عرض مشاركة واحدة
قديم 07-19-2016, 12:26 AM   #14
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 351
افتراضي

: ماذا تقرأ ؟ ....

ولم أتحدث إليها .. بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُقلت عنها ...

سادت الصمت وقتاً ليس بالقصير .. ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام .. واستمر الصمت ..

وبعد أن تجوَّلتُ في الطائرة قليلاً رجعت إلى مقعدي .. وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلةً :

ما كنت أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة !..

قلت لها :

لا أدري ما معنى القسوة عندكِ .. أنا لم أزد على أن وجهت أسئلةً أتوقع أن أسمع منك إجابةً عنها ... ألم تقولي إنك واثقة بنفسك ثقةً كبيرة ؟

فلماذا تزعجك أسئلتي ؟

قالت :

أشعر أنك تحتقرني .. قلت لها .. من أين جاءك هذا الشعور ؟ .. قالت : لا أدري

قلت لها :

ولكنني أدري ... لقد أنطلق هذا الشعور من أعماق نفسك .. إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ .. أنت تعيشين ما يمكن أن أسمّيه بالازدواجية .. أنت تعيشين التأرجح بين حالتين ...

وقاطعتني بحدّة قائلة :

هل أنا مريضة نفسياً ؟ .. ما هذا إلذي تقول ؟ !!!!!!!

قلت لها :

أرجو ألاّ تغضبي .. دعيني أكمل .. أنت تعانين من ازدواجيةٍ مؤذية .. أنتٍ مهزومة من الداخل .. لا شك عندي في لك .. وعندي أدلًة لا تستطيعين إنكارها .

قالت مذعورةً : ما هي ؟

قلت : تقولين إنك مسلمة .. والإسلام قول وعمل ، وقد ذكرت لك في أول حوارنا أن من أهم أسس الإسلام "الانقياد لله بالطاعة

" فهل أنت منقادة لله بالطاعة ؟

وسكتُّ لحظةً لأتيح لها التعليق على كلامي .. ولكنها سكتتْ ولم تنطق ببنتِ شفةٍ _ كما يقولون _ وفهمت أنها تريد أن تسمع .. قلت لها :

هذه العباءة .. وهذا الحجاب اللذان حُشرا _ مظلومَيْن _ في هذا الحقيبة الصغيرة دليل على ما أقول ...

قالت بغضب واضح :

هذه أشكال وأنت لا تهتم إلا بالشكل المهم الجوهر ..

قلت لها أين الجوهر ؟

ها أنت قد اضطربت في معرفة مدلولات كلمة " الإسلام " الذي تؤمنين به .. ثم إن للمظهر علاقة قوية بالجوهر .. إن أحدهما يدلُّ على الآخر . وإذا اضطربت العلاقة بين المظهر والجوهر .. اضطربت حياة الإنسان ..


قالت :

هل يعني كلامك هذا أنَّ كل من تلبس عباءةً وتضع على وجهها حجاباً صالحة نقية الجوهر ؟

قلت لها :

كلا ، لم أقصد هذا أبداً ، ولكنَّ من تلبس العباءة والحجاب تحقّق مطلباً شرعياً ... فإن انسجم باطنها مع ظاهرها ... كانت مسلمة حقّة .. وإن حصل العكس وقع الاضطراب في شخصيتها .. فكان نزعُ هذا الحجاب _ عندما تحين لها الفرصة هيِّناً ميسوراً .. إن الجوهر هو المهم ... وأذكرك الآن بتلك العبارة التي نقلتها الصحيفة عن تلك المرأة الكشميرية المسلمة .. ألم تقل :


إن الموت أهون علينا من نزع حجابها ؟؟...

لماذا كان الموت أهون ؟؟؟؟؟؟؟؟

لأنها آمنت بالله إيماناً جعلها تنقاد له بالطاعة فتحقق معنى الإسلام تحقيقاً ينسجم فيه جوهرها مع مظهرها ... وهذا هو الانسجام هو إلي يجعل المسلم يحقق معنى قول الرسول عليه الصلاة والسلام :

"والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " .

إنَّ لبس العباءة والحجاب _ عندك _ لا يتجاوز حدود العادة والتقليد .. ولهذا كان حيَناً عليك أن تنزعيهما عنك دون تردُّد حينما ابتعدت بك الطائرة عن أجواء بلدك الذي استقيت منه العادات والتقليد ... أما لو كان لبسك للحجاب منطلقاً من إيمانك بالله .. واعتقادك أن هذا أمر شرعي لا يفرّق بين مجتمع ومجتمع ، ولا بلدٍ وبلدٍ لما كان هيًناً عليك إلى هذه الدرجة .

الازدواجية في الشخصية _ يا عزيزتي _ هي المشكلة ... أتدرين ما سبب هذه الازدواجية ؟

فظننت أنها ستجيب ولكنها كانت صامتةً ، وكأنها تنتظر أن أجيب أنا عن هذا السؤال ...

قلت :

سبب هذه الازدواجية الاستسلام للعادات والتقاليد ... وعدم مراعاة أوامر الشرع ونواهيه .. أنها تعني ضعف الرقابة الداخلية عند الإنسان .. ولهذا فإن من أسوأ نتائجها الانهزامية حيث ينهزم المسلم من الداخل .. فإذا انهزم تمكن منه هوى النفس ، وتلاعب به الشيطان .. وظلّ كذلك حتى تنقلب في ذهنه الموازين ..

لم تقل شيئاً .. بل لاذت بصمت عميق .. ثم حملت حقيبتها واتجهت إلى مؤخرة الطائرة ... وسألت نفسي تراها ضاقت ذرعاً بما قلت .. وتراني وُفَّقت فيما عرضت عليها ؟ لم أكن _ في حقيقة الأمر _ أعرف مدى التأثر بما قلت سلباً أو إيجاباً .. ولكنني كنت متأكداً من أنني قد كتمت مشاعر الغضب التي كنت أشعر بها حينما توجه إليّ بعض العبارات الجارحة .. ودعوت لها بالهداية ، ولنفسي بالمغفرة والثبات على الحق .

وعادت إلى مقعدها .. وكانت المفاجأة

التعديل الأخير تم بواسطة AL-ATHRAM ; 07-19-2016 الساعة 12:28 AM
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس