عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2021, 09:05 PM   #7
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 351
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


المواجهة .. بالمعجزة ..

وحين اطمأنت مريم عليها السلام إلى أن الله سبحانه وتعالى سيرسل معها الدليل المادي الذي لا يحمل الشك على صدقها .. اطمأن قلبها .. وحملت ابنها وذهبت إلى قومها .. ويقول القرآن الكريم :

" فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} ( سورة مريم ) .

وهكذا نجد أن المواجهة التي توقعتها مريم قد حدثت .. وأن بني إسرائيل قد واجهوا مريم بالسوء قبل أن يسمعوا منها كلمة واحدة .. وهم كقوم ماديين عبدوا الأسباب .. لم ينتظروا حتى تتكلم مريم لتروي لهم ما حدث وهو المنطق الطبيعي في هذه الأشياء .. فقد كان من الممكن أن يسألوها عن هذا الطفل .. ربما ليس طفلها .. ربما وجدته في مكان يواجه خطراً فجاءت به .. وربما ماتت أمه وهي تلده فحملته مريم إلى قومها .. ولكن كل هذه الافتراضات التي تحتم الأخذ بحسن النية أولا لم ترد على خاطر بني إسرائيل .. بل افترضوا السوء من أول وهلة وأخذوا يعيرونها وأنها ارتكبت إثماً كبيراً ويذكرونها بطيب أصلها وصلاح أبويها وأخيها هارون .. وكيف أن هذا السلاح والتقوى كان يجب أن ينتقل إليها .. وأن تكون هي قدوة سلوكية حسنة .. واتهموا قبل أن يسألوا وقبل أن يعرفوا الحقيقة .. وفي هذا يبن لنا القرآن الكريم سوء أخلاقيات بني اسرائيل وإسراعهم إلى الظن بالسوء والافتراء في الاتهام .. وكيف أنهم وقد عصوا الله وقتلوا أنبيائهم .. إنما ذلك عن خلق سيء لا يعرف للعمل الطيب مكاناً .

حينئذ ماذا فعلت مريم .. أشارت إلى عيسى عليه السلام وهي تحمله فبهت القوم لأنهم لم يتوقعوا منها ذلك .. كانوا يتوقعون أن تتحدث هي معهم .. أو أن تقول لهم شيئاً يبرئها .. أو تحاول تبرير ما حدث .. ذلك كان ظنهم ولكنهم فوجئوا بها وهي تشير إلى الطفل الصغير .. ولم يفهموا لأن طلاقة القدرة غابت عنهم وهم لا يتعاملون إلا بالأسباب .. فأبدوا عجبهم مما فعلته مريم فقالوا :

" كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29}

أي يا مريم أنت تستخفين بعقولنا فهذا طفل صغير عمره ساعات .. أو يوم أو بعض يوم .. فكيف تطلبين منا أن نتحدث معه .. وهل ينطق مثل هذا الطفل .. إن الأسباب كلها تقول لا .. أنه عاجز عن النطق ..

ولكن الله سبحانه وتعالى أنطق عيسى بن مريم .. أنطقه وهو طفل صغير .. أنطقه ليثبت لهم طلاقة القدرة .. وأن الله سبحانه وتعالى الذي لا يجعل طفلاً ينطق إلا بعد عام أو أكثر من عام من عمره .. يستطيع أن يجعل طفلاً عمره يوم أو أكثر بعض يوم أن يتحدث .. ولا يجعله يتحدث حديث الأطفال .. بل يجعله يتحدث حديث الرجال راجحي العقل والمنطق .. وأن يناقش ويرد بالحجة عليهم .. وأن يكلمهم وكأنه قد بلغ مبلغ الرجولة .. وعقل كل شيء ..


وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس