الموضوع: معجزة القرآن ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-13-2023, 08:25 PM   #16
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 352
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اختلاف الصبر ..

أنتقل بعد ذلك إلى مثل آخر لنعرف مدى بلاغة القرآن في اختيار اللفظ الذي يناسب المعنى تماماً .. وليس فيه تجاوز ولا مترادفات .. يقول الله سبحانه وتعالى على لسان لقمان وهو يوصي ابنه :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ". سورة لقمان

.. ثم نجد في أية ثانية ..

" وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) ". سورة الشورى

زادت هنا اللام .. أي انسان يقول ان زيادة اللام هنا للتأكيد .. كلمة مترادفة .. لا يتوقف عندها كثيراً .. ولكن المسلم حين يدقق في معني القرآن الكريم .. يجد أن كل حرف في القرآن الكريم .. قد تم وضعه بحكمة بالغة .. وأنهن لا شيء اسمه مترادفات .. وانما لكل لفظ معنى يؤديه .. ولا يؤديه اللفظ الآخر .. رغم التشابه .. فإذا دققنا في المعنى نجد ما يلي :

في الآية الأولى يقول الله سبحانه وتعالى :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ".

والأمر الذي يصيب الإنسان نوعان نوع للإنسان فيه غريم .. ونوع لا يوجد فيه غريم .. عندما أمرض ليس لي غريم .. وإذا أصابني مكروه بقضاء وقدر .. كأن أكون سائراً في الطريق فيسقط شيء فوقي ليس هناك غريم .. إنما عندما أسير في الشاعر ويعتدي على انسان بالضرب .. أذن هناك غريم ..

فهناك نوعان من الصبر .. صبر النفس فيما ليس لي فيه غريم .. وهذا هين لأنه ليس هناك انسان أنفعل عليه .. لا أملك أن أرد على شيء قد حدث لي ... ما حدث هو قضاء الله .. وأنا ليس أمامي إلا الصبر .. هذا نوع من الصبر لا يحتاج إلى طاقة كبير ليمارسه الإنسان .. لأنه ليس هناك غريم أستطيع أن أرد له ما أصابني ..

والنوع الثاني من الصبر .. محتاج إلى جلد أكبر .. ومحتاج إلى قوة إرادة .. وهذا النوع هو الذي يوجد لي فيه غريم أستطيع أن أنتقم منه .. وأستطيع أن أصفح وأغفر .. اذن عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الصبر بنوعيه .. يعطي لكل نوع ما يستحقه من وصف للنفس البشرية .. فهو عندما يتحدث عن الصبر على شيء ليس لي .. فيه غريم .. يقول الله :

" وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ". سورة لقمان

وعندما يتحدث عن الصبر الذي لي فيه غريم بحيث أستطيع أن أنتقم .. وأكون منفعلاً إذا لم أنتقم .. يقول الله سبحانه وتعالى :

" إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) ". سورة الشورى

هنا اللام للتأكيد في نوع الصبر .. وما يحتاجه من جلد وضبط للنفس .. ففي الحالة الأولى حينما لا تستطيع أن تعاقب بمثل ما عوقبت به .. يكون الصبر من عزم الأمور .. ولكن في الحالة الثانية فأنك تستطيع أن تنتقم من غريمك .. ولذلك قال الله تعالى :

" وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ (43) ". سورة الشورى

وهنا يظهر من كلمة غفر .. أن هناك غريماً يمكن الانتقام منه .. وان هذا الغريم قد غفر الانسان له .. ومن هنا لا بد أن تأتي اللام للتأكيد .. لتؤكد المعنى .. وتؤكد الفرق بين عزم الأمور في الحالة الأولى .. وعزم الأمور في الحالة الثانية .. وهكذا نرى أن حرفاً واحداً في القرآن الكريم يصنع معجزة ..

وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس