سماحة الشيخ عباس الموسى ودعاء غير الله
قرأت مقالا جميلاً لسماحة الشيخ عباس الموسى بعنوان :
" وقفة مع الحق أحق أن يتبع "
قال فيه :
( قد نبهنا أئمة أهل البيت إلى ذلك ؛ بأن نتوجه إلى الله لقضاء حوائجنا وطلب رزقنا وغير ذلك ، ومن لم يتوجه إلى الله فإلى الخسران المبين ، وأبلغ ما ورد في ذلك ما جاء عن الإمام الصادق أنه قال :
" أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول: وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل [ [من الناس ] غيري باليأس ، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي
ولأبعدنه من فضلي " .
فالإمام الرضا يقول :
(لك الخلق ومنك الرزق )
فالرزق من الله لا من الأئمة وقال أيضا :
(ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم من
النصارى)
فالإمام يتبرأ ممن يدعي أنهم يرزقون ونحن - بعض الشيعة - نصر على أنهم يرزقون ، سبحان الله !
ودعا في نهاية دعائه بأن لا يبقي أحداً ممن يدعي أنهم يرزقون بقوله :
" ولا تدع على الأرض منهم دياراً، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا "
وأكد في دعائه أنهم - أهل البيت - لم يدعوا شيعتهم وأتباعهم ولا غيرهم إلى ما يزعمون فيهم .
وجاء في دعاء الجوشن الكبير ما يؤكد أن الله هو الرزاق الوحيد كما في المقطع «ظ©ظ*» :
( يا من لا يعلم الغيب إلا هو ، يا من لا يصرف السوء إلا هو ، يا من لا يخلق الخلق إلا هو ، يا من لا يغفر الذنب إلا هو ، يا من لا يتم النعمة إلا هو ، يا من لا يقلب القلوب إلا هو ، يا من لا يدبر الأمر إلا هو ، يا من لا ينزل الغيث إلا هو ، يا من لا يبسط الرزق إلا هو ، يا من لا يحيي الموتى إلا هو ).
وعلى هذا فكيف يصح أن نقول - مثلًا - :
« يا علي ارزقني أو أغنني »
وأئمة أهل البيت يرفضون هذا وينهون عنه ويكذبون من يقول به ويتهمونه بالغلو . إنها لمفارقة عجيبة أن يرفض أئمة أهل البيت أن يقال عنهم أنهم يرزقوا العباد بطريقة أو بأخرى ، بينما شيعتهم يدعون أنهم يرزقون ؟؟!!
ومع هذا التراث الذي يوجهنا نحو الله لا نرى من العلماء - ليس كلهم طبعًا - من يوجهنا نفس التوجيه ، بل على العكس فقد صُب اهتمامنا بأهل بيت العصمة ونسينا ربهم وخالقهم ..
لذا فإننا نقول :
(( يا علي ارزقني )) ..
ولا نقول :
(( يا ألله ارزقني )) ..
لذا فإننا ننتخي بأهل البيت ولا ننتخي بالله .. ندعو أهل البيت ولا ندعو الله .. نطلب الحاجات من أهل البيت :
(( يا أم البنين ساعديني )) ..
ولا نقول :
(( يا ألله ساعدني )) ..
نطلب الشفاء من أهل البيت :
(( يا فاطمة شافيني )) ..
ولا نقول :
(( يا ألله شافني )) ..
إذا أصابتنا مصيبة يتعلق قلبنا بأهل البيت ولا يتعلق قلبنا بالله سبحانه وتعالى ..
أنلتجئ إلى الفرع وننسى الأصل ؟!
فالأصل هو الله جل جلاله والفرع هم أهل البيت .
" وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( 19 ) . "
من نؤمل ؟ .. وممن نطلب الرزق ؟ .. ومن ندعو لحاجاتنا وكشف مصائبنا ؟
أغير الله كل ذلك ! إذا كان ذلك كنا - كما في الرواية الشريفة - من القانطين اليائسين المبعدين من قربه تعالى ، ولن يستجاب لنا أي دعاء . وهذه المصيبة العظمى والطامة الكبرى
من علمنا هذا ؟ هل هو :
" بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ( 22 ) الزخرف . "
كلا . وإنما هناك من غرس هذه المفاهيم في أذهاننا ، أهي الكتب ؟ أهم العلماء ؟ أهم أمهاتنا وآباؤنا ؟
هناك من يعبئ الناس بهذا.
كما أن علماء ورواة الحديث في مدرسة قم -القديمة طبعًا - وقفوا في أوائل القرن الثالث الهجري أمام أفكار المفوضة موقفاً حازماً ، والمطلع على هذه الحقبة من تاريخ قم يعرف ذلك ، إذ حاولوا بكل قوة التصدي للتيار الجارف - الغلاة - بأدبياته التي انتشرت آنذاك ، وقرروا وصم كل من ينسب للأئمة أموراً فوق مستوى البشر بـ « الغلاة » ومن ثم إخراجهم من مدينتهم ( مقال بعنوان: (وقفة مع الحق أحق أن يتبع)
|