. 17- ولما كان المساء جاء مع الإثنى عشر . ) ويقول نينهام : " إن أغلب المفسرين يعتقدون أن هذه الفقرة بأعدادها من رقم ( 12 – 16 ) إنما كانت في الواقع إضافة أدخلت فيما بعد إلى الرواية التي يتبعها القديس مرقس في هذا الجزء من إنجيله . 17- ولما كان المساء جاء مع الإثنى عشر 1- وصف اليوم الذي قيل : إن القصة حدثت فيه بأسلوب لا يستخدمه اليهودي العادي الذي كان معاصراً لها . 2- وصف أتباع يسوع في كل فقرة من هذا الإصحاح ( الرابع عشر ) بأنهم تلاميذه بينما أشير إليهم بإصرار في هذه الفقرة بأنهم الإثنا عشر . 3- أن كاتب العدد ( 17 ) الذي يقول : " إن كاتب الفقرة ( 17 ) [ ولما كان المساء جاء مع الإثنى عشر ] لا يعلم شيئا عن رحلة التلميذين التي ذكرت في الفقرة ( 13 ) فلو كان كاتب العدد ( 17 ) يعلم محتويات تلك الفقرة لكان عليه أن يتحدث عن ( العشرة ) وليس ( الإثني عشر ) أي إن العدد ( 17 ) كان يجب أن يقرأ هكذا : ولما كان المساء جاء مع العشرة . " وللحديث بقية ... أخوكم : الاثرم [/SIZE] |
03-29-2016, 09:08 PM | #35 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم 3- توقيت العشاء الأخير وأثره على قضية الصلب :- يقول جون فنتون : " يتفق ( متى 26 : 17 - 19 ) مع ( مرقس 14 : 12 - 17 ) وكذلك ( لوقا 22 : 7 - 8 ) في أن العشاء الأخير كان هو الفصح وعلى العكس من ذلك نجد الإنجيل الرابع يجعل الفصح يؤكل في المساء بعد موت يسوع ( يوحنا 18 : 28 ). ويرى أغلب العلماء أن توقيت كل من متى ومرقس ( ولوقا ) صحيح وأن يوحنا قد غير ذلك لأسباب عقائدية . ( تفسير إنجيل متى ص 415 ). ذلك إن (يوحنا) يقرر أن العشاء الأخير الذي حضره يسوع مع تلاميذه كان قبل الفصح ، فهو يقول: " أما يسوع قبل عيد الفصح .. فحين كان العشاء .. قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتزر بها ، ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ " (13 : 1- 5) وكذلك يقرر يوحنا انهم قبضوا على يسوع في مساء اليوم السابق لأكل الفصح .. وذلك في قوله: " ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية ، وكان صبح ، ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح . ( 18 : 28 ) . إن اختلاف الأناجيل في العشاء الأخير وتوقيته ترتب عليه اختلافهم في نقطة جوهرية تعتبر واحدة من أهم عناصر قضية الصلب .. ألا وهي تحديد يوم الصلب . فإذا أخذنا برواية ( مرقس ومتى ولوقا ) لكان يسوع قد أكل الفصح مع تلاميذه مساء الخميس ، ثم كان القبض بعد ذلك بقليل في مساء الخميس ذاته ، وبذلك يكون الصلب قد حدث يوم الجمعة . أما الأخذ برواية (يوحنا) بأنه يعني أن القبض كان مساء الأربعاء وان الصلب حدث يوم الخميس . هل حدث الصلب يوم الخميس أم يوم الجمعة . ؟ !! فإذا ثبت أن هذه الأناجيل تحتوي على بعض التناقضات ولو تناقضاً واحداً _ لا مائة تناقض _ فإن ذلك يبطل كونها وحياً من عند الله سبحانه وتعالى .. لأن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم الذي نزل على رسول أمي وعلى أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب قال : " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً " يعني لو أن القرآن كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً . ولذلك فإن كل مسلم يعلن صراحة : أخرجوا لنا تناقضاً واحداً من القرآن الكريم بآياته التي بلغت 6236 أية . إن أحداً لا يجرؤ أن يقول إن في القرآن تناقضاً واحداً ، ونحن بين أيديكم نستطيع بإذن الله أن نواجه أي اتهام أو شك أو ريب يثبت أن في القرآن الكريم تناقضاً واحداً . أما الأناجيل فقد رأيتم أنه على قلة حجمها فهي متناقضة .. بل إن هناك تناقضاً في الصفحة الواحدة . وأضرب لكم مثلاً لشيء من هذا التناقض في صفحة واحدة .. في إنجيل متى مثلاً نجد عشرات من هذه التناقضات ويمكن أن نشير إلى بعض منها من غير تحيز. يقول السيد المسيح لبطرس : " وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقدر عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاُ في السماء وكل ما تحله في الأرض يكون محلولا في السماء. " إذن _ بطرس قال له المسيح : أنت صخرة ، وأنت قوي ، وأن الشياطين لا تستطيع أن تدخل في خلالك ولا أبواب الجحيم ، وأن عليك أبني كنيستي ، ثم أعطاه وعداً أو عهداً عجيباً أن (( ما حللته في الأرض أحله في السماء ، وما ربطته في الأرض أربطه في السماء )) ما تفعله أنا أفعله وما تريده أنا أريده. أي أن إرادة الله تابعة لإرادة بطرس. وهذا هو الذي جاء في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة الآيتان ( 30-31 ) " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) " فقال عدي بن حاتم الطائي وكان نصرانياً وأسلم .. يا رسول الله ما كنا نعبدهم . على أساس فهمه أن العبادة تعني الركوع على رجليه أو الصلاة له . فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : " ألم يكونوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بكلامهم " قال: بلى ، قال : " فتلك عبادتهم من دون الله " إذن _ أن يكون هناك حق التحليل والتحريم لغير الله وحده فهذا هو الشرك . ولذلك نجد الإسلام ينفي أن تكون سلطة التحليل والتحريم إلا لله . فلا تكون حتى للرسول صلى الله عليه وسلم .. فالرسول لا يملك حق التحليل والتحريم إلا بوحي من الله .. والله عتب عليه حينما حرم على نفسه شيئاً فقال له في سورة التحريم: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) " في هذا النص الإنجيلي الذي كتبته أعلاه نجد مكانة بطرس عالية . ولكن انظر في آخر الصفحة ماذا يقول ؟ في أول الصفحة نجد بطرس _ كما يقول الإنجيل على لسان المسيح _ هو الصخرة التي سيقيم عليها المسيح بناء دعوته ، ويشدها إليه ، وهو صخرة راسخة لا تنال أبواب الجحيم منها ، وأن بيده مفاتيح ملكوت السموات. . ثم لا تكاد العين تتملى هذه الصورة العظيمة لبطرس حتى تلقاها صورة أخرى مضادة تماماً تمسخْ هذا الحواري مسخاً وتحيله من إنسان إلهي إلى شيطان مريد . هكذا فجأة .... وأين ذلك ؟ في إنجيل متى نفسه وفي نفس الإصحاح رقم 16 وبعد عددين اثنين _ أي حوالي سطرين فقط _ من كلمات السيد المسيح المبشرة له. يقول متى : " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم. فأخذه بطرس إليه وابتداء ينتهره قائلاً حاشاك يا رب. لا يكون لك هذا . فالتفت وقال لبطرس : أذهب عني يا شيطان . أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس " ( 16: 21 – 23 ) فانظروا كيف كان بطرس في أول الصفحة يقول له المسيح : ما حللته في الأرض أحله في السماء .. ثم في آخر الصفحة يقول له : أنت شيطان. إن التناقضات كثيرة جداً في الأناجيل . يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد بعد ما من الله عليه بالإسلام .. وباعتباره كان قسيساً وأستاذ العقيدة واللاهوت في كلية اللاهوت. " الحقيقة أن عملنا _ كمبشرين _ كان يستند إلى سند جاء في رسالة بطرس الثانية لنؤكد أن التوراة والإنجيل كُتُبٌ موحى بها من الله. فكنا نقول: (( لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان ، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس )) طبعاً هذا النص الذي جاء على لسان بطرس كما جاء في رسالته الثانية ، سوف يوهم هذا النص أن الكتاب المقدس الموجود حالياً كتاب موحي به من الله . كذلك يتناول القسيس في عمله بين المسلمين آية من آيات القرآن الكريم في سورة آل عمران تقول : " نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) " مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ ) (4) إن القرآن دقيق كل الدقة فهو لم يذكر العهد الجديد ولا العهد القديم ولكنه ذكر التوراة والإنجيل .. ولما جاء القرآن ليذكر العهد القديم والعهد الجديد بالكتاب .. ماذا قال : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ .. " سورة آل عمران (64) إذن عندما ذكر الكتاب كله بدأ القرآن يوجه التوجيه السليم والصحيح . وكذلك في سورة النساء ، يقول الحق سبحانه وتعالى : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171) " وجاء في سورة المائدة أيضاً عن أهل الكتاب يقول الله سبحانه وتعالى : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) " إذن _ لما جاءت الإشارة إلى الكتاب ، جاءت الإشارة بالتنويه إلى التصحيح . . لكن لما جاءت الإشارة إلى التوراة والإنجيل جاءت الإشارة بالتصديق دون أن يذكر لا العهد القديم ولا العهد الجديد وللحديث بقية .. أخوكم : الاثرم التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 03-29-2016 الساعة 09:21 PM |
04-10-2016, 10:24 PM | #36 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم نخرج من هذا إلى الأناجيل ذاتها .. ولنتدبر إنجيل لوقا ذاته .. هل كان موحي به من الله ؟ أم كان تحت تأثير وحي الله سبحانه وتعالى ؟ لكن قبل هذا كله أحب ان أقول لكم .. إن الإسلام شيء والمسلمين وسلوكهم وما هم عليه من ضعف الآن شيء آخر بعيد عن الإسلام ... والقرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى .. فالقرآن الكريم بسوره " 114 " وآياته " 6236 " آية باق ومحفوظ بحفظ الله لا يعتريه نقص أو زيادة أو تحريف ... والله قد تعهد بحفظ القرآن الكريم من التحريف فهو يقول في سورة الحجر اية رقم 9 : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون " . فان كتب الأديان الأخرى قد اعتراها التحريف والتشويه والزيادة والنقصان كما بينت لكم .. فباتت على غير وضعها الاصلي .. ولنتدبر انجيل " لوقا " ذاته .. هل كان موحي به من الله ؟ أم كان تحت تأثير وحي الله ؟ يقول لوقا { 1 : 1- لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا.. 2- كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ.. ثُمَّ صَارُوا خُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ.. 3- رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً.. بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً.. أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً يَا صَاحِبَ السُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسَ 4 لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلاَمِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ. ) فهو يقول : { كما سلمها الينا .. } ولم يقل موحي بها من الروح القدس .. ان لوقا لم يكن من الاثنى عشر تلميذاً الذين كانوا مع المسيح .. وهذه نقطة لها وزنها في تقييم الموقف . ثم عندما نأتي لشاول الذي أصبح يعرف ببولس فيما بعد نجد في ( الإصحاح 7 من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس ) يقول في ( العدد 8 ) : " 8- أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا " فهذا الكلام من بولس شخصياً .. وهو يريد الناس أن يبقوا مثله بلا زواج . ثم يقول: " 10- أما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب ألا تفارق المرأة رجلها " وهذا هو الانفصال دون الطلاق .. وعندما تتقدم قليلاً نجده يقول : " 12- وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب " فهو مرة يقول ربنا قال ومرة يقول أنا أقول . فكأنه على مستوى الله _ سبحانه وتعالى _ في الكتاب . وأكثر من هذا فإنه يجعل المرأة المؤمنة لا مانع من أن تتزوج مشركاً .. وهذا خطر كبير على الحياة الزوجية بين امرأة مؤمنة ورجل مشرك . فهو يقول: " 13- والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يسكن معها فلا تتركه . " هذا كلام بولس . هل كان هذا الإنسان متيقظاً عندما جاء ليصحح الوضع ؟ لكنه عندما أفاق .. نجده يقول في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس الإصحاح السادس فقرة 14 – 18 : " لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والإثم .. وأي شركة للنور مع الظلمة .. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال .. وأي نصيب للمؤمن من غير المؤمن .. وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان .. لأنكم أنتم هيكل الله الحي .. كما قال الله : إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً . لذلك أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب. " إذن في الرسالة الأولى يقول : والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهي ترتضي أن يسكن معها فلا تتركه . أما الرسالة الثانية فإنه يقول اعتزلوا. هذا ولا شك ذبذبة في الكلام في كتب مقدسة من المفروض تصديقها تصديقاً مطلقاً ؟ نأتي إلى بولس والعذارى فنجده يقول أيضاً في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح السابع 25 – 26 : " وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً . فأظن أن هذا حسن بسبب الضيق الحادث أنه حسن للإنسان أن يكون هكذا " . وأعتقد أن الظنية في الكتب المقدسة شيء رهيب جداً لا يمكن لإنسان الاعتماد عليها . وأكثر من هذا فإن الزواج في النصرانية لا انفصام له إلا بالموت فإذا حدث أن تزوجت امرأة برجل وكرهت الرجل وأرادت أن تتخلص منه بأي كيفية من الكيفيات الشريفة .. تقول : لما يموت تستطيع أن تتزوج. فالإنسانة تبقى منتظرة ساعة الوفاة حتى تتخلص من الرجل الشؤم الذي كان كابوساً على حياتها. فماذا يقول بولس ( 7: 39 – 40 ) : " المرأة مرتبطة بالناموس ما دام رجلها حياً ولكن إن مات رجلها فيه حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط .. ولكنها أكثر دقة إن لبثت هكذا بحسب رأيي. وأظن أني أنا أيضاً عندي روح الله. فهو كما قلت لا يصدق نفسه إن كان عنده روح الله أم لا . عندما يصدر كلام كهذا من رجل مثل بولس يعطينا تشككاً رهيباً فيما جاء في العهد الجديد. وعندما نأتي إلى العهد القديم ونرى الألاعيب التي حدثت في العهد الجديد .. نجد أن التوراة واقصد بها " العهد القديم " وهي الاسفار الخمسة الاولى التي اعطاها موسى ( للاويين ) نجد الاتي : { تثنية 31 : 24وَعِنْدَمَا أَتَمَّ مُوسَى تَدْوِينَ نُصُوصِ هَذِهِ التَّوْرَاةِ كَامِلَةً فِي كِتَابٍ.. 25أَمَرَ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلاً: 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هَذَا وَضَعُوهُ إِلَى جِوَارِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ.. لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِداً عَلَيْكُمْ.. 27 لأَنِّي أَعْرِفُ تَمَرُّدَكُمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِكُمْ. إِذْ وَأَنَا مَازِلْتُ حَيّاً مَعَكُمُ الْيَوْمَ أَخَذْتُمْ فِي مُقَاوَمَةِ الرَّبِّ. فَكَمْ بِالأَحْرَى تَتَمَرَّدُونَ بَعْدَ مَوْتِي؟ } فهذا سيدنا موسى رسول الله يؤكد للأجيال ان اليهود شعب متمرد ليس على موسى فقط ولكنه متمرد على الله خالق اسرائيل . ففي سفر التثنية نجد كلاماً غريباً يقول في ( الإصحاح 34 : 5 ) " فَمَاتَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ بِمُوْجِبِ قَوْلِ الرَّبِّ. 6وَدَفَنَهُ فِي الْوَادِي فِي أَرْضِ مُوآبَ.. مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ قَبْرَهُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. 7- وَكَانَ مُوسَى قَدْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ.. لَمْ يَكِلَّ بَصَرُهُ وَلاَ غَاضَتْ نَضَارَتُهُ. ))) هل يستطيع الميت أن يكتب تفاصيل موته ؟ اذا كان موسى قد مات .. فكيف يستطيع أن يكتب هذه الأسفار ويقول أنا مت وحدث كذا وكذا ( وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ قَبْرَهُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ ). إذن هذا الكلام ولا شك أنه قد زيد وأن التوراة ( العهد القديم ) قد كتبت في غير أيام موسى وحدث لها ما حدث . هذا بالإضافة إلى أنه بدراسة التوراة والإنجيل دراسة تاريخية سنطمئن كل الاطمئنان إلى أن التوراة عموماً قد أبيدت .. وفي تاريخ إسرائيل نجد أن نبوخذنصر دخل بجيشه إلى الهيكل ودمره وأخذ كل المقتنيات ومن ضمنها الكتب المقدسة والأواني وذهب بها إلى بابل. إذن ثابت تاريخياً أن التوراة التي كتبها موسى قد فقدت نهائياً . فلما أمر كورش ملك الفرس بإرجاع بني إسرائيل إلى فلسطين أخذ عزرا ونحميا بإعادة تدوين التوراة من ذاكرتهما . إننا لا نستطيع أن نصدق التوراة والإنجيل كلها .. ولا نستطيع أن تكذبها كلها .. لأن العامل الإنساني موجود في هذه الكتب . يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد : " لكني كإنسان هداني الله للإسلام .. فلقد كنت قسيساً ولم أهتد إلى الإسلام بسهولة .. فلا بد أن يكون لدي حجة قوية .. وأن الكتب من موسى إلى عيسى تنبأت بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونجد في سورة النساء الآية (82) يقول الله سبحانه وتعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ). ليس المفروض أن يكون كل الناس علماء وأن يفرغوا وقتهم للدراسة والمقارنة .. ولكني أعتقد أن ما كتبته أعلاه من رسائل بولس إلى أهل كورنثوس يبين وجود العنصر البشري في العهد الجديد . هذا ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إنما أنا بشر .. ولم يقل أنا إله . فالقرآن يقول في سورة الكهف آية (110) : " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد )" ويتحدى القرآن كل المخلوقات فيقول في سورة الإسراء آية رقم (8 : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " . إذن نستطيع أن نقطع بأن إنجيل المسيح غير موجود ؟ هذا مؤكد . فكيف يقول القرآن الكريم في سورة المائدة آية 47 و 44 : " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " ويقول : " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا " . ويقول الله تعالى في سورة آل عمران أية رقم (93) : " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ". فأي توراة يقصد وأي إنجيل ؟ ان التوراة الموجودة مدبجة بكلام ينسب لموسى وليس كل ما فيها كلام موسى . وكذلك الإنجيل مدبج بكلام ينسب للمسيح ولكن ليس كل ما فيه كلام المسيح. نستطيع أن نُجمل الإجابة .. في أن الله سبحانه وتعالى لما قال : " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور " وقال : " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " بيَّن ربنا سبحانه وتعالى في قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم : " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه " إذن المرجع الوحيد لما صح من الإنجيل .. ولما صح من التوراة .. ولما رضيه الله .. هو القرآن الكريم .. فما أثبته القرآن وأقره فهو حق .. وما نسخه القرآن فقد انتسخ .. وما رد عليه القرآن الكريم فهو باطل . إن السيد المسيح ألزمكم ( بالتوراة ) .. حين قال : " 17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ.. بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ : إِلَى أَنْ تَزُولَ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ.. لَنْ يَزُولَ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ .. )) فالذي قال هذا من الطبيعي انه غير المسيح عليه الصلاة والسلام الذي نؤمن به نحن المسلمين ... كيف يلزمكم بكتاب محرف ... اذن هذا الكلام ولا شك انه قد زيد وأن التوراة ( العهد القديم ) قد كُتبت في غير أيام موسى وحدث لها ما حدث . يقول الله في سورة النساء آية رقم 82 : ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً ) .. والاسلام جاء بعبادة وخالق قادر وهو بريىء من عبادة غير الله من جمادات وحيوانات أو أهواء وشهوات .. فالله المعبود رب واحد لا ند ولا مثيل له ونظير .. لم يتخذ زوجه ولا ولدا . فالله سبحانه وتعالى يقول في سورة المؤمنون آية رقم (91) : " مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ " وسورة الانعام آية رقم (101- بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) . وسورة الاخلاص : " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ {4} ) . وأما أنبياء الله ورسلهُ فكلهم عباد الله مكرمون .. فضّلهم الله على سائر البشر وأكرمهم بالنبوة والرسالة وكانوا لها أهلاً . والمسلم يؤمن برسالة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم عليهم افضل الصلاة والسلام .. مما ذكرهم القرآن الكريم فجاءت الاحاديث النبويه بأخبارهم . ويؤمن أن الله أرسل لكل قوم هاد . والرسل والانبياء في نظر المسلم ليسوا آلهة يعبدون من دون الله ولا يتقرب بهم المرء الى الله .. يتقوى بدعائهم في حايتهم انما فقط لمكانتهم عند الله .. على ان المسلم مطالب أن يخلص العبادة لله وحده من غير وسيط .. فلا شيخ ولا إمام مسجد ولا ولي ولا أي أحد يبارك أعمال العباد . كما تفعل الديانات الاخرى يلزمون البشر أن يتوجهوا لله عن طريقهم .. فهذا في الاسلام عين الضلال .. فكل انسان مسئول عن نفسه مطالب أن يتوجه الى الله مباشرة .. وهناك أهل علم يرجع اليهم المسلم لاستفسار عما أشكل عليه من أمور دينه .. فاذا حصل العلم .. لا يغني عنه استغفار أحد إلا أن يستغفر هو بنفسه . يقول الله في سورة آل عمران آية رقم (135- وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .. هكذا ببساطة دون أي اجراءات .. وابناء آدم عليه السلام كأبيهم ليسوا خارجين من رحمة الله حين يخطئون .. فالله يعلم طبيعتهم فلا يكلفهم الا وسعهم .. ولا يحاسب إلا في حدود طاقاتهم يقول الله في سورة البقرة آية رقم (286 ) : " لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {28} ) . و يقول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام : " كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون " أخواني تصوروا معي .. " لو أن واحداً من البشر .. ذهب الى المحكمة متلبساً بجريمة قتل .. .. يده ملوثةٌ بالدم .. وثبتت ادانته من كل وجه .. واعترف بأنه القاتل !! أفيحق له أو لمحاميه .. أن يدافع قائلاً : أنا قتلت حقاً .. ,انا الذي اقتدته الى ذاك المكان المهجور .. وذبحته .. ولكن فلاناً من الناس أو من غير الناس .. يتحمل عني هذه المسؤوليه .. فحاكموه هو .. وحاسبوه هو .. " هل هذا يجوز في عُرف البشر .. وفي منطق البشر ؟؟ فاذا كان البشر لا يرضونه لقضاهم ولا لِقضاتهم - مع أن قضاء البشر يحيط به القصور من كل جانب – أفيجوز ذلك أما عدالة الله سبحانه وتعالى ؟ وللحديث بقية .. أخوكم : الاثرم التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 04-10-2016 الساعة 10:50 PM |
04-20-2016, 12:07 AM | #37 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم ان جميع ما في الأرض من مختلف الديانات ، قد سُمِّيت بأسمائها ، أما نسبة إلى اسم رجل خاص ، أو أمة معينة ظهرت وترعرعت بين ظهرانيها . فالمسيحية مثلاُ ، أخذت اسمها من السيد المسيح ، وتسميت البوذية على اسم بانيها بوذا ، واشتهرت الزردشتية باسمها لان مؤسسها وحامل لوائها كان زردشت . وكذلك ظهرت اليهودية بين ظهراني قبلية تعرف بيهوذا , فسميت باليهودية ... الخ . الا الاسلام ، فانه لا ينتسب الى رجل خاص ولا إلى أمة بعينها ، وانما يدل اسمه على صفة خاصة يتظمنها معنى كلمة الاسلام . ومعنى كلمة " الاسلام " هو : ( الانقياد والامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتارض ) وقد سميّ ديننا بالاسلام لانه طاعة لله وانقياد لأمره بلا اعتراض . فالاسلام هو دين الله .. والله سبحانه وتعالى لم يُنزّل ديانات مختلفة وانما أنزل على عباده المرسلين ديناً واحداً وهو الاسلام .. ولقد جاء بهذا الدين الواحد جميع رسل الله وانبيائه من آدم الى رسول الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام .. وكلهم يدعون الى عبادة الله الواحد الاحد " لا اله الا الله " ومعناها أنه ليس في هذا الكون أحد جدير بأن يعبده الناس ، ويسجدوا له بالطاعة والعبادة الا الله سبحانه وتعالى . فما لهذا الكون من مالك ولا حاكم إلا هو وحده وكل شيء مفتقر إليه مضطر إلى استعانته .. حتى المسيح عيسى (يسوع) عليه الصلاة والسلام يدعو الى توحيد الله ، وانه " لا اله الا الله " انظروا لوقا : الاصحاح (18: - 18-19): " ١٨ وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْمُعَلِّمُ ٱلصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟» ١٩ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلَّا وَاحِدٌ وَهُوَ ٱللهُ. " ومتى يقول في الاصحاح ( 19: 19 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ...» 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هَذِهِ كُلُّهَا عَمِلْتُ بِهَا مُنْذُ صِغَرِي، فَمَاذَا يَنْقُصُنِي بَعْدُ؟» 21فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً، فَاذْهَبْ وَبِعْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ، وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاوَاتِ. وَتَعَالَ اتْبَعْنِي!») من الملاحظ ان السيد المسيح كما قلت .. قبل أن يجيب السائل إلى سؤاله ، قد صحح صيغة السؤال ، فنفى الصلاح عن نفسه ، ورده إلى الله وحده الذي تفرد في ذاته وصفاته. وبذلك قرر المسيح على رؤوس الاشهاد أن .. " لله المثل الاعلى في السموات والارض " .. فكيف يقال بعد ذلك إن المسيح إله أو ابن الله . بل أكثر من ذلك نجد في مرقس الاصحاح ( 12: 28 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ كَانَ قَدْ سَمِعَهُمْ يَتَجَادَلُونَ، وَرَأَى أَنَّهُ أَحْسَنَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاً؟» 29 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ : « أُولَى الْوَصَايَا جَمِيعاً هِيَ: اسْمَعْ يَاإِسْرَائِيلُ، الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ ... 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. .... 34فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِحِكْمَةٍ، قَالَ لَهُ: « لَسْتَ بَعِيداً عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ! » ) فلم يَّدعِ المسيح أنه إله يعبد .. لكن موقفه أمام الله كموقف كل بني اسرائيل . فقال في يوحنا الاصاح (17: 3 – وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ، [/color] وَالَّذِي أَرْسَلْتَهُ: يَسُوعَ الْمَسِيحَ ) ثم عرَّف نفسه بانه رسول الله ( ويسوع المسيح الذي أرسلته) .. وفي حديث المسيح مع " مريم المجدلية " الذي ذكره يوحنا في الاصحاح ( 20: 17فَقَالَ لَهَا: « لاَ تُمْسِكِي بِي! فَإِنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى الآبِ، بَلِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي سَأَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ، وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ !» 18فَرَ جَعَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَبَشَّرَتِ التَّلاَمِيذَ قَائِلَةً: «إِنِّي رَأَيْتُ الرَّبَّ!» وَأَخْبَرَتْهُمْ بِمَا قَالَ لَهَا. ) فعلاقة المسيح بالله كعلاقة التلاميذ بالله ، كلهم عبيده . فقد سوّى المسيح بينه وبين سائر الناس في أنّ الله أبوه وأبوهم وإلههُ وإلههم جميعاً .. ومن كان مألوهاً لا يكون ألهاً . وإلا لزم كون المخاطبين بهذه الآية جميعهم آلهة ، والحق من ساوا نفسه بسائر الناس في المألوهية فهو عبد مثلهم .. ورغم ان ( بولس ) هو مخترع عقيدة ألوهية المسيح إلا أن رسالته الاولى الى ( تيموثاوس الاولى 2 : 5 - فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ، وَالْوَسِيطُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الإِنْسَانُ الْمَسِيحُ يَسُوعُ، ) تجلَّى فيها الحق إذ يقول فيها { لانه يوجد إله واحد .. } فاعترف ان الله واحد ولم يقل أنه مثلث الاقانيم ، كما اعترف أن المسيح وسيط بين الله والناس للتبليغ, وليس ذلك فحسب بل جعل هذا الوسيط هو الانسان يسوع ، ولم يقل انه الأقنوم الثاني أقنوم الابن . فهل يبقى شك بعد هذا التصريح بوحدانية الله ونفي الألوهية عما سواه . وحينما نتأمل تاريخ الانبياء نجد أن موسى عليه الصلاة والسلام بعد أن قتل المصري هرب الى البرية .. وبقى بها أربعين سنة يرعى الغنم .. ويتأمل صنع الله في الارض وفي السماء .. وكان ذلك تحت رعاية الله حتى يتأهل لحمل الرسالة بمشاقها ومتاعبها . وكذلك تعرض يوسف عليه الصلاة والسلام لمحن كثرة بدأت بتآمر اخوته عليه ثم بيعه الى عزيز مصر ليخدم في بيته ثم اتهامه بمداعبة أمرأة العزيز وأخيراُ برّأِه الله سبحانه وتعالى وصار بعد ذلك الوزير الأول لملك مصر . وكذلك كان أمر المسيح يسوع ( عيسى ) عليه الصلاة والسلام فقبل أن يبدأ دعوته في سن الثلاثين حسب كلام (لوقا) نجده قد ذهب من بلدته الناصرة الى البرية وبقي هناك أربعين يوماً بلا طعام ثم جاءه ابليس ليجربه بثلاث تجارب ... نجح فيها جميعاً وانتصر على ابليس وأصبح بعد ذلك مُعداً ليكون رسول الله . ثم يقول لوقا في الاصحاح 4 : 14وَعَادَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ بِقُدْرَةِ الرُّوحِ .. وَذَاعَ صِيتُهُ فِي الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ كُلِّهَا. 15 وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ .. وَالْجَمِيعُ يُمَجِّدُونَهُ. ) ونجد في متى الاصحاح ( 4 : فَتَرَكَهُ إِبْلِيسُ ، وَإِذَا بَعْضُ الْمَلاَئِكَةِ جَاءُوا إِلَيْهِ وَأَخَذُوا يَخْدِمُونَهُ ) .. لقد أُعدّ المسيح للرسالة كما أُعدّ سائر الانبياء قبله. وهذه شهادة أقرب الناس الي المسيح وأعني به (بطرس) رئيس التلاميذ الذي يقول في سفر اعمال الرسل ( 2: فَيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، اسْمَعُوا هَذَا الْكَلاَمَ: إإنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ رَجُلٌ أَيَّدَهُ اللهُ بِمُعْجِزَاتٍ وَعَجَائِبَ وَعَلاَمَاتٍ أَجْرَاهَا عَلَى يَدِهِ بَيْنَكُمْ، كَمَا تَعْلَمُونَ) لم يقل بطرس إن المسيح هو الله ، لكنه قال إنه رجل انسان أجرى الله على يديّهِ معجزات وآيات . وكذلك يقول بطرس في ( أعمال الرسل ( 10: 38 : "فَقَدْ مَسَحَ اللهُ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَبِالْقُدْرَةِ، فَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ يَعْمَلُ الْخَيْرَ، وَيَشْفِي جَمِيعَ الَّذِينَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ" .. لم يقل بطرس لان الله كان معه كما كان مع كل الانبياء والمرسلين .. " كل هذا يبين أن المسيح انسان بشر ، وأنه رسول الله ، وأنه نبي ظهر في بني اسرائيل كما ظهر أنبياء آخرون قبله ... من الغريب .. والشيىء الملفت للنظر أن في القرآن الكريم ((((( سورة كاملة تسمى سورة مريم عليها السلام ))))))) لا يوجد مثيل له في الكتاب المقدس بعهديه .. ولم توجد سورة باسم عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها او فاطمة بنت الرسول رضي الله عنها .. وكذلك ان عيسى عليه الصلاة والسلام ذُكر بالاسم ( 25 ) مرة في القرآن الكريم في حين ان النبي محمد عليه الصلاة والسلام لم يذكر إلى ( 4 ) مرات .. فتزداد الحيرة هنا اكثر يا اخوان وقد مرت على الرسول عليه الصلاة والسلام حالات عصيبة مثل وفاة زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها و وفاة بناته وابنائه .. ... لم نجد ولن تجدوا ان القرأن الكريم قال ((((( ولقد توفيت زوجته خديجة عن عمر يناهز ... وتوفي عمه .. وابنه وبناته وكانت عمر البنت الاولى 45 سنة حيث اكلت لحما .. وكانت تسكن مع زوجها في منطقة تبوك .. الخ . كما نرى القصص في الكتاب المقدس وانتم اخبر بها منا... اليس كذلك.. اخواني واخواتي الكرام انظروا لهذه الآية نحن المسلمون نفتخر بها : (( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً )) وإنها آية عجيبة .. ومن المبادىْ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبدأ إيجاد الأخطاء في النظريات ان ثبت صحتها .. والعجيب ان القرآن الكريم يدعوا المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ولن يجدوا .. وان هذه الآية لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابا ثم يقول هذا الكتاب خالي من الأخطاء ولكن القرآن على العكس تماما يقول لك لا يوجد أخطاء بل ويعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد .. والآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي محمد عليه الصلاة والسلام والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه وانه مدعيّ النبوة والله تعالى يقول في القرآن الكريم : " وما تَتزلتْ به الشياطين ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون ، إنهم عن السمع لمعزولون ." سورة الشعراء 210-212 ) ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم . (سورة النحل الاية رقم 9 ( أرأيتم ؟؟ هل هذا طريق الشيطان في كتابة إي كتاب ..؟؟؟ يؤلف كتبا ثم يقول قبل أن تقرأ هذا الكتاب يجب عليك (( أن تتعوذ مني )) ان هذه الآيات من الأمور الإعجازية في هذا الكتاب المعجز ! وفيها رد منطقي لكل من قال بهذه الشبة.. ومن قصص القرآن الكريم قصة أبو لهب (( عم الرسول )) .. هذا الرجل كان يكره الإسلام كرهاً شديداً لدرجة أنه كان يتبع محمد صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمته .. ما يقوله الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ، إذا رأى الرسول يتكلم إلى أناس غرباء .. فإنه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .. لو قال لكم (محمد) أبيض فهو أسود ولو قال لكم ليل فهو نهار .. والمقصد أنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ويشكك الناس فيه . وقبل (10) سنوات من وفاة أبو لهب نزلت سورة في القرآن الكريم اسمها ( المسد ) ، هذه السورة تقرر أن أبو لهب سوف يذهب إلى النار .. أي بمعنى أصح إن أبو لهب (((( لن يدخل الإسلام ))) وخلال (10) سنوات كاملة .. كل ما كان على أبو لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول (( محمد يقول أني لن أسلم وسوف أدخل النار ولكني أعلن الآن أني أريد أن أدخل في الإسلام وأصبح مسلما .. أشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله )) الآن ما رأيكم .. هل محمد صلى الله عليه وسلم صادق فيما يقول أم لا ؟؟؟؟ هل الوحي الذي يأتيه ؟؟ وحي إلهي ؟؟ لكن أبو لهب لم يفعل ذلك تماماً رغم أن كل أفعاله كانت هي مخالفة للرسول عليه الصلاة والسلام .. لكنه لم يخالفه في هذا الأمر .. أي ان القصة كأنها تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني وتريد أن تنهيني ، حسنا لديك الفرصة أن تنقض كلامي ... ! لكنه لم يفعل خلال عشر سنوات كاملة !! لم يُسْلٍمْ ((((ولم يتظاهر حتى بالاسلام)))) . عشر سنوات كانت لديه الفرصة (((( أن يهدم الاسلام في اقل من دقيقة ... !!!!! )))) ولكن لأن الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم .. ولكنه وحيٌ ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب لن يسلم .. .. .. كيف لمحمد عليه الصلاة والسلام أن يعلم أن أبا لهب سوف يثبت ما في السورة إن لم يكن هذا وحياً من الله ... ؟؟ كيف يكون واثقاً خلال عشر سنوات كاملة أن ما لديه حق لو لم يكن يعلم أنه وحياً من الله ؟؟ لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلى معنى واحد هذا وحي من الله .... يقول الله سبحان في سورة المسد : " تَبتْ يدا أبي لهبٍ وتبَّ ، ما أغنى عنهُ ماله وما كَسَبَ ، سيصلى ناراً ذَاتَ لهبٍ ، وامرأتهُ حَمَالةَ الحطبْ ، في جِيدِهَا حَبْلٌ مِن مَّسدِ. " ومن المعجزات الغيبية القرآنية هو التحدي بأشياء لا يمكن أن يتنبأ بها الإنسان وهي خاضعة لنفس الاختبار السابق ألا وهو مبدأ إيجاد الأخطاء .. حتى نتبين صحة الشيء المراد اختباره وهنا سوف نرى ماذا قال القرآن الكريم عن علاقة المسلمين مع اليهود والنصارى .. القرآن يقول ان اليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين وهذا متسمر إلى وقتنا الحاضر فأشد الناس عداوة للمسلمين هم اليهود .. وان هذا يعتبر تحدي عظيم ذلك أن اليهود لديهم الفرصة لهدم الإسلام بأمر بسيط ألا وهو أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين ويقولون عندها .. ها نحن نعاملكم معاملة طيبة والقرآن يقول أننا أشد الناس عداوة لكم ، إذن كيف .. القرآن خطأ ! .. ولكن هذا لم يحدث خلال 1425 سنة !! ولن يحدث لأن هذا الكلام نزل من الذي يعلم الغيب وليس إنسان .. هل رأيتم ( ان الآية التي تتكلم عن عداوة اليهود للمسلمين تعتبر تحدي للعقول ؟؟؟ ) يقول الله سبحانه في سورة المائدة: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ {84} " . بدون أدنى شك .. يوجد في القرآن الكريم .. ومذهل لا يوجد في أي مكان آخر ، وذلك أن القرآن الكريم يعطيك معلومات معينة ويقول لك : ((لم تكن تعلمها من قبل )) . . مثال على ذلك .. سورة آل عمران : (( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ {44} )) سورة هود ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ {49} )) سورة يوسف (( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ )) لا يوجد كتاب يسمى بالكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب .. كل الكتب الأخرى عبارة عن مجموعة من المعلومات التي تخبرك من أتت هذه المعلومات .. على سبيل المثال .. الكتاب المقدس المحرف .. عندما يناقش قصص القدماء فهو يقول لك الملك فلان عاش هذا هنا .. وهذا القائد قاتل هنا .. معركة معينة وشخص آخر كان له عدد كذا من الأبناء وأسماءهم .. فلان وفلان .. الخ. بعكس القرآن الذي يمد القارئ بالمعلومة ثم يقول لك هذه معلومة جديدة .. بل ويطلب منك أن تتأكد منها إن كنت متردداً في صحة القرآن بطريقة لا يمكن أن تكون من عقل بشر ؟ والمذهل في الأمر هو أهل مكة في ذلك الوقت _ وقت نزول هذه الآيات _ ومرة بعد مرة كانوا يسمعونها ويسمعون التحدي بأن هذه معلومات جديدة لم يكن يعلمها محمد صلى الله عليه وسلم .. ولا قومه ... بالرغم من ذلك لم يقولوا : هذا ليس جديد .. بل نحن نعرفه ، أبداً لم يحدث أن قالوا مثل ذلك ولم يقولوا : نحن نعلم من أين جاء محمد بهذه المعلومات ، أيضا لم يحدث مثل هذا ، ولكن الذي حدث أن أحداً لم يجرؤ على تكذيبه أو الرد عليه لأنها فعلا معلومات جديدة كليا وليست من عقل بشر ولكنها من الله الذي يعلم الغيب في الماضي والحاضر والمستقبل ... الاخوة الكرام ... الإنجيل كما تعلمون هو أحد الكتب السماوية الكبرى .. لكبرى الرسالات اليهودية ، المسيحية ، الإسلام ... ولقد تحدث القرآن الكريم عن الإنجيل الذي نزل على سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام فوصفه بأوصاف طيبة إذ نسب إليه الهداية والنور .. وبجانب هذا الحديث الطيب عن الإنجيل نجد أيضاً أن القرآن قد نسب التحريف إلى هذا الإنجيل وأن أهله قد تناسوا كلام الله وأخفوا الحق الذي أنزله على نبيه عيسى عليه الصلاة والسلام .. ( سورة المائدة : " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {14} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} " وللحديث بقية .. اخوكم الاثرم |
04-26-2016, 10:23 PM | #38 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم التفرقة العنصرية : ان هذا الفهم ، وهذا السلوك ، هو البدء الحقيقي " للتفرقة العنصرية " التي تدين بها أوربا .. وامريكا اليوم .. إن اول من نادى بالتفرقة بين البشر وفقاً للألوان هو الكتاب المقدس ذاته .. وليست امريكا!! لم تكن امريكا هي رائدة التفرقة العنصرية .. وإنما رفعت شعاراتها .. وكان بيدها نصوص مقدسة من الكتاب المقدس ! أليس الكتاب المقدس هو الذي حكم على الجنس الأسود باللعنة .. لأنهم أولاد حام ؟؟ يقول الكتاب المقدس في سفر التكوين : ( 9 : 18أَمَّا أَبْنَاءُ نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ مِنَ الْفُلْكِ فَكَانُوا: سَاماً وَحَاماً وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو الْكَنْعَانِيِّينَ. 19هَؤُلاَءِ كَانُوا أَبْنَاءَ نُوحٍ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ تَفَرَّعَتْ مِنْهُمْ شُعُوبُ الأَرْضِ كُلِّهَا. 20 وَاشْتَغَلَ نُوحٌ بِالْفَلاحَةِ وَغَرَسَ كَرْماً، 21 وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خَيْمَتِهِ، 22فَشَاهَدَ حَامٌ أَبُو الْكَنْعَانِيِّينَ عُرْيَ أَبِيهِ، فَخَرَجَ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَا خَارِجاً. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ رِدَاءً وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا الْقَهْقَرَى إِلَى دَاخِلِ الْخَيْمَةِ، وَسَتَرَا عُرْيَ أَبِيهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَدِيرَا بِوَجْهَيْهِمَا نَحْوَهُ فَيُبْصِرَا عُرْيَهُ. 24 وَعِنْدَمَا أَفَاقَ نُوحٌ مِنْ سُكْرِهِ وَعَلِمَ مَا فَعَلَهُ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ 25قَالَ: « لِيَكُنْ كَنْعَانُ مَلْعُوناً، وَلْيَكُنْ عَبْدَ الْعَبِيدِ لإِخْوَتِهِ . 26ثُمَّ قَالَ: «تَبَارَكَ اللهُ إِلَهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْداً لَهُ. 27لِيُوْسِعِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي خِيَامِ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْداً لَه.) بل تروى التوراة المحرفة واعني بها ( العهد القديم ) عن سارة زوجة ابراهيم عليه الصلاة والسلام أنها قالت له في سفر التكوين : ( 21: 9وَرَأَتْ سَارَةُ أَنَّ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَسْخَرُ مِنِ ابْنِهَا إِسْحقَ، 10فَقَالَتْ لإِبْرَ اهِيمَ: « اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، فَإِنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِي إِسْحقَ) و ( 21: 11فَقَبُحَ هَذَا الْقَوْلُ فِي نَفْسِ إِبْرَ اهِيمَ مِنْ أَجْلِ ابْنِهِ). وقد اقتبس (بولس) هذا النص لإشعال العنصرية بين الناس ( غلاطية 4 : 30- إِنَّمَا مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ!» 31 إِذَنْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، نَحْنُ لَسْنَا أَوْلاَدَ الْجَارِيَةِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ ..) ولا تزال حكومة جنوب إفريقيا تعتمد على ما جاء في سفر التكوين الذي يصف أحد أبناء حام وهو " كنعان " بأنه عبد العبيد ، لتبرير سيطرتها على السود وإذلالهم . فاننا أيها الاخوة والأخوات لا نجد في المجتمعات الإسلامية هذه التفرقة العنصرية التي نجدها في المجتمعات المسيحية . لان النصوص الإسلامية تقف حائلاً دون ظهور هذه الشّر أو تفاقمهُ .. يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم سورة الحجرات: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13} ) وفي هذه الآية الكريمة إعلان المساواة الكاملة بين الأمم والشعوب والأفراد .. إذ ان الآية خطاب موجه إلى جميع بني الإنسان. كذلك فإن هذه الآية تقرر أن التمايز بين الناس لا يكون باللون أو الجنس أو العنصر .. إنما يكون " بالتقوى " التي هي جمعا الخير والهدى والرشاد . هنا سؤال يطرح نفسه .. كيف نضع نظاماً يحقق للبشرية كلها أخوة واحدة .. ؟! الاسلام يوجب على المسلم الالتقاء خمس مرات في اليوم لتأدية الصلاة في المسجد مع اخوته في الإسلام ليتقوى روحيّاً .. الأبيض مع الأسود .. والغني مع الفقير .. والناس على اختلاف جنسياتهم وتباين ألوانهم ومراتبهم يصفون متحازين كتفاً لكتف في الصلاة .. وهي العادة اليومية للمسلمين .. ومرة في كل اسبوع في يوم الجمعة يتجمع المسلمون في المسجد الرئيسي للحي لصلاة الجمعة والذي يعتبر تجمعاً على نطاق أوسع للمناطق المحيطة .. ومرتين في العام في العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى .. يجتمع المسلمون في تجمع أوسع وأشمل ويستحسن أن يكون في الخلاء ( خارج المسجد على ارض واسعة ) مما يتيح شعوراً أكبر بالإخوة الاسلامية .. وفوق كل ذلك " اللقاء الأكبر " في رحاب الكعبة الشريفة مرة واحدة على الأقل في العمر لمن استطاع إلى ذلك سبيلا . وهو اللقاء العالمي لكل مسلمي العالم فتجد التركي الأشقر والأثيوبي والصيني والهندي والامريكي والإفريقي .. والملك والخادم .. كلهم متساوون في لباس الحج الواحد المكون من قطعتين من القماش دون أي حياكة . فهل يوجد مثل هذه المساواة في أي شعيرة لأي دين آخر ؟ إذن القاعدة الأساسية في المفاضلة والتقدير بين بني البشر كما أعلن عنها في كتاب الله هي في السلوك والتخلق بالأخلاق الحميدة وحسن التعامل مع الله ومع الناس { ان اكرمكم عند الله أتقاكم } وليس اللون أو الجنس أو المال ... هذا هو الأساس الصادق الوحيد التي يمكن أن تقوم عليها مملكة الله . وبذلك فتح الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بأمر ربه – أفاق دعوته أمام بني الإنسان جميعاً – فالله { رب الناس ، ملك الناس ، أله الناس } وليس رب فئة واحدة ، أو عنصر واحد ، أو مجموعة بشرية واحدة ! وبذلك حطم الإسلام الحواجز التي كانت قائمة بين الأجناس والأعراف والأنساب . ولقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه .. الذي كان رقيقاً فحرره .. " سلمان منا أهل البيت " كما ضم صف المسابقين الأولين مجموعة كبيرة من أمثال " صهيب الرومي " و " بلال الحبشي " وهما رقيقان واعتبرهم الرسول عليه الصلاة والسلام في مقدمة كبار الشخصيات العربية من أصحابه المهاجرين والأنصار . بل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّّـرَ على قيادة جيشه شاباً في الثامنة عشر من عمره وجعل تحت قيادته مجموعة من كبار المسلمين ، وأصحاب السابقة في الإسلام . وهكذا يكون الإسلام قد حقق معجزة في التاريخ الإنساني ، أذ جعل الناس جميعاً يعيشون تحت شعار إلهي نادي به الإسلام منذ ظهوره ، وأكده الرسول عليه الصلاة والسلام من جديد وبكل صراحة وصرامة .. فقال : " لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا ( بالتقوى ) . " إن القرآن الكريم لم يذكر في سوره أو آياته ، أي اسم على الإطلاق من أسماء أحد معاصري الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أسمين هما :- { زيدٌ بن حارثة " مولىّ الرسول " عندما أراد الله أن يلغي عادة التَّـبني .. و " أبو لهب " عم الرسول عليه الصلاة والسلام هذان هما الاسمان اللذان ذكرا في القرآن الكريم .. لم يذكر القرآن الكريم اسم أبي بكر ولا عمر رضي الله عنهما فهما أصاحبه وآباء زوجاته ولا عثمان وعلي رضي الله عنهما أيضاً أصحابه وأزواج بناته ، وإنما ذكر اسم زيد بن حارثة موّلى الرسول ... وذكر في مناط التكريم ( سورة الاحزاب آية رقم 27 ) وذكر اسم " أبي لهب في مجال اللعنة ، حيث يقول الله في القرآن الكريم سورة المسد ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ {1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ {2} سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ {3} وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ {4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ {5} ) . فزيد موّلى غريب عن الرسول عليه الصلاة والسلام في دمه ، وفي قبيلتهِ ، وفي جنسهِ !! أما أبو لهب ، فإنه عمه ، وهو شريف قرشي !! ومع ذلك فان القرآن يتهدده بالهلاك هو وامرأته حمالة الحطب .. فالقرآن الكريم بهذا يضع مبدأه المعروف أنه لا مفاضلة بين الناس على أساس الجنس أو اللون أو أي نوع من أنواع الامتيازات الطبقية ، إنما المفاضلة بالتقوى .. " ( والتقوى : الامتثال لأوامر الله ونواهيه .. سراً وعلانية .. لأنها _ أي التقوى _ تدفع الإنسان إلى مخافة الله القهار.. ويقول الشاعر : لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تترك التقوى اعتماداً على النسبْ .. فقد رفع الإسلام سلمانَ فارس وقد وضع الشركُ الشريفّ أبا لهب ويقول الشاعر : أيها الطالب فخراً بالنسب إنما الناس لأم ولأبْ .. هل تراهم خُلقوا من فضّةٍ أو حديدٍ أو نحاسٍ أو ذهبْ .. أو ترى فضلهُم في خلقهم هل سوى لحم وعظم وعصبْ .. .. وللحديث بقية ... |
05-04-2016, 10:17 PM | #39 | |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
سم الله الرحمن الرحيم لنقتبس هذا النص ومنه ننطلق .. اقتباس:
بعد ان رأينا أن الشيطان دخل يهوذا قبل العشاء الأخير حسب رواية لوقا _ لكنه حسب رواية يوحنا دخل يهوذا بعد أن أعطاه المسيح اللقمة أثناء العشاء الأخير فخرج ليتآمر عليه . ونبدأ الآن بعنصر معروف تحت عنوان : المعاناة في الحديقة أو آلام المسيح ومتاعبه في الحديقة .. وسوف أكتب النص .. ودائماً أبدأ بأنجيل مرقس باعتباره أقدم الأناجيل .. ولكن أرجو أن نركز ونحن نقرأ النص الذي يصف هذه الفترة الهامة والحاسمة من حياة المسيح .. عما إذا كانت الصورة التي رسمها كتبة الأناجيل للمسيح هنا تبين أنه جاء ليبذل دمه فدية عن كثيرين .. ومن ثم كان الصلب وسفك دمه هدفاً رئيسياً لرسالته ، كما يقولون ... أم أن المسيح فوجئ بقوة الظلم تكاد تطبق عليه .. وأن حياته باتت مهددة بالخطر بشكل لم يكن يتوقعه .. ولذلك أصابته حالة من الرعب القاتل كان يود في كل لحظة من لحظاتها أن ينجو من الخطر وينقذ نفسه من الموت . آلام المسيح : ويقول مرقس في الإصحاح ( 14 : 32 – 42 ) : " وجاءوا إلى ضيعة اسمها جشيماني ، فقال لتلاميذه اجلسوا ههنا حتى أصلي . ثم أخذه معه بطرس ويعقوب وابتدأ يدهش ويكتئب . وقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت . امكثوا ههنا واسهروا . ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك ، فاجز عني هذه الكأس . ولكن ليكن لا ما أريد أنا ، بل ما تريد أنت . ثم جاء ووجدهم نياماً . فقال لبطرس يا سمعان أنت نائم . أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة ؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة . أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف . ومضى أيضاً وصلى قائلاً ذلك الكلام بعينه . ثم رجع ووجدهم نياماً إذ كانت أعينهم ثقيلة فلم يعلموا بماذا يجيبونه . ثم جاء ثالثة وقال لهم الآن استريحوا ، يكفي ، قد أتت الساعة ، هو ذا ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة ، قوموا لنذهب ، هو ذا الذي يسلمني قد اقترب. " إن ابسط تعليق على هذا الكلام هو أنه واضح تماماً أن المسيح لم يكن يتوقع هذه المفاجأة المذهلة وهي أن أعداءه سيقتنصونه .. وطبعاً هو يعلم أنهم عندما يمسكونه فلسوف يقتلونه .. ولذلك كان يصلي في كل وقت لكي تعبر عنه هذه الساعة أو هذه المحنة أو هذه الكأس ، حتى ينجو. إذن نستطيع أن نقرر _ مبدئياً _ بأن أي قول يقول أنه جاء ليبذل نفسه فدية عن كثيرين أو أن سفك دمه كان ضرورياً للتكفير عن خطيئة آدم أو خطايا البشر .. كل ذلك لا يمكن قبوله . وإذا كان عصيان آدم ، يكون تكفيره بقتل ابن الإله غصباً عن ابن الإله نفسه ، فهذا كارثة أكبر .. لأن الخطيئة تتضاعف تماماً بهذه الصورة . بعد ذلك نذهب لمعرفة آراء العلماء ومفسرو الأناجيل . يقول دنيس نينهام : " لقد انقسمت الآراء بعنف حول القيمة التاريخية لهذه الجزء وجرى تساؤل عما إذا كان يعتر في الحقيقة جزءاً من المصدر الذي روي القديس مرقس. ويؤكد آخرون أنه لم يكن في مقدور أحد أن يكون شاهداً لأغلب الحوادث المذكورة هنا ، كما لم يكن في مقدوره أن يعلم ما هي الصلاة التي صلاها يسوع وحيداً . ولذلك فإنهم يعتبرون أن الصلاة النموذجية ( في العد 36 ) وتكرارها ثلاث مرات إنما شيء مصطنع مثل القول بإنكار بطرس ثلاث مرات. إن القرار الموثوق منه { حول حقيقة ما جرى في الحديقة} مستحيل .. تفسير إنجيل مرقس 389-390 . أما رواية لوقا عن آلام المسيح فنجد فيها ما يجعلنا نعرضها _ إذ إنها تقول : " وخرج ومضي كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه أيضاً تلاميذه ، ولما صار إلى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة. وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. وظهر له ملاك من السماء يقويه. وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياماً من الحزن ، فقال لهم لماذا أنتم نيام قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. ( 22: 39-46) . يقول جورج كيرد في تفسيره لهذه الفقرات : " حسب رواية مرقس ( الذي كان مصدراً للوقا ) نجد أن يسوع بدأ يكتنفه الفزع والذهول وقد تحدث إلى تلاميذه عن الحزن الذي صحب استنزاف حياته وتلاشيها . ولما كان غير قادر على رفقة أعز أصحابه ( تلاميذه ) فإنه قضى الليل في تشنجات متتالية من صلاة المكروب . ولكن رواية لوقا المختصرة ( بالنسبة لرواية مرقس ) تعطينا بقدر الإمكان انطباعاً أقوى من حالة الاضطراب التي حلت بيسوع . فلقد أخبرنا أن يسوع هو الذي انتزع نفسه بعيداً عن أصحابه ، وانه كان في ألم مبرح ، وأن عرقه صار مثل قطرات الدم. وعندما نتذكر الشجاعة والثبات التي واجه بها الموت رجال آخرون شجعان بكل أشكاله البربرية وما كان يصحب ذلك من تعذيب مفرط .. فلا يسعنا إلا أن نتساءل : ما هي الكأس التي كان يسوع يرجو الله _ في صلاته _ أن يجيزها عنه . .. ان صلاة يسوع ترينا أن عذاب الشك كان أحد عناصر محنته المعقدة . فلكم تنبأ بآلامه لكنه الآن عشية حدوثها نجده ينكص على عقبيه.. هذا _ ولما كانت بعض المراجع القديمة تحذف العددين ( 43 , 44 ) الذين يقولان : " وظهر له ملاك من السماء يقويه . وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض . " ورغم وجودهما في أغلب النسخ وإلمام علماء المسيحية في القرن الثاني بهما { فإن الحذف يمكن إرجاع سببه (كما يقول جورج كيرد ) إلى فهم أحد الكتبة بأن صورة يسوع هنا ، وقد اكتنفها الضعف البشري ، كان يتضارب مع اعتقاده في الابن الإلهي الذي شارك أباه في قدرته القاهرة . } تفسير إنجيل لوقا صفحة 243 . فإذا سلمنا بأن هذا هو حقيقة ما حدث للمسيح في الحديقة فإن هذا يعني بوضوح أنه لم يكن يتوقع القتل إطلاقاً . وبالنسبة لعذاب الشك الذي أصابه فيمكن إرجاعه إلى أنه لا بد وقد اطمأن مسبقاً إلى أن أعداءه لن يتمكنوا من اصطياده _ وهو ما ذكرته أعلاه تحت عنوان تنبؤات المسيح بنجاته من القتل .. ارجو منك الاطلاع عليه ... أما وقد رأى أعداءه على وشك اصطياده ، فهناك أصابه عذاب الشك فيما إذا كان سينجو حقاً أم أنهم سيقضون عليه . القبض : يقول مرقس : " وللوقت فيما هو يتكلم أقبل يهوذا واحد من الاثنى عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ . وكان مسلمه ( يهوذا ) قد أعطاهم علامة قائلاً الذي أقبّله هو ، هو ، أمسكوه وامضوا به بحرص. فجاء للوقت وتقدم إليه قائلاً يا سيدي يا سيدي وقبله.. فألقوا عليه وأمسكوه. فاستل واحد من الحاضرين السيف وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه . فأجاب يسوع وقال لهم كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني كل يوم كنت معكم في الهيكل أعلم ولم تمسكوني ، ولكن لكي تكمل الكتب، فتركه الجميع وهربوا ، وتبعه شاب لابساً إزاراً على عريه فأمسكه الشبان ، فترك الإزار وهرب منهم عرياناً . ( 14 : 43 0 52 ) لقد كانت القُبلة هي بداية عملية القبض ، ونجد هذا قد اتفق فيه متى ولوقا مع مرقس ، مع خلاف يسير . أما عند يوحنا فلا مكان للقُبلة ، كما أنه يعطي صورة مختلفة تماماً عما روته الأناجيل الثلاثة المتشابهة _ فهو يقول : " أخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين ، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح. فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال من تطلبون ؟ أجابوه يسوع الناصري. قال لهم يسوع أنا هو . وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم. ( فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض . ) فسألهم من تطلبون ؟ فقالوا يسوع الناصري. أجاب يسوع قد قلت لكم إني أنا هو فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون. " ( 18: 3- 8 ). لقد اتفقت الأناجيل على شيء هام وهو أنه ابتداء من ذلك الوقت الذي ان في ظلمة الليل _ لأنهم جاءوا بمشاعل ومصابيح _ فقد تركه التلاميذ كلهم وهربوا. أين شك التلاميذ ؟ لقد سبق أن ذكرت الأناجيل على لسان المسيح قوله لتلاميذه: " كلكم تشكون فيَّ .. في هذه الليلة ". ونحن هنا أمام احتمالين : أحدهما _ أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده ، ورغم أنها ستسبب له ألماً ومعاناة ، إلا أنها ستفشل وينقذه الله من القتل الذي ينتظره على أيدي مدبريها. ثانيهما _ أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده وتسبب له ألماً ومعاناة وتنتهي بقلته. فإن كانت الحالة الأولى ، ورأي التلاميذ _ حسبما ترويه الأناجيل بكل وضوح _ أن المسيح قبض عليه في تلك الليلة ، واستطاعت قوى الظلم أن تنتصر عليه وتحقق ما تريد ، فعندئذ لا بد وأن يشك التلاميذ في معلمهم الذي تنبأ لهم بنجاته ، ثم أظهرت الحوادث أمام أعينهم بعد ذلك أنه لم يحدث . هنا فقط يحدث الشك والزلل والارتداد عن العقيدة . ومن المعلوم أن الشك غير الإنكار .. ذلك أن اللص الذي يقبض عليه .. قد ينكر السرقة .. لكنه في الوقت نفسه أول من يعلم يقيناً أنه سرق .. فهو لا يشك في السرقة رغم أنه ينكر ذلك . ولما كانت الأناجيل قد أظهرت جميعاً أن التلاميذ لم يشكوا في المسيح في تلك الليلة _ وإنما تحدثت عن إنكار بطرس أنه من تلاميذه _ فإن هذا يعني أن الأحداث سارت حسبما جاء في تلك الحالة التي تنتهي بنجاة المسيح من القبض والقتل. أما إن كانت الحالة الثانية وهي أن المسيح تنبأ لتلاميذه بالقبض عليه وقتله ، فإن ما شاهده التلاميذ _ حسب رواية الأناجيل أيضاً _ هو أن ذلك ما حدث ولا محل للشك _ إذن _ في هذه الحالة .. ولا ريب في أن نفي الشك عن التلاميذ في تلك الليلة ، يترتب عليه بالضرورة إلحاق تنبؤات خاطئة بالمسيح ، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصدر عنه ، وهو أمر ننكره ونستنكره . مما سبق نجد أن الأناجيل الأربعة اختلفت في قصة القبض وملابساتها : فقد روى كل من مرقس ومتى أن يهوذا قبًّل المسيح .. وروى لوقا أن يهوذا كان على وشك أن يقبَّله .. بينما لا يعرف يوحنا شيئاً عن القُبلة. ويذكر كل من مرقس ومتى أن تحية وكلاماً جرى بين يهوذا والمسيح ، ويصمت لوقا عن تلك التحية ، بينما لا يذكر يوحنا شيئاً عن يهوذا سوى الصمت التام بعد أن قاد القوة للقبض عليه في البستان. وإذا صرفنا النظر عما جاء في روايتي الاثنى عشر جيشاً من الملائكة ، والشاب الذي هرب عرياناً _ لبقيت ثلاث نقاط أساسية لا بد من استيعابها تماماً للوقوف عندها وهي : 1- أن القُبلة كانت الوسيلة الوحيدة لتعريف أفراد القوة بشخصية المسيح ( حسب مرقس ومتى ولوقا ) ، بينما تم ذلك في يوحنا بعد أن أظهر المسيح ذاته إليهم بطريقة تنم عن التحدي والثبات الذي يتحلى به المجاهدون من أصحاب العقائد والرسالات . 2- وأن حادثاً غير عادي قد وقع في تلك اللحظة .. مما أذهل أفراد القوة وجعلهم يرجعون إلى الوراء ويسقطون على الأرض . 3- وأن التلاميذ _ حسبما يرويه كتبة الأناجيل _ لم يشكوا في المسيح ولو للحظة واحدة من تلك الليلة التي حدث فيها القبض. يبدو بوضوح أن هذا النص ( وجعلهم يرجعون إلى الوراء ويسقطون على الأرض .) فيه إسقاط ذلك بأن يسوع المسيح لن تكون لكلماته القوة التي تقذف الرعب في قلوب الجند وخدام رؤساء الكهنة وهو الإنسان الأعزل الذي كان يحزن ويكتئب في الصلاة عسى أن ينجيه الله ... والله سينجيه بأسلوب معجزي . فكيف السبيل لتصحيح هذا النص .. وحيث أن الأناجيل الأربعة تكمل احدها الآخر فلا مناص إلا الرجوع إلى إنجيل ( لوقا ) في حادث مولد يسوع المعجز حيث يرتعد الرعاة من ظهور ملاك الرب : " وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفاً عظيماً " ( لوقا 2 : 9 ) . إذن التصحيح يكون بإضافة هذا النص بين قول يسوع : " إني أنا هو " وبين حركة الجند : " رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض " هكذا .. " فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض " (يوحنا 18 : 6 ) . بعد التصحيح وإضافة ( لوقا 2 : 9 ) " فلما قال لهم إني أنا هو وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفاً عظيماً فرجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض " . وكان يسوع المسيح قد تحدى الرؤساء والشعب اليهودي : " سمع الفريسيون الجمع يتناجون بهذا من نحوه فأرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خدَّاماً ليُمسكوه. فقال لهم يسوع أنا معكم زمانا يسيراً ثمَّ أمضي إلى الذي أرسلني . ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا . فقال اليهود فيما بينهم إلى أين هذا مزمع أن يذهب حتى لا نجده نحن . ألعله مزمع أن يذهب إلى شتات اليونانيين ويعلم اليونانيين . ما هذا القول الذي قال ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ( يوحنا 7 : 32 – 36 ) ولما كانت قصة المسيح بكل تفاصيلها ، ترد دائماً إلى تنبؤات العهد القديم وخاصة سفر المزامير ، فإن المزمور 91 الذي يستشهد به كثيراُ _ يقول: " لأنك قلت يا رب ملجاي . جعلت العلي مسكنك ". لا يلاقيك شر ، ولا تدنو ضربة من خيمتك . لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. على الأيدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. أرفعه لأنه عرف اسمي ، يدعوني فأستجيب له ، معه أنا في الضيق . أنقذه وأمجده ، من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي " ( 91: 9-16 ) أليس من حق القائل أن يقول إن ملائكة الله قد حملت المسيح على أيديها في تلك اللحظة التي كادت تزيغ فيها قلوب المؤمنين .. بعد أن رأي المسيح وتلاميذه أن سلطان الظلمة على وشك أن يبتلعهم ؟ وإذا قيل : أين ذهب المسيح بعد ذلك ؟ نقول : وأين ذهب إيليا ( إلياس ) الذي رفع إلى السماء ؟ وفي هذا تقول أسفار العهد القديم : " وفيما هما ( إيليا وتلميذه اليشع ) يسيران ويتكلمان ، إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء. وكان اليشع يرى وهو يصرخ يا أبي .. يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها . ولم يره بعد " ( سفر الملوك الثاني 2: 11 – 12 ) . وكما سبق أن رفع أخنوخ ( إدريس ) إلى السماء ، كما تقول الأسفار : " وسار أخنوخ مع الله ، ولم يوجد لأن الله أخذه . " ( سفر التكوين 5: 24 ). الحق أنه من رحمة الله _ سبحانه وتعالى _ بالناس .. أن كل ما فعله المسيح من معجزات له سابقة فعلها الأنبياء قبله . فإذا كان قد أحيا أمواتاً لا يزيد عددهم حسبما ترويه الأناجيل عن ثلاثة _ فقد أحيا واحد من الأنبياء قبله جيشاً عظيماً من الموتى .. كما أحيا غيره أفراداً ماتوا حديثاً أو بعد أن انقضى على موتهم مدة طويلة . " وتذكر كذلك معجزة ( حزقيال ) كما هو مكتوب في سفره إصحاح ( 37 : 1 – 9 ) : " كانت على يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنةٌ عظام .. وأمرني عليها من حولها وإذا هي كثيرةٌ جداً على وجه البقعة وإذا هي يابسةٌ جداً .. فقال في يا ابن آدم أتحيا هذه العظام ... فقلتُ يا سيدُ الربُّ أنت تعلمُ .. فقال في تنبَّاْ على هذه العظام وقل لها .. أيتها العظامُ اليابسةُ اسمعي كلمة الرب .. هكذا قال السيدُ الربُّ لهذه العظام . هأنذا أُدخِلُ فيكم روحاً فتحيون .. وأضعُ عليكم عصباً وأكسيكُم لحماً وأبسُطُ عليكم جلداً وأجعلُ فيكم روحاً فتحيون وتعملون إني أن الربُ .. فتنبأتُ كما أمرتُ وبينما أنا أتنبأْ كان صوتٌ وإذا رعشٌ فتقربت العظام كُل عظم إلى عظمه .. ونظرتُ وإذا بالعصب واللحم كساها وبُسِطَ الجلد عليها من فوقُ وليس فيها رُوحٌ .. فقال لي تنبأ للروح تنبّأ يا ابن آدم وقُل للروح هكذا قال السيدُ الرب هلُمّ يا رُوحُ من الرياح الأربع وهُب على هؤلاء القتلى ليحيوْا... فتنبأتُ كما أمرني فدخل فيهم الروحُ فَحَيُوا وقاموا على أقدامهم جيشٌ عظيمٌ جداً جداً ." وبالنسبة للمباركة وتكثير الطعام التي مارسها المسيح ، فإنها حدثت كذلك مع الأنبياء قبله. وبالمثل كانت عملية شفاء المرضى التي مارسها الأنبياء السابقون. إن هذا كله رحمة من الله بخلقه .. حتى لا يضلوا في المسيح ويفتنوا به فيتخذونه إلهاً . وللحديث بقية ... أخوكم : الاثرم |
|
05-31-2016, 09:23 PM | #40 |
Senior Member
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 376
|
بسم الله الرحمن الرحيم المحاكمة : لم تتفق الأناجيل على عدد المحاكمات ... سنكتفي بالحديث عن محاكمتين فقط . 1- المحاكمة الأولى : أمام مجمع اليهود : يقول مرقس : " مظوا بيسوع إلى رئيس الكهنة فاجتمع ومعه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة . وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة وكان جالساً بين الخدام يستدفئ عند النار. وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطلبون شهادة على يسوع ليقتلوه فلم يجدوا . لأن كثيرين شهدوا عليه زوراً ولم تتفق شهاداتهم .. ثم قام قوم وشهدوا عليه زوراً قائلين نحن سمعناه يقول إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني حجر غير مصنوع باياد . ولا بهذا كانت شهاداتهم تتفق. فقام رئيس الكهنة في الوسط وسأل يسوع قائلاً : أما تجيب بشيء .. ماذا يشهد به هؤلاء عليك. أما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشيء . فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له : أأنت المسيح ابن المبارك. فقال يسوع : أنا هو . وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء. فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال : ما حاجتنا بعد إلى شهود ؟ وقد سمعتم التجاديف . ما رأيكم ؟ . فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت . فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له : تنبأ . وكان الخدام يلطمون " ( 14: 53-65) يقول نينهام : " ليس من السهل ان نتبين كيف نشأ هذا الجزء . ولقد كان السؤال حول قيمته التاريخية _ ولا يزال _ موضوعاً يتعرض لمناقشات حيوية. ومن الواجب أن نعرض الأسباب الرئيسية للشك في قيمته التاريخية ، ونناقشها وبأختصار كما يلي : 1- يصف القديس مرقس المحاكمة على أنها حدثت أمام المجمع _ أي السهندرين _ وهو هيئة رسمية تتكون من واحد وسبعين عضواً يرأسها رئيس الكهنة وتمثل السلطة الشرعية العليا في إسرائيل. ولما كانت لائحة السهندرين المذكورة في المشنا .. تبين الخطوات التفصيلية التي يجب اتخاذها أمام تلك الهيئة .. فان المقارنة بين تلك الإجراءات وبين ما يذكره القديس مرقس عن محاكمة يسوع .. تكشف عن عدد من المتناقضات أغلبها جدير بالاعتبار . 2- ولكن ، هل كان من الممكن أن يجتمع أعضاء السهندرين ، ولو حتى لعمل مثل تلك الإجراءات القضائية الرسمية التي تسبق المحاكمة في منتصف ليلة عيد الفصح ، أو إذا اعتبرنا أن تقويم القديس مرقس لأسبوع الأحداث غير دقيق ، فهل كان يمكن أن يجتمعوا في منتصف الليلة السابقة لعيد الفصح ؟ إن محاكمة رسمية في مثل ذلك الوقت تبدو شيئاً لا يمكن تصديقه ، كما يشك أغلب العلماء تماماً في عقد جلسة في مثل ذلك الوقت ، ولو لعمل تحقيقات مبدئية " ( تفسير إنجيل مرقس : صفحة 398 – 401 ) المحاكمة الثانية أمام بيلاطس : يقول مرقس : " وللوقت في الصباح الباكر تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله وأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه على بيلاطس. فسأله بيلاطس : أنت ملك اليهود ؟ فأجاب وقال له : أنت تقول ؟ وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيراً . فسأله بيلاطس أيضاً قائلاً أما تجيب بشيء . انظر كم يشهدون عليك . فلم يجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس . وكان يطلق لهم في كل عيد أسيراً واحداً ، من طلبوه . وكان المسمى باراباس موثقاً مع رفقائه في العتنة ، الذين في الفتنة فعلوا قتلاً . فصرخ الجميع وابتدأوا يطلبون أن يفعل كما كان دائماً يفعل لهم. فأجابهم بيلاطس قائلاً أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود. لأنه عرف أن رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسداً فهيج رؤساء الكهنة الجميع لكي يطلق لهم بالحري باراباس . فأجاب بيلاطس أيضاً وقال لهم فماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود ؟ فصرخوا أيضاً أصلبه . فقال لهم بيلاطس : وأي شر عمل ؟ فازدادوا جداً صراخاً : أصلبه . فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجميع ما يرضيهم أطلق لهم باراباس وأسلم يسوع بعد ما جلده ليصلب " ( 15 ك: 1 – 15 ) يقول نينهام : " رغم أن المحاكمة تعرض لنا باعتبارها وقعت في العراء _ فإن رواية القديس مرقس لا يمكن اعتبارها بأية حال تقريراً لشاهد عيان ، وفي الواقع إنها ليست تقريراً على الإطلاق . إننا لم نخطر كيف علم بيلاطس بالتهمة . ( وفي العدد 2 نجده قد عرفها من قبل ) ولماذا لم يرد ذكر لحكم رسمي ( على عكس لوقا الذي يقول : فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم – 23 : 24 ) وبالنسبة لما قيل عن عادة إطلاق أحد المسجونين _ فإن وجهة نظر أغلب العلماء تقرر أنه : لا يعرف شيئاً عن مثل هذه العادة كما وصفت هنا. إن القول بأن عادة الحكام الرومان جرت على إطلاق أحد المسجونين في عيد الفصح ، وأن الجماهير هي التي كانت تحدد اسمه بصرف النظر عن جريمته ، إنما هو قول لا يسنده أي دليل على الإطلاق ، بل إنه يخالف ما نعلمه عن روح الحكم الروماني لفلسطين وأسلوبه في معاملة أهلها . على أن محتويات الحوار بين بيلاطس والجمهور تعتبر من المشاكل أيضاً ، فيبدو منها أن بيلاطس قد وُوجِه مقدماً بالاختيار بين مجرمين أدينا , بحيث إذا أطلق سراح أحدهما لوجب عليه إعدام الآخر ، وفي نهاية الفقرة التالية ( الأعداد 2- 5 ) نجد أن يسوع لم يدن . وحسبما تذكره القصة لا نجد مبرراً يمنع بيلاطس من تبرئة يسوع إذا كان قد اعتقد في براءته وإصدار عفو كذلك عن باراباس . ونجد في رواية القديس متى لهذه القصة أن اسم ذلك المتمرد قد ذكر مرتين ( في 27: 16-17 ) في أغلب النسخ على أنه : يسوع باراباس ، والاعتقاد الشائع أن ذلك كان القراءة الأصلية. إن حذف كلمة يسوع من النسخ المتداولة .. يمكن شرحه ببساطة على أساس انه بالرغم من أن اسم يسوع كان شائعاً في أيام المسيح . فلم يلبث المسيحيون أن اعتبروه اسماً مقدساً يرقى عن الاستخدام العادي ، وأن إطلاقه على أحد المجرمين يعتبر مهيناَ . ( تفسير إنجيل مرقس : صفحة 411 – 416 ) ولقد أضاف متى إلى رواية مرقس قصتين : احدهما تحكي نهاية يهوذا ، وهذا الموضوع سوف نتعرض له في حينه ، وأما الأخرى فهي الحديث عن حلم زوجة بيلاطس . كذلك بيَّن متى أن بيلاطس أعلن براءته من دم المصلوب بطرقة قاطعة فهو يقول : " فقال الوالي وأي شر عمل ؟ فكانوا يزدادون صراخاً ليصلب. فلما رأي بيلاطس أن لا ينفع شيئاً بل بالحري يحدث شغب أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلاً إني بريء من دم هذا البار . أبصروا أنتم . فأجاب جميع الشعب وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا . حينئذ أطلق لهم باراباس . وأما يسوع فجلده وأسلمه ليصلب " ( 27 : 23-26 ) لكن العلماء يشكون في حادث غسل يد بيلاطس _ كما يقول جون فنتون _ باعتبار أن " عملية غسل اليد لتكون دليلاً على البراءة إنما هي عادة يهودية أكثر منها رومانية ، إذا يقول سفر التثنية : " يغسل جميع شيوخ تلك المدينة القريبين من المدينة أيديهم ، ويقولون أيدينا لم تسفك هذا الدم . " ومن المستبعد جداً أن يكون بيلاطس قد عمل شيئاً كهذا . ( تفسير إنجيل متى : صفحة 436 ) . نكتفي بهذا القدر بالنسبة لبعض ما يقال في المحاكمات والثغرات الموجودة فيها ثم نمر بعد ذلك على عدد من العناصر التي تتعلق بقضية الصلب ، وهي لا تحتاج كثيراً للاستشهاد بأقوال العلماء ، إذا أن اختلاف الأناجيل فيها واضح لا يتحاج إلى تعليق . وللحديث بقية ... اخوكم / الاثرم |
|
|