الموضوع: معجزة القرآن ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-2022, 10:06 PM   #12
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 352
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



قالوا ساحر .... وقالوا مفترى ..

إذا وصلنا إلى ذلك .. نكون قد تحدثنا عن أول شروط البلاغة .. وهو مطابقة الكلام لمقتضى الحال .. ونجد أن القرآن في هذه الناحية قد تخطى كل شروط البلاغة في أنه مطابق لكل أحوال البشر ... على اختلاق ظروفهم .. ولذلك تحير الكفار في هذا الإعجاز في مخاطبة البشر جميعاً .. وفي هذا الإعجاز الذي تهتز له قلوب كل من يسمعه ويفهمه ..

فقالوا ساحر .. سحر الناس بكلامه .. لأنه لا يمكن لبشر عادي أياً كان أي يأتي بكلام يطابق كل الأحوال ... ولو أخذنا أبلغ بلغاء العصر .. وقلت له أنظم قصيدة .. أو أعد كلاماً لتلقيه أمام مجموعة من المتبحرين في العلم .. وفي نفس الوقت يقوله أمام مجموعة من غير المتعلمين .. ويكون الكلام مطابقاً لمقتضى الحال .. ولا أن يعد قصيدة يمدح بها أميراً .. ثم يقول نفس القصيدة في خادم الأمير .. ويكون الكلام مطابقاً لمقتضى الحال ..

ولكنهم وجدوا أن القرآن يخاطب المتعلم وغير المتعلم .. والعبد والسيد .. والرجل العادي والحاكم .. ومن هنا كانت المطابقة معجزة .. فقالوا ساحر .. فليأتوا بسحر مثله .. ثم هل للمسحور خيار أو إرادة مع الساحر ..

إذا كان محمد عليه السلام قد سحر من آمن به .. فلماذا لم يسحركم أنتم .. أن بقاءكم على الكفر ومحاربة الدين .. دليل على أنه ليس ساحراً .. وإلا لو كان ساحراً لكان قد سحركم جميعاً .. ولم يسلب بعض الناس إرادتهم .. ويترك البعض الآخر على إرادته ..

ثم انتقلوا إلى نقطة أخرى .. قالوا مفتري .. نقول لهم ما دمتم قد فهمتم أنه مفتري .. فافتروا أنتم إن كنت تستطيعون .. بل إنكم أنتم أيها الكفار أقدر منه على الافتراء .. فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له دراية بفن الكلام .. والخطب والشعر والأدب .. بل أنه لا يقرأ ولا يكتب .. ولا يقول الشعر .. أما أنتم فأساتذة الكلام والبلاغة .. فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرف القراءة ولا الكتابة .. ولم يقل شعراً أو أدباً .. قد قال هذا الكلام .. وأنتم تقولون أنه مفتري .. فوسائل الافتراء تملكون أسبابها أكثر من محمد عليه الصلاة والسلام .. عندكم الشعراء والأدباء .. فافتروا مثله .. وأداة الافتراء موجودة تستطيعون أن تستغلوها ..

ولقد أراد القرآن أن يرد على هذا الإعجاز .. فقال الله سبحانه وتعالى في سورة الحاقة :

" وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)."

حتى الرد فيه إعجاز ... فالشعر مفهوم .. انه من كلام موزون مقفى يعرفه الناس جميعاً .. ومن هنا فكونكم تقولون أن هذا شعر .. فهذا دليل على أنكم تكفرون ... لماذا ؟.. لأنكم تعرفون الشعر معرفة جيدة .. وهذا ليس شعراً بأوزانه وقوافيه .. ولذلك عندما تقولون أيها الكفار أنه قول شاعر ..وما تقولونه ليس عن جهل .. ولكن عن كفر بالله سبحانه وتعالى لأنكم تعرفون الشعر جيداً ..

ثم قال الله سبحانه وتعالى ...وأنما تقولون أنه قول كاهن .. فهنا استخدم الله سبحانه وتعالى كلمة تذكرون .. أي أنكم في قولكم أنه قول كاهن .. وقول الكاهن كلام فيه سجع . . ويمكن أن يختلط .. ولكن قول الكاهن لا يمكن أن يخاطب كل الملكيات .. ولا يمكن أن يكون فيه كل هذا الاعجاز .. كما أن الكاهن يفضحه طول الوقت .. والزمن .. ومن هنا فانه كبشر ينسى ويأتي بعكس ما قاله نتيجة لمرور الوقت والزمن .. ولذلك عندما رد الله سبحانه وتعالى على قولهم انه كاهن .. كان الرد بكلمة تتذكرون .. لأنه من الواضح أن هذا ليس شعراً .. ومن هنا فانه يمكن ان يختلط بكلام الكهان ..

والفرق بين النثر والشعر في هذه الحالة هو أولا الإعجاز في مخاطبة ملكات النفس البشرية .. وثانيا طول الزمن الذي يجعل الكاهن ينسى ما قال .. ومن هنا قال الله سبحانه وتعالى :

" أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ " .

لأن البشر معرضون أن ينسوا ما يقولون .. فاستخدم كلمة تتذكرون .. ولم يستخدم كلمة يكفرون .. او الكفر .. التي استخدمها في الحالة الأولى عندما قالوا شاعر .. لأن الشعر له قواعد معروفه .



وللحديث بقية ..

اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس