عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2022, 09:28 PM   #86
AL-ATHRAM
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 353
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله في سورة البقرة :

" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {260} )

ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام مؤمن بقدرة الله تعالى .. لكنه يريد أن يعرف الكيفية ..

إن ابراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكن شاكاً .. لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: " نحن أحق بالشك من ابراهيم اذ قال : ربِ أرنِي كيفَ تُحيِ الموتى قال أَولمْ تُؤمِن ، قال بلى ولكن ليطمئنَّ "

ونحن المسلمين لم نشك في هذا الامر .. .. اذن .. فإبراهيم عليه السلام لم يشك من باب أولى .. بدليل منطق الآية السابقة ..

فإن ابراهيم عليه السلام يسأل ربه (( أرني كيفَ تُحِي الموتى )) ؟ أي إنه يطلب الحال التي تقع عليها عملية الإحياء ..

إن ابراهيم عليه السلام لا يتكلم في القدرة على الإحياء ..

ولنضرب هذا المثل في حياتنا .. ولله المثل الأعلى من قبل ومن بعد .. والمثل لتقريب المسألة من العقول .. لأن الله منزه عن أي تشبيه :

إن أَحَدُنا يقول للمهندس المعماري : كيف بنيت هذا البيت ؟

إن صاحب السؤال يشير إلى حدث وإلى محدَث هو البيت وقد تم بناؤه .. إن صاحب السؤال يريد أن يعرف الكيفية
.. ولنا أن نسأل : وهل معرفة الكيفية تدخل في عقيدة الإيمان ؟ إن الإجابة هي : أن معرفة الكيفية لا تدخل في عقيدة الإيمان .. إنها ترف زائد عن عقيدة الإيمان ..

إن عقيدة الايمان هي أن يعلم المؤمن أن الله يحي الموتى .. أما كيف يحي الموتى ؟ فلا مدخل لها في قضية الايمان . ...

إن الله سبحانه يعلم أن ابراهيم عليه السلام مؤمن تمام الإيمان ولكنه يسأل عن الكيفية .. والكيفية لا يمكن أن يتم شرحها بكلام إنما يتم شرحها بعملية واقعية .. إن الله سبحانه يأمر ابراهيم عليه الصلاة والسلام أن يأخذ اربعة من الطير الحيّ ويضمهن إلى صدره ليتأكد من ذوات الطير .. حتى لا يقول إن الله سبحانه ربما أحضر إليه طيرّاً آخر..

إذن ابراهيم عليه الصلاة والسلام مؤمن إيمان الاتسدلال .. والمطلوب له الكيفية .. لأنه يجهل الحالة التي عليها كيفية الإحياء ..

وعندما خص الله موسى عليه الصلاة والسلام بميزة الكلام حدث عند موسى استشراق وقال ما دام الله قد كلمني فلأطلب منه فضلاً آخر .. هو أن اراه .. وعادة فإن الأنس والاستشراق بالله محبب إلى النفس المؤمنة .. أراد موسى عليه الصلاة والسلام أن يزداد أنساً بربه فقال :

" ربِ أرني أنظُرْ إليكَ (143) " سورة الاعراف آية .

ولكن موسى عليه السلام لم يقل رب أرني ذاتك .. لأنه يعرف أنه بطبيعة تكوينه البشري لا يستطيع أن يرى الله .. ولكنه يعلم أيضاً أن الله تعالى الذي خلق االقوانين يستطيع أن يغيرها ويبدلها متى أراد .. وما دام موسى عليه الصلاة والسلام ببشريته ليس معداً لهذه الرؤية .. فقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يراه .. أي يغير طبيعة خلق موسى كإنسان لكي يرى .. والمهم أن الله تعالى هو الذي سيفعل .. ولكن المخلوق في الدنيا لا يحتمل في تكوينه أن يرى الخالق .... الخ .

الدليل على أن طبيعة موسى البشرية لا تتحمل رؤية الله سبحانه وتعالى : يقول الله في سورة الأعراف :

" وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ {143}."

لماذا قال الله تعالى (( انظر إلى الجبل )) لأن الجبل مفروض فيه الصلابة والقوة والثبات والتماسك .. والجبل بحكم الواقع وبحكم العقل .. أقوى من الإنسان وأصلب منه ملايين المرات .. والله سبحانه وتعالى يقول لموسى : انظرالى الجبل الصلب القوي المنيع .. فإن بقى مكانه فإنك ستراني .. وهنا يريد الله سبحانه وتعالى أن يبين لموسى استحالة أن يتحمل من هو أقوى منه ملايين المرات رؤية الله سبحانه وتعالى : فكيف يتحملها موسى ؟ ........ بعدها ..

" خرّ موسى صقعاً " ... .. " فلما أفاق قال سُبحانكَ تُبتُ إليكَ وأنا أول المؤمنين "

اي انه نزه الله سبحانه ..... بل وقال ( تُبتُ إليك ) وأن المسألة اقتضت توبته وموسى تاب إلى الله لأنه سأل الله ما ليس له به علم ..ولم يقف عند الحدود البشرية .. بل أراد أن يتجاوزها إلى التجليات المخالفة لقوانين الكون .. وكان الموقف بين يديّ الله يقتضي ألا يسأل موسى .. وأن ينتظر عطاء الله .. والله كلم موسى دون أن يطلب موسى ذلك .. ولكن موسى عليه الصلاة والسلام حباً في الله أراد أكثر وأكثر .. ونسى قدراته البشرية .. ولما أحس بما حدث اتجه إلى الله يطلب التوبه .. وقال : يا ربي أنا لم أصنع ذلك عن قلة ايمان .. فإن ذاتك العلية لا يقدر مخلوق أن يراها أو يدركها .. ولكني فعلت ذلك لفرط حبي لك .. وشغفي بك .. أنا أول المؤمنين .. إنك لا تدركك الابصار ..

وللحديث بقية ..

أخوكم : الاثرم
AL-ATHRAM غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس