عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2020, 01:29 AM   #15
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 351
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

وقبل ان نذهب لنقرأ ما تقوله المزامير أرجو أن يكون معلوماً أن .. تراجم أسفار العهدين القديم والجديد تتغير من حين لآخر وفقاً للدرسات التي يقوم بها علماء الكتاب المقدس .. إما لتدقيق الترجمة أو للتخلص من التناقضات والإختلافات ..

وكمثال نجد أنه في واحدة من طبعات الكاثوليك للعهد الجديد أنها عندما تحدثت عن نهاية الخائن يهوذا ( في الاصحاح الأول من سفر أعمال الرسل ) فإنها جعلته يخنق نفسه .. ليتفق هذا مع ما يقوله ( إنجيل متى ) .. أما طبعة البروتستانت فلا تزال تروي نهاية يهوذا بأن نقمة حلت به (( إذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها )) وهذا شيىء مختلف تماماً عن عملية الانتحار خنقاً ..

كذلك ظهرت طبعات حديثة للمزامير تختلف كثيراً عما في الطبعات المتداولة لها .. وإذا كان داود هو الإسم الذي يرتبط بأغلب المزامير .. فإن العلماء مختلفون فيما يتعلق بحقيقة قائل كل مزمور وتاريخه وظروفه .. كما أن هناك خلافاً حول ترقيمها .. ولقد بينا ذلك في مناسبة سابقة .. وكيف ان الترجمة للمزمور 69 _ كمثال _ تقول في بعض فقراتها :

" حينئذ رددت الذي لم أخطفه "

" ويجعلون في طعامي علقماً "

بينما تقول الترجمة الحديثة له في نظير ذلكما العددين :

" كيف أرد الذي لم أسرقه أبداً ؟ "

" أعطوني لطعامي سماً "

فالإختلاف بينهما واضح .. سواء في المضمون أو في زمن الفعل . .

** الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب :

إن الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب وسفك الدم .. فتلك نظرية بولسية أقحمها القديس بولس في مسيحية المسيح الحقة . وهذا شيىء نستطيع ان شاء الله بيانه من الأناجيل :

1- بينما كان المسيح يسير خارجاً " إذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية .؟ فقال له لماذا تدعوني صالحاً ؟ ليس صالحاً إلا واحد هو الله ولكن إن أردت أن تدخل الحياة .. فاحفظ الوصايا . قال له : أية الوصايا ؟ فقال يسوع : لا تزن . لا تسرق . لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك . قال له الشاب هذا كلها حفظتها منذ حداثتي .. فماذا يعوزني بعد ؟ قال له يسوع : إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء .. فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني . متى 19: 16 – 21 )

ومن الملاحظ أن المسيح قبل أن يجيب السائل إلى سؤاله .. فقد صحح صيغة السؤال .. فنفى الصلاح عن نفسه .. ورده الى الله سبحانه وتعالى الذي تفرد في ذاته وصفاته ..

وبذلك قرر المسيح على رؤوس الأشهاد أن (( الله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) ..

وأن أي خلط بين الله _ سبحانه _ وبين المسيح .. إنما هو قول مردود وكفر مرفوض .

ومن ذلك يتبين أن الخلاص الحق يقوم على الإيمان بالله الواحد .. ثم العمل الصالح .. ولا مجال للحديث هنا عن الصلب أو الصليب .. فتلك كلها مسميات قال بها بولس وتلاميذه .. ما أنزل الله بها من سلطان ..

2- في يوم الدينونة تكون النجاة بالعمل الصالح بعيداً عن الصلب وفلسفاته .. بل وحتى اسمه فهناك " يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا مباركي أبي رِثُوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم . لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني . كنت غريباً فآويتموني عرياناً فكسوتموني . مريضاً فزرتموني . محبوساً فأتيتم إليَّ . فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين : يا رب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك . أو عطشاناً فسقيناك . ومتى رأيناك قريباً فآويناك أو عرياناً فكسوناك ؟ ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك . فيجيب الملك ويقول لهم الحق أوقول لكم بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم . ثم يقول الملك للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته . لأني جعت فلم تطعموني ... حينئذ يجيبونه هن أيضاً قائلين : يا رب متى رأيناك جائعاً ؟ .... فيجيبهم قائلاً : الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوا بأحد هؤلاء الأصاغر .. فبي لم تفعلوا . فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حاة أبدية " (انجيل متى 25: 34-46) ..

هكذا يدان الناس : أهل البر والعمل الصالح إلى الحياة الأبدية السعيدة .. وأهل الشر والبخل إلى عذاب أبدي . .

ومرة أخرى لا دخل لفلسفة الصلب والفداء في إنقاذ أهل الشر .. فلن تنفعهم في شيىء .

3- يقول يعقوب في رسالته : إن الدينونة التي تحدد المصير الأبدي للإنسان تقوم على ركيزتين هما : إيمان بالله الواحد يصحبه عمل صالح .. وبدونهما لا فائدة ترجى .. وإن كل منهما لا علاقة له بالصلب وسفك الدم .. من قريب أو بعيد :

" أنت تؤمن بأن الله واحد . حسناً تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون ولكن هل تريد أن تعمل أيها الإنسان الباطل ((( أن الإيمان بدون أعمال ميت )))) ؟ ترون إذاً بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده . ( 2: 19-24 ) ..

إن ( الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم " ( يعقوب 1: 17 ) .

من ذلك وغيره كثير وكثير جداً .. نتبين أن الخلاص لا علاقة له بالصلب على الإطلاق .


** نضع الآن مجموعة من الأسئلة حول الصلب و الفداء .. موجهة إلى المسيحيين لعلنا نجد لها إجابة .. . وهذه الأسئلة :


1 - ادعى المسيحيون أن صلب المسيح كان لتحقيق العدل والرحمة .. فأي عدل وأي رحمة في تعذيب غير مذنب وصلبه ؟

قد يقولون : إنه هو الذي قبل ذلك .. ونقول لهم إن من يقطع يده أو يعذب بدنه أو ينتحر .. فإنه مذنب .. ولو كان يريد ذلك ..

2 ـ إذا كان المسيح ابن الله .. فأين كانت عاطفة الأبوة وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية ثم الصلب مع دق المسامير في يديه ؟

3 - ما هو تصور المسيحيين لله - جل في علاه ـ الذي لا يرضى إلا أن ينزل العذاب المهين بالناس .. والعهد في الله ـ الذي يسمونه الآب ويطلقون عليه : الله محبة .. الله رحمة ـ أن يكون واسع المغفرة .. كثير الرحمات ؟

4 - من هذا الذي قيد الله - سبحانه وتعالى - وألزمه وجعل عليه أن يلتزم العدل وأن يلتزم الرحمة .. وأن يبحث عن طريق للتوفيق بينهما .. بين العدل والرحمة .. بأن ينزل ابنه الوحيد .. في صورة ناسوت .. يصلب تكفيرا ؟ خطيئة آدم ؟

5- يدعي المسيحيون أن ذرية آدم لزمهم العقاب بسبب خطيئة أبيهم .. وفي أي شرع يلتزم الأحفاد بأخطاء الأجداد ـ خاصة وأن الكتاب المقدس بنص على أنه " لا يقتل الأباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء . فكل إنسان بخطيئته يقتل " ( تثنية 24: 16 ) ؟

6 ـ إذا كان صلب المسيح عملاً تمثيلياً على هذا الوضع .. فلماذا يكره المسيحيون اليهود ويرونهم آثمين معتدين على السيد المسيح ؟

إن اليهود - وخاصة يهوذا الإسخريوطي - كانوا حسب الفهم المسيحي لموضوع الصلب أكثر الناس عبادة لله .. لأنهم بذلك نفذوا إرادة الله التي قضت بصلب ابنه فقاموا هم بتنفيذ ذلك العمل .

7 ـ هل كان نزول ابن الله وصلبه للتكفير عن خطيئة البشر ضرورياً .. أم كانت هناك وسائل أخرى من الممكن أن يغفر الله بها خطيئة البشر؟

ماذا يقول المسيحيون للإجابة عن مثل هذا السؤال .. كما يقدمه كاتب مسيحي هو القس بولس ساباط .. إذ يقول :

" لم يكن تجسد الكلمة ضرورياً لإنقاذ البشر .. ولا يتصور ذلك مع القدرة الإلهية الفائقة الطبيعية " - ثم يسترسل هذا الكاتب .. فيذكر السبب في اختيار الكلمة لتكون فداء لخطيئة البشر .. فيقول :

« إن الله على وفرة ما له من الذرائع إلى فداء النوع البشري وإنقاذه من الهلاك الذي نتج من الخطيئة ومعصية أمره الإلهي .. قد شاء
- سبحانه ـ أن يكون الفداء بأعز ما لديه .. لما فيه من القوة على تحقيق الغرض وبلوغه سريعاً " ..

إن أبسط الذرائع لدى الله - سبحانه – إذا استخدمنا لغة ذلك القس .. هي أن يقول الله : عفوت عنك با آدم .. إن هذا ما يقوله القران الكريم :

" فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " ..

ونصرخ في وجه هذا الكاتب فنقول إنه ليس من الحكمة في شيء أن نفتدي بدينار ما نستطيع أن نفتديه بفلس ..

ثم هناك إجابة أخرى عن هذا السؤال نقتبسها من كاتب مسيحي آخرهو الآب بولس اليافي الذي يقول :

" مما لا ريب فيه أن المسيح كان باستطاعته أن يفتدي البشر ويصالحهم مع أبيه بكلمة واحدة أو بفعل سجود بسيط يؤديه باسم البشرية لأبيه السماوي لكنه أبى إلا أن يتألم .. ليس لأنه مريض بتعشق الألم أو لأن أباه ظالم يطرب لمرأى الدماء .. وبخاصة دم ابنه الوحيد .. وما كان الله بسفاح ظلوم ، لكن الإله الابن شاء مع الله الآب أن يعطي الناس أمثولة خالدة من المحبة تبقى على الدهر وتحركهم على الندامة لما اقترفوه من آثام وتحملهم على مبادلة الله المحبة ..

ومرة أخرى نصرخ في وجه هذا المؤلف مؤكدين أنه صور الداء أدق تصويرعندما تكلم عن الدماء والقسوة .. لكنه عندما بدأ يجيب ويصف الدواء تعثروكبا ولم يقل إلا عبارات جوفاء لا تحمل أي معنى ..

8- ونعود إلى القس بولس ساباط ، ونسأله كما سأل :

إذا كان الكلمة قد تجسد لمحو الخطيئة الأصلية .. فما العمل في الخطايا التي تحدث بعد ذلك ؟ يجيب هذا الكاتب بما يلي :

" إذا عاد الناس إلى اجتراح الخطايا .. فالذنب ذنبهم لأنهم نسوا النور وعشوا عنه مؤثرين الظلمة بإرادتهم " ..

ومعنى هذا أن خطيئة واحدة محيت .. وأن ملايين الخطايا سواها بقيت وجدت بعد ذلك .. وسيحاسب الناس على ما اقترفوه .. وبعض ما اقترفوه أقسى من عصيان آدم .. فلقد أنكر بعض الناس وجود الله .. وهاجمه آخرون وسخروا من جنته وناره .. فلماذا كانت ظاهرة التجسد لخطيئة واحدة .. وتركت خطايا أكبر .. لا تعد ولا تحصى ؟

9 - أين كان عدل الله ورحمته منذ حادثة آدم حتى صلب المسيح ؟

ومعنى هذا أن الله - تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ ظل حائراً بين العدل والرحمة ألوف السنين .. حتى قبل المسيح منذ ألفي عام فقط أن يصلب تكفيراً عن خطيئة آدم ..

10- يلزم - كما في جميع الشرائع – أن تتناسب العقوبة مع الذنب .. فهل يتم التوازن بين صلب المسيح على هذا النحو وبين الخطيئة التي ارتكبها آدم ..

11- هذا ـ إلى أن خطيئة آدم التي لم تزد عن أن تكون أكلاً من شجرة نهى عنها قد عاقبه الله عليها – باتفاق المسيحين والمسلمين - بإخراجه من
الجنة .. ولا شك أنه عقاب كاف .. فالحرمان من الجنة الفينانة والخروج إلى الكدح والنصب عقاب ليس بالهين .. وهذا العقاب قد اختاره الله بنفسه .. وكان يستطيع أن يفعل بأدم أكثر من ذلك .. ولكنه اكتفى بذلك .. فكيف يستساغ أن يظل مضمراً السوء غاضباً ألوف السنين حتى وقت صلب المسيح ؟

12- وقد مرت بالبشر منذ عهد آدم إلى عهد عيسى أحداث وأحداث وهلك كثيرون من الطغاة وبخاصة في عهد نوح حيث لم ينج إلا من آمن بنوح واتبعه وركب معه السفينة .. فهؤلاء هم الذين رضي الله عنهم .. فكيف تبقى بعد ذلك ضغينة أو كراهية تحتاج لأن يضحي عيسى بنفسه فداء للبشرية ..

13- والكاتب المسيحي الذي أسلم - عبد الأحد داود وكان مطراناً للموصل - ينتقد قصة التكفير عن الخطيئة هذه انتقاداً سليماً فيقول :

" إن من العجيب أن يعتقد المسيحيون أن هذا السر اللاهوتي .. وهو خطيئة آدم وغضب الله على الجنس البشري بسببها ظل مكتوماً عن كل الأنبياء السابقين ولم تكتشفه إلا الكنيسة بعد حادثة الصلب " ..

14- ويقول هذا الكاتب - عبد الأحد داود - :

« إن ما حمله على ترك المسيحية هو هذه المسألة وظهور بطلانها .. إذ أمرته الكنيسة بأوامر لم يستسغها عقله وهي :

أ- نوع البشر مذنب بصورة قطعية ويستحق الهلاك الأبدي ..

ب- الله لا يخلص أحداً من هؤلاء المذنبين من النار الأبدية المستحقة عليهم بدون شفيع ..

ج - الشفيع لا بد أن يكون إلهاً تاماً وبشراً تاماً ..

ويدخل هذا الكاتب في نقاش طويل مع المسيحيين بسبب هذه الأوامر .. فهم يرون أن الشفيع لا بد أن يكون مطهراً من خطيئة آدم .. ويرون أنه لذلك ولد عيسى من غير أب لينجو من انحدار الخطيئة إليه من أبيه ..

ويسألهم الكاتب : ألم يأخذ عيسى نصيباً من الخطيئة عن طريق أمه ؟

ويجيب هؤلاء : بأن الله طهر مريم من الخطيئة قبل أن يدخل الابن رحمها ..

ويعود الكاتب يسأل : إذا كان الله يستطيع - التطهير - هكذا في سهولة ويسر إذ يطهر بعض خلقه .. فلماذا لم يطهر خلقه من الخطيئة كذلك بمثل هذه السهولة وذلك اليسر.. بدون إنزال ابنه وبدون تمثيلية الولادة والصلب ؟

ونضيف إلى نقاش عبد الأحد داود .. أن قولهم بضرورة أن يكون الشفيع مطهراً من خطيئة آدم .. مما استلزم أن يولد عيسى من غير أب أو أن يطهر الله مريم قبل دخول عيسى رحمها .. يحتاج إلى طريق طويل معقد .. وكان أيسر منه أن ينزل ابن الله مباشرة في مظهر الإنسان دون أن يمر بدخول الرحم والولادة ..

ونضيف كذلك أن اتجاه المسيحيين هذا يتعارض مع اتجاه مسيحي آخر.. هو أن ابن الله دخل رحم مريم ليأخذ مظهر الإنسان وليتحمل في الظاهر بعض خطيئة آدم الذي يبدو ابن الله كأنه ولد من أولاده .. ثم يصلب ابن الله تكفيراً عن خطيئة البشر الذين أصبح كواحد منهم ..

ويبقى أن نسأل أسئلة أخيرة في هذا الموضوع هي :

هل كان الأنبياء جميعاً .. نوح - إبراهيم - موسى .. مدنسين بسبب خطيئة أبيهم؟

وهل كان الله غاضباً عليهم كذلك .. وكيف اختارهم مع ذلك لهداية البشر ؟

هذه الأسئلة نضعها بين يدي النصارى لعلهم يحاولون الإجابة عنها ..



وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس