الموضوع: معجزة القرآن ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2022, 09:07 PM   #13
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 352
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


نأتي بعد ذلك إلى إعجاز آخر في القرآن .. انك إذا قرأت أي كلام منثور .. ثم جاء الكاتب فاستشهد ببيت من الشعر .. تشعر ساعة ينتقل الكاتب أو المتكلم من النثر إلى اشعر .. أنك انتقلت من طبيعة كلام إلى كلام آخر .. ثم تترك بيت الشعر وتعود إلى النثر فتعرف أيضاً أنك انتقلت من كلام إلى كلام آخر ... نأتي إلى رسالة ابن زيدون التي تعتبر القمة في ذلك الوقت .. ومع اليوم عد .. ولكل أجل كتاب له .. الحمد لله على احتماله .. ولا تحسب عليه في افتعاله ..

فان يك فعله الذي ساء واحداً ....... فأفعاله الائي سررن ألوف ...


وهنا نلتفت فنجد أننا انتقلنا من النثر إلى الشعر في كلام في غاية الانسجام .. ولكننا نعرف الفرق ..

ناتي إلى القرآن الكريم ... كلام الله .. نقرأ فيه :

" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52). سورة الحجر .


أنت قرأت هذا النص القرآني ولم تشعر أنك قد انتقلت من النثر إلى الشعر إلى النثر مرة أخرى دون أن تدري .. أي أنك انتقلت من شيء منثور إلى شيء منظوم .. ثم من شيء منطوم إلى شيء منثور .. وأتحدى أن يأتي بها انسان عندما نتظر إلى الكلام الذي قيل " نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50)." ما جنى بارقات مستفعل فاعلات .. بيت من الشعر .. ومع ذلك ما أحست أذني أنني انتقلت من النثر إلى الشعر .. وأنني انتقلت بعده من كلام منظوم إلى كلام منثور ..


ومثال ذلك تجده في كثير من آيات القرآن الكريم .. امرأة العزيز عندما جمعت النسوة :

" وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ,, فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ,, قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ .. وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ ,, " سورة يوسف


قول الله سبحانه وتعالى " فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ " مستفعل فاعل .. مستفعل فاعل .. هل شعرت أنك انتقلت من كلام منثور .. وكذلك قول الله سبحانه وتعالى : " فمن شاء فليؤمن .. ومن شاء فليكفر " مفاعيل ... مفاعيل ... مفاعيل .... " والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " ..


في كل هذه الآيات لم تشعر أنك انتقلت من شعر إلى نثر .. لأنه توجد هناك فجوة كلامية .. والقرآن نظم فريد ... لا تستطيع أن تقول انه نثر ولا شعر ولا سجع ... وانما هو كلام فريد يتناسب مع قول القائل سبحانه وتعالى ...


إذن فبلاغة القرآن في مطابقته للحال .. حال جميع المخاطبين .. وبلاغته في الانتقال من الشعر إلى النثر ومن النثر إلى الشعر دون أن تحس .. وبلاغته في تحريك النفس البشرية .. كل نفس بشرية .. وبلاغته في أن الله تحدى أساطين البلاغة بل تحدى الإنس والجن في أن يأتوا بصورة من مثله .. فعجزا وأمام هذا العجز لم يستطيعوا المواجهة التي يريدون أن يقوموا بها ضد الدين الجديد .. لم يستطيعوا أن يحولوا هذه المواجهة إلى ذات المعجزة وهي القرآن الكريم .. لأن التحدي كان أقوى منهم جميعاً .. فإا بهم يصبون ذلك إلى من جاءت على يديه المعجزة وهو محمد صلى الله عليه وسلم .. قالوا

" لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) . " سورة الزخرف

وهنا مربط الفرس _ الحقد والغيرة لم يستطيعا أن يواجها القرآن .. فقالوا لماذا اختار الله محمد لينزل عليه القرآن ... كأنما آفة القرآن أنه نزل على محمد عليه السلام .. وليست آفته أنه صراع بين حق ينادي به القرآن .. وباطل هم مقيمون عليه ..

والذي يقيم على الباطل يريد للباطل أن يستمر ... لأن الباطل هو الذي يعطيه القوة والقدرة والسيادة .. وهو يريد لهذا الباطل أن يبقى لتبقى له السيادة ... فيأتي الحق ... ويغلبه .. ويحس أن ملكه سيزول فيقول :


" للَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء (32) ." سورة الأنفال .


اذن فهو يريد العزة مع الباطل .. أما إذا كان زوال الملك سيأتي مع الحق فهو لا يريده .. ويطالب الله .. أو يطلب من الله أن يمطر عليه حجارة من السماء .. اذن فهو يكره الحق لذاته .. لأنه سيسلبه سلطانه وقوته .. ويريد ذلك للباطل أن يستمر .. ليبقى سيداً .. ولو بغير الحق .. ثم يقول الكفار بعد ذلك :

" ِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا .. (57 ) ". سورة القصص .

إذن المانع من الإيمان ليس أنه غير الحق .. لكن المانع له أنه سيزيل عنكم السيادة التي أعطاها لكم الباطل .. وسيتجرأ عليكم الناس وتتخطفون من أرضكم .. وكان هذا هو العناد .. بعد أن فشلوا في تحدي معجزة القرآن اللغوية .. والرد عليها ..


وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم

AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس