عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-2021, 08:10 PM   #9
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 351
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





"وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين إختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا ". )









قلتم أنه لا ينكر صلبه ( أي المسيح ) إلا كافر .. وما ذلك إلا ضلالات ابتدعتموها .. ومحالات على رعاع الأعاجم أجزتموها .. وأيم الله انكم لفي شك منه .. ما لكم به من علم إلا إتباع الظن ..

ما معنى قول " يهوذا الأسخريوطي " وهو من الحواريين .. تلاميذ المسيح .. ارتد عنكم بزعمكم .. ودل عليه بظنكم _ حين خرج مع اليهود إلى طلبه ..

قال لهم :

إني لأستحي منه ( ولذا فسوف ) أجعل الأمارة عليه _ حيث أنكم (( لا تعرفونه )) بعينه _ أن اقبله .. فماذا فعلتم فأنتم وذاك ..

فهذا يشهد أن اليهود لم تكن تعرفه .. وهذا منصوص في إنجيلكم ومن نصوصكم أيضاً أنهم حين أحاطوا بعيسى ومن معه .. خرج بنفسه إليهم وقال :

" من تطلبون "

(( قالوا )) : يسوع الناصري .. (( قال )) : أنا هو ..

فنظروا إلى يهوذا ( نظرة تساؤل عن الإشارة التي اتفقوا معه عليها ) .. فقبضوا عليه بظنكم ..

كيف أمنتم ( والحال كما رويتم ) أن يكون قد عمدت إلى سواه _ حيث كانت لا تعرفه _ ورفعه الله .. كما رفع أخنوخ النبي ..

" وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد .. لأن الله أخذه .. " ( التكوين 5 : 24 ) .

ولعلكم صدقتم ( يهوذا الأسخريوطي ) في دلالته عليه ( و ) في نص إنجيلكم أنه مرتد .. كافر .. ملعون .. فشهادته إذن غير جائزة .. أو لعله عندما عاينه .. وأدركته الندامة .. جعل الامارة على غيره من التلاميذ وسارع التلميذ إلى وقايته بنفسه ..

والدليل على قيام هذا الاحتمال أنه في نص إنجيلكم الذي بأيديكم أن " يهوذا الأسخريوطي " أدركته الندامة حينئذ .. و ( أعاد ) لهم الثلاثين درهما التي كان باعه بها .. إذ أعلمهم أنه ليس ( هو ) ذلك ( المقبوض عليه ).

" فقال اليهود :

" وما علينا " ( متى 27 : 3 – 4 ) .


إذن .. اليهود قتلت رجلا لم تعينه _ بإقرار كتابكم _ ولم تعرفه إلا بشهادة يهوذا الأسخريوطي ..

أن الله سبحانه وتعالى قادر على خلق مثل لكل شيء في العالم .. فجميع صفات المسيح عليه السلام لها أمثال في حيز الامكان في العدم .. يمكن خلقها في محل آخر .. غير جسد المسيح عليه السلام فيحصل الشبه قطعاً ..

القول بالشبه قول بأمر ممكن لا بما هو خلاف الضرورة .. ويؤيد ذلك أن التوراة مصرحة بأن الله تعالى خلق جميع ما للحية في عصاة موسى عليه السلام .. .. وهو أعظم من الشبه ... فان جعل حيوان يشبه حيواناً أقرب من جعل نبات يشبه حيوانا .. وقلب العصا حية تسعى مما أجمع عليه اليهود والنصارى .. كما أجمعوا على جعل النار لإبراهيم عليه السلام برداً وسلاما .. وعلى قلب الماء خمراً .. فإذا جوزتم مثل هذا جوزتم أيضاً إلقاء الشبه من غير استحالة .

ثم ان الإنجيل ناطق بأن عيسى عليه السلام نشأ بين ظهور اليهود في مواسمهم وأعيادهم وهياكلهم .. ويعظهم ويعلمهم .. ويناظرهم .. ويعجبون من براءته وكثرة تحصيله .. حتى كانوا هم يقولون :

أليس هذا ابن يوسف ؟

أليست أمه مريم ؟

أليس أخواه عندنا ؟

فمن أين له هذه الحكمة ؟


وإذا كان كذلك في غاية الشهرة والمعرفة عندهم .. فلم نص الإنجيل على أنهم وقت ما أرادوا القبض عليه لم يحققوه .. حتى دفعوا لأحد تلاميذه _ وهو يهوذا _ ثلاثين درهماً ليدلهم عليه .. فجاء ليلة الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من شهر نيسان .. ومعه جماعة من اليهود .. ومعهم السيوف والعصي من عند رؤساء الكهنة .. وقال لهم التلميذ المذكور الذي أقبله هو مطلوبكم فامسكوه ...

فلما جاء قال :

السلام عليك .. ثم قبله .. فقال له يسوع : لماذا جئت يا صاحب ؟

فوضعوا أيديهم عليه وربطوه .. وتركه التلاميذ كلهم وهربوا . وتبعه " بطرس " من بعيد .. فقال له ((( رئيس الكهنة ))) :

أستحلفك بالله الحي (( أن تقول لنا )) .. هل أنت المسيح ؟


قاله له المسيح : أنت قلت ذلك .. واني أقول لكم : انكم ((من الآن )) لا ترون ابن الإنسان حتى تروه جالساً عن يمني القوة آتيا في سحاب السماء ." ( متى 26 : 62 – 64 ) .




" ويقول لوقا :


" .... اجتمعت (( مشيخة الشعب )) ... (( قائلين )) إن كنت أنت المسيح (( فقُل لنا )) .. " ( 22 : 66 – 68 ) .



سألوا المقبوض عليه عمَّا إذا كان هو المسيح .. لماذا السؤال ؟


ألا يدل سؤالهم على شكهم في هوية المقبوض عليه ؟!





هذه نقطة هامة ينبغي الانتباه إليها .

ماذا كان جواب المقبوض عليه .. عندما سألوه عمّا إذا كان هو المسيح .. قال :

" أنت قلت "

وهذا يشبه قولنا عندما لا نوافق على كلام نسمعه :

" هذا قولك أنت "

أي أن المقبوض عليه لم يقرّ بأنه المسيح ...


ويروي " لوقا " أن جواب المعتقل عن السؤال كان :

" إن قلتُ لكم لا تصدقوني .. وإن سألتُ لا تجيبوني ولا تطلقوني. "
( 22 : 66 – 68 ) .


ما معنى هذا الجواب ؟

لو كان المعتقل عيسى .. فكيف إن قال لهم هو عيسى لا يصدقونه ؟!

إنهم يبحثون عن عيسى وأردوا اعتقال عيسى .. فكيف لا يصدقونه إن كان هو عيسى ؟!

لا يمكن أن يكون قائل هذا الجواب هو المسيح ..لا بد أن يكون قائله شخصاً غير عيسى .. فلو قال لهم المعتقل إنه ليس المسيح لَمَا صَدَّقوه لأنه يشبه عيسى ولأنهم نفسياً مهيأون للقبض على المسيح .. ولو طالبهم ذلك الشخص بإطلاق سراحه لما وافقهوا لأنهم ظنوه المسيح أو يريدونه أن يكون المسيح .. ولأن قوله غير قابل للتصديق لديهم بسبب تشابه ملامحه مع المسيح من ناحية واختفاء عيسى من ناحية أخرى .


فلا شك أن هذا الالتباس العظيم مع تلك الشهرة العظيمة نحو سنين في المحاورات العظيمة .. والمجادلات البليغة .. كلها تدل على وقوع الشبه قطعاً .. خصوصاً أن في الإنجيل .. أنه أخذ حندس من ليل مظلم من بستان فشوهت صورته .. وغيرت محاسنه بالضرب والسحب وأنواع النكال .. ومثل هذه الحالة توجب الالتباس بين الشيء وخلافه .. فكيف بين الشيء وشبهه .. فمن أين لكم .. أو لليهود القطع بأن المصلوب هو المسيح دون شبهه ؟ بل انما حصل الظن والتخمين .. كما قال الله سبحان وتعالى ..

" وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ( 157 ) . بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ ( 158 )". سورة النساء.

اليهود ليسوا قاطعين بذلك . لأنهم اعتمدوا على قول " يهوذا " .. فأي ضرورة تدعوكم إلى إثبات أنواع الاهانة والعذاب في حق رب الأرباب (( على زعمكم ؟ )) .. إن هذا لمن عجب العجاب ..



ثم في الإنجيل أيضاً : أن المسيح كان مع تلاميذه بالبستان .. فجاء اليهود في طلبه .. فخرج إليهم عليه السلام .. وقال لهم :

من تريدون ؟

قالوا : يسوع .. وقد خفى شخصه عنهم .. ففعل ذلك مرتين ( يوحنا 18 : 4 – 8 ) .. وهم ينكرون صورته .. وما ذلك إلا ((( دليل الشبه ))) .. ورفع المسيح عليه السلام .. لا سيما وقد حكى بعض منكم أن المسيح أعطى قوة التحول من صورة إلى صورة .

قال " متى " في إنجيله ( 26 : 31 – 34 ) :

" بينما التلاميذ يأكلون طعاماً مع يسوع قال :


كلكم تشكون في هذه الليلة .. فانه مكتوب أني أضرب الراعي فتفترق الغنم .. قال بطرس :

فلو شك جميعهم ما أشك أنا .. فقال يسوع : الحق أقول لك :

انك في هذه الليلة تنكرني قبل أن يصيح الديك ."

فقد شهد عليهم بالشك .. بل على خيارهم ( بطرس ) .. فانه خليفته عليهم .. فقد انخرم حينئذ الوثوق بأقوالكم .. وجزم بالقاء الشبه على غير المسيح عليه السلام .

وصح قول الحق سبحانه وتعالى :

" وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ( 157 ) . " سورة النساء.

ومن هنا نعلم أن هذه الأناجيل ليست قاطعة في صلبه .. بل فيها اختلافات وشكوك كثيرة .. كما قدمت لكم .. وان أردتم أن أزيدكم توضيحاً .. تذكروا ما فعله " يهوذا " ويحتمل أن يكون قد كذب في قوله لليهود ويدل على وقوع ذلك منه . ظهور الندم منه بعد ذلك ..

وقول المسيح :

يا صديق .. ويا صاحب ! لم أقبلت ؟

ولو كان مصرا على الفساد ما سماه صديقاً .. ثم لا تنسى أن الإنجيل شهد أن المسيح عليه السلام .. شهد للتلاميذ الاثنى عشر بالسعادة ( متى 19 : 28 ) .. وشهادته حق ..ولا شك أن السعيد لا يتم منه الفساد العظيم .. إذا شرع فيه .. ويهوذا أحد الاثنى عشر السعيد لا يتم منه الفساد العظيم .. إذا شعر فيه .. ويهوذا احد الاثنى عشر ...

فيلزم :

أما أن يكون يهوذا لم يدل عليه ..

أو يكون المسيح عليه السلام ما نطق بالصدق ..

أو يكون كتابكم قد تحرف وبدل ..

فاختاروا لكم واحدة من هذه الثلاث ..





وللحديث بقية ...




اخوكم / الاثرم

التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 09-26-2021 الساعة 08:23 PM
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس