مشاهدة النسخة كاملة : أسئلة ذا شقين يدور الأول منها حول الديانة المسيحية ويدور الثاني حول الديانة الإسلامية
AL-ATHRAM
01-17-2020, 11:06 PM
https://mrkzgulfup.com/uploads/157912258990081.jpg (https://mrkzgulfup.com/)مركز الخليج (https://mrkzgulfup.com/)
https://mrkzgulfup.com/uploads/157912258998342.jpg (https://mrkzgulfup.com/)مركز الخليج (https://mrkzgulfup.com/)
https://b.top4top.io/p_14777z4d32.png (https://top4top.io/)
https://a.top4top.io/p_1477prgej1.png (https://top4top.io/)
هذه أسئلة ذا شقين .. يدور الأول منها حول الديانة المسيحية .. ويدور الثاني حول الديانة الإسلامية وهذه هي الأسئلة الديانة المسيحية:
** الديانة المسيحية ..
1- هل يؤيد القرآن المسيح والإنجيل ؟
2- النسخ والتحريف في الإنجيل كيف تم كما يزعم المسلمون ؟ .. وهل يحتفظ المسلمون بأصل الإنجيل ؟
3- الخمر محرم في القرآن ولكنه غير محرم في الإنجيل فكيف تفسرون ذلك ؟ .. وهل هناك آية في القرآن الكريم تحرم الخمر ؟
4- هل يؤمن المسلمون برسل المسيح الذين اختارهم وأوكل إليهم مهمة التبشير لجميع الأمم كما ذكر في الإنجيل ؟
5- هل يؤيد القرآن الكريم الروح القدس ؟
6- حسب ما جاء في الإنجيل أن المسيح عليه الصلاة والسلام صلب ومات ودفن ثم قام من بين الأموات في اليوم الثالث .. فماذا جاء في القرآن فيما يختص بهذا القول ؟
7- ورد في الإنجيل أن المسيح ابن الله .. فما رأي القرآن الكريم ؟
8- هل يؤد القرآن الكريم الأقانيم الثلاثة .. الآب والابن والروح القدس حسب ما جاء في الإنجيل ؟
9- ما هي مكانة مريم العذراء لدى المسلمين كأم المسيح عليه الصلاة والسلام ؟
** الدين الإسلامي ..
1- محمد صلى الله عليه وسلم كيف كانت حياته ونزول القرآن عليه ؟
2- كيف نقنع المشككين بأنه خاتم الأنبياء كما جاء في القرآن الكريم فقط ؟
3- هل استعمل السيف في فجر الإسلام لإخضاع الكفار للدخول في الإسلام ؟ .. وهل كان ذلك في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أم في عهد الخلفاء الراشدين ؟
4- ما رأي المسلمين في إخوتهم العلماء الذي قاموا بتفسير القرآن حسب آرائهم مما أدي في ذلك إلى تكوين طوائف مختلفة .. وما حقيقة هذه الطوائف ؟
5- يتزوج المسلمون بأكثر من امرأة .. فهل هناك آية في القرآن توضح ذلك .. وما هي الأسباب التي دعت النبي عليه الصلاة والسلام يتزوج بأكثر من أربع ؟
6- لماذا يحرم القرآن لحم الخنزير ؟ .. وهل هناك آية تحرم ذلك ؟
7- هل يؤيد القرآن أن المسيح عليه السلام مرسل لبني إسرائيل فقط ؟
8- نلاحظ في القرآن أن هناك آيات تنسخ آيات مثل في سورة الكافرون :
" قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ {1} لا أعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ {2} ولا أَنتُمْ عَابِدُونَ ما أَعْبُدُ {3} ولا أَنَا عَابِدٌ ما عَبَدتُّمْ {4} ولا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {5} لكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ {6} "
فما رأي المسلمين في هذا التناقض ؟
9- ما هي نظرة المسلم لغير المسلم فيما يختص بالمعاملات الاجتماعية المختلفة ؟
10- لماذا تمنع السلطات السعودية دخول المسحيين في الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-23-2020, 08:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
رأيت ان أعيد تنظيم الخريطة لتكون هي الخريطة التي تؤدي بنا إلى مجموعة من الدراسات لأننا لسنا في حاجة إلى مواعظ ولسنا في حاجة إلى خطب رنانة وعلى جيوش الخطباء أن يوفروا جهودهم إننا في حاجة إلى دراسة علمية موضوعية هادئة وهادفة نعرف فيها الحق ونعرف فيها الطريق المستقيم حتى نسلكه جمعيا صفاً واحدا .. وعليكم أن تصبروا علي لأن جهالات عصور كاملة ينبغي أن تمحى وهي ليست متعة صيد أو فسحة وإنما هي دارسة ديانات كاملة والديانات لا تدرس في رحلة ولا تدرس في جلسة واحدة وإنما تدرس دراسات متأنية عبر النصوص المقدسة عند الطرفين ولسوف يكون تنظيم خريطة العمل على الوجه التالي :
سيكون الحديث حول قضية قانونية الأناجيل .. ولقد جاء حولها أسئلة منها السؤال القائل بالنسخ والتحريف في الإنجيل كيف تم كما يزعم المسلمون ؟ .. وهل يحتفظ المسلمون بأصل الإنجيل ؟ أود ان أشير قبل أن أبدا إلى نقطتين الأولى : أن أبدأ بالإجابة على الأسئلة النصرانية أولا .. لأن دراسة النصرانية يجب أن تسبق دراسة الإسلام .. وأما الثانية : فهي ألا أكتفي على هذين السؤالين الخاصين بالنسخ والتحريف .. وإنما هناك موضوعات أخرى مرتبطة بهما يجب الاهتمام بها .. كقصة كتابة الأناجيل وكيف قبل بعضها وصار قانونياً مثل الأناجيل الأربعة وكيف رفض أكثريتها ولماذا ؟
وما هي موضوعات التآلف أو الاختلافات بين هذه الأناجيل القانونية ؟ .. ثم ما هو موقف بقية أسفار العهد الجديد وقيمتها العقائدية .. وكيف تكوَّن العهد الجديد القانوني ؟
كل هذا وما يرتبط به وهو كثير وكثير .. والله أسأل أن يهدينا إلى الحق فأنه لا يهدي إلى الحق إلا هو .. وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه .. وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ..
هذه الأسئلة والاستفسارات عما في المسيحية والإسلام من أمور يتفق عليها وأخرى يختلف فيها ولا تزال موضع جدل بين المسيحيين والمسلمين ..
** والسؤال البديهي .. من أين يستقي الناس عقائدهم ؟ من المتفق عليه أن العقائد الدينية تستقي من الكتب المقدسة من أجل ذلك فإن المنطق يقضي بدراسة الكتب المقدسة أولا قبل أن نناقش العقائد المستخرجة منها .. ولا شك أن من أهم الدراسات لتلك الكتب هي الدراسات التي يقوم بها علماء تلك الديانة ..
ولهذا أعرض الآن خلاصة لبعض ما انتهى إليه علماء النصرانية في دراستهم للأسفار المقدسة تحت عنوان ( حديث عن أسفار العهد الجديد ) وهو يماثل تماماً التقرير الذي يتلقاه من يهمه الأمر ..
بعد ذلك أعرض حديثاً بعنوان ( نظرة في أسفار العهد الجديد ) يسمح لكل قارئ مهما كانت ثقافته أن يطلع بنفسه على حقيقة ما في هذه الأسفار وعلى الأسباب التي جعلت كثيراً من علماء النصرانية يقررون ما سوف نعرضه عند الحديث عن أسفار العهد الجديد ..
*** وبهذا تكتمل الصورة اليقينية لكل باحث عن الحقيقة .. ومن حقه أن يطلب ذلك .. لأن لسان حال الإنسان الصادق مع نفسه دائماً يقول :
أريد أن أعرف .. وأن أتدبر .. وأتحقق .. ليطمئن قلبي ..
إذن أيها الأخوة والأخوات فإن النقاط المختصرة التي سأكتبها حالياً لا تمثل كلام مسلم في النصرانية .. وإنما تمثل خلاصة كلام علماء النصرانية ..
أما حديث المسلم .. فإنما سيكون في النهاية حين نصل إلى تعليق أو توضيح أو ربط ..
ومن المناسب هنا أن أذكر الأسماء العربية لأهم المراجع المسيحية ومؤلفيها .. ونبذة يسيرة للتعرف بهم .. بحيث لا نحتاج بعد ذلك إلا لذكر اسم المصدر ورقم الصفحة فقط ..
المراجع الأجنبية ..
1- اسم الكتاب الأناجيل ... المؤلف : الدراسات اللاهوتية بمعهد اللاهوت الاتحادي بنيويورك ..
2- اسم الكتاب إنجيل مرقس ... المؤلف : دنيس نينهام – أستاذ اللاهوت بجامعة لندن ورئيس تحرير سلسلة بليكان لتفسير الإنجيل .
3- اسم الكتاب : تفسير إنجيل متى .. المؤلف : جون فنتون – عميد كلية اللاهوت بانجلترا .
4- اسم الكتاب : تفسير إنجيل لوقا ... المؤلف جورج كيرد .
5- اسم الكتاب : تفسير إنجيل يوحنا ... المؤلف : جون مارش – عميد كلية مانسفيلد باكسفورد وعضو اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي ..
6- اسم الكتاب : تاريخ العقيدة .. المؤلف : أدولف هرنك – أستاذ تأريخ الكنيسة بجامعة برلين ..
7- اسم الكتاب : كتابات مقدسة .. المؤلف : جنتر لانسزكد منسكي – محاضر في تأريخ العقائد بجامعة هيدلبرج الألمانية ..
8- اسم الكتاب : دائرة المعارف الأمريكية .. طبعة سنة 1959م ..
9- اسم الكتاب : دائرة المعارف البريطانية .. طبعة سنة 1960م ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-31-2020, 09:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث عن أسفار العهد الجديد
قانونية الأناجيل
1ـ إن المسيحيين الأوائل لم يكونوا يعتقدون أن كتبهم المقدسة تكوّن عهداً جديداً يتميز عن العهد القديم .. وعندما ظهرت أولى الكتابات المسيحية .. فقد كان ينظر إليها جميعاً باعتبارها اضافات أو ملحق لما في أسفار الناموس والانبياء .. كانت تقرأ اسبوعياً في المعبد اليهودي والكنيسة المسيحية .. إن العهد الجديد كتاب غير متجانس .. ذلك أنه شتات مجمّع .. فهو لا يمثل وجهة نظر واحدة تسوده من أوله إلى آخره لكنه في الواقع يمثل وجهات نظر مختلفة (فريدريك جرانت ص 12 , 17)
2 - وفي فترة المائة والخمسين عاماً الأخيرة تحقق العلماء أن الأناجيل الثلاثة الأولى تختلف عن إنجيل يوحنا أسلوباً ومضموناً .. إن إنجيل يوحنا يختلف اختلافاً بيناً عن الثلاثة المتشابهة (متى ومرقس ولوقا) فهو لا يذكر أي شيء عن رواية الميلاد .. وبالنسبة للروايات التي تحكي نشاط يسوع الجماهيري فإنه توجد اختلافات في الزمان والمكان إذا قورنت بنظيرتها الأناجيل المتشابهة .. وان التاريخ المضبوط الذي تحددت فيه قانونية أسفار العهد الجديد غير مؤكد (جنتر لانسزكوفسكي ص 32-36) ..
3 ـ إن هناك مشكلة هامة وصعبة تنجم عن التناقض الذي يظهر في نواح كثيرة بين الإنجيل الرابع والثلاثة المتشابهة .. إن الاختلاف بينهم عظيم لدرجة أنه لو قبلت الأناجيل المتشابهة باعتبارها صحيحة وموثوقاً بها فإن ما يترتب على ذلك هو عدم صحة إنجيل يوحنا .. (دائرة المعارف الأمريكية : ج 13 - ص 73)
4 – " ليس لدينا أية معرفة مؤكدة بالنسبة للكيفية التي تشكلت بموجبها قانونية الأناجيل الأربعة .. ولا بالمكان الذي تقرر فيه ذلك ..
تحريف الأناجيل :
وبالنسبة لموضوع التحريف وإدخال كلمات في النص أو استخراجها منه نقرأ الآتي :
أما موقف الأناجيل فعلى العكس من رسائل بولس .. إذ ان التغييرات الهامة قد حدثت عن قصد .. مثل إدخال أو إضافة فقرات بأكملها .. " (دائرة المعارف البريطانية : ج 2 - ص 519-521) ..
5- إن نصوص جميع هذه المخطوطات (للعهد الجديد) تختلف اختلافاً كبيراً ولا يمكننا الاعتقاد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ .. ومهما كان الناسخ حي الضمير فإنه ارتكب أخطاء .. وهذه الأخطاء بقيت في كل النسخ التي نقلت عن نسخته الأصلية .. إن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على أيدي المصححين الذين لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة . ( جورج كيرد : ص 32)
*** ونذهب الآن لدراسة الصورة العامة للأناجيل وهذا الذي أقوله لا يزال قول علماء المسيحية :
*** إن القول بأن متى ولوقا استخدما إنجيل مرقس أصبح على وجه العموم مسلماً به .. ولكن بجانب إنجيل مرقس فلا بد أنهما استخدما وثيقة أخرى يشار إليها الآن بالحرف q والذي يرمز إلى كلمة المصدر .. كما استخرجت من الكلمة الألمانية التي تعطي هذا المعنى (دائرة المعارف البريطانية ج 2 -ص 523) ..
1- إنجيل مرقس :
1- يقول بابياس (حوالي عام 135 م) : " في الواقع ان مرقس الذي كان ترجماناً لبطرس قد كتب بالقدر الكافي من الدقة التي سمحت بها ذاكرته ما قيل عن أعمال يسوع وأقواله ولكن دون مراعاة للنظام "
( ونلاحظ أن مرقس هذا هو كاتب أقدم الأناجيل الذي اعتمد عليه كل من متى ولوقا ) ولقد حدث ذلك لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع ولا كان تابعاً شخصياً له .. لكنه في مرحلة متأخرة كما قلت أنا ( بابياس ) من قبل قد تبع بطرس .. ويتفق مع قول بابياس هذا ما اقتبسه أيـرنيوس في قوله :
"بعد موت بطرس وبولس فإن مرقس تلميذ بطرس وترجمانه سلم إلينا كتابة ما صرح به بطرس " ( فريدريك جرانت : ص 73، 74)
2- لم يوجد أحد بهذا الاسم (مرقس) عرف أنه كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة ( بيسوع ) أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى .. ومن غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في ( أعمال الرسل 12: 12, 25 ) .. أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى (5:13) أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس : كولوسي (10:4) 2 تيموثاوس (4: 11) , فليمون 24 ..
لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض أن جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد إنما ترجع جميعها له لشخص واحد له هذا الاسم .. ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة " (دنيس نينهام : ص 39 )
3- بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل :
" فإنه غالباً ما يحدد في الجزء المبكر من الفترة (65- 75) .. وغالباً في عام 65 م أو عام 66 م .. ويعتقد كثير من العلماء أن ما كتبه مرقس في ( الإصحاح 13 ) .. قد سطر بعد عام 70م ) وأما عن مكان الكتابة : " فإن المأثورات المسيحية الأولى لا تسعفنا .. إن كليمنت السكندري وأوريجين يقولان روما بينما يقول آخرون مصر .. وفي غياب أي تحديد واضح تمدنا به هذه المأثورات لمعرفة مكان الكتابة فقد بحث العلماء داخل الإنجيل نفسه عما يمكن أن يمدنا به .. وعلى هذا الأساس طرحت بعض الأماكن المقترحة مثل أنطاكية .. لكن روما كانت هي الأكثر قبولا (دنيس نينهام : ص 42 ) ومن ذلك يتضح أن أحداً لا يعرف بالضبط من هو مرقس كاتب الإنجيل .. كذلك فإن أحداً لا يعرف بالضبط من أين جاء هذا الإنجيل ..
مشاكل إنجيل مرقس :
إن من مشاكل إنجيل مرقس : اختلاف النسخ على مر السنين .. ولقد أدى ذلك إلى قول علماء المسيحية إنه قد " زحفت تغييرات تعذر اجتنابها .. وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد .. ومن بين مئات المخطوطات – أي النسخ التي عملت باليد – لإنجيل مرقس والتي عاشت إلى الآن فإننا لا نجد أي نسختين تفقان تماما "
كذلك من مشاكل إنجيل مرقس خاتمة هذا الإنجيل .. ذلك ان الاعداد من 9 إلى 20 .. ( التي تتحدث عن ظهور المسيح ودعوته التلاميذ لتبشير العالم بالآب والابن والروح القدس ) .. هذه تعتبر إلحاقية أي أنها أضيفت فيما بعد بحوالي 110 من السنين .. لم تظهر لأول مرة إلا حوالي سنة 180م ..
2 - إنجيل متى
ولا يزال من الواضح أن كلا من بولس الهلليني ومتى المبشر اليهودي له وجهة نظر تخالف الآخر تماماً فيما يتعلق بأعمال يسوع وتعاليمه " ( فريدريك جرانتفريدريك جرانت ص 141 )
وأما بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل فيمكن القول بأنه كتب في حوالي الفترة من 85 إلى 105م .. وعلى أية حال فيمكن القول بأنه كتب في الربع الأخير من القرن الأول أو في السنوات الأولى من القرن الثاني)" ( جون فتون ص 11 ) ..
وفيما يتعلق بمكان تأليفه : فإن شواهد قوية تشير إلى أنطاكية ولما كان من الصعب ربط الإنجيل بمدينة محددة فمن المناسب أن نقول أنه يأتي من مكان ما في المنطقة المحيطة بها أو أي مكان ما يقع شمال فلسطين " ( فريدريك جرانت : ص 140م ) ..
مشاكل إنجيل متى :
1- توقع نهاية العالم سريعاً :
ولو أن هذه الفكرة قد سيطرت على تفكير مؤلفي أسفار العهد الجديد .. إلا أن "متى" كان أكثرهم حرصا على تأكيد ذلك .. فهو قد توقع ان تأتي نهاية العالم في أيام المسيح : قبل أن يكون رسله قد أكملوا التبشير في مدن إسرائيل (10: 23 ) .. وقبل ان يدرك الموت بعض معاصري المسيح والذين استمعوا إلى تعاليمه ( 16: 28 ) وقبل ان يكون ذلك الجيل الذي عاصر المسيح وتلاميذه قد فني (24: 34 ) ..
ومن الواضح كما يقول جون فنتون في ص 21 " أن شيئاً من هذا لم يحدث كما توقعه "متى" ..
2 - ثم تأتي خاتمة الإنجيل التي يشك فيها العلماء ويعتبرونها دخيلة .. فهي تنسب للمسيح قوله لتلاميذه : و اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس ( 28: 19 ) ..
ويرجع هذا الشك ـ كما يقول " ادولف هرنك " - وهو من أكبر من علماء التاريخ الكنسي .. إلى الآتي :
أ- لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات .. وأن بولس لا يعلم شيئاً عن هذا .
ب ـ " إن صيغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح .. ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل .. وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به .. لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً ( ادولف هرنك : ج 1 - ص 79) ..
3 - إنجيل لوقا:
يبدأ بمقدمة ألقت كثيراً من الضوء على ما كان يحدث في صدر المسيحية .. وخاصة فيما يتعلق بتأليف الأناجيل فهو يقول :
"وإذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدماً للكلمة رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " ( 1: 1-4)
**ومن هذه المقدمة يتضح جملة أمور لا بد التسليم بها :
1- أن لوقا يكتب رسالة شخصية إلى ثاوفيلس .. وأن هذه الرسالة تكتب على التوالي حسبما تتوفر لها إمكانيات الكتابة من وقت ومعلومات .
2 - وأن هذا العمل قام به لوقا بدافع شخصي بحت بغية أن تصل المعلومات التي علم بها إلى صديقه .. ** ولم يدع الرجل في رسالته أنه كتبها بإلهام أو مسوقاً من الروح القدس .. ***بل إنه يقرر صراحة أن معلوماته جاءت نتيجة لاجتهاده الشخصي لأنه تتبع كل شيء من الأول بتدقيق ..
3 ـ كذلك يقرر لوقا أن كثيرين قد أخذوا{{ في تأليف أناجيل }} ..
4- وأخيراً يعترف لوقا {{ بأنه لم ير المسيح ولم يكن من تلاميذه }}.. لكنه كتب رسالته بناء على المعلومات التي تسلمها من الذين عاينوا المسيح وكانوا في خدمته .. ومن المعلوم أن سفر أعمال الرسل - وهو أطول أسفار العهد الجديد هو الجزء الثاني من رسالة لوقا إلى ثاوفيلس ..
ولقد حاول العلماء معرفة ثاوفيلس هذا .. لكن جهودهم لم تصل إلى نتيجة محددة ..
يقول فريدريك جرانت :
" لم نخطر بمن يكون ثاوفيلس هذا قد يمكن افتراضه موظفاً رومانياً .. كذلك لم نخطر بمن أولئك الكثيرين أخذوا في تأليف قصص مماثلة .. ورغم أن الموضوع لا يتعدى مجرد احتمالات غير مؤكدة فليس من المتعذر ان يكون مؤلف إنجيل لوقا قد جمع مادته في فلسطين أو سوريا مبكراً في 70 ـ 80م .. ثم ربطه بالجزء الأكبر من إنجيل مرقس في وقت ما من السبعينات ثم أصدر إنجيله حوالي عام 80 أو 85م .. وبعد ذلك بحوالي خمس سنوات فإنه ذيل كتابه الأصلي برسالة ثانية نعرفها الآن باسم أعمال الرسل ثم نشر مصنفه في حوالي عام 95م ". ( فريدريك جرانت ص 121 , 127, 128) ..
ومن أقوال العلماء في كتابات لوقا :
إن سفر أعمال الرسل يوجد به كثير من النقاط التي تتعارض تعارضاً تاماً مع التعاليم المذكورة في رسائل بولس .. ومن غير المعقول إذن أن تكون هذه قد سطرها شخص له معرفة مباشرة ببولس ورحلاته التبشيرية ومن النادر ذكر لوقا كشخصية بارزة في سجلات التاريخ للقرن الأول من المسيحية ( جورج كيرد ص 15,16,17) ..
مشاكل إنجيل لوقا :
1- يعاني نص إنجيل لوقا من التغييرات التى تعاني منها الكتب الأخرى للعهد الجديد .. إلا أن النص الغربي للإنجيل وسفر أعمال الرسل يعاني من اختلافات مثيرة بالإضافة أو الحذف ( جورج كيرد ص 32, 33 ) ..
2- " ثم هناك المشكلة الحادة التي نتجت عن اختلاف نسب المسيح كما ذكره لوقا عما جاء في نطيره في إنجيل متى .. وفي أسفار العهد القديم "..
وهذه واحدة من مشاكل الأناجيل التي سوف نبحثها فيما بعد ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-07-2020, 11:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
4 إنجيل يوحنا :
لقد كان من المعتقد لفترة طويلة أن يوحنا كان على بينة من وجود الأناجيل الثلاثة المتشابهة .. وأنه قد كتب ليكملهم أو ليصحههم في حالة أو حالتين .. فقد جرى القول بأن حادثة تطهير الهيكل - على سبيل المثال قد وضعها يوحنا عم[/CO[COLOR="red"]LOR]داً في بداية دعوة يسوع .. لأنه حسبما تذكَّرها يوحنا الذي تقدمت به السنون كان ذلك موضعها ..
كذلك فإنه صحح تاريخ الصلب .. حيث وضعه عشية الفصح في اليوم الذي تذبح فيه خراف الفصح .. ومن ناحية أخرى فإن لقب : ابن الإنسان الذي لم يستخدمه بولس قط قد أبقى عليه يوحنا ..
من هويوحنا .. لقد كان يوحنا مسيحياً وبجانب ذلك فإنه هللينياً ومن المحتمل الا يكون يهودياً ولكنه شرقي أو إغريقي .. ومن المحتمل أن يكون إنجيل يوحنا قد كتب في أنطاكية أو أفسس أو الإسكندرية أو حتى روما فإن كلا من هذه المدن كانت مركزا عالميا للدعاية العقائدية في القرنين الأول والثاني من الميلاد .. ( فريدريك جرانت : ص 156, 166, 174, 178 ) ..
ويقول جون مارش في مقدمته لتفسير إنجيل يوحنا تحت عنوان : (( استحالة التوكيد )) :
حين نأتي لمناقشة المشاكل الهامة والمعقدة التي تتعلق بالإنجيل الرابع وإنجيله .. نجد أنه من المناسب والمفيد ان نعترف مقدماً بأنه لا توجد مشكلة للتعريف (بالإنجيل وكاتبه) يمكن إيجاد حل لها ..
من كان يوحنا هذا الذي قيل إنه المؤلف؟ أين عاش ؟ لمن من الجمهور كان يكتب إنجيله؟ أي المصادر كان يعتمد عليها ؟ متى كتب مصنفه ؟ ..
حول كل هذه الأسئلة وحول كثير غيرها توجد أحكام متباينة .. احياناً تقرر تأكيدات قوية ومع ذلك فإن أياً منها لا يرقى إلى مرتبة اليقين .. (ثم يختتم جون مارش مقدمته بقوله ) :
وبعد أن نفرغ كل ما في جعبتنا نجد أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحقيق أي شيء أكثر من الاحتمال حول مشاكل إنجيل يوحنا ..
ويعتقد كاتب هذه السطور (جون مارش ) أنه ليس من المستحيل الاعتقاد أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا .. من الممكن أن يكون يوحنا مرقس .. وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع .. ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة .. فقام عندئذ بتسجيل شكل جديد لقصة يسوع اختص بها طائفته الخاصة أو أكثر .. التي كانت تعتبر نفسها عالمية .. كما كانت متأثرة بوجود تلاميذ يوحنا المعمدان " ( جون مارش ص 20 , 80 ) ..
مشاكل إنجيل يوحنا:
تقول دائرة المعارف الأمريكية :
يوجد ذلك التضارب الصارخ بينه وبين الأناجيل المتشابهة .. فهذه الأخيرة تسير حسب رواية مرقس للتسلسل التاريخي للأحداث فتجعل منطقة الجليل هي المحل الرئيسي لرسالة يسوع .. بينما يقرر إنجيل يوحنا أن ولاية اليهودية كانت المركز الرئيسي وهناك مشكلة الإصحاح الأخير رقم (21 ) من الإنجيل .. إن القارئ العادى يستطيع أن يرى أن الإنجيل ينتهي بانسجام تام بانتهاء الإصحاح العشرين الذي يقول :
" وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِه " (20: 31) ..
إن هذا الإعلان يبين بوضوح الغرض الذي كتب من أجله هذا الكتاب ..
بعد ذلك يأتي الإصحاح الأخير (رقم 21 ) الذي يخبرنا أن يسوع ظهر كرب أقيم من الأموات لخمسة تلاميذ .. وأنه قال لبطرس : ارع خرافي .. وكذلك تعليق مبهم يقول :
هذا هو التلميذ الذي جاء عن طريق الجماعة التي تشير إلى نفسها بكلمة : نحن (نعلم ) .. وفي حقيقة الأمر فإن هؤلاء يصعب تحديدهم ..
( دائرة المعارف الأمريكية : ج ـ 16 ص 159 ) ..
وقد ظهر شيء من التآلف بين انجيلي لوقا ويوحنا مما ساعد على ظهور نظرية تقول بأن يوحنا استخدم إنجيل لوقا كأحد مصادره .. إلا أن هذه النظرية تجد معارضة بسبب الاختلاف الواضح بين الإنجيلين في المواضيع المشتركة ينهما ..
** فكلا الإنجيلين يتحدث عن بطرس وصيد السمك بمعجزة لكن احدهما (لوقا) يضع القصة مبكراً في رسالة يسوع في الجليل .. أما الآخر (يوحنا ) بعد قيامته من الأموات ، ( لوقا 5: 1-11) .. يوحنا (21: 1-14) ..
*** وكلاهما يتحدث بلغة مشتركة عن كيفية مسح يسوع ( بالطيب ) من امرأة .. لكنها في أحدهما (لوقا ) كانت زانية في بيت فريسي .. بينما هى في الآخر (يوحنا) كانت امرأة صديقة ليسوع .. وأن ذلك حدث في بيتها .. (لوقا 7: 36-38 ، يوحنا 12: 1-8) ( جورج كيرد ص 20 ) ..
إن النتيجة التي لا مفر من التسليم بها كما بينتها هذه الخلاصة .. إن الأناجيل القانونية ما هي إلا كتب مؤلفة - بكل معنى الكلمة - وهي تبعاً لذلك معرضة للصواب والخطأ .. لا يمكن الادعاء ولو للحظة واحدة أنها كتبت بإلهام .. كتبها أناس مجهولون .. في أماكن غير معلومة .. وفي تواريخ غير مؤكدة .. والشيء المؤكد .. الذي يلحظه القارئ البسيط هو أن هذه الأناجيل مختلفة غير متآلفة .. بل إنها متناقضة مع نفسها ومع حقائق العالم الخارجي ( حيث فشلت التنبؤات بنهاية العالم كما رأينا وكما سنرى فيها بعد ..
إن هذا القول قد يضايق المسيحي العادي .. بل إنه قد يصدمه ولكن بالنسبة للعالم المسيحي المدقق فقد أصبح هذا القول الذي يعني بوجود أخطاء في أسفار الكتاب المقدس حقيقة مسلماً بها ..
إن الكنيسة الكاثوليكية التي تتمسك بشدة بعقيدة الإلهام .. التي تأكد القول بها في مجمع الفاتيكان الذي عقد عام 69 – 1870م .. والذي تقرر فيه « أن الكتب القانونية لكل من العهدين القديم والجديد قد كتبت بإلهام من الروح القدس وقد أعطيت هكذا للكنيسة ».
لكنها عادت الآن - بعد نحو قرن من الزمان - لتواجه الحقائق وتعترف بها .. فلقد بحث المجمع المسكوني الثاني للفاتيكان (62 - 1965 م) المشكلة التي تتعلق بوجود أخطاء في بعض نصوص أسفار العهد القديم .. وقدمت له خمس صيغ مقترحة استغرق بحثها ثلاث سنوات من الجدل والمناقشة وأخيرا تم قبول صيغة حظيت بالأغلبية الساحقة .. إذ صوت إلى جانبها 2344 عالم ضد 6 .. وقد أدرجت في الوثيقة المسكونية الرابعة عن التنزيل فقرة تختص بالعهد القديم ( الفصل الرابع ، ص 53 ) تقول :
" بالنظر إلى الوضع الإنساني السابق على الخلاص الذي وضعه المسيح تسمح أسفار العهد القديم للكل بمعرفة من هو الله ومن هو الإنسان .. غير أن هذه الكتب تحتوي على شوائب وشيء من البطلان "
إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : كم من المؤمنين بقداسة هذه الأسفار واعتبارها تعليماً إلهياً موحى به من الله .. يعلم هذا الذي قررته الكنيسة بشأنها .. وما تحتويه من شوائب وبطلان ؟
وما لنا نذهب بعيداً ولدينا الكتاب المقدس - طبعة الكاثوليك 1960م۔ وهو يقدم لأسفار موسى الخمسة ( التوراة ) بقوله :
« كثير من علامات التقدم تظهر في روايات هذا الكتاب وشرائعه مما حمل المفسرين كاثوليك وغيرهم على التنقيب عن أصل هذه الأسفار الخمسة الأدبي . فما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته قد كتب كل الأسفار الخمسة منذ قصة الخلق إلى قصة موته .. كما أنه لا يكفي أن يقال إن موسى أشرف على وضع النص الملهم الذي دوّنه كتبة عديدون في غضون أربعين سنة ..
كما يقول الكتاب المقدس في تقديمه لسفر راعوث :
"من المحتمل أن يكون الكاتب قد استعان في البدء بذكريات تقليدية غير واضحة الظروف تماماً .. ثم أضاف إليها عدداً من التفاصيل ليجعل الرواية أكثر حياة ويعطيها قيمة أدبية !! "
وها هي كتب التبشير التي توزع هنا بين المسلمين تعترف بتسرب أخطاء خطيرة إلى أسفار العهد الجديد .. لقد جاء في كتاب : «هل الكتاب المقدس حقاً كلمة الله ؟ .. في ص 160، ما يلي :
بمقارنة أعداد كبيرة من المخطوطات القديمة باعتناء يتمكن العلماء من اقتلاع أية أخطاء ربما تسللت إليها .. مثالا على ذلك الإدخال الزائف في رسالة يوحنا الأولى .. الإصحاح الخامس . فالجزء الأخير من العدد 7 .. والجزء الأول من العدد 8 .. يقول حسب الترجمة البروتستنتية العربية .. طبع الأمريكان في بيروت ـ ونقرأ في الترجمة اليسوعية العربية شيئاً مماثلاً هذا النص ..
" في السماء ... الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة ( الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة في واحد "
..
ولكن طوال القرون الثلاثة عشر الأولى للميلاد لم تشتمل أية مخطوطات يونانية على هذه الكلمات . وترجمة "حريصا" العربية تحذف هذه الكلمات كلياً من المتن .. والترجمة البروتستنتية العربية ذات الشواهد تضعها بين هلالين موضحة في المقدمة أنه ليس لها وجود في أقدم النسخ وأصحها ) .
أعتقد أن أبسط تعليق هو التذكرة فقط بأن هذا النص الخطير الذي أدخل ابتداء من القرن الثالث عشر .. والذي يقتبس منه فكرة التثليث .. لم يكن له وجود طوال القرون السابقة .. وهذا شيء لا يمكن اعتباره تحريفا بسيطاً .. بل إنه تحريف خطير .. لأنه يمس أساس العقيدة .. وهكذا نجد أن نصوصاً وأفكاراً تتسرب إلى الكتابات التي اعتبرت مقدسة عبر القرون .. فكل ما يتعلق بتثليث أو ثالوث .. ما من شك في أنه دخيل على مسيحية المسيح الحقة التي لا تزال لها جذور ثابتة في الأناجيل الموجودة حالياً ..
ويكفي أنه عندما يأتي العلماء لتفسير صلاة المسيح الأخيرة في إنجيل ( يوحنا 17 : 3) التي يقول فيها :
"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك .. ويسوع المسيح الذي أرسلته "
** فإنهم يقولون : إن هذا توحيد لا شك فيه ..
وطبعاً هذا الكلام معناه باللغة العربية المتداولة :
لا إله إلا الله .. المسيح رسول الله ..
"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك .. ويسوع المسيح [COLOR="red"]الذي أرسلته " ..
ومن هذه النقاط يمكن أن تلتقي النصرانية مع الإسلام ..
وفي فقرات أخرى وفي لقاءات أخرى مع الإسرائيليين كان قوله :
" اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا رب واحد " إنجيل مرقس ( 12 : 29 )
وهذه الفقرة تشير إلى ما في أسفار العهد القديم . (سفر التثنية 6 : 4)
وعندما تقدم إليه إسرائيلي ليسأله :
" أيها المعلم الصالح ، ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية ؟" ( إنجيل لوقا 18 : 18).
** ماذا قال المسيح ؟
لم يقل له افعل كذا أو كذا .. لكنه أولا نفي الصلاح عن نفسه فقال :
" كيف تدعوني صالحاً ؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله " ..
بعد ذلك بدأ المسيح يعلمه ما جاء في أسفار العهد القديم وما دعا إليه وهو التوحيد في العقيدة والتمسك بشريعة موسى والحفاظ عليها ..
أعتقد أنه بهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن أسفار العهد الجديد ..
بعد ذلك ندخل للحديث عن " نظرة في أسفار العهد الجديد " بحيث يستطيع كل واحد مهما كان حظه من الثقافة والعلم أن يتأكد من صحة هذا الكلام ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-14-2020, 10:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرة في أسفار العهد الجديد ..
١- مشكلة الاختلاف الكثير :
يوجد اختلاف كثير بين الأناجيل : الواحد عن الآخر .. واختلاف داخل الإنجيل نفسه .. ومن الطبيعي أنه في أي دراسة سواء كانت دراسة دينية أو أي دراسة وخاصة ما يتعلق بالوحي والتنزيل والكتب المقدسة فإنه تحكمنا القاعدة الأساسية التي لا بد أن يقبلها الكل .. وهي أنه :
" ولَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) " سورة النساء " ..
(1) - اختلاف متى ولوقا في نسب المسيح :
لقد جرت التقاليد المسيحية في نسبة المسيح ليوسف النجار خطيب مريم" .. *** اتهام مخزي ، نسبوه إلى هذا النبي الكريم وهو بريء منه أشد البراءة واتهام لأمه مريم البتول العفة الحصان .. وقد قص الله تعالى علينا أمرها وابنها في سورة مريم .. قالت تعالى :
" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) "
وقال تعالى في سورة التحريم :
" وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) "
فها هو لوقا يقول : « ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة .. وهو على ما كان يظن أنه ابن يوسف ( النجار) بن هالي بن ......) (3 : 23) ..
ولقد اختلف متى مع لوقا في نسب المسيح هذا .. إذ جعله "متى" يأتي من نسل سليمان بن داود .. بينما جعله لوقا يأتي من نسل ابن آخر لداود هو ناثان ..
ويتضح الموقف بعمل جدول يبين الأنساب التي ذكرها كل من متى ولوقا مقارنة بأنساب الآباء التي وردت في أسفار العهد القديم وخاصة سفر أخبار الأيام وذلك كالأتي :
https://c.top4top.io/p_150510agr1.jpg (https://top4top.io/)
https://d.top4top.io/p_15055e4wx2.jpg (https://top4top.io/)
يلاحظ في هذا الجدول - أنه تبسيطاً للدراسة - فقد اكتفينا بتتبع نسب سليمان بن داود كما جاء في سفر أخبار الأيام حتى المسلسل رقم (23) فقط ..وصرفنا النظر عن تتبع نسب ناثان بن داود . كما أن الأنساب التي وضع مكانها (-) تحت إنجيل متى إنما تعني أسماء آباء سقطت خطأ من القائمة التي كتبها متى ..
إن الجدول السابق يكشف عن عدد من الملاحظات التي لا تخفى على أحد .. ولقد تحدث مفسرو الأناجيل في هذه الملاحظات فكان مما قالوه الآتي :
يقول جون فنتون : « من المحتمل أن يكون متى قد استمر في الاعتماد على سفر أخبار الأيام الأول (3 : 5 ، 10-16 ) إلا أنه حذف ثلاثة أجيال بين يورام ويوثام .. كما حذف يوهاقيم بعد يوشيا .. أما تسلسل النسب في لوقا فإنه يسير خلال ابن آخر لداود وهو ناثان ..
ولقد استطاع متي أن يأخذ الأسماء الثلاثة : يكنيا .. وشالتيئيل .. وزربابا من ( أخبار الأيام الأول 3: 16) وما يليها .. أما بالنسبة لبقية الأسماء المذكورة في قائمته فلم يكن لديه أي مصدر مكتوب حسبما نعلم .
كذلك فإن لوقا أورد في قائمته : شألتيئيل وزربابل .. لكنه لم يذكر أحداً من الأخرين ( المذكورين في متي ) ..
ويشير متى إلى أنه في كل من العصور الثلاثة يوجد أربعة عشر جيلاً .. رغم أنه في الحقيقة لم يذكر سوى ثلاثة عشر اسماً في الجيل الأخير ابتداء من الاصحاح ( 1 : 12-16) ( تفسير انجيل متى ص 39-40)
ويقول جورج كيرد :
"في منتصف قائمة لوقا نجد هذه الأسماء : يوحنا بن ريسا بن زربابل .. لكن يوحنا هي صيغة أخرى لاسم حننيا الذي كان ابناً لزربابل .. إن هذا الشخص ريسا لم يذكر البتة في ( سفر أخبار الأيام الأول (13 : 19) .. لكن ريسا هي كلمة آرامية تعني أمير ..
إن الخطأ الذي لحق بقائمة لوقا يمكن إرجاعه إلى أن القائمة الأصلية ( التي نقل عنها ) كانت مصنفة بترتيب عكس هذا : زربابل الأمير ولد يوحنا " ( تفسير انجيل لوقا ص 19 ) ..
وخلاصة القول في نسب المسيح أننا إذا اعتبرنا سفر أخبار الأيام الاول المرجع الرئيسي لأنساب الآباء نجد الأتي :
1 - أخطا مني في سلسة نسب المسيح حين اسقط منها في الواقع خمسة أسماء ( المسلسلات 9، 10, 11. 18, 21 ) ..
2- أخطأ لوقا حين أضاف ريسا ( المسلسل رقم 24 ) بين زربابل ويوحنا ..
3- اختلف لوقا مع متى اختلافاً جوهرياً حين جعل يوسف خطيب مريم ينحدر من نسل ناثان بن داود .. بينما جعله متى ينحدر من نسل سليمان بن داود ..
** طبعا لما كان كل واحد ينقل ويكتب من قوائم مختلفة قديمة متناثرة تراكمت الأخطاء فوجدنا أن عدد الأجيال من داود إلى يوسف حسب لوقا 42 جيلا .. وحسب متى 23 جيلا ..
ومنذ قرون مضت بذل نفر من المدافعين عن الأناجيل - باعتبراها وحياً من الله - محاولات مضنية للتوفيق بين ( لوقا ومتى ) .. اعتماداً على التقاليد الإسرائيلية .. لكن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل
..
اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ :
يقول متى في إنجيله :
" أما أسماء الاثنى عشر رسولاً فهي هذه . الأول سمعان الذي يقال له بطرس ، وأندراوس أخوه. يعقوب بن زبدي. ويوحنا أخوه. فيلبس ، وبرثولماوس . توما ومتى العشار. يعقوب بن حلفي ن ولباوس الملقب تداوس . سمعان القانوني ، ويهوذا الأسخريوطي . ( 10 : 2 – 4 ).
لكن لوقا يقول :
" لما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضاً رسلاً . سمعان الذي سماه أيضاً بطرس ، وأندراوس أخاه . يعقوب ، يوحنا . فيلبس وبرثولماوس . متى وتوما. يعقوب بن حلفي، وسمعان الذي يدعى الغيور . يهوذا أخا يعقوب ويهوذا الأسخريوطي . ( 6 : 13 – 16 ).
ويذكر يوحنا أسماء بعض التلاميذ من بينهم يهوذا آخر غير الخائن وهو الذي يقول عنه : " يهوذا الأسخريوطي " ( 14 : 22 ) .
من الواضح أن هناك اختلافاً بين ما ذكره متى ومرقس ( 3: 16 – 19 ) من جانب وبين لوقا ويوحنا من جانب آخر .. ولهذا يقول جورج كيرد:
" عندما كتبت الأناجيل لم يكن هناك مجرد التحقق من شخصية التلاميذ .. أن يهوذا بن يعقوب لا يظهر في القائمة المذكورة في كل من متى ومرقس .. بينما شغل مكانه لباوس الملقب تداوس ".
*** وهنا لابد أن نلفت النظر إلى أن محمداً ظهر تحت شمس التاريخ وقد بلغ صحابته مائة ألف أو يزيدون .. وقد عرفت أسماوهم وأخبارهم .. فكيف بكتبة الأناجيل يعجزون عن التحقق من الأثني عشر تلميذاً ... ؟
ج ـ اختلاف متى ومرقس في قصة تطهير الهيكل وشجرة التين :
لنقرأ النص الانجيلي لنعرف الاسلوب الممكن يكلم فيه " إله " مع شجرة .. هو الانجيل يقول ان المسيح خاطب شجرة ..
يقول إنجيل متى :
" دخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل .. وقال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص ... ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك (( وفي الصباح )) إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع . فنظر إلى شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقا فقط فقال لها لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد .. فيبست التينة في الحال ... " (21: 12-21 ) ..
*** نأخذ الخلاصة من هنا .. ان حادثة لعن شجرة التين حدثت بعد عودته من تطيهر الهيكل .. اذن وقت الحادثة بعد تطهير الهيكل
لكن إنجيل مرقس يقول في هذا الحادث :
" وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع . فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئاً فلما جاء إليها لم يجد شيئاً إلا ورقاً. لأنه لم يكن وقت التين . فأجاب يسوع وقال لها لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد. وكان تلاميذه يسمعون . وجاءوا إلى أورشليم . ولما دخل يسوع الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام .. وكان يعلم قائلاً لهم أليس مكتوباً بيتي بيت صلاة يدعى .. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص .. ولما صار المساء خرج إلى خارج المدينة .... " (مرقس 11: 12-24 ) ..
واضح .. في انجيل متى انه لعن شجرة التين بعد ما خلص على تطيهر الهيكل .. لكن هنا في مرقس الحادثة تمت الأول وهو ذاهب .. فطبعا ان المفروض حسب متى ان جميع أحداثها تقع في نفس اليوم .. لكن في مرقس لفت نظره لها في اليوم التالي في روايتين مختلفتين ..
إن إحدى الروايات تقول إن الوقت لم يكن وقت تين .. وهذا يعني أن معلومات المسيح الذي قيل إنه الله أو إنه ابن الله لم تصل إلى مستوى معلومات الفلاح العادي الذي يعلم إن كان الوقت وقت تين أم لا .. ولم يعلم إن كانت الشجرة التي يراها على مد البصر بها تين أم لا .. وتقول الروايتان إن هذا الإله الجائع ذهب إلى الشجرة ولما لم يجد بها تيناً فإنه لعنها ..
*** الم يكن من منطق الشجرة انت تقول له ربي انت خلقتني بدون تين .. لماذا تلعني ..
2- مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها ..
بعد ذلك نأتي لموضوع خطير هو مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها .. إن المتفق عليه بين علماء الديانات وخاصة ديانات الكتب المقدسة.. هو أن أحد تعاريف النبي بأنه الشخص المرسل من عند الله سبحانه وتعالى أو الذي يتكلم بوحي من خالقه ولا يدخل الخلف في أخباره ..
فمن المؤكد أن النبي الذي يصدقك فيما حدث في الدنيا .. لابد ان يصدقك ما وعد به في الآخرة .. لكن عندما تنسب نبوءة لنبي ما .. بل وأكثر من نبوءة تثبت أن الحياة الدنيا التي نعيشها قد انتهت .. فماذا يكون المصير بالنسبة لتنبوءات الحياة الأخرى ؟
من المؤكد أن ما وعد به لن يتحقق أيضاً .. أعتقد أن هذه قاعدة متفق عليها ..
وبالنسبة لموضوع التنبؤات في الأناجيل نجد الأتي :
أ- التنبؤ بأن نهاية العالم تحدث في القرن الأول الميلادي :
تقول الأناجيل إن السيد المسيح :
" دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض .. وأوصاهم قائلاً .. ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام .. ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى . فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان ( المسيح) " متى 10: 1-23) ..
** أي أن عودة المسيح ثانية إلى الأرض تحدث قبل أن يكمل تلاميذه التبشير في مدن إسرائيل ..
*** وهي كذلك تحدث قبل أن يكون معاصري المسيح الذين عاشوا في النصف الأول من القرن الأول الميلادي ـ قد ماتوا :
" إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله . الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوم لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته " (متى 16: 27-28) ..
وبصورة أخرى تؤكد ما سبق فإن نهاية العالم وعودة المسيح ثانية إلى الأرض لا بد أن تحدث قبل أن يفنى ذلك الجيل الذي عاش في القرن الأول من الميلاد :
" بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماء تتزعزع . وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء .. ويبصرون ابن الانسان على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ..الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله " ( متى 24: 29-34) ..
ويتفق كل من إنجيلي (مرقس 13: 24-30 ) و (لوقا 21: 25-32 ) .. مع ذلك التقرير الخطير الذي قرره متى ..
هذا ومن الواضح - كما يقول جون فنتون - :
" إن شيئاً من هذا لم يحدث كما توقعه متى .. " ( تفسير انجيل متى ص 21)
وعلى ذلك تكون التنبؤات التي نسبتها الأناجيل للمسيح عن حدوث نهاية العالم في القرن الأول الميلادي استحال تحقيقها ولا يمكن لأحد الدفاع عنها ..
(ب) التنبؤ باصطحاب يهوذا الخائن للمسيح في العالم الآخر :
في حوار جرى بين المسيح وتلاميذه عمن تكون له النجاة في العالم الآخر .. سأل بطرس معلمه عن أجر المؤمنين به فقال :
" هانحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا ؟، فأجابه المسيح متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر ، ( متى 19: 27-29 ) ..
** لقد كان يهوذا الاسخريوطي أحد التلاميذ الاثني عشر الذين قيلت لهم هذه النبوءة وبعد خيانته أصبح يعرف ( بابن الهلاك ) لأنه طرد من صحبة المسيح في الدينا والآخرة . وبهذا استحال تحقيق هذه النبوءة ..
وإذا رجعنا إلى نظير هذه الفقرة في إنجيل لوقا لوجدنا - كما يقول جون فنتون ** أنه حذف العدد الاثنى عشر ولعل ذلك يرجع إلى أنه كان يفكر في يهوذا الاسخريوطي .. ( تفسير انجيل متى ص 317 ) ...
ج- التنبؤ بدفن المسيح في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال :
حاول قوم من اليهود تعجيز المسيح فقالوا له :
" يا معلم نريد أن نرى منك آية . فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال يكون هكذا ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال " ( متى 12: 38-40 ) ..
إن هذا القول شائع في الأناجيل وتكرر ذكره في أغلبها وفي أكثر من موضع . وقد ذكر في إنجيل مرقس في ( 8: 31 , 9: 31 , 10: 34 ) ..
وذكر في إنجيل لوقا مع اختلاف هام يلحظه القارئ ، وذلك في قوله :
"هذا الجيل شرير يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي .. لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل ( 11: 29-30 ) ..
*** لوقا هنا تخصل من حكاية ثلاث أيام وثلاث ليال ..
وذكرت الأيام الثلاثة في إنجيل يوحنا ( 2: 19 ) .. ونقرأ في سفر يونان ( يونس عليه الصلاة والسلام ) ما حدث له:
" فقد " أعد ( الرب ) حوتاً عظيماً ليبتلع يونان فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال .. فصلي يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت .. وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر " (1: 17 , 2: 1-10 ) ..
ومن الواضح إذن أنه لكي تتحقق هذه النبوءة فيجب أن يبقى المصلوب في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال ..
ولكن إذا رجعنا إلى ما تذكره الأناجيل عن أحداث الصلب والقيامة لوجدنا أن المصلوب أنزل من على الصليب مساء الجمعة (يوم الصلب) :
" ولما كان المساء إذ كان الاستعداد أي ما قبل السبت جاء يوسف الذي من الرامة .. ودخل إلى بيلاطس ( الحاكم ) وطلب جسد يسوع .. فدعا قائد المئة وسأله هل له زمان قد مات . ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف . فاشترى كتاناً فأنزله وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتاً في صخرة ودحرج حجراً على باب القبر (مرقس 15: 42-46 ) ..
ولقد اكتشف تلاميذ المسيح وتابعيه أن ذلك القبر كان خالياً من الميت في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد .. وفي هذا يقول إنجيل متى :
" وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر .. فأجاب الملاك وقال للمرأتين .. ليس هو ههنا لأنه قام كما قال " ( 28: 1-6 ) ..
كذلك يقول إنجيل يوحنا :
" في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر ( 20: 1 )
وبعملية حسابية بسيطة نجد أن :
عدد الأيام التي قضاها الميت في بطن الأرض ( في القبر ) = 1 يوماً (يوم السبت).
عدد الليالي التي قضاها الميت في بطن الأرض ( في القبر ) = 2 ليلة .. ( ليلة السبت وجزء من ليلة الأحد على أحسن الفروض ) ..
*** وبذلك استحال تحقيق هذه النبوءة التي قالت ببقاء الميت في بطن الأرض ثلاث أيام وثلاث ليال ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-22-2020, 11:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** قضية الصلب ..
ننتقل الآن لمناقشة قضية هامة وخطيرة هي قضية الصلب ... وأقولها الآن - بأمانة - إن من أكبر معجزات القرآن أنه نفي نفيا قاطعاَ القول بصلب المسيح .. لقد قالها في آية واحدة .. هي الآية رقم (157) من سورة النساء ..
" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا "
لكن قضايا أخرى مثل القول بأن الله هو المسيح أو أن المسيح ابن الله ، ذكرها القرآن في مواضع كثيرة وتكفل بالرد عليها باعتبارها كفراً صريحاً .. ولقد استغرق الحديث عن قضية التوحيد وما يرتبط بها نحو ثلث الكتاب الكريم .. ومن المعلوم أن سورة الإخلاص التي تقول :
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) "
تعدل ثلث القرآن ..
ويحق لنا أن نقول : لو أن القران كان من عند غير الله وأن بشراً من الأرض قد افتراه كذبا على الله وادعى أنه أوحي إليه .. أما كان الأولى به والأيسر لرواج دعوته أن يقول بصلب المسيح .. باعتبار ذلك شائعاً ومعروفاً بين الناس .. وفي تلك الحال فإنه يستميل النصارى إليه ويقلل من المشاكل والعقبات التي تعترض قبولهم الإسلام .
إن الشواهد القريبة تبين أن تحول المسيحي من طائفة مسيحية إلى أخرى يمكن أن يحدث دون ضجة .. وذلك لاشتراك تلك الطوائف في أصول عقائدية كثيرة .. لقد بينت الشواهد البعيدة - في الزمن - أن تحول أصحاب العقائد التي شاعت في العالم الروماني الوثني إلى المسيحية كان يرجع بالدرجة الأولى إلى التشابه الكبير بين أصول تلك العقائد والعقيدة المسيحية التي شاركتها فكرة الإله المتجسد وأفكاراً وطقوسا أخرى سوف نتحدث عنها بشيء من التفصيلفيما بعد ..
** أما تحول المسيحي إلى الإسلام فإنه يعتبر انقلاباً في حياته ومعتقداته لأنه غير مفاهيم وعقائد كثيرة ترسبت في عقله ووجدانه ..
لكن القرآن - کتاب الإسلام - لم يجار النصارى على معتقداتهم وما تعارفوا عليه .. لكنه حدد المواقف تحديدا واضحا فجعل القول بأن { الله هو المسيح } أو أن { المسيح ابن الله } كفراً لا يقبل المغفرة .. حتى إذا جاء الحديث عن قتل المسيح - وكم قتل اليهود من أنبياء قبله - نجد القرآن ينفي قتل المسيح وينفي صلبه نفيا قاطعا لا لشيء إلا لأن ذلك ما حدث فعلا ..
فالقرآن لا يقول إلا الحق بصرف النظر عما إذا كان ذلك الحق يتفق وما شاع بين الناس وصار من المسلمات بينهم أم أنه جاء مخالفاً لما توارثوه عبر قرون عديدة ..
وبما أن الصلب قضية .. وما نناقشه هنا عبارة عن مجموعة من القضايا .. فالأولى بنا أن نذكر بقاعدة بسيطة متفق عليها تحكم أحكام الناس في مختلف القضايا على مختلف المستويات - وهذه القاعدة تقول :
** كل ما تسرب إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ..
فحين تختلف شهادة شاهدين أمام قاض في محكمة .. فإن ما تفرضه عدالة المحكمة هو عدم الاعتداد بأي من الشهادتين إلى أن يأتي شاهد ثالث يؤيد شهادة أحد الشاهدين .. وإلا امتنع صدور حكم عادل ..
والآن نذهب لمناقشة قضية الصلب كما تعرضها الأناجيل ، وهي التي تبدأ بمجموعة من الأحداث الخاصة بمحاولة قتل المسيح إلى أن تنتهي بتعليق شخص يصرخ يائساً على الصليب .. وما أعقب ذلك من تكفينه ودفنه ..
1- مسح جسد المسيح بالطيب :
لقد اختلفت الأناجيل في هذه الحادثة البسيطة التي تعتبر مقدمة لأحداث الصلب .. يقول إنجيل مرقس :
" كان الفصح وأيام الفطير بعد يومين وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه .. وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص وهو متكئ جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن فكسرت القارورة وسكبته على رأسه . وكان قوم مغتاظين في أنفسهم فقالوا لماذا كان تلف الطيب هذا. لأنه كان يمكن أن يباع هذا بأكثر من ثلاثمائة دينار ويعطى للفقراء وكانوا يؤنبونها " (14: 1-5)
وقد ذكر متى هذه الحادثة في (26: 6-9 ) .. ولوقا في (7: 36-39) .. ويوحنا في (12: 1-6) .. مع اختلافات بينهم في توقيتاتها وعناصرها الرئيسية ..
يقول نينهام في هذه القصة :
** نجد القديس يوحنا يذكرها مبكراً عما أورده القديس مرقس ببضعة أيام .. وكذلك يضعها القديس لوقا في موقع مختلف تماما من سيرة يسوع .. فبينما نجدها في إنجيل مرقس قد حدثت في منزل سمعان الأبرص من قرية بيت عنيا .. نجدها في إنجيل يوحنا قد حدثت في بيت مريم ومرثا ولعازر ( تفسير انجيل مرقس ص 370) ..
ويمكن تلخيص اختلاف الأناجيل في هذه القصة كالآتي :
مكان الحادث :
في بيت سمعان الأبرص ( مرقس ومتي ) - ( في بيت فريسي (لوقا) - في بيت الإخوة لعازر ومريم ومرثا ( يوحنا ) .
شخصية المرأة :
مجهولة ( مرقس ومتي ) - خاطئة (لوقا) - امرأة صديقة هي مريم أخت العازر (يوحنا).
ماذا فعلت :
دهنت رأس يسوع بالطيب ( مرقس ومتي ) - دهنت رجليه بالطيب (لوقا ويوحنا ).
رد الفعل عند المشاهدين :
اغتاظ قوم لإسرافها (مرقس) - اغتاظ التلاميذ ( متي) - كان تساؤل الفريسي مع نفسه حول معرفة يسوع لشخصية المرأة (لوقا) - اغتاظ يهوذا الاسخريوطي لإسرافها ( يوحنا ).
۲ـ التحضير للعشاء الأخير :
يقول مرقس :
" وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح. فأرسل { اثنين من تلاميذه } وقال لهما اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه . وحيثما يدخل فقولا لرب البيت إن المعلم يقول أين المنزل حيث اكل الفصح مع تلاميذي فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة . هناك أعدا لنا . فخرج تلميذاه وأتيا إلى المدينة ووجدا كما قال لهما . فأعدا الفصح. ولما كان المساء جاء مع الاثني عشر» (14: 12-17) ..
ويقول نينهام :
** إن أغلب المفسرين يعتقدون أن هذه الفقرة بأعدادها من رقم (12-16) إنما كانت في الواقع إضافة أدخلت فيما بعد إلى الرواية التي يتبعها القديس مرقس في هذا الجزء من إنجيله . ومن بين الأسباب لذلك الاعتقاد ما يأتي :
1- وصف اليوم الذي قيل : إن القصة حدثت فيه بأسلوب لا يستخدمه اليهودي العادي الذي كان معاصراً لها.
2- وصف أتباع يسوع في كل فقرة من هذا الإصحاح ( الرابع عشر) بأنهم تلاميذه بينما أشير إليهم بإصرار في هذه الفقرة بأنهم الاثنا عشر .
3- أن كاتب العدد (17) الذي يقول :
" ولما كان المساء جاء مع { الاثني عشر } "
لا يعلم شيئاً عن رحلة التلميذين التي ذكرت في العدد 13 .. فلو كان كاتب العدد 17 يعلم محتويات تلك الفقرة لكان عليه أن يتحدث عن : { العشرة وليس الاثني عشر } أي أن العدد 17 كان يجب أن يقرأ هكذا :
" ولما كان المساء جاء مع العشرة " .. ( تفسير إنجيل مرقس : ص ۳۷۹ )
ويختلف متى مع مرقس في قصة الإعداد للعشاء .. إذ أنه يجعل التلاميذ جميعاً - كما يقول جون فنتون في ص 414 من تفسيره ـ يشتركون في هذا
الإعداد .. فهو يقول :
" قال يسوع { لتلاميذه اذهبوا } إلى المدينة إلى فلان وقولوا له . المعلم يقول إن وقتي قريب . عندك أصنع الفصح مع تلاميذي. { ففعل التلاميذ } كما أمرهم يسوع وأعدوا الفصح ، ( 26: 17-19) ..
3 - توقيت العشاء الأخير وأثره على قضية الصلب :
يقول جون فنتون : « يتفق متى ( 26: 17-19 ) .. مع مرقس ( 14: 12-17 ) .. وكذلك لوقا ( 22: 8) في أن العشاء الأخير كان هو الفصح .. وعلى العكس من ذلك نجد الإنجيل الرابع يجعل الفصح يؤكل في المساء بعد موت يسوع " . ( يوحنا 18 : 28 ) كما يقول جون فتون ) ..
ويرى أغلب العلماء أن توقيت كل من متى ومرقس ( ولوقا ) صحيح وأن يوحنا قد غير ذلك لأسباب عقائدية .( تفسير انجيل متى ص 415)
ذلك أن يوحنا يقرر أن العشاء الأخير الذي حضره يسوع مع تلاميذه كان قبل الفصح .. فهو يقول :
" أما يسوع قبل عيد الفصح فحين كان العشاء .. قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها ، ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، ( 13: 1-5)
وكذلك يقرر يوحنا أنهم قبضوا على يسوع في مساء اليوم السابق لأكل الفصح .. وذلك في قوله :
" ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية وكان صبح ، ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح " (18: 28) ..
*** إن اختلاف الأناجيل في العشاء الأخير وتوقيته ترتب عليه اختلافهم في نقطة جوهرية تعتبر واحدة من أهم عناصر قضية الصلب .. ألا وهي تحديد يوم الصلب ..
فإذا أخذنا برواية مرقس ومتى ولوقا لكان يسوع قد أكل الفصح مع تلاميذه مساء الخميس .. ثم كان القبض بعد ذلك بقليل في مساء الخميس ذاته .. وبذلك يكون الصلب قد حدث يوم الجمعة ..
أما الأخذ برواية يوحنا فإنه يعني أن القبض كان مساء الأربعاء .. وأن الصلب حدث يوم الخميس ..
*** هل حدث الصلب يوم الخميس أم يوم الجمعة ؟!!
4 - العشاء الأخير والتلميذ الخائن :
يقول مرقس :
" ولما كان المساء جاء مع الاثني عشر وفيما هم متكئون يأكلون قال يسوع الحق أقول لكم إن واحداً منكم يسلمني . الآكل معي فابتدأوا يحزنون ويقولون له واحداً فواحداً هل أنا ؟ وآخر هل أنا ؟ فأجاب وقال لهم . هو واحد من الاثني عشر الذي يغمس معي في الصحفة . إن ابر الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه . ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان . كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد " ( 14: 17-21) ..
ولقد أدخل "متى" بعض التغييرات على رواية مرقس ..
ويقول لوقا:
" اقدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعي الاسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر. فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم .. وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم خلواً من جمع . ولما كانت الساعة اتكأوا الاثني عشر رسولا معه .. وقال لهم شهوة اشتهيت أن آكل الفصح معكم .. ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة .. فابتدأوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهم هو المزمع أن يفعل هذا " ( 22: 3-23) ..
أما رواية يوحنا ففيها اختلاف يسهل ملاحظته ـ عما روته الأناجيل الثلاثة الآخر .. فهو يقول :
" لما قال يسوع : هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني ، فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض
وهم محتارون من قال عنه .. أجاب يسوع هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه .. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي . فبعد اللقمة
دخله الشيطان . فقال له يسوع : ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة فذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلا " ( 13: 21-30) ..
وبصرف النظر عن اختلاف الأناجيل في إجابة المسيح لتلاميذه عمن يكون الخائن .. إذ قال إنجيل لوقا :
" الذي يغمس في الصحفة "
بينما قال إنجيل يوحنا :
" الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه "
لكن النقطة الهامة التي تتعلق بخيانة يهوذا هي اختلاف الأناجيل في حادثة دخول الشيطان فيه .. فها هو يقرر أن الشيطان دخل يهوذا قبل العشاء الأخير بيوم على الأقل ( 22: 3-7 ) ..
بينما يقرر يوحنا أن الشيطان دخل يهوذا بعد أن أعطاه يسوع اللقمة ( يوحنا 13: 27 ) .. أثناء العشاء الأخير ..
هذا .. ونكتفي بهذا القدر الذي عرضنا فيه بعض عناصر قضية الصلب وهي :
مسح جسد المسيح بالطيب .. ثم التحضير للعشاء الأخير - ثم توقيت العشاء الأخير وأثره على قضية الصلب - وأخيراً ما قيل عن العشاء الأخير والتلميذ الخائن ..
ونستأنف فيما بعد .. إن شاء الله تعالى .. استكمال بحث قضية الصلب .
وللحديث بقية ...
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
03-09-2020, 08:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد .. هل يمكن للباحث العلمي أن يقطع أن هناك الآن إنجيلاً ينسب إلى المسيح ؟
أن هذه المتناقضات الموجودة في الأناجيل على رغم قلة حجمها .. لأن الأناجيل قليلة جداً في الحجم .. فهذا هو حجم الأناجيل كلها ..
فإذا ثبت أن هذه الأناجيل تحتوي على بعض التناقضات ولو تناقضاً واحداً .. لا مائة تناقض .. فإن ذلك يبطل كونها وحياً من عند الله سبحانه وتعالى .. لأن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الذي نزل على رسول أمي وعلى أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب قال :
" وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) "
يعني لو أن القرآن كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً .. ولذلك فإن كل مسلم يعلن صراحة .. أخرجوا لنا تناقضاً واحداً من القرآن الكريم بأياته التي بلغت 6236 آية .. إن أحداً لا يجرؤ أن يقول إن في القرآن تناقضاً واحداً .. ونحن بين أيديكم نستطيع أن نواجه أي اتهام أو شك أو ريب ثبت أن في القرآن تناقضاً واحداً .. أما الأناجيل فقد رأيتم أنه على قلة حجمها فهي متناقضة .. بل إن هناك تناقضاً في الصفحة الواحدة .. وأضرب لكم مثلاً لشيء من هذا التناقض في صفحة واحدة ..
في إنجيل متى مثلاً نجد عشرات من هذه التناقضات ويمكن أن نشير إلى بعض منها من غير تحيز .. يقول السيد المسيح لبطرس :
" وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقدر عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحله في الأرض يكون محلولا في السماء "
إذن - بطرس قال له المسيح .. أنت صخرة .. وأنت قوي .. وأن الشياطين لا تستطيع أن تدخل في خلالك ولا أبواب الجحيم ، وأن عليك أبني كنيستي ، ثم أعطاه وعداً أو عهداً عجيباً أن :
" ما حللته في الأرض أحله في السماء .. وما ربطته في الأرض أربطه في السماء .. ما تفعله أنا أفعله وما تريده أنا أريده .. "
أي أن إرادة الله تابعة لإرادة بطرس . وهذا هو الذي جاء في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى :
" وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (31)" سورة التوبة ..
فقال عدي بن حاتم الطائي وكان نصرانياً وأسلم .. يا رسول الله ما كنا نعبدهم .. على أساس فهمه أن العبادة تعني الركوع على رجليه أو الصلاة له .. فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام .. " ألم يكونوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بكلامهم ؟ قال بلى . قال : فتلك عبادتهم من دون الله "
* إذن ـ أن يكون هناك حق التحليل والتحريم لغير الله وحده فهذا هو الشرك .. ولذلك نجد الإسلام ينفي أن تكون سلطة التحليل والتحريم إلا الله ..
فلا تكون حتى للرسول محمد عليه الصلاة والسلام .. فالرسول لا يملك حق التحليل والتحريم إلا بوحي من الله .. والله عتب عليه حينما حرم على نفسه شيئاً فقال له :
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ (1) " سورة التحريم ..
في هذا النص الإنجيلي أعلاه .. نجد مكانة بطرس عالية .. ولكن انظر في آخر الصفحة ماذا يقول؟
في أول الصفحة نجد بطرس - كما يقول الإنجيل على لسان المسيح - هو الصخرة التي سيقيم عليها المسيح بناء دعوته .. ويشدها إليه .. وهو صخرة راسخة لا تنال أبواب الجحيم منها .. وأن بيده مفاتيح ملكوت السموات .. ثم لا تكاد العين تتملى هذه الصورة العظيمة لبطرس حتى تلقاها صورة أخرى مضادة تماماً تمسخ هذا الحواري مسخاً وتحيله من إنسان إلهي إلى شيطان مريد .. هكذا فجاة .. وأين ذلك ؟ .. في إنجيل متى نفسه وفي نفس الإصحاح رقم 16 وبعد عددين اثنين - أي حوالي سطرين فقط من كلمات السيد المسيح المبشرة له ..
يقول متى : « من ذلك الوقت ابتدا يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم .. فأخذه بطرس إليه وابتداء بنتهره قائلاً حاشاك يارب .. لا يكون لك هذا .. فالتفت وقال لبطرس : اذهب عني با شيطان أنت معثرة لى لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس " ( 16: 21-23) ..
** فانظر كيف كان بطرس في أول الصفحة يقول له المسيح : ما حللته في الأرض احله في السماء .. ثم في آخر الصفحة يقول له : أنت شيطان .. إن التناقضات كثيرة جداً في الأناجيل ....
الأستاذ إبراهيم خليل أحمد .. كان قسيساً وأستاذ العقيدة واللاهوت في كلية اللاهوت .. رئيس كنائس الصعيد كلها في مصر .. يقول ..
الحقيقة أن عملنا كمبشرين كان يستند إلى سند جاء في رسالة بطرس الثانية لنؤكد أن التوراة والإنجيل كُتُب موحى بها من الله .. فكنا نقول :
" لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان .. بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ..
طبعاً هذا النص الذي جاء على لسان بطرس كما جاء في رسالته الثانية .. سوف يوهم هذا النص أن الكتاب المقدس الموجود حالياً كتاب موحى به من الله .. كذلك يتناول القسيس في عمله بين المسلمين آية من آيات القرآن الكريم في سورة آل عمران تقول:
" نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) من قبل هدى للناس "
إن القرآن دقيق كل الدقة فهو لم يذكر العهد الجديد ولا العهد القديم ولكنه ذكر التوراة والإنجيل .. ولما جاء القرآن ليذكر العهد القديم والعهد الجديد بالكتاب ماذا قال ؟ .. قال في سورة آل عمران :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ " (64).
إذن عندما ذكر الكتاب كله بدأ القرآن يوجه التوجيه السليم والصحيح .. وكذلك في سورة النساء .. يقول الحق سبحانه وتعالى :
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " (171) " ..
وجاء في سورة المائدة أيضاً عن أهل الكتاب يقول الله سبحانه وتعالى:
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ " (15) سورة المائدة .
** إذن .. لما جاءت الإشارة إلى الكتاب ، جاءت الإشارة بالتنويه إلى التصحيح. لكن لما جاءت الإشارة إلى التوراة والإنجيل جاءت الإشارة بالتصديق دون أن يذكر لا العهد القديم ولا العهد الجديد ..
نخرج من هذا إلى الأناجيل ذاتها .. ولنتدبر إنجيل لوقا ذاته .. هل كان موحى به من الله ؟ أم كان تحت تأثير وحى الله سبحانه وتعالى ؟ .. يقول لوقا (1: 1-4) :
" إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة : رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " ..
*** فهو قال : كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء .. ولم يقل موحى بها من الروح القدس ..
* إن لوقا لم يكن من الاثني عشر تلميذا الذين كانوا مع المسيح .. وهذه نقطة لها وزنها في تقييم الموقف ..
ثم عندما نأتي لشاول الذي أصبح يعرف ببولس فيما بعد نجد في ( الإصحاح 7: 8) من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس ) يقول في فقرة 8 :
" أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا "
فهذا الكلام من بولس شخصياً .. وهو يريد الناس أن يبقوا مثله بلا زواج .. ثم يقول :
" 10- أما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب ألا تفارق المرأة رجلها "
وهذا هو الانفصال دون الطلاق .. وعندما تتقدم قليلاً نجده يقول :
" 12- وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب "
فهو مرة يقول ربنا قال ومرة يقول أنا أقول . فكأنه على مستوى الله - سبحانه وتعالى - في الكتاب ..
وأكثر من هذا فإنه يجعل المرأة المؤمنة لا مانع من أن تتزوج مشركاً .. وهذا خطر كبير على الحياة الزوجية بين امرأة مؤمنة ورجل مشرك فهو يقول:
" 13- والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يسكن معها فلا تتركه "
هذا كلام بولس ..
هل كان هذا الإنسان متيقظاً عندما جاء ليصحح الوضع ؟ .. لكنه عندما أفاق نجده يقول :
" لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والإثم واية شركة للنور مع الظلمة ، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال وأي نصيب للمؤمن من غير المؤمن ، وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان ، لأنكم أنتم هيكل الله الحي .. كما قال الله : إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم ليكونون لي شعباً . لذلك أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب"
لقد جاء هذا الكلام في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس وجاء في ( الإصحاح 6: 14-18) ..
* إذن هو في الرسالة الأولى يقول .. والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهي ترتضي أن يسكن معها فلا تتركه .. أما في الرسالة الثانية فإنه يقول ..
" اعتزلوا "
هذا ولا شك ذبذبة في الكلام في كتب مقدسة من المفروض تصديقها تصديقاً مطلقاً ؟
نأتي إلى بولس والعذارى فتجده يقول أيضاً في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس :
" وأما العذاري فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً .. فأظن أن هذا حسن بسبب الضيق الحادث أنه حسن للإنسان أن يكون هكذا " ..
وأعتقد أن الظنية في الكتب المقدسة شيء رهيب جداً لا يمكن لإنسان الاعتماد عليها .. وأكثر من هذا فإن الزواج في النصرانية لا انفصام له إلا بالموت .. فإذا حدث أن تزوجت امرأة برجل وكرهت الرجل وأرادت أن تتخلص منه بأي كيفية من الكيفيات الشريفة ، تقول : لما يموت تستطيع أن تتزوج . فالإنسانة تبقى منتظرة ساعة الوفاة حتى تتخلص من الرجل الشؤم الذي كان كابوساً على حياتها .. فماذا يقول بولس :
" المرأة مرتبطة بالناموس ما دام رجلها حياً ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تزوج بمن تريد في الرب فقط .. ولكنها أكثر دقة إن
لبثت هكذا بحسب رأيي .. وأظن أني أنا أيضاً عندي روح الله ( 1 كورنثوس 7: 39-40) ..
فهو لا يصدق نفسه إن كان عنده روح الله أم لا .. عندما يصدر كلام كهذا من رجل مثل بولس فإنه يعطينا تشككاً رهيباً فيما جاء في العهد الجديد ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-10-2020, 01:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وعندما نأتي إلى العهد القديم ونرى الألاعيب التي حدثت في العهد الجديد .. نجد أن التوراة وهي الأسفار الخمسة الأولى التي أعطاها موسى للاويين نجد الآتي :
فعندما كمَّل موسي كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إليكم ليكون هناك شاهداً عليكم لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة . هو ذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحرى بعد موتي ، ( تثنية : 31: 24-27 ) ..
فهذا سيدنا موسى يؤكد للأجيال أن اليهود شعب متمرد ليس على موسى فقط ولكنه متمرد على الله خالق شعب إسرائيل ..
ففي سفر التثنية قبل الختام نجد كلاماً غريباً يقول في ( الإصحاح 34) :
" فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب ودفنه في الجواء في أرض موآب " ( 5-7) ..
* هل يستطيع الميت أن يكتب ؟
** إذا كان موسى قد مات فكيف يستطيع أن يكتب هذه الأسفار ويقول أنا مت وحدث كذا وكذا ..
*** إذن هذا الكلام ولا شك أنه قد زيد وأن التوراة قد كتبت في غير أيام موسى وحدث لها ما حدث ..
هذا بالإضافة إلى أنه بدراسة التوراة والإنجيل دراسة تاريخية سنطمئن كل الاطمئنان إلى أن التوراة عموماً قد أبيدت .. وفي تاريخ إسرائيل نجد أن نبوخذنصر دخل بجيشه إلى الهيكل ودمره وأخذ كل المقتنيات ومن ضمنها الكتب المقدسة والأواني وذهب بها إلى بابل .. إذن ثابت تاريخياً أن التوراة التي كتبها موسى قد فقدت نهائياً .. فلما أمر كورش ملك الفرس بإرجاع بني إسرائيل إلى فلسطين أخذ عزرا ونحميا بإعادة تدوين التوراة من ذاكرتهما ..
** إننا لا نسطيع أن نصدق التوراة والإنجيل كلها .. ولا نستطيع أن نكذبها كلها .. لأن العامل الإنساني موجود في هذه الكتب .
لكني كإنسان ( ابراهيم خليل أحمد ) هداني الله للإسلام .. فلقد كنت قسيساً ولم أهتد إلى الإسلام بسهولة .. فلا بد أن يكون لدي حجة قوية .. وأن الكتب من موسى إلى عيسى تنبأت بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ونجد في سورة النساء الآية (82) يقول الله سبحانه وتعالى :
" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا "
ليس المفروض أن يكون كل الناس علماء وأن يفرغوا وقتهم للدراسة والمقارنة .. ولكني أعتقد أن ما كتبته لكم من رسائل بولس إلى أهل كورنثوس يبين وجود العنصر البشري في العهد الجديد ..
هذا ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم .. يقول إنما أنا بشر .. ولم يقل أنا إله .. فالقرآن يقول :
" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) " ( سورة الكهف )
ويتحدى القرآن كل المخلوقات فيقول :
" قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) " ( سورة الإسراء)
*** إذن نستطيع أن نقطع بأن إنجيل المسيح غير موجود ؟ .. هذا مؤكد ..
وهنا نسأل .. فكيف يقول القرآن الكريم :
"وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (47) " ؟ سورة المائدة ..
ويقول :
" إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا (44) " ( المائدة) ..
ويقول الله تعالى :
" قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) " ( آل عمران ) ..
فأي توراة يقصد .. وأي إنجيل ؟
أن التوراة الموجودة مدبجة بكلام ينسب لموسى وليس كل ما فيها كلام موسي .. وكذلك الإنجيل مدبج بكلام ينسب للمسيح ولكن ليس كل ما فيه كلام المسيح ..
نستطيع أن نجمل الإجابة في أن الله سبحانه وتعالى لما قال :
" إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ "
وقال :
" وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ "
بين ربنا سبحانه وتعالى في قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم ..
" أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48) " سورة المائدة.
إذن المرجع الوحيد لما صح من الإنجيل .. ولما صح من التوراة .. ولما رضيه الله .. هو القرآن الكريم .. فما أثبته القرآن وأقره فهو حق .. وما نسخه القرآن فقد انتسخ .. وما رد عليه القرآن الكريم فهو باطل
..
وللحديث بقية ..
احوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-15-2020, 01:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
نبدا باستكمال عناصر قضية الصلب .. وكنا قد انتهينا ..عند مناقشة تهمة الخيانة ( 4- العشاء الأخير والتلميذ الخائن ) .. ورأينا أن الشيطان دخل يهوذا قبل العشاء الأخير حسب رواية لوقا .. لكنه حسب رواية يوحنا دخل يهوذا بعد أن أعطاه المسيح اللقمة أثناء العشاء الأخير فخرج ليتآمرعليه ..
ونبدأ الآن بعنصر معروف تحت عنوان .. المعاناة في الحديقة أو آلام المسيح ومتاعبه في الحديقة .. وسوف نقرأ النص .. ودائماً أبدأ بإنجيل مرقس باعتباره أقدم الأناجيل .. ولكن أرجو أن نركز ونحن نقرأ النص الذي يصف هذه الفترة الهامة والحاسمة من حياة المسيح .. عما إذا كانت الصورة التي رسمها كتبة الأناجيل للمسيح هنا تبين أنه جاء ليبذل دمه فدية عن كثيرين .. ومن ثم كان الصلب وسفك دمه هدفاً رئيسياً لرسالته .. كما يقولون .. أم أن المسيح فوجئ بقوة الظلم تكاد تطبق عليه .. وأن حياته باتت مهددة بالخطر بشكل لم يكن يتوقعه .. ولذلك أصابته حالة من الرعب القاتل كان يود في كل لحظة من لحظاتها أن ينجو من الخطر وينقذ نفسه من الموت ..
5- آلام المسيح :
ويقول مرقس : « وجاءوا إلى ضيعة اسمها جثسيماني فقال لتلاميذه اجلسوا ههنا حتى أصلي .. ثم أخذ معه بطرس ويعقوب وابتدأ يدهش ويكتئب . وقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت . امكثوا ههنا واسهروا .. ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة ان أمكن وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك . فاجز عني هذه الكأس . ولكن ليكن لا ما أريد أنا ، بل ما تريد أنت ثم جاء ووجدهم نياماً . فقال لبطرس با سمعان أنت نائم . أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة ؟ أسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة . أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف . ومضى أيضاً وصلى قائلاً ذلك الكلام بعينه . ثم رجع ووجدهم نياماً إذ كانت أعينهم ثقيلة فلم يعلموا بماذا يجيبونه . ثم جاء ثالثة وقال لهم الآن استريحوا يكفي ، قد أتت الساعة ، هو ذا ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة ، قوموا لنذهب ، هو ذا الذي يسلمني قد اقترب » (14: 32-42 ).
إن أبسط تعليق على هذا الكلام هو أنه واضح تماماً أن المسيح لم يكن يتوقع هذه المفاجأة المذهلة وهي أن أعداءه سيقتنصونه .. وطبعاً هو يعلم أنهم عندما يمسكونه فلسوف يقتلونه .. ولذلك كان يصلي في كل وقت لكي تعبر عنه هذه الساعة أو هذه المحنة أو هذه الكأس .. حتى ينجو ..
** إذن نستطيع أن نقرر - مبدئياً ـ بأن أي قول يقول أنه جاء ليبذل نفسه فدية عن كثيرين .. أو أن سفك دمه كان ضرورياً للتكفير عن خطيئة آدم أو خطايا البشر .. كل ذلك لا يمكن قبوله .
*** وإذا كان عصيان آدم .. يكون تكفيره بقتل ابن الإله غصباً عن ابن الإله نفسه .. فهذه كارثة أكبر .. لأن الخطيئة تتضاعف تماماً بهذه الصورة ..
بعد ذلك نذهب لمعرفة آراء العلماء ومفسرو الأناجيل يقول دنيس نينهام :
لقد انقسمت الآراء بعنف حول القيمة التاريخية لهذا الجزء وجرى تساؤل عما إذا كان يعتبر في الحقيقة جزءاً من المصدر الذي روى عنه القديس مرقس ..
ويؤكد آخرون أنه لم يكن في مقدور أحد أن يكون شاهداً لأغلب الحوادث المذكورة هنا .. كما لم يكن في مقدوره أن يعلم ما هي الصلاة التي صلاها يسوع وحيداً .. ولذلك فإنهم يعتبرون أن الصلاة النموذجية ( في العدد 36 ) وتكرارها ثلاث مرات إنما هي شيء مصطنع مثل القول بإنكار بطرس ثلاث مرات ..
إن القرار الموثوق منه (حول حقيقة ما جرى في الحديقة ( مستحيل) .. ( تفسير انجيل مرقس ص 389-390)
أما رواية لوقا عن آلام المسيح فنجد فيها ما يجعلنا نعرضها .. إذ أنها تقول :
" وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه أيضاً تلاميذه .. ولما صار إلى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة . وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك . وظهر له ملاك من السماء يقويه . وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض . ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياماً من الحزن .. فقال لهم لماذا أنتم نيام قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة » ( 22: 39-46 ).
ويقول جورج كيرد في تفسيره لهذه الفقرات : حسب رواية مرقس ( الذي كان مصدراً للوقا ) نجد أن يسوع بدأ يكتنفه الآن الفزع والذهول وقد تحدت إلى تلاميذه عن الحزن الذي صحب استنزاف حياته وتلاشيها .. ولما كان غير قادر على رفقة أعز أصحابه ( تلاميذه ) فإنه قضى الليل في تشنجات متتالية من صلاة المكروب .. ولكن رواية لوقا المختصرة ( بالنسبة لرواية مرقس) تعطينا بقدر الإمكان انطباعاً أقوى من حالة الاضطراب التي حلت بيسوع .. فلقد أخبرنا أن يسوع هو الذي انتزع نفسه بعيداً عن أصحابه .. وأنه كان في ألم مبرح وأن عرقه صار مثل قطرات الدم .. وعندما نتذكر الشجاعة والثبات التي واجه بها الموت رجال آخرون شجعان بكل أشكاله البربرية وما كان يصحب ذلك من تعذيب مفرط .. فلا يسعنا إلا أن نتساءل عن ما هي الكأس التي كان يسوع يرجو الله - في صلاته - أن يجيزها عنه ..
إن صلاة يسوع ترينا أن عذاب الشك كان أحد عناصر محنته المعقدة ..
فلكم تنبأ بآلامه لكنه الآن عشية حدوثها نجده ينكص على عقبيه .. هذا .. ولما كانت بعض المراجع القديمة تحذف العددين ( 43 ، 44 ) .. اللذين يقولان :
" وظهر له ملاك من السماء يقويه . وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض "
ورغم وجودهما في أغلب النسخ وإلمام علماء المسيحية في القرن الثاني بهما « فإن هذا الحذف يمكن إرجاع سببه (كما يقول جورج كيرد) إلى فهم أحد الكتبة بأن صورة يسوع هنا .. وقد اكتنفها الضعف البشري .. كان يتضارب مع اعتقاده في الابن الإلهي الذي شارك أباه في قدرته القاهرة .. ( تفسير انجيل لوقا ص 243 ) ..
فإذا سلمنا بأن هذا هو حقيقة ما حدث للمسيح في الحديقة فإن هذا يعني بوضوح أنه لم يكن يتوقع القتل إطلاقاً .. وبالنسبة لعذاب الشك الذي أصابه فيمكن إرجاعه إلى أنه لابد وقد اطمأن مسبقاً إلى أن أعداءه لن يتمكنوا من اصطياده ـ وهو ما سوف نعود إلى الحديث عنه بشيء من التفصيل تحت عنوان : ( تنبؤات المسيح بنجاته من القتل ) - أما وقد رأى أعداءه على وشك اصطياده .. فهناك أصابه عذاب الشك فيما إذا كان سينجو حقا أم أنهم سيقضون عليه ..
6- القبض :
يقول مرقس : " وللوقت فيما هو يتكلم أقبل يهوذا واحد من الاثني عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ و مسلمه ( يهوذا ) قد أعطاهم علامة قائلاً الذي أقبله هو، هو، أمسكوه . وامضوا به بحرص. فجاء للوقت وتقدم إليه قائلاً يا سيدي يا سيدى وقبله. فألقوا أيديهم عليه وأمسكوه . فاستل واحد من الحاضرين السيف وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه . فأجاب يسوع وقال لهم كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني كل يوم كنت معكم في الهيكل أعلم ولم تمسكوني ، ولكن لكي نكمل الكتب ، فتركه الجميع وهربوا ، وتبعه شاب لابساً إزاراً على عريه فأمسكه الشبان ، فترك الإزار وهرب منهم عرياناً " ( 14: 43-52) ..
*** لقد كانت القبلة هي بداية عملية القبض .. ونجد هذا قد اتفق فيه متى ولوقا مع مرقس مع خلاف يسير .. أما عند يوحنا فلا مكان للقبلة .. كما أنه يعطي صورة مختلفة تماماً عما روته الأناجيل الثلاثة المتشابهة . فهو يقول :
" أخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح. فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال من تطلبون ؟ أجابوه يسوع الناصري . قال لهم يسوع أنا هو. وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم . فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض فسألهم من تطلبون ؟ فقالوا يسوع الناصري . أجاب يسوع قد قلت لكم إني أنا هو فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون " ( 18: 3-8) ..
لقد اتفقت الأناجيل الأربعة على شيء هام وهو أنه ابتداء من ذلك الوقت الذي كان في ظلمة الليل - لأنهم جاءوا بمشاعل ومصابيح - فقد تركه التلاميذا كلهم وهربوا ..
*** أين شك التلاميذ؟
لقد سبق أن ذكرت الأناجيل على لسان المسيح قوله لتلاميذه :
" كلكم تشكون فيَّ .. في هذه الليلة "
ونحن هنا أمام احتمالين :
أحدهما ـ أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده ، ورغم أنها ستسبب له ألماً ومعاناة .. إلا أنها ستفشل وينقذه الله من القتل الذي ينتظره على أيدي مدبريها ..
ثانيهما .. أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده وتسبب له الأ ومعاناة وتنتهي بقتله ..
فإن كانت الحالة الأولى .. ورأى التلاميذ ـ حسبما ترويه الأناجيل بكل وضوح - أن المسيح قبض عليه في تلك الليلة واستطاعت قوى الظلم أن تنتصر عليه وتحقق ما تريد .. فعندئذ لا بد وأن يشك التلاميذ في معلمهم الذي تنبأ لهم بنجاته .. ثم أظهرت الحوادث أمام أعينهم بعد ذلك أنه لم يحدث ..
هنا فقط يحدث الشك والزلل والارتداد عن العقيدة .. ومن المعلوم أن الشك غير الإنكار .. ذلك أن اللص الذي يقبض عليه .. قد ينكر السرقة .. لكنه في الوقت نفسه أول من يعلم يقيناً أنه سرق .. فهو لا يشك في السرقة رغم أنه ينكر ذلك ..
ولما كانت الأناجيل قد أظهرت جميعاً أن التلاميذ لم يشكوا في المسيح في تلك الليلة - وإنما تحدثت عن إنكار بطرس أنه من تلاميذه - فإن هذا يعني أن الأحداث سارت حسبما جاء في تلك الحالة التي تنتهي بنجاة المسيح من القبض والقتل ..
أما إن كانت الحالة الثانية وهي أن المسيح تنبأ لتلاميذه بالقبض عليه وقتله .. فإن ما شاهده التلاميذ ـ حسب رواية الأناجيل أيضاً ـ هو أن ذلك ما حدث ولا محل للشك - إذن - في هذه الحالة ..
ولا ريب في أن نفي الشك عن التلاميذ في تلك الليلة .. يترتب عليه بالضرورة إلحاق تنبؤات خاطئة بالمسيح .. وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصدر عنه .. وهو أمر ننكره ونستنكره ..
مما سبق نجد أن الأناجيل الأربعة اختلفت في قصة القبض وملابساتها :
فقد روى كل من مرقس ومتى أن يهوذا قبَّل المسيح .. وروى لوقا أن يهوذا كان على وشك أن يقبله .. بينما لا يعرف يوحنا شيئاً عن القبلة ..
ويذكر كل من مرقس ومتى أن تحية وكلاماً جرى بين يهوذا والمسيح .. ويصمت لوقا عن تلك التحية .. بينما لا يذكر يوحنا شيئاً عن يهوذا سوى الصمت التام بعد أن قاد القوة للقبض عليه في البستان ..
وإذا صرفنا النظر عما جاء في روايتي الاثني عشر جيشاً من الملائكة .. والشاب الذي هرب عرياناً - لبقيت ثلاث نقاط أساسية لا بد من استيعابها تماماً للوقوف عندها وهي :
1- أن القبلة كانت الوسيلة الوحيدة لتعريف أفراد القوة بشخصية المسيح (حسب مرقس ومتى ولوقا ) .. بينما تم ذلك في يوحنا بعد أن أظهر المسيح ذاته إليهم بطريقة تنم عن التحدي والثبات الذي يتحلى به المجاهدون من أصحاب العقائد والرسالات ..
2- وأن حادثاً غير عادي قد وقع في تلك اللحظة .. مما اذهل أفراد القوة وجعلهم يرجعون إلى الوراء ويسقطون على الأرض ..
3- وأن التلاميذ ـ حسبما يرويه كتبة الأناجيل - لم يشكوا في المسيح ولو للحظة واحدة من تلك الليلة التي حدث فيها القبض ..
ولما كانت قصة المسيح بكل تفاصيلها .. ترد دائماً إلى تنبؤات العهد القديم وخاصة سفر المزامير .. فإن المزمور 91 الذي يستشهد به كثيراً - يقول :
" لأنك قلت يا رب ملجاي . جعلت العلى مسكنك " لا يلاقيك شر ولا تدنو ضربة من خيمتك . لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. على الأيدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك . أرفعه لأنه عرف اسمي ، يدعوني فأستجيب له معه أنا في الضيق . أنقذه وأمجده من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي » ( 91:9-16 ) ..
*** أليس من حق القائل أن يقول إن ملائكة الله قد حملت المسيح على أيديها في تلك اللحظة التي كادت تزيغ فيها قلوب المؤمنين .. بعد أن رأى المسيح وتلاميذه أن سلطان الظلمة على وشك أن يبتلعهم ؟
وإذا قيل : أين ذهب المسيح بعد ذلك ؟
نقول : وأين ذهب إيليا (إلياس) الذي رفع إلى السماء ؟
وفي هذا تقول أسفار العهد القديم :
« وفيما هما ( إيليا وتلميذه اليشع ) يسيران ويتكلمان ، إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء . وكان اليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها . ولم يره بعد، - ( الملوك الثاني ( 2: 11-12)
وكما سبق أن رفع أخنوخ ( إدريس) إلى السماء ، كما تقول الأسفار :
"وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه . (تكوين 5: 24) ..
الحق أنه من رحمة الله - سبحانه وتعالى - بالناس أن كل ما فعله المسيح من معجزات له سابقة فعلها الأنبياء قبله .. فإذا كان قد أحي أمواتاً
لا يزيد عددهم حسبما ترويه الأناجيل عن ثلاثة ـ فقد أحيا واحد من الأنبياء قبله جيشاً عظيماً من الموتى .. كما أحيا غيره أفراداً ماتوا حديثاً أو بعد ان
انقضى على موتهم مدة طويلة .
وبالنسبة للمباركة وتكثير الطعام التي مارسها المسيح .. فإنها حدثت كذلك مع الأنبياء قبله .. وبالمثل كانت عملية شفاء المرضى التي مارسها الأنبياء السابقون .. إن هذا كله رحمة من الله بخلقه ****** حتى لا يضلوا في المسيح ويفتنوا به فيتخذونه إلهاً *****
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-21-2020, 12:54 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
7- المحاكمة:
لم تتفق الأناجيل على عدد المحاكمات .. فسوف نكتفي بالحديث عن محاكمتين فقط ..
ا- المحاكمة الأولى : أمام مجمع اليهود :
يقول مرقس :
" مضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة فاجتمع ومعه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة . وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة وكان جالسا بين الخدام يستدفئ عند النار . وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطليون شهادة على يسوع ليقتلوه فلم يجدوا ، لأن كثيرين شهدوا عليه زوراً ولم تتفق شهاداتهم .. ثم قام قوم وشهدوا عليه زوراً قائلين نحن سمعناه يقول إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بأياد . ولا بهذا كانت شهاداتهم تتفق فقام رئيس الكهنة في الوسط وسأل يسوع قائلاً : أما تجيب بشيء .. ماذا يشهد به هؤلاء عليك . أما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشيء . فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له : أأنت المسيح ابن المبارك . فقال يسوع : أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء . فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال : ما حاجتنا بعد إلى شهود ؟ وقد سمعتم التجاديف . ما رأيكم ؟. فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت . فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له : تنبا. وكان الخدام يلطمون " (14: 53-65) ..
يقول نينهام : ليس من السهل أن نتبين كيف نشأ هذا الجزء .. ولقد كان السؤال حول قيمته التاريخية - ولا يزال - موضوعاً يتعرض لمناقشات حيوية .. ومن الواجب أن نعرض الأسباب الرئيسية للشك في قيمته التاريخية .. ونناقشها باختصار كما يلي :
1- يصف القديس مرقس المحاكمة على أنها حدثت أمام المجمع - أي السهندرين - وهو هيئة رسمية تتكون من واحد وسبعين عضواً يرأسها رئيس الكهنة وتمثل السلطة الشرعية العليا في إسرائيل ..
ولما كانت لائحة السهندرين المذكورة في المشنا تبين الخطوات التفصيلية التي يجب اتخاذها أمام تلك الهيئة .. فإن المقارنة بين تلك الإجراءات وبين ما يذكره القديس مرقس عن محاكمة يسوع .. تكشف عن عدد من المتناقضات أغلبها جدير بالاعتبار ..
2 - ولكن .. هل كان من الممكن أن يجتمع أعضاء السهندرين .. ولو حتى لعمل مثل تلك الإجراءات القضائية الرسمية التي تسبق المحاكمة في منتصف ليلة عيد الفصح .. أو إذا اعتبرنا أن تقويم القديس مرقس لاسبوع الأحداث غير دقيق .. فهل كان يمكن أن يجتمعوا في منتصف الليلة السابقة لعيد الفصح ؟
إن محاكمة رسمية في مثل ذلك الوقت تبدو شيئاً لا يمكن تصديقه .. كما يشك أغلب العلماء تماماً في عقد جلسة في مثل ذلك الوقت .. ولو لعمل تحقيقات مبدئية ( تفسير أنجيل مرقس ص 398-401) .
المحاكمة الثانية أمام بيلاطس :
يقول مرقس :
" وللوقت في الصباح الباكر تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله وأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى بيلاطس . فسأله بيلاطس : أنت ملك اليهود ؟ فأجاب وقال له : أنت تقول ؟ وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيراً . فسأله بيلاطس أيضاً قائلاً أما تجيب بشيء. انظر كم يشهدون عليك . فلم يجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس . وكان يطلق لهم في كل عيد أسيراً واحداً ، من طلبوه . وكان المسمى باراباس موثقاً مع رفقائه في الفتنة. الذين في الفتنة فعلوا قتلاً . فصرخ الجميع وابتدأوا يطلبون أن يفعل كما كان دائماً يفعل لهم . فاجابهم بيلاطس قائلاً أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود . لأنه عرف ان رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسداً . فهيج رؤساء الكهنة الجميع لكي يطلق لهم بالحري باراباس . فأجاب بيلاطس أيضاً وقال لهم فماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود ؟ فصرخوا أيضاً اصلبه . فقال لهم بيلاطس : وأي شر عمل؟ فازدادوا جداً صراخاً : اصلبه . فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجميع ما يرضيهم أطلق لهم باراباس وأسلم يسوع بعد ما جلده ليصلب " ( 15: 1-15) ..
يقول نينهام :
رغم أن المحاكمة تعرض لنا باعتبارها وقعت في العراء - فإن رواية القديس مرقس لا يمكن اعتبارها بأية حال تقريراً لشاهد عيان ، وفي الواقع إنها ليست تقريراً على الإطلاق .
إننا لم نخطر كيف علم بيلاطس بالتهمة ( وفي العدد 2 نجده قد عرفها من قبل ) ولماذا لم يرد ذكر لحكم رسمي ( على عكس لوقا الذي يقول :
" فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم " ( 23: 24 ) ..
وبالنسبة لما قيل عن عادة إطلاق أحد المسجونين - فإن وجهة نظر أغلب العلماء تقرر أنه :
لا يعرف شيئاً عن مثل هذه العادة كما وصفت هنا .. إن القول بأن عادة الحكام الرومان جرت على إطلاق أحد المسجونين في عيد الفصح .. وأن الجماهير هي التي كانت تحدد اسمه بصرف النظر عن جريمته .. إنما هو قول لا يسنده أي دليل على الإطلاق .. بل إنه يخالف ما نعلمه عن روح الحكم الروماني لفلسطين وأسلوبه في معاملة أهلها ..
على أن محتويات الحوار بين بيلاطس والجمهور تعتبر من المشاكل أيضاً .. فيبدو منها أن بيلاطس قد وُوجِه مقدماً بالاختيار بين مجرمين أدينا .. بحيث إذا أطلق سراح أحدهما لوجب عليه إعدام الآخر .. وفي نهاية الفقرة التالية ( الأعداد 2-5 ) ) نجد أن يسوع لم يدن .. وحسبما تذكره القصة لا نجد مبرراً يمنع بيلاطس من تبرئة يسوع إذا كان قد اعتقد في براءته وإصدار عفو كذلك عن باراباس .. ونجد في رواية القديس متي لهذه القصة أن اسم ذلك المتمرد ذكر مرتين ( في 27: 16, 17 ) في أغلب النسخ على أنه : يسوع باراباس والاعتقاد الشائع أن ذلك كان القراءة الأصلية ..
إن حذف كلمة يسوع من النسخ المتداولة بيننا يمكن شرحه ببساطة على أساس أنه بالرغم من أن اسم يسوع كان شائعاً في أيام المسيح .. فلم يلبث
المسيحيون أن اعتبروه اسماً مقدساً يرقي عن الاستخدام العادي .. وأن أطلاقه على أحد المجرمين يعتبر مهيناً . ( تفسير انجيل مرقس ص 411-416 ).
ولقد أضاف متى إلى رواية مرقس قصتين : احداهما تحكي نهاية يهوذا .. وهذا الموضوع سوف نتعرض له في حينه .. وأما الأخرى فهي الحديث عن حلم زوجة بيلاطس .. كذلك بين متى أن بيلاطس أعلن براءته من دم المصلوب بطريقة قاطعة فهو يقول :
" فقال الوالي وأي شر عمل ؟ فكانوا يزدادون صراخاً ليصلب . فلما رأى بيلاطس أن لا ينفع شيئاً بل بالحرى يحدث شغب أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلاً إني برئ من دم هذا البار ، أبصروا أنتم . فأجاب جميع الشعب وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا . حينئذ أطلق لهم باراباس . وأما يسوع فجلده وأسلمه ليصلب " ( 27: 23-26 ) ..
لكن العلماء يشكون في حادث غسل يد بيلاطس - كما يقول جون فتون - باعتبار أن ( عملية غسل اليد لتكون دليلاً على البراءة إنما هي عادة يهودية أكثر منها رومانية .. إذ يقول سفر التثنية :
" يغسل جميع شيوخ تلك المدينة القريبين من المدينة أيديهم ويقولون أيدينا لم تسفك هذا الدم "
ومن المستبعد جداً أن يكون بيلاطس قد عمل شيئاً كهذا .. ( تفسير انجيل متى ص 436 ) ..
نكتفي بهذا القدر بالنسبة لبعض ما يقال في المحاكمات والثغرات الموجودة فيها ثم نمر بعد ذلك على عدد من العناصر التي تتعلق بقضية الصلب .. وهي لا تحتاج كثيراً للاستشهاد بأقوال العلماء .. إذ أن اختلاف الأناجيل فيها واضح لا يحتاج إلى تعليق ..
8- الصلب:
أ- حامل الصليب :
يقول مرقس :
" ثم خرجوا به ليصلبوه . فسخروا رجلاً مجتازاً كان آتياً من الحقل وهو سمعان القيرواني أبو الكسندرس وروفس ليحمل صليبه وجاءوا به إلى موضع جلجثه الذي تفسيره موضع جمجمة " ( 15: 20-22 ) ..
*** ويتفق متى ولوقا مع مرقس في أن حامل الصليب كان المدعو سمعان القيراوني لكن يوحنا يقرر شيئاً آخر فهو يقول :
" حينئذ أسلمه إليهم ليصلب فأخذوا يسوع ومضوا به . فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة ، ( 19: 16-17 ) ..
يقول نينهام :
لقد كان المعتاد أن يقوم الذين حكم عليهم بالصلب .. بحمل صلبانهم بأنفسهم .. ويقرر يوحنا أن هذا كان ما حدث فعلا في حالة يسوع ولكن على العكس من ذلك نجد حسب رواية ( مرقس ومتى ولوقا) أن شخصا مجهولا يدعى سمعان القيرواني هو الذي سخره الرومان لحمل الصليب بدلا من يسوع ..
وبالنسبة لموضع جلجثة فإن التقاليد التي تقول إنه يقع داخل كنيسة القير المقدس لا يمكن إرجاعها لأبعد من القرن الرابع .. كما أنها لا تزال موضع جدل . ولقد اقترحت أماكن أخرى في عصرنا الحاضر .. إلا أن القطع بواحد منها لا يزال بعيداً عن التحقيق . ( تفسير انجيل مرقس ص 422 ) ..
أي أن الحديث عن القبر المقدس الذي يقول المسيحيون إن المسيح دفن فيه .. وكان سبباً من الأسباب الظاهرة للحروب الصليبية التي ادعي مشعلوها أنها قامت لتخليص ذلك القبر المقدس من أيدي الكفرة والتي استمرت أكثر من 280 عاماً ، وقتل فيها من المسيحيين والمسلمين عشرات الألوف .. ودمر فيها الكثير من المدن وأسيلت فيها دماء الكثير من الأبرياء ـ كل هذا قام على غير أساس ..
ب- شراب المصلوب :
يقول مرقس :
" أعطوه خمراً ممزوجة بمر ليشرب فلم يقبل " ( 15: 23 ) ..
ويقول متى :
" أعطوه خلاً ممزوجاً بمرارة ليشرب ، ولما ذاق لم يرد أن يشرب " ( 27: 34 ) ..
ج ـ علة المصلوب :
يقول مرقس :
" وكان عنوان علته مكتوباً : ملك اليهود " ( 15: 26 ) ..
ويقول متى :
" وجعلوا فوق رأسه علته مكتوبة : هذا هو يسوع ملك اليهود " ( 27: 37 ) ..
ويقول يوحنا :
" وكتب بيلاطس عنواناً ووضعه على الصليب .. وكان مكتوباً يسوع الناصري ملك اليهود" ( 16: 19 )
يقول نينهام : لقد اختلفت الآراء بشدة حول صحة ما كتب عن علته .. فيرى بعض العلماء أن الصيغة الدقيقة قد عرفت عن طريق شهود عيان .. بينما يعتقد آخرون أنه من غير المحتمل أن يكون الرومان قد استخدموا مثل تلك الصيغة الجافة .. وأن ما ذكره القديس مرقس بوجه خاص عن علته .. إنما يرجع مرة أخرى لبيان أن يسوع قد أعدم باعتباره المسيا. ( تفسير انجيل مرقس ص 424 ) ..
*** إن اختلاف الأناجيل في عنوان علة المصلوب - وهو ما لا يزيد عن بضع كلمات بسيطة كتبت على لوحة قرأها المشاهدون ـ إنما هي مقياس لدرجة الدقة لما ترويه الأناجيل .. وطالما كان هناك اختلاف ـ ولو في الشكل كما في هذه الحالة ـ فإن درجة الدقة لا يمكن أن تصل إلى الكمال بأي حال من الأحوال ..
وقياساً على ذلك نستطيع تقييم درجة الدقة لما تذكره الأناجيل من ألقاب المسيح .. وخاصة عندما ينسب إنجيل إلى أحد المؤمنين به قوله :
كان هذا الإنسان باراً .. بينما يقول إنجيل آخر في نفس الوقت : كان هذا الإنسان ابن الله .. أو عندما يقول أحد الأناجيل على لسان تلميذ للمسيح : يا معلم .. ويقول إنجيل آخر : يا سيد .. بينما يقول ثالث : يا رب ..
إن الحقيقة تبقى هنا دائماً محل خلاف ..
د- اللصان والمصلوب :
يقول مرقس :
" وصلبوا معه واحداً عن يمينه وآخر عن يساره .. واللذان صلبا معه كانا يعيرانه " ( 15: 27-32 ) ..
ويتفق متى مع مرقس في أن اللصين كانا يعيرانه ويستهزئان به .. لكن لوقا يقول :
" وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا .. فأجاب الأخر وانتهره قائلاً : أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه . أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلناه ، وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله . ثم قال ليسوع : اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك . فقال له يسوع : الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس " ( 23: 39-43 ) ..
: لقد اختلفت الأناجيل في موقف اللصين من المصلوب ..
هـ - وقت الصلب :
يقول مرقس :
" وكانت الساعة الثالثة فصلبوه " ( 15: 25) ..
لكن يوحنا يقول : إن ذلك حدث بعد الساعة السادسة :
" وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة . فقال ( بيلاطس) لليهود هو ذا ملككم فصرخوا خذه خذه اصلبه . فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب " ( 19: 14-16) ..
يقول نينهام :
منذ اللحظة التي روى فيها القديس مرقس انكار الناس ليسوع نجد أن الوقت قد خطط بعناية بحيث تكون الفترة ثلاثية الاحداث أو التوقيتات مثل : ( إنكار بطرس ثلاث مرات 14: 68 , 72 ) وقت الصلب الساعة الثالثة ( 15: 25 ) - وقت الظلمة من السادسة إلى التاسعة ( 15: 33 , 34 ) ..
وفي هذا المثل على الأقل فإن الحساب يبدو مصطنعاً .. إذ أنه من الصعب أن كل ما روت الأعداد ( 15: 1-24 ) ( منذ بدء جلسة الصباح حتى وقت الصلب ) يمكن حدوثه في فترة الثلاث ساعات ..
ويبين إنجيل يوحنا ( 19: 14) بوضوح أن ذلك لم يحدث .. ( تفسير انجيل مرقس ص 424 ) ..
و - صلاة المصلوب
يقول لوقا :
" ولما مضوا به إلى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحداً عن يمينه والآخر عن يساره . فقال يسوع : يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " ( 23: 33-34 ) ..
لقد انفرد لوقا بذكر هذه الصلاة التي حذفتها الأناجيل الأخرى .. بل وبعض النسخ الهامة التي تنسب للوقا أيضاً ..
ويقول جورج كيرد : لقد قيل إن هذه الصلاة ربما تكون قد محيت من إحدى النسخ الأولى لإنجيل ( لوقا ) بواسطة أحد كتبة القرن الثاني .. الذي ظن أنه شيء لا يمكن تصديقه أن يغفر الله لليهود .. وبملاحظة ما حدث من تدمير مزدوج لأورشليم في عامي 70 ، 135 صار من المؤكد أن الله لن يغفر لهم .. ( تفسير انجيل لوقا ص 250 ) ..
ز - صرخة اليأس على الصليب :
يقول مرقس : « ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة . وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً : ( الوي الوي لما شبقتني ) الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني " ( 15: 32-34 ) ..
لكن لوقا يقول :
" نادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي " ( 23: 46) ..
بينما يقول يوحنا: " لما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل " (19: 30) ..
إن صرخة اليأس على الصليب تثير عدداً من المشاكل التي كانت ولا تزال موضع جدل بين العلماء .. فالبعض يقول : يبدو أن القديسين لوقا ويوحنا قد رأيا في كلماتهما غموضاً واحتمالا لسوء الفهم ولذلك حذفاها .. ثم استبدلها أحدهما بقوله :
" يا أبتاه في يديك أستودع روحي .. بينما قال الآخر : قد أكمل ..
وعلى العكس من ذلك فإن مثل هذا الرأي يفترض الراوية الذي كان شاغله الأول أن يذكر الحقيقة التاريخية ، ويسجل بأمانة للأجيال القادمة كلاماً مزعجاً يتعذر تفسيره ..
ولهذا فإن أغلب العلماء المحدثين يقرون تأويلاً مختلفاً تماماً .. يقوم على حقيقة أن هذه الكلمات ( اليائسة ) إنما هي اقتباس من ( المزمور 22: 1)
" إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي ؟ "
وإذا أخذنا هذا المزمور ككل .. فإنه لا يمكن أن يكون صرخة بأس باي حال من الأحوال .. إنما هو صلاة لعبد بار يعاني آلاماً .. إلا أنه يثق تماماً في حب الله وحفظه من الشر .. وهو مطمئن تماماً إلى حمايته " ( تفسير إنجيل مرقس ص 427-428 ) ..
ح- في أعقاب الصلب :
يقول مرقس :
" انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل ولما رأي قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال حقا كان هذا الإنسان ابن الله " ( 15: 38-39 ) ..
ويقول متى :
" وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين " ( 27: 51-53) ..
ويقول لوقا :
" أظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه فلما رأي قائد المئة ما كان مجد الله قائلاً : بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً " ( 22: 45-47 ) ..
*** أما يوحنا فإنه لا يعلم شيئاً عن ذلك ..
يقول جورج كيرد : إن حدوث كسوف للشمس (حسب رواية لوقا ) بينما يكون القمر بدراً .. كما كان وقت الصلب إنما هو ظاهرة فلكية مستحيلة الحدوث ..
ولقد كان الشائع قديماً أن الأحداث الكبيرة المفجعة يصحبها نذر سوء .. وكأن الطبيعة تواسي الإنسان بسبب تعاسته .. ( تفسير إنجيل لوقا : ص 253 ) ..
ويقول نينهام : لقد قيل إن مثل تلك النذر لوحظت عند موت بعض الأحبار الكبار وبعض الشخصيات العظيمة في العصور القدمية الوثنية وخاصة عند موت يوليوس قيصر .. ( تفسير إنجيل مرقس : ص 427 ) ..
ويقول جون فنتون : لقد أضاف "متى" إلى ما ذكره مرقس حدوث الزلزلة وتفتح القبور وقيامة القديسين من الأموات وظهورهم لكثيرين في أورشليم بعد قيامة يسوع .. وكان قصده من إضافة هذه الأحداث أن يبين أن موت يسوع كان عملاً من صنع الله ) .
*** الحق الذي لا مرية فيه أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله .. لا يخسفان لموت صغير أو كبير .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-26-2020, 12:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد رأينا أكثر من ثلاثين تناقضاً في موضوع الصلب .. ومعي الآن كتاب " قاموس الكتاب المقدس " الصادر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى .. ومن العجيب ان هناك خلافاً في شكل الصليب الذي استخدم .. فهذا القاموس يذكر أن هناك الصليب (x) والصليب (t) والصليب (+) .. والصليب المستخدم كرمز للمسيحية هو (+) لكن هذا القاموس يقول إن الصليب الذي استخدم كان على شكل (t) وهذا هو نص ما يقوله قاموس الكتاب المقدس ..
« وللصلبان نماذج رئيسية ثلاثة .. أحدها المدعو صليب القديس أندراوس وهو على شكل (x) وثانيها بشكل (+) وثالثها بشكل السيف (t) وهو المعروف بالصليب اللاتيني .. ولعل صليب المسيح كان من الشكل الأخير (t) كما يعتقد الفنانون .. الأمر الذي كان يسهل وضع اسم الضحية وعنوان علتها على القسم الأعلى منه " ..
** فإذا كان شكل الصليب مختلفاً فيه .. إذن قوله تعالى :
" وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ "
*** يبين لنا بوضوح أن كل ما تعلق بالصلب اشتبه أمره عليهم وغابت عنهم الحقيقة .. فهم لا يزالون مختلفين في كل ما يتعلق بقضية الصلب مثل :
حامل الصليب وعلة المصلوب .. واللصان والمصلوب .. ووقت الصلب .. وصلاة المصلوب .. وصرخة اليأس على الصليب .. وما حدث في أعقاب الصلب ..
وأما بخصوص الجملة :
( أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله .. لا يخسفان لموت صغير أو كبير .)
فإنها تختص بإبراهيم ابن النبي محمد عليه الصلاة والسلام والتي تعطي الدليل _ لكل ذي عقل سليم _ على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لا يجمع خرافات أو أوهاماً .. إنما يريد أن يحق الحق .
فالذي حدث هو أنه لما مات ابنه إبراهيم حدثت ظاهرة فلكية وهي كسوف الشمس .. وهذا شيء طبيعي حدوثه .. لكن بعض الناس قالوا : كسفت الشمس لموت إبراهيم ..
لقد مات إبراهيم .. وكسفت الشمس في نفس اليوم ... وربط الناس بين الحدثين ... فلو كان الرسول يريد التأييد ولو عن طريق الأكاذيب ... لصمت عن ذلك.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم _ برأه الله _ يرفض كل أكذوبة من كل لون لتأييده .. ولهذا صعد المنبر غاضباً وقال :
" أيها الناس .. إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله .. لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته .. فإذا رأيتهم شيئاً من ذلك .. فادعوا الله وصلوا "
ط - شهود الصلب:
لعل هذه واحدة من أهم عناصر قضية الصلب .. وإنها لترينا أن شهود الصلب كن نساء وقفن ينظرن من بعيد ذلك الذي علق على الصليب .. ولم تكن هناك فرصة للتحقق والمعاينة عن قرب ..
يقول مرقس : " وكانت أيضاً نساء ينظرن من بعيد بينهن مريم المحدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسي وسالومة .. اللواتي أيضاً تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل وأخر كثيرات صعدن معه إلى أورشليم " ( 15: 40-41 ) ..
وكذلك يقول متي في ( 27: 55-56 ) ..
ويقول لوقا :
" وكان جميع معارفه ونساء كن قد تبعنه من الجليل واقفين من بعيد ينظرون ذلك " ( 23: 49 ) ..
ويقول يوحنا:
" وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية فلما رأي يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا فال لأمه يا امرأة هو ذا ابنك " ( 19: 25 -26 ) ..
ويقول جون فنتون :
" لقد هرب التلاميذ عند القبض على يسوع .. ورغم أن بطرس قد تبعه من بعيد إلى فناء دار رئيس الكهنة فإننا لا نسمع عنه شيئا أكثر من هذا .. بعد إنكاره ليسوع ..
إن مرقس ومتى ولوقا يخبروننا أن شهود الصلب كن نساء تبعن يسوع من الجليل إلى أورشليم .. وقد رأين دفنه .. واكتشفن القبر خالياً صباح الأحد وقابلن يسوع ( بعد قيامته ) .. ( تفسير انجيل متى ص 455 ) "
ويعلق العلماء على ما قاله يوحنا عن وجود مريم أم المسيح عند الصليب بقولهم : إنه من غير المحتمل أساساً أن يكون قد سمح بوقوف أقارب يسوع وأصدقائه بالقرب من الصليب ( تفسير انجيل مرقس ص 431 ) ..
كذلك تقول دائرة المعارف البريطانية تعليقاً على اختلاف الأناجيل في شهود الصلب :
" نجد في الأناجيل ( الثلاثة ) المتشابهة أن النساء فقط تبعن يسوع .. وأن القائمة التي كتبت بعناية واستفاضة لا تضم والدته - وأنهن كن ينظرن من بعيد " ( مرقس 15: 40 ) ..
ولكن في يوحنا نجد أن والدته مريم تقف مع مريمين أخريين والتلميذ المحبوب تحت الصليب .. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ المحبوب إلى خاصته ..
هذا بينما لا تظهر والدته في أورشليم - حسبما ذكرته المؤلفات القديمة - إلا قبيل عيد العنصرة وفي رفقة إخوته (أعمال الرسل 1: 14) .. ( ج 13 ص 99 ) ..
من ذلك نتبين أن شهود الأحداث الرئيسية التي قامت عليها العقائد المسيحية وهي الصلب .. والقيامة .. والظهور .. إنما كن - على أحسن الفروض - نساء شاهدن ما شاهدن من بعيد .. ثم قمن بعد ذلك بالرواية بالرواية والتبليغ ..
والآن يحق لنا التعليق على أحداث الصلب فنقول :
إن اعتماد كتَّاب أحد الأناجيل على ما رواه كاتب إنجيل آخر .. كان أولى به أن يوجد تألفاً بين الأناجيل .. ويمنع التناقض والاختلاف بينها .. ولكن ما حدث كان على النقيض من ذلك ..
وإذا أخذنا بما ترويه الأناجيل عن الصلب وأحداثه .. لوجدناها قد اختلفت فيه من الألف إلى الياء ..
** ويكفي أن يراجع القارئ ما ذكرته الأناجيل عن حادث القبض وملابساته ـ المحاكمات - توقيت الصلب ( اليوم والساعة ) - صرخة الياس على الصليب - شهود الصلب .. كل ذلك وغيره كثير يكفي للقول بأن الأناجيل اختلفت فيما بينها اختلافاً بعيداً .. وهو اختلاف يكفي لرفضه ما يذكره أحد الأناجيل - على الأقل - إذا أخذنا برواية الإنجيل الآخر .. فأيهما نأخذ به .. وأيهما نرفضه ؟
رب قارئ درج على الإيمان التقليدي بما ترويه الأناجيل .. لا يجد مفراً الآن من أن يقول :
*** " إنما العلم عند الله "
نهاية يهوذا الخائن ..
لقد انفرد انجيل متى - دون بقية الأناجيل - بالحديث عن نهاية يهوذا .. كذلك تحدث سفر أعمال الرسل الذي سطره لوقا عن كيفية هلاكه .. ولنرجع الآن إلى هذين المصدرين لنرى كيف هلك يهوذا .. وما إذا كانا قد اتفقا في الحديث عن هذا الجزء الخطير .. والذي له علاقة مؤكدة بقضية الصلب أم أنهما اختلفا كالعادة ..
يقول متى :
" حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دِيْنَ ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً : قد أخطأت إذ سلمت دماً بريئاً فقالوا ماذا علينا ، أنت أبصر . فطرح الفضة في الهيكل وانصرف. ثم مضى وخنق نفسه . فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم . فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء . لهذا سمي هذا الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم . حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل : وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب " ( 27: 3-10 ) ..
ويقول جون فنتون :
" إن متى يستخدم الفترة ما بين قرار السهندرين والمحاكمة أمام بيلاطس .. في أخبار قرائه عن نهاية يهوذا .. وعند هذه النقطة نجد أن “متى” لا يتبع مرقس الذي لم يورد أي ذكر ليهوذا بعد القبض على يسوع .. ويذكر متى أن يهوذا غير رأيه بعد أن رأى يسوع قد دِيْنَ .. فأرجع النقود إلى أعضاء السهندرين واعترف لهم بجرمه .. ثم هو يضع النقود في خزينة الهيكل .. ويمضي ليخنق نفسه ..
ويقول رؤساء الكهنة إنه طالما كانت تلك النقود ثمناً لحياة .. فلا يحل وضعها في خزينة الهيكل .. ولهذا يشترون بها قطعة من الأرض مقبرة للغرباء .. وهذا يحقق نبوءة يرجعها متى إلى أرميا (خطأ) ولكنها في الواقع من كتاب زكريا الذي لعب من قبل دوراً هاماً في رواية "متى" ..
ولقد سجل "لوقا" موت يهوذا في ( أعمال الرسل 1: 18 ) .. وتتفق روايته مع رواية "متي" في جزء منها .. بينما تختلف في جزء آخر ".. ( تفسير انجيل متى ص 431 ) ..
إننا قبل أن نذهب لمعرفة ما سجله " لوقا " عن موت يهوذا في سفر أعمال الرسل يخبرنا جون فنتون :
" أنه اتفق مع "متي" في جزء من الرواية .. وخالفه في جزء آخر .. كما أن "متى" أرجع قصة حقل الدم إلى نبوءة ظنها ـ خطأ ـ من سفر أرميا بينما هي لها شبيه في سفر زكريا ..
وتقول رواية "لوقا" المشار إليها - في سفر أعمال الرسل :
" في تلك الأيام قام بطرس في وسط التلاميذ. وكان عدة أسماء نحو مائة وعشرين . فقال أيها الرجال الإخوة كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقال بفم داود عن يهوذا .. فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دماً أي حقل دم لأنه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خراباً ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر" ( 1: 15-20 ) ..
فعلى حسب رواية "لوقا" تجد - كما يقول جون فنتون :
أن يهوذا نفسه الذي يشتري الحقل ثم هو يموت هناك .. ولهذا سمي ذلك الحقل حقل دم ..
إن هذا يعني : إما أن كلاً من " متى ولوقا " كان لديه مدخلاً مستقلاً لمثل تلك القصص عن يهوذا .. أو أن "لوقا" اختصر رواية "متى" وأدخل إليها بعض التغييرات .. ( تفسير انجيل متى ص 431 ) ..
*** وسواء أكان هذا أو ذاك .. فإن هذا واحد من بين مئات الأدلة على أننا نتعامل مع كتب مؤلفة بكل معنى الكلمة .. لا علاقة لها بوحي الله ..
إن ما اتفق عليه ”متى ولوقا" - وصمت عنه مرقس ويوحنا ـ هو أن يهوذا الخائن قد هلك في ظروف مريبة .. لكن روايتهما اختلفت في ثلاثة عناصر هي :
الأول ـ يتعلق بكيفية موته .. وفيها يروي "متى" أن يهوذا قد انتحر بخنق نفسه .. بينما يروي "لوقا" أنه مات ميتة دموية .. انشق فيها وسطه وانسكبت جميع أحشائه ..
الثاني - ويتعلق بمشتري الحقل .. فيروي "متى" أن رؤساء الكهنة هم الذين اشتروه .. بينما يروي "لوقا" أن يهوذا كان هو الشاري ..
الثالث - كذلك اختلفت روايتا "متى ولوقا" في سبب تسمية الحقل باسم : حقل دم .. فرواية "متى" ترجع ذلك لكونه اشتري بنقود كانت ثمناً لبيع دم برئ .. بينما يرد "لوقا" تلك التسمية إلى الميتة الدموية التي ماتها يهوذا ..
إن ما ذكره "متى ولوقا" عن هلاك يهوذا لا يعني إلا شيئاً واحداً هو :
***** أن يهوذا قد اختفي في فترة الاضطراب التي غشيت أحداث الصلب وملابساته ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذرا ع المقاطعه والازعاج بس ابغى اسالك عن مشعل وينه طمنا عليه الله يرضى عليك.. محد يعرف مشعل غيرك الله يسعدك طمنا عليه
AL-ATHRAM
06-01-2020, 01:03 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الحمد لله ابشرك الرجال بخير .. وكل وقته ذكر وصلاة وقراءة القرآن .. وان شاء الله قريبا يرجع المنتدى ..
AL-ATHRAM
06-01-2020, 01:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبؤات المسيح بآلامه ..
لقد تأثرت الأناجيل - التي كُتب أقدمها وهو إنجيل مرقس بعد أن بدأ كتابة رسائله بأكثر من 15 سنة - بنظرية سفك دم المسيح فدية عن كثرين .. تلك التي روج لها بولس وجعلها إنجيله الوحيد الذي يبشر به .. فهو يقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس : " إني لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً " ( 2: 2 ) ..
ولما كان من المتوقع أن يتحدث المسيح عن آلامه ورفضه باعتبارها ظواهر اقترنت دائماً بحمل رسالات السماء .. فإنا نجد إنجيل مرقس يضع ما يمكن اعتباره أساساً لكل ما قيل عن التنبؤات بالآلام المرتقبة .. فهو يروي حديث المسيح لتلاميذه :
" كيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألم كثيراً ويرذل " ( 9: 12 ) ..
ولقد طور متى هذا القول فجعله تنبؤاً بصلب المسيح إذ يقول على لسانه :
" ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت . ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه " ( 18: 19 ) ..
ومن المعلوم أن إنجيل مرقس كان مصدراً رئيسياً لـ "متي" .. ومن المعلوم كذلك أن إنجيل متى هو الإنجيل الوحيد الذي نسب للمسيح تنبؤه بالقتل صلباً ولقد رأينا فيما سبق كيف طور "متى" ما قيل عن آية يونان .. فقد بدأها مرقس بقوله :
" خرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية ؟ الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية " ( 8: 11-12 ) ..
ولقد طورها لوقا فقال :
" وفيما كان الجموع مزدحمين ابتدأ يقول هذا الجيل شرير يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضاً لهذا الجيل " ( 11: 29-30 ) ..
*** أما متى ـ الذي اعتمد على مرقس وكتب إنجيله بعد لوقا أيضاً ـ فإنه حول ذلك القول الذي ينسب للمسيح بما قدمه من إضافات وتعديلات .. إلى نبوءة خاطئة .. وذلك في قوله :
" حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلم نريد أن نرى منك آية فأجاب وقال لهم : جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال " ( 12: 38-40 ) ..
ولقد بينا خطأ هذه النبوءة عند الحديث عن التنبؤات التي استحال تحقيقها ..
يبقى بعد ذلك ما ينسب للمسيح من قوله إن ابن الإنسان سوف يتالم كثيراً ويرفض من جيله ** ماذا يعني قول كهذا ؟
يقول تشارلز دود :
لقد سجلت أقوال بأن يسوع تنبأ بأن الآلام تنتظره هو وتابعيه .. وغالباً ما استحسن ذلك الاعتقاد في أن الإنذار بموته - وهو القول الذي تكرر ذكره منسوباً ليسوع في الأناجيل - إنما هو تنبؤ خرج من واقع الأحداث .. أي بعد وقوعها ( حيث عاصر جيل المسيح اختفاءه فجأة وقتل شخص على الصليب لم يسمح لتلاميذه بالاقتراب منه ) .. ( من كتاب أمثال الملكوت ص 41-47 ) ..
إن رجال الكنيسة لم يستطيعوا الاعتقاد بأن ربهم كان جاهلا بما كان ينتظره .. ويمكن التسليم صراحة بأن دقة بعض هذه التنبؤات قد ترجع إلى ما عرفته الكنيسة من حقائق فيما بعد ..
وفي الواقع إن الانطباع الذي نخرج به من الأناجيل ككل هو أن يسوع قاد أتباعه إلى المدينة بمفهوم واضح هو أن أزمة تنتظرهم هناك .. وقد يصيبه وأتباعه بسببها آلام مبرحة ..
وإن الفقرة المتميزة في هذا المقام هو ما ذكره مرقس في ( 13: 35-40 ) ..
" عندما تقدم أبناء زبدي إلى المسيح طالبين مشاركته المصير والملكوت فقال لهما : أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا .. وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا ؟ فقالا له : نستطيع . فقال لهما يسوع : أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ أنا تصطبغان .. "
** فنجد هنا أن ابني زبدي قد تأكدا أنهما سيشربان الكأس التي يشربها سيدهما ويصطبغان بصبغته .. إن مفهوم الكلام هنا لا شك فيه ..
وبالنسبة للتنبؤ بمشاركة الأخوين ( ابني زبدي ) لسيدهما مصيره فإنها تعتبر واحدة من التنبؤات التي لم تتحقق بمعناها الطبيعي ..
وبما أن الصليب كان هو الوسيلة الوحيدة المألوفة للإعدام تحت حكم الرومان فإن ما توحي به تلك الفقرة هو أنه أراد تهيئتهم لا من أجل المعاناة فقط .. بل للموت .. وما من شك في أنه يمكن قبول الرأي الذي يقول بأن التنبؤات التي نجدها في الأناجيل ليست أكثر من انعكاس لتجارب الكنيسة الأولى التي تكونت فيها التعاليم المسيحية .. ومن المؤكد أن بعضاً من هذه التنبؤات - على الأقل - قد كونتها تلك التجارب .. وفضلاً عن ذلك تظهر بعض الآثار لتنبؤات نسبت ليسوع ولم تتحقق ..
تنبؤات المسيح بنجاته من القتل ...
المسيح يرفض كل محاولة لقتله :
منذ أن بدأ المسيح دعوته .. حتى آخر يوم فيها نجد أن الأناجيل تذكرنا بين الحين والحين برفضه فكرة قتله واستنكارها تماماً .. ثم هو قد عمل كثيراً لإحباط جميع المحاولات التي رآها تـبـذل من اليهود ..
يقول إنجيل يوحنا ( 7: 16-19):
" أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي .. بل للذي أرسلني لماذا تطلبون أن تقتلوني .. ؟
يوحنا " 8: 37- ...... 40- لكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني .. وأنا إنسان قد حدثكم الحق الذي سمعه من الله . هذا لم يعلمه أبراهيم "
** ولأن المسيح إنسان عادي ككل البشر فإنه يجهل ما يخبئه له القدر .. ولذلك اتخذ من الاحتياطات ما يجنبه الوقوع في براثن أعدائه من اليهود .
ولو كان يعلم أنهم سيقبضون عليه في يوم معين .. (( فلم )) _ إذن _ تلك الإحتياطات ؟؟
يقول إنجيل يوحنا (7: 1) :
" وكان يسوع يتردد بعد هذا في الجليل. لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه .
ويقول يوحنا ( 11: 53- 54) :
" فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه. لم يكن يسوع أيضاً يمشي بين اليهود علانية بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البريية .. ) .
** هذا ونكتفي الآن بذكر عدد من التنبؤات الواضحة التي قالها المسيح بنجاته من القتل .. والتي تتفق وتلك الإحتياطات التي اتخذها للمحافظة على حباته ..
1- حدث ذات مرة في إحدى محاولات القبض عليه أن :
( " أرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خدماً ليمسكوه. فقال لهم يسوع : أنا معكم زماناً يسيراً بعد .. ثم أمضي للذي أرسلني ** ستطلبوني ولا تجدونني .. وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن أن تأتوا. " ( يوحنا 7: 32 – 34 ).
***** لا أظن أحداً يشك في وضوح هذا القول الذي يعني أن اليهود حين يطلبون المسيح لقتله فلن يجدوه لأنه سيمضي للذي أرسله .. أي سيرفعه الله إليه كما سبق أن رفع (( أيليا)) ( إلياس عليه الصلاة والسلام ) وشاهده تلميذه اليشع ( اليسع ) وهو صاعد إلى السماء ..
2- وفي موقف آخر من مواقف التحدي بين المسيح واليهود .. أكد لهم نبوءته السابقة وان محاولاتهم ضده ستنتهي برفعه إلى السماء .
يقول يوحنا "
" قال لهم يسوع أيضاً أنا أمضي وستطلبونني وتموتون في خطيتكم ** حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا ؟ فقال اليهود ألعله يقتل نفسه حتى يقول حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا ؟ فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الانسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئاً من نفسي .. بل أتكلم بهذا كما علمني ( والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي ) لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " ( 8: 21-29 ) ..
*** لكن ذلك المصلوب صرخ يائساً على الصليب قائلاُ : إلهي إلهي لماذا تركتني ؟
3- ولقد كانت آخر أقوال المسيح لتلاميذه في تلك اللحظات التي سبقت عملية القبض مباشرة .. وهو تأكيده لهم أن الله معه دائماً ولن يتركه :
" هو ذا تأتي ساعةٌ وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحداً إلى خاصتهِ وتتركوني وحدي وأنا لست وحدي لأن الآب معي لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يوحنا 16: 32-33 ) ..
***** ومن المؤكد أن ذلك المصلوب قد تركه إلهه .. كما قال بلسانه في صرخته اليائسة .. ومن المؤكد كذلك أن ذلك المصلوب قد غلبه أعداؤه وقهره الموت وأخضعه لسلطانه ..
4- وفي آخر مواجهة عاصفة حدثت بين المسيح والكهنوت اليهودي كان قوله :
" لأني أقول لكم أنكم لا ترونني من الآن حتى تقولا مبارك الآتي باسم الرب ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل " ( متى 23: 39 , 24: 1 ) ..
*** إن التحدي في هذا القول واضح .. ذلك أن المسيح يؤكد لأعدائه أنهم لن يروه منذ تلك الساعة حتى يأتي في نهاية العالم ( بقوة ومجد كثير) ..
***** لكن ذلك المصلوب رآه الكهنوت اليهودي أسيراً في قبضته أثناء المحاكمة .. ثم رأوه بعد ذلك معلقاً على الخشبة قتيلاً قد أسلم الروح والمشيئة .. ولم يبق منه إلا جسد خامد فقد نبض الحياة ..
واستعير لغة المسيح في الإنجيل .. فاقول :
"من له أذنان للسمع فليسمع .. ومن يسمع فعليه أن يعقل .. "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-09-2020, 01:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وقبل ان نذهب لنقرأ ما تقوله المزامير أرجو أن يكون معلوماً أن .. تراجم أسفار العهدين القديم والجديد تتغير من حين لآخر وفقاً للدرسات التي يقوم بها علماء الكتاب المقدس .. إما لتدقيق الترجمة أو للتخلص من التناقضات والإختلافات ..
وكمثال نجد أنه في واحدة من طبعات الكاثوليك للعهد الجديد أنها عندما تحدثت عن نهاية الخائن يهوذا ( في الاصحاح الأول من سفر أعمال الرسل ) فإنها جعلته يخنق نفسه .. ليتفق هذا مع ما يقوله ( إنجيل متى ) .. أما طبعة البروتستانت فلا تزال تروي نهاية يهوذا بأن نقمة حلت به (( إذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها )) وهذا شيىء مختلف تماماً عن عملية الانتحار خنقاً ..
كذلك ظهرت طبعات حديثة للمزامير تختلف كثيراً عما في الطبعات المتداولة لها .. وإذا كان داود هو الإسم الذي يرتبط بأغلب المزامير .. فإن العلماء مختلفون فيما يتعلق بحقيقة قائل كل مزمور وتاريخه وظروفه .. كما أن هناك خلافاً حول ترقيمها .. ولقد بينا ذلك في مناسبة سابقة .. وكيف ان الترجمة للمزمور 69 _ كمثال _ تقول في بعض فقراتها :
" حينئذ رددت الذي لم أخطفه "
" ويجعلون في طعامي علقماً "
بينما تقول الترجمة الحديثة له في نظير ذلكما العددين :
" كيف أرد الذي لم أسرقه أبداً ؟ "
" أعطوني لطعامي سماً "
فالإختلاف بينهما واضح .. سواء في المضمون أو في زمن الفعل . .
** الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب :
إن الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب وسفك الدم .. فتلك نظرية بولسية أقحمها القديس بولس في مسيحية المسيح الحقة . وهذا شيىء نستطيع ان شاء الله بيانه من الأناجيل :
1- بينما كان المسيح يسير خارجاً " إذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية .؟ فقال له لماذا تدعوني صالحاً ؟ ليس صالحاً إلا واحد هو الله ولكن إن أردت أن تدخل الحياة .. فاحفظ الوصايا . قال له : أية الوصايا ؟ فقال يسوع : لا تزن . لا تسرق . لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك . قال له الشاب هذا كلها حفظتها منذ حداثتي .. فماذا يعوزني بعد ؟ قال له يسوع : إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء .. فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني . متى 19: 16 – 21 )
ومن الملاحظ أن المسيح قبل أن يجيب السائل إلى سؤاله .. فقد صحح صيغة السؤال .. فنفى الصلاح عن نفسه .. ورده الى الله سبحانه وتعالى الذي تفرد في ذاته وصفاته ..
وبذلك قرر المسيح على رؤوس الأشهاد أن (( الله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) ..
وأن أي خلط بين الله _ سبحانه _ وبين المسيح .. إنما هو قول مردود وكفر مرفوض .
ومن ذلك يتبين أن الخلاص الحق يقوم على الإيمان بالله الواحد .. ثم العمل الصالح .. ولا مجال للحديث هنا عن الصلب أو الصليب .. فتلك كلها مسميات قال بها بولس وتلاميذه .. ما أنزل الله بها من سلطان ..
2- في يوم الدينونة تكون النجاة بالعمل الصالح بعيداً عن الصلب وفلسفاته .. بل وحتى اسمه فهناك " يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا مباركي أبي رِثُوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم . لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني . كنت غريباً فآويتموني عرياناً فكسوتموني . مريضاً فزرتموني . محبوساً فأتيتم إليَّ . فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين : يا رب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك . أو عطشاناً فسقيناك . ومتى رأيناك قريباً فآويناك أو عرياناً فكسوناك ؟ ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك . فيجيب الملك ويقول لهم الحق أوقول لكم بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم . ثم يقول الملك للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته . لأني جعت فلم تطعموني ... حينئذ يجيبونه هن أيضاً قائلين : يا رب متى رأيناك جائعاً ؟ .... فيجيبهم قائلاً : الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوا بأحد هؤلاء الأصاغر .. فبي لم تفعلوا . فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حاة أبدية " (انجيل متى 25: 34-46) ..
هكذا يدان الناس : أهل البر والعمل الصالح إلى الحياة الأبدية السعيدة .. وأهل الشر والبخل إلى عذاب أبدي . .
ومرة أخرى لا دخل لفلسفة الصلب والفداء في إنقاذ أهل الشر .. فلن تنفعهم في شيىء .
3- يقول يعقوب في رسالته : إن الدينونة التي تحدد المصير الأبدي للإنسان تقوم على ركيزتين هما : إيمان بالله الواحد يصحبه عمل صالح .. وبدونهما لا فائدة ترجى .. وإن كل منهما لا علاقة له بالصلب وسفك الدم .. من قريب أو بعيد :
" أنت تؤمن بأن الله واحد . حسناً تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون ولكن هل تريد أن تعمل أيها الإنسان الباطل ((( أن الإيمان بدون أعمال ميت )))) ؟ ترون إذاً بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده . ( 2: 19-24 ) ..
إن ( الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم " ( يعقوب 1: 17 ) .
من ذلك وغيره كثير وكثير جداً .. نتبين أن الخلاص لا علاقة له بالصلب على الإطلاق .
** نضع الآن مجموعة من الأسئلة حول الصلب و الفداء .. موجهة إلى المسيحيين لعلنا نجد لها إجابة .. . وهذه الأسئلة :
1 - ادعى المسيحيون أن صلب المسيح كان لتحقيق العدل والرحمة .. فأي عدل وأي رحمة في تعذيب غير مذنب وصلبه ؟
قد يقولون : إنه هو الذي قبل ذلك .. ونقول لهم إن من يقطع يده أو يعذب بدنه أو ينتحر .. فإنه مذنب .. ولو كان يريد ذلك ..
2 ـ إذا كان المسيح ابن الله .. فأين كانت عاطفة الأبوة وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية ثم الصلب مع دق المسامير في يديه ؟
3 - ما هو تصور المسيحيين لله - جل في علاه ـ الذي لا يرضى إلا أن ينزل العذاب المهين بالناس .. والعهد في الله ـ الذي يسمونه الآب ويطلقون عليه : الله محبة .. الله رحمة ـ أن يكون واسع المغفرة .. كثير الرحمات ؟
4 - من هذا الذي قيد الله - سبحانه وتعالى - وألزمه وجعل عليه أن يلتزم العدل وأن يلتزم الرحمة .. وأن يبحث عن طريق للتوفيق بينهما .. بين العدل والرحمة .. بأن ينزل ابنه الوحيد .. في صورة ناسوت .. يصلب تكفيرا ؟ خطيئة آدم ؟
5- يدعي المسيحيون أن ذرية آدم لزمهم العقاب بسبب خطيئة أبيهم .. وفي أي شرع يلتزم الأحفاد بأخطاء الأجداد ـ خاصة وأن الكتاب المقدس بنص على أنه " لا يقتل الأباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء . فكل إنسان بخطيئته يقتل " ( تثنية 24: 16 ) ؟
6 ـ إذا كان صلب المسيح عملاً تمثيلياً على هذا الوضع .. فلماذا يكره المسيحيون اليهود ويرونهم آثمين معتدين على السيد المسيح ؟
إن اليهود - وخاصة يهوذا الإسخريوطي - كانوا حسب الفهم المسيحي لموضوع الصلب أكثر الناس عبادة لله .. لأنهم بذلك نفذوا إرادة الله التي قضت بصلب ابنه فقاموا هم بتنفيذ ذلك العمل .
7 ـ هل كان نزول ابن الله وصلبه للتكفير عن خطيئة البشر ضرورياً .. أم كانت هناك وسائل أخرى من الممكن أن يغفر الله بها خطيئة البشر؟
ماذا يقول المسيحيون للإجابة عن مثل هذا السؤال .. كما يقدمه كاتب مسيحي هو القس بولس ساباط .. إذ يقول :
" لم يكن تجسد الكلمة ضرورياً لإنقاذ البشر .. ولا يتصور ذلك مع القدرة الإلهية الفائقة الطبيعية " - ثم يسترسل هذا الكاتب .. فيذكر السبب في اختيار الكلمة لتكون فداء لخطيئة البشر .. فيقول :
« إن الله على وفرة ما له من الذرائع إلى فداء النوع البشري وإنقاذه من الهلاك الذي نتج من الخطيئة ومعصية أمره الإلهي .. قد شاء
- سبحانه ـ أن يكون الفداء بأعز ما لديه .. لما فيه من القوة على تحقيق الغرض وبلوغه سريعاً " ..
إن أبسط الذرائع لدى الله - سبحانه – إذا استخدمنا لغة ذلك القس .. هي أن يقول الله : عفوت عنك با آدم .. إن هذا ما يقوله القران الكريم :
" فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " ..
ونصرخ في وجه هذا الكاتب فنقول إنه ليس من الحكمة في شيء أن نفتدي بدينار ما نستطيع أن نفتديه بفلس ..
ثم هناك إجابة أخرى عن هذا السؤال نقتبسها من كاتب مسيحي آخرهو الآب بولس اليافي الذي يقول :
" مما لا ريب فيه أن المسيح كان باستطاعته أن يفتدي البشر ويصالحهم مع أبيه بكلمة واحدة أو بفعل سجود بسيط يؤديه باسم البشرية لأبيه السماوي لكنه أبى إلا أن يتألم .. ليس لأنه مريض بتعشق الألم أو لأن أباه ظالم يطرب لمرأى الدماء .. وبخاصة دم ابنه الوحيد .. وما كان الله بسفاح ظلوم ، لكن الإله الابن شاء مع الله الآب أن يعطي الناس أمثولة خالدة من المحبة تبقى على الدهر وتحركهم على الندامة لما اقترفوه من آثام وتحملهم على مبادلة الله المحبة ..
ومرة أخرى نصرخ في وجه هذا المؤلف مؤكدين أنه صور الداء أدق تصويرعندما تكلم عن الدماء والقسوة .. لكنه عندما بدأ يجيب ويصف الدواء تعثروكبا ولم يقل إلا عبارات جوفاء لا تحمل أي معنى ..
8- ونعود إلى القس بولس ساباط ، ونسأله كما سأل :
إذا كان الكلمة قد تجسد لمحو الخطيئة الأصلية .. فما العمل في الخطايا التي تحدث بعد ذلك ؟ يجيب هذا الكاتب بما يلي :
" إذا عاد الناس إلى اجتراح الخطايا .. فالذنب ذنبهم لأنهم نسوا النور وعشوا عنه مؤثرين الظلمة بإرادتهم " ..
ومعنى هذا أن خطيئة واحدة محيت .. وأن ملايين الخطايا سواها بقيت وجدت بعد ذلك .. وسيحاسب الناس على ما اقترفوه .. وبعض ما اقترفوه أقسى من عصيان آدم .. فلقد أنكر بعض الناس وجود الله .. وهاجمه آخرون وسخروا من جنته وناره .. فلماذا كانت ظاهرة التجسد لخطيئة واحدة .. وتركت خطايا أكبر .. لا تعد ولا تحصى ؟
9 - أين كان عدل الله ورحمته منذ حادثة آدم حتى صلب المسيح ؟
ومعنى هذا أن الله - تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ ظل حائراً بين العدل والرحمة ألوف السنين .. حتى قبل المسيح منذ ألفي عام فقط أن يصلب تكفيراً عن خطيئة آدم ..
10- يلزم - كما في جميع الشرائع – أن تتناسب العقوبة مع الذنب .. فهل يتم التوازن بين صلب المسيح على هذا النحو وبين الخطيئة التي ارتكبها آدم ..
11- هذا ـ إلى أن خطيئة آدم التي لم تزد عن أن تكون أكلاً من شجرة نهى عنها قد عاقبه الله عليها – باتفاق المسيحين والمسلمين - بإخراجه من
الجنة .. ولا شك أنه عقاب كاف .. فالحرمان من الجنة الفينانة والخروج إلى الكدح والنصب عقاب ليس بالهين .. وهذا العقاب قد اختاره الله بنفسه .. وكان يستطيع أن يفعل بأدم أكثر من ذلك .. ولكنه اكتفى بذلك .. فكيف يستساغ أن يظل مضمراً السوء غاضباً ألوف السنين حتى وقت صلب المسيح ؟
12- وقد مرت بالبشر منذ عهد آدم إلى عهد عيسى أحداث وأحداث وهلك كثيرون من الطغاة وبخاصة في عهد نوح حيث لم ينج إلا من آمن بنوح واتبعه وركب معه السفينة .. فهؤلاء هم الذين رضي الله عنهم .. فكيف تبقى بعد ذلك ضغينة أو كراهية تحتاج لأن يضحي عيسى بنفسه فداء للبشرية ..
13- والكاتب المسيحي الذي أسلم - عبد الأحد داود وكان مطراناً للموصل - ينتقد قصة التكفير عن الخطيئة هذه انتقاداً سليماً فيقول :
" إن من العجيب أن يعتقد المسيحيون أن هذا السر اللاهوتي .. وهو خطيئة آدم وغضب الله على الجنس البشري بسببها ظل مكتوماً عن كل الأنبياء السابقين ولم تكتشفه إلا الكنيسة بعد حادثة الصلب " ..
14- ويقول هذا الكاتب - عبد الأحد داود - :
« إن ما حمله على ترك المسيحية هو هذه المسألة وظهور بطلانها .. إذ أمرته الكنيسة بأوامر لم يستسغها عقله وهي :
أ- نوع البشر مذنب بصورة قطعية ويستحق الهلاك الأبدي ..
ب- الله لا يخلص أحداً من هؤلاء المذنبين من النار الأبدية المستحقة عليهم بدون شفيع ..
ج - الشفيع لا بد أن يكون إلهاً تاماً وبشراً تاماً ..
ويدخل هذا الكاتب في نقاش طويل مع المسيحيين بسبب هذه الأوامر .. فهم يرون أن الشفيع لا بد أن يكون مطهراً من خطيئة آدم .. ويرون أنه لذلك ولد عيسى من غير أب لينجو من انحدار الخطيئة إليه من أبيه ..
ويسألهم الكاتب : ألم يأخذ عيسى نصيباً من الخطيئة عن طريق أمه ؟
ويجيب هؤلاء : بأن الله طهر مريم من الخطيئة قبل أن يدخل الابن رحمها ..
ويعود الكاتب يسأل : إذا كان الله يستطيع - التطهير - هكذا في سهولة ويسر إذ يطهر بعض خلقه .. فلماذا لم يطهر خلقه من الخطيئة كذلك بمثل هذه السهولة وذلك اليسر.. بدون إنزال ابنه وبدون تمثيلية الولادة والصلب ؟
ونضيف إلى نقاش عبد الأحد داود .. أن قولهم بضرورة أن يكون الشفيع مطهراً من خطيئة آدم .. مما استلزم أن يولد عيسى من غير أب أو أن يطهر الله مريم قبل دخول عيسى رحمها .. يحتاج إلى طريق طويل معقد .. وكان أيسر منه أن ينزل ابن الله مباشرة في مظهر الإنسان دون أن يمر بدخول الرحم والولادة ..
ونضيف كذلك أن اتجاه المسيحيين هذا يتعارض مع اتجاه مسيحي آخر.. هو أن ابن الله دخل رحم مريم ليأخذ مظهر الإنسان وليتحمل في الظاهر بعض خطيئة آدم الذي يبدو ابن الله كأنه ولد من أولاده .. ثم يصلب ابن الله تكفيراً عن خطيئة البشر الذين أصبح كواحد منهم ..
ويبقى أن نسأل أسئلة أخيرة في هذا الموضوع هي :
هل كان الأنبياء جميعاً .. نوح - إبراهيم - موسى .. مدنسين بسبب خطيئة أبيهم؟
وهل كان الله غاضباً عليهم كذلك .. وكيف اختارهم مع ذلك لهداية البشر ؟
هذه الأسئلة نضعها بين يدي النصارى لعلهم يحاولون الإجابة عنها ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-16-2020, 01:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
القيامة والظهور ..
لقد انتهينا من دراسة قضية الصلب .. وهي واحدة من أخطر القضايا المسيحية باعتبارها صارت ركيزة من ركائز العقيدة التي تبناها بولس .. وصار لها السيادة فيما بعد .. ولم تكن على الإطلاق من وصايا المسيح ولا من رسالته .. وماذا رأينا فيها ؟
رأينا أن هذه المصادر المسيحية - وهي الأناجيل - قد اختلفت تماماً في كل جزئية تتعلق بموضوعات الصلب .. وقلنا ـ من قبل - إننا نتبع في دوائرنا القضائية في كل بلد من بلاد العالم .. أنه عندما تختلف شهادة الشهود .. ترفض على الفور شهاداتهم ..
** كذلك فإن السمة الواضحة والعامل المشترك بين هذه المصادر المسيحية .. شيء واحد .. هو أن كل ما كتب قام على ظن وعلى تناقض يتناقض بعضه مع بعض .. وينقض بعضه بعضاً ..
وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الحالة في آية من آياته .. وذلك من معجزات القرآن فقد قال :
" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) " .. سورة النساء ..
لقد وجدنا أن كل ما كتب وخاصة ابتداء من قضية الصلب .. وملحقاتها وهي القيامة والظهور .. قد اختلف فيه كتبة الأناجيل جميعاً من الألف إلى الياء ..
ونبدأ الآن في دراسة قضية القيامة التي تقول - وفق التعليم المسيحي - إن المسيح صلب ومات ودفن وقام في اليوم الثالث .. وبعد ذلك ظهر لبعض الناس ..
ولقد عرفنا مما سبق أنه لم يدفن في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال كما قالت الأناجيل .. إذ أن المصلوب دفن في الأرض لمدة يوم واحد وليلتين على أحسن الفروض ..
القيامة ..
بدأت روايات قيامة المسيح من الأموات وظهوره بعد الموت تنتشر ببطء شديد وسط المجموعة المسيحية الأولى .. بسبب إنكار تلاميذه وحوارييه - وعلى رأسهم بطرس - لتلك الروايات .. وشكهم فيها .. وعدم إيمانهم بوجود أدنى صلة بين رسالة المسيح الحقة التي تلقوها من معلمهم .. وبين فكرة القيامة من الأموات هذه التي صارت واحدة من ركائز العقائد المسيحية .. من أجل ذلك تأخر الإعلان عن قيامة المسيح وظهوره سبعة أسابيع .. فلم يذع خبرها بين عامة المسيحيين إلا بعد 50 يوماً .. كما تقول رسالة الأعمال التي سطرها ( لوقا ) .. بعد أكثر من 60 عاماً من رفع المسيح ..
وإذا كان هذا هو مجمل حديث القيامة .. كما سجلته الأناجيل .. فمن الواجب ألا يغيب عن البال - كما يقول جورج يرد :
" إن أول شهادة عن القيامة لم تعطها الأناجيل .. لكنها جاءت من رسائل بولس .. وعلى وجه الخصوص رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس ( الإصحاح 15 ) التي كتبت قبل أقدم الأناجيل بعشر سنوات على الأقل .. ففي هذا الإصحاح نجد بولس يقتبس تعليماً تسلمه من أولئك الذين كانوا مسيحيين قبله " ( تفسير إنجيل لوقا : ص 255 )
ولقد رأينا أن ما تقوله الأناجيل عن صلب المسيح وما امتلأت به من اختلافات ومتناقضات يكفي لرفضها .. وبالتالي كان ذلك مبرراً كافياً لرفض ما قام على الصلب وهو القيامة والظهور .. ومع ذلك فلسوف نتجه إلى الأناجيل لنناقش من خلالها قضية القيامة والظهور بعناصرها الرئيسية :
زيارة النساء للقبر :
يقول مرقس :
" بعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنه . وباكر جداً في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس وكن يقلن في أنفسهن من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر . فتطلعن ورأين الحجر قد دحرج لأنه كان عظيماً جداً . ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء فاندهشن . فقال لهن لا تندهشن . أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب ، قد قام . ليس هو ههنا هو ذا الموضع الذي وضعوه فيه . لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل . هناك ترونه كما قال لكم . فخرجن سريعاً وهربن من القبر لأن الرعدة والحيرة أخذناهن. ولم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات " ( 16: 1-8 ) ..
يقول نينهام :
( إن الدافع المقترح لهذه الزيارة يدعو على أي حال إلى الدهشة .. وإذا صرفنا النظر عن التساؤل الذي أثير ( عمن يدحرج الحجر) فمن الصعب أن نثق في أن الغرض من زيارة النسوة كان دهان جسم إنسان انقضى على موته يوم وليلتان ) ..
إن أغلب المعلقين يرددون ما يقوله مونتفيوري من أن السبب الذي تعزى إليه هذه الزيارة غير محتمل البتة ..
وفي الواقع نجد أنه حسب رواية القديس مرقس ( 15: 37-47 ) .. فإن جسد يسوع لم يدهن أبداً بعد الموت .. خلافا لما جاء في (يوحنا 19 : 40 ) .. الذي يقول :
يدهن أبداً بعد الموت .. خلافا لما جاء في (يوحنا 19 : 40 ) .. الذي يقول :
" فأخذا - يوسف ونيقوديموس - جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا " ..
إن كثيراً من القراء سيتفقون في الرأي مع ما انتهى إليه فنسنت تيلور من أنه : من المحتمل أن يكون وصف مرقس محض خيال .. إذ أنه يصور لنا في وصفه بما يعتقد أنه حدث .. ( تفسير إنجيل مرقس : ص 443 - 444 ) ..
وقد انفرد متى ( 27: 62-66 ) .. بما ذكره عن طلب اليهود من الحاكم الروماني بيلاطس أن يرسل حراساً لضبط القبر .. فاستجاب لهم " فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر).
بعد ذلك تكلم عن زيارة النساء للقبر بصورة مختلفة فقال :
" ويعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر .. وإذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه .. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج .. فأجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا .. اذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قام من الأموات .. فخرجتا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبر تلاميذه " ( 28: 1-8 ) ..
ويقول جون فنتون : " إن حدوث الزلزلة .. ونزول الملاك من السماء ، ودحرجة الحجر بعيداً .. وخوف الحراس .. كلها إضافات من عمل "متي" ..
كذلك نجد في إنجيل مرقس أن النساء لا تطعن الرسالة .. أما في متي فإنهن يطعنها ( فيخبرن التلاميذ بالقيامة ). ( تفسير إنجيل متى : ص 449 - 450 ) ..
ويقول لوقا: " في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن أناس ، فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر . فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة ، وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض قالا لهن .. ليس هو ههنا لكنه قام ، اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل ، فتذكرن كلامه ورجعن من القبروأخبرن الأحد عشر الباقين بهذا كله . وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل " ( 24: 1-10 ) ..
ويقول جورج كيرد :
(( إن قصة لوقا عن القبر الخالي تسير بمحاذاة مرقس .. لكنها تختلف عنها في أربع نقاط :
فبينما يذكر مرقس شاباً واحداً عند القبر .. نجد لوقا يذكر رجلين .. وحسبما جاء في ( مرقس 16: 7 ) قيل للنسوة :
" ولكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه كما قال لكم - لكن لوقا يشير بدلا من ذلك إلى تعليم سبق إعطاؤه في الجليل .. ذلك أنه حسب مصدر المعلومات الذي استقى منه لوقا فإن ظهور ( المسيح ) بعد القيامة لم يحدث في الجليل .. لكنه حدث فقط في أورشليم وما حولها .. ( لوقا 24: 13-35 ) ..
كذلك نجد حسب رواية مرقس أن النسوة قد حملن برسالة فشلن في توصيلها لأنهن كن خائفات .. بينما يخبرنا لوقا أنهن قدمن تقريراً كاملاً عما رأينه وسمعنه إلى التلاميذ الآخرين ..
وأخيراً فإن قائمة الأسماء مختلفة .. إذ أن لوقا يذكر يونا بدلا من سالومي التي ذكرها مرقس )) .. ( تفسير إنجيل لوقا : ص 256 ) ..
أما رواية يوحنا عن القيامة فإنها مختلفة عما روته الأناجيل الثلاثة في عناصرها الرئيسية .. ذلك أن يوحنا يقول :
" في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باق ، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه . فخرج بطرس والتلميذ الأخر وأتيا إلى القبر ، وكان الاثنان يركضان معاً. فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولا إلى القبر . وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل ، ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعاً مع الأكفان ، بل ملفوفاً في موضع وحده فحينئذ دخل أيضاً التلميذ الآخر الذي جاء أولا إلى القبر ورأي فآمن ، لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات .. أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجاً تبكي .. فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعاً " ( 20: 1-10 ) ..
** اختلاف الأناجيل في روايات الزيارة :
من الواضح أن هناك اختلافاً بين ما ترويه الأناجيل عن زيارة النساء للقبر وملابساتها كما يتضح مما سبق .. بالإضافة إلى الأتي :
1 ـ يذكر مرقس أن توقيت زيارة النساء للقبر كان بعد طلوع الشمس .. بينما يقول الآخرون أن الزيارة كانت قبل طلوعها - فهي في متى ولوقا عند الفجر .. وفي يوحنا : " والظلام باق " ..
2ـ يذكر مرقس أن الزائرات كن ثلاث نسوة .. لكن متى يذكر اثنتين فقط .. بينما يقول لوقا إنهن كن جمعاً من النساء .. أما يوحنا فيجعل بطلة الزيارة هي مريم المجدلية بمفردها التي تذهب لتحضر معها بطرس ويوحنا ( التلميذ المحبوب ) ..
ولا يتفق كتبة الأناجيل على شيء من العناصر الرئيسية لقصة الزيارة قدر اتفاقهم على جعل مريم المجدلية في موضع الصدارة بين الزائرات ، حتى أن يوحنا يجعلها الزائرة الوحيدة .
** وبذلك صارت مريم المجدلية ـ التي أخرج منها المسيح سبعة شياطين - هي المصدر الرئيسي لكل ما قيل عن قيامة المسيح من الأموات ..
3- وعند القبر رأت النساء شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء ـ حسب مرقس - بينما هو في متي « ملاك الرب .. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج .. أما في لوقا «رجلان بثياب براقة » .. وفي يوحنا : «ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآخر عند القدمين ..
هذا وبالاضافة إلى ما سبق بيانه بخصوص قضية القيامة التي اختلفت فيها الأناجيل اختلافاً يكفي لرفض شهاداتها جميعاً .. قوله :
لقد انفرد إنجيل متى بقوله :
" في الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى بيلاطس : قائلين يا سيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم - فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات . فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى .. فقال لهم بيلاطس عندكم حراس اذهبوا واضبطوه كما تعلمون فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر " ( 27: 62-66 ) ..
وبذلك تكون الإجراءات التي تمت هي حراسة القبر وختم الحجر وإذا صرفنا النظر عن كيفية دحرجة الحجر واختلاف الأناجيل فيها .. فانا نقرأ في متى بعد ذلك الأتي :
" وفيما هما ذاهبتان ( مريم المجدلية ومريم الأخرى ) إذا قوم من الحراس جاءوا إلى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان . فاجتمعوا مع الشيوخ وتشاوروا وأعطوا العسكر فضة كثيرة قائلين : قولوا إن تلاميذه أتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام وإذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين . فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم . فشاع هذا القول عند اليهود إلى هذا اليوم " ( 28: 11-15 ) ..
** من ذلك يتبين أن خصوم المسيح وهم رؤساء الكهنة والشيوخ وكذا الحراس لم يشاهدوا قيامة المسيح .. ولم يشاهدوه بعد القيامة .. لكن الشيء الوحيد الذي اتفقوا عليه هو وجود القبر - الذي قيل إنه دفن فيه - خالياً ..
وإذا رجعنا إلى قصة دانيال أثناء السبي البابلي لوجدنا نظيراً لقصة المقبرة التي وضع عليها حراس وسدت بحجر مختوم .. فلقد حدث أن تآمر خصوم دانيال عليه ووشوا به عند الملك لأنه لا يتعبد له .. إنما بتعبد للإله الواحد خالق الأكوان .. آنذاك غضب الملك وأمر بوضع دانيال في جب الأسود وقفله بحجر وختمه .. وفي هذا يقول سفر دانيال :
" قالوا قدام الملك إن دانيال الذي من بني سبي يهوذا لم يجعل لك أيها الملك اعتباراً .. فلما سمع الملك هذا الكلام اغتاظ على نفسه جداً .. حينئذ أمر الملك فأحضروا دانيال وطرحوه في جب الأسود . أجاب الملك وقال لدانيال إن إلهك الذي تعبده دائما هو ينجيك . وأتي بحجر ووضع على فم الجب وختمه الملك بخاتمه وخاتم عظمائه ثم قام الملك باكراً عند الفجر وذهب مسرعاً إلى جب الأسود فلما اقترب إلى الجب نادي دانيال بصوت . أسيف . أجاب الملك وقال لدانيال . يا دانيال عبد الله الحي هل إلهك الذي تعبده دائماً قدر على أن ينجيك من الأسود ؟ فتكلم دانيال مع الملك ، يا أيها الملك عش إلى الأبد . إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئاً قدامه وقدامك أيضاً. أيها الملك لم أفعل ذنباً . حينئذ فرح الملك به وأمر بأن يصعد دانيال من الجب ، فأصعد دانيال من الجب ولم يوجد فيه ضرر لأنه آمن بإلهه . فأمر الملك فأحضروا أولئك الرجال الذين اشتكوا على دانيال وطرحوهم في جب الأسود هم وأولادهم ونساءهم . ولم يصلوا إلى أسفل الجب حتى بطشت بهم الأسود وسحقت كل عظامهم ، ( 6: 13-24 ) ..
* هنا حدثت المعجزة حقاً .. إذ رفعت الأختام في وجود شهود عاينوا دانيال قائماً بينهم حياً .. قد انتصر على الموت الذي كان ينتظره في فم الأسود .. وشهد بذلك أعداء دانيال وأصدقاؤه على السواء ..
** فلو كان المسيح هو ذلك الذي صلبوه .. ثم وضعوه في القبر.. ثم أقاموا عليه حراساً وختموه .. لكان الأولى به حين يقوم من الموت - كما يدعون - أن يحدث ذلك على مرأى ومسمع من أعدائه قبل أصدقائه .. حتى تتحقق المعجزة بشهادة الشهود .. خاصة وأن المسيح مارس معجزاته كلها أمام الناس سواء المؤمنين به أو المكذبين له ..
*** أما أن توجد مقبرة خالية .. فيقال إن المسيح الذي دفن فيها قد قام ولم يره أحد .. فذلك شيء لا يقوم على أي أساس بسبب التضارب الواضح فيما ترويه الأناجيل عن القيامة التي تعتبر ركيزة من ركائز العقائد المسيحية والتي تفوق في أهميتها خروج دانيال حياً من جب الأسود الاف المرات .
هذا ويقول جون فتون :
لقد كانت الكنيسة الأولى ترى في خروج دانيال حياً من جب الأسود نوعاً من المشابهة لقيامة يسوع .. كما يلاحظ أن "متى" غير قول "مرقس" أن المرأتين اشترتا حنوطاً : ليأتين ويدهنه .. إلى قول آخر هو: لتنظرا القبر .. ولعل السبب في ذلك هو أنه ما دام "متى" قد أدخل قصة ختم الحجر إلى روايته .. فلا بد أن يقوم بهذا التعديل ( تفسير انجيل متى ص 448-450) ..
وإذا كانت الكنيسة قد اعتبرت خروج دانيال من جب الأسود شبيهاً بقيامة المسيح .. أما كان ضرورياً للإقرار بتلك المشابهة أن يتوافر العنصر الضروري والكافي لتحقيق الحدث .. وهو شهادة الشهود من الأصدقاء والأعداء على السواء ؟ .. وهو الشيء الذي اكتمل في قصة دانيال .. وفقد تماماً في قصة المسيح .. ونستطيع أن ندرك الآن قيمة هذه الفقرة المختصرة التي قررها أدولف هرنك :
" إن هناك عدداً من النقاط مؤكدةً تاريخياً منها : " أن أحداً من خصوم المسيح لم يره بعد موته " .. ( تاريخ العقيدة : ج 1 ص 85 ) ..
نعم .. إن رؤية الخصوم قبل الأصدقاء هي دليل هام ومفقود كان من اللازم تواجده ـ أولا ـ عند كل من يؤمن بحديث القيامة .. ولسوف يبقى مفقودة إلى الأبد ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-21-2020, 09:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الظهور ..
لقد درجنا على أن نبدأ أولا بذكر ما يقوله إنجيل مرقس في مختلف الموضوعات التي تتعرض لها في هذه الدراسة .. ثم نتبع ذلك بما تقوله بقية الأناجيل في ذات الموضوع .. ويرجع ذلك لما هو متفق عليه من أن إنجيل مرقس يعتبر أقدم الأناجيل القانونية التي وصلتنا .. بالإضافة لكونه المصدر الرئيسي الذي نقل عنه كل من " متى ولوقا " .. وإذا طبقنا تلك القاعدة التي درجنا عليها .. وبدأنا بما يقوله إنجيل مرقس عن ظهور المسيح بعد قيامته من الأموات فإننا نقول :
يقول إنجيل مرقس : لا شيء ..
نعم .. لا يقول إنجيل مرقس شيئاً عن موضوع الظهور .. ولسوف يسرع بعض القراء إلى النسخ التي في متناول أيديهم من إنجيل مرقس .. بغية التثبت من حقيقة هذا الإدعاء الخطير .. فيجدون خاتمة هذا الإنجيل - ( الأعداد من 9 إلى 20 ) التي ينتهي بها الإصحاح السادس عشر - تتكلم عن ظهور المسيح لبعض الناس بعد فتنة الصلب وروايات القيامة ..
وهنا يحدث لبس تزيله الحقيقة الآتية :
إن خاتمة إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور المسيح - ( الأعداد من 9 إلى 20 ) - ليست من عمل مرقس كاتب الإنجيل .. ولكنها إضافات أدخلت إليه حوالي عام 180 م .. أي بعد أن سطر مرقس إنجيله بنحو 120 عاماً .. ولم تأخذ أي صورة قانونية إلا بعد عام 325 م ..
لقد أشرنا إلى هذا من قبل عند الحديث عن مشاكل إنجيل مرقس - ونضيف الآن قول نينهام :
" انه على الرغم من أن هذه الأعداد (9 - 20) تظهر في أغلب النسخ الموجودة لدينا من إنجيل مرقس .. إلا أن النسخة القياسية المراجعة مصيبة تماماً في اعتبارها غير شرعية .. منزلة إياها من النص إلى الهامش ..
إن العالم الكاثوليكي الكبير لاجرانج .. واضح تماماً في قوله : إنه بالرغم من قانونيتها (أي أنها جزء من الكتاب المقدس) .. فإنها ليست قانونية بالمعنى الحرفي (أي ليست من عمل القديس مرقس) .. وتقوم وجهة النظر التي تتطابق وآراء العلماء الآخرين على ثلاثة أسباب رئيسية هي :
1- إن بعض أفضل النسخ من إنجيل مرقس تنتهي عند ( 16: 8 ) .. وبعض النسخ الأخرى تتفق معها في حذف الأعداد ( 9-20 ) .. لكنها تعطى بدلا من ذلك خاتمة ( أخرى) ..
2- إن كبار العلماء في القرن الرابع مثل ايزييوس وجيروم يشهدون بأن هذه الأعداد كانت ساقطة من أفضل النسخ الإغريقية المعلومة لديهم ..
3 ـ والأكثر حسماً من كل ما سبق هو أن أسلوب تلك الأعداد ومفردات اللغة التي كتبت بها يعطي أسلوب القرن الثاني .. وهو شيء يختلف تماماً عما كتب به القديس مرقس ..
إن هذه الفقرة لا يمكن تحديد تاريخها بالضبط .. ويمكن القول بأنها أصبحت تقبل كجزء من إنجيل مرقس حوالي عام 180 م .. " تفسير إنجيل مرقس ( ص 449 - 450 )
كذلك يقول جون فتتون :
على حسب معلوماتنا فإن إنجيل مرقس الذي كان بين يدي متى .. قد انتهى عند (16: 8 ) .. وعلى هذا فإن ظهور يسوع للنساء في إنجيل متى 28(: 8 ) قد أضافه متى ..
وحسبما نعلم فإن إنجيل مرقس لم يحتوعلى أي روايات تتكلم عن الرب المقام من الأموات ) .. تفسير إنجيل متى ( ص 449 - 450) ..
روايات الأناجيل :
ومع ذلك فلسوف نذهب إلى نسخ إنجيل مرقس التي تتكلم عن ظهور .. المسيح فنجدها تقول :
" وبعد ما قام باكراً في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية التي قد أخرج منها سبعة شياطين . فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معها وهم ينوحون ويبكون ، فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته ، لم يصدقوا . وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما يمشيان منطلقين في البرية . وذهب هذان وأخيرا الباقين ، فلم يصدقوا ولا هذين . أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام " ( 16: 9-14 ) ..
ولقد علمنا حسب رواية "متي" عن زيارة النساء للقبر .. أن مريم المجدلية ومريم الأخرى قد حمّلها ملاك الرب رسالة يقول فيها:
" اذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قد قام من الأموات . ها هو يتبعكم إلى الجليل - وعندئذ خرجتا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه "
* والآن نضيف قول متى :
" وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال (سلام لكما ) فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له فقال لهما يسوع : لا تخافا اذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونني وأما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع . ولما رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكوا " ( 28: 9-17 ) ..
هذا .. وبعد أن ذكر لوقا ما روته النسوة من حديث القيامة للتلاميذ والرسل نجده يتكلم عن الظهور فيقول :
" وإذا اثنين منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم .. وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته . فقال لهما ما هذا الكلام الذي تتطارحان به .. فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب .. ثم اقتربوا إلى القرية التي كانا منطلقين إليها وهو تظاهر كأنه منطلق الى مكان أبعد . فألزماه قائلين امكث معنا .. فلما اتكأ معهما أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما . فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم . وهم يقولون إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان .. وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم رأوا روحاً . فقال لهم : ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم انظروا يدي ورجلي إني أنا هو، جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي . وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه .. فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل . فأخذ وأكل قدامهم " ( 23: 13- 43)
ويقول يوحنا إن مريم المجدلية كانت تبكي عند القبر ، فقال لها الملاكان :
" يا امرأة لماذا تبكين قالت لهما إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه . ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم أنه يسوع . قال لها يسوع: يا إمرأة لماذا تبكين . من تطلبين . فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد: إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه . فقال لها يسوع يا مريم . فالتفتت تلك وقالت له ربوني ـ الذي تفسيره با معلم - فقال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى : أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم . فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قد قال لها هذا . ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود ، جاء يسوع ووقف في الوسط. فرح التلاميذ أنهم رأوا الرب .. أما توما أحد الاثني عشر .. فلم يكن معهم حين جاء يسوع . فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب فقال لهم: إن لم أبصر في يديه أثر المساميروأضع أصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن . وبعد ثمانية أيام كان التلاميذ أيضاً داخلاً وتوما معهم فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال : سلام لكم .. بعد هذا أظهر أيضاً يسوع نفسه للتلاميذ على بحر طبرية .. لما كان الصبح وقف يسوع على الشاطئ ولكن التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع .. ثم جاء يسوع وأخذ الخبز وأعطاهم وكذلك السمك . هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعد ما قام من الأموات " ( 20:13-26 ، 21: 1-14 ) ..
ملاحظات على روايات الأناجيل :
لقد عرضنا ما ترويه الأناجيل الأربعة عن ظهور المسيح .. وكلها روايات تسمح بإبداء الملاحظات الآتية :
1- اتفق مرقس ومتى ويوحنا على أن الظهور الأول كان من نصيب مريم المجدلية التي لم تعرفه وظنته البتساني .. بينما أسقط لوقا تلك الرواية تماماً وجعل الظهور الأول من نصيب اثنين كانا منطلقين إلى قرية عمواس ..
2- حدث الظهور للتلاميذ مرة واحدة في كل من مرقس ومتى ولوقا .. بينما تحدث عنه يوحنا ثلاث مرات بصور مختلفة ..
3 - اتفق مرقس ومتي على أن الظهور للأحد عشر تلميذاً حدث في الجليل *** فاختلفا في ذلك مع لوقا ويوحنا اللذين جعلاه في أورشليم ..
4- وأخطر من ذلك كله هو اتفاق الأناجيل في هذه القضية على شيء واحد هو أن ذلك الذي ظهر لمريم المجدلية وللتلاميذ **** كان غريباً عليهم .. ولم يعرفوه جميعاً وشكوا فيه .. وهم الذين عايشوا المسيح وعرفوه عن قرب ..
كيف يقال بعد ذلك أن المسيح ظهر لمعارفه وتلاميذه ؟
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-25-2020, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
شك التلاميذ في روايات القيامة والظهور ..
تمتلى روايات الأناجيل عن القيامة والظهور بالكثير من المآخذ والثغرات التي يستطيع القارئ أن يتلمسها بنفسه بمجرد المطالعة ومقارنة المواقف المتشابهة في الأناجيل المختلفة ..
وتكفي هذه المآخذ والثغرات لرفض ما تقوله تلك الروايات عن قيامة المسيح وظهوره .. وكيف لا ترفض وقد رفضها كاتب إنجيل مرقس الأصلي فأسقطها من حسابه وأنهى الإنجيل عند (16: 8) كما سبق بيانه .. كذلك رفضها تلاميذ المسيح وشكوا فيها ذلك الشك المريب الذي سجلته الأناجيل - لقد شك التلاميذ جميعاً فيما روته مريم المجدلية ومن معها من النسوة عن قيامة المسيح من الأموات فحين :
" رجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن ..
فقام بطرس وركض إلى القبر فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها فمضى متعجباً في نفسه مما كان "
*** هكذا كان موقف تلاميذ المسيح من روايات القيامة .. وهم الذين التصقوا به منذ اختارهم حتى رحل عنهم .. وكان على رأسهم بطرس وفيهم يوحنا .. وهم الذين تلقوا تعاليمه ووعوها قبل أن تظهر بينهم مريم المجدلية وبعد أن ظهرت ..
ولكن أناجيل مرقس ومتى ولوقا تذكر لنا حديثاً جرى بين المسيح وتلاميذه .. تنبا فيه بقتله ثم قيامته من الأموات .. فهي تقول :
" ابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ( المسيح) ينبغي أن يتألم كثيراً ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم {{ وقال القول علانية }} .. فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره فالتفت وأبصر تلاميذه ، فانتهر بطرس قائلا اذهب عنى يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن للناس " ( مرقس 8: 31-33 ) ، ( متى 16 :21-23) ، ( لوقا 29: 22) ..
إن رواية الحوار بين المسيح وتلاميذه على هذه الصورة تعني أن قيامة المسيح من الأموات أصبحت أمراً مفروغاً منه .. مثلها مثل قتله .. ذلك أن الأناجيل تذكر أن المسيح {{ قال القول علانية }} ..
*** فإذا وجدنا بعد ذلك أن روايات القيامة التي جاءت بها مريم المجدلية كانت بالنسبة لبطرس - رئيس التلاميذ والذي سبق أن راجع المسيح في أمرها - ولرفاقه كلاماً كالهذيان لا يمكن تصديقه .. فإن النتيجة التي لا مفر من التسليم بها هي :
إن ذلك الحوار الذي قيل إنه جرى بين المسيح وتلاميذه .. والذي تنبأ فيه بقتله ثم قيامته لم يحدث على الإطلاق ..
وإن ما نجده عن ذلك الحوار في الأناجيل .. لا يعدو أن يكون إضافات أدخلت إليها فيما بعد ..
إن هذا ما ينطق به إنجيل يوحنا حين يقرر أن فكرة القيامة كانت غريبة تماماً عن التلاميذ الذين فوجئوا برواية مريم المجدلية .. فحين ذهبت هذه واخبرت بطرس ويوحنا .. فإنهما تسابقا إلى القبر:
" فحينئذ دخل أيضا التلميذ الآخر الذي جاء أولا إلى القبر ورأي فآمن .. لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات فمضى التلميذان ( بطرس وبوحنا) أيضاً إلى موضعهما " ( يوحنا 20: 8-10 ) ..
*** كيف يتفق قول يوحنا هذا عن تلاميذ المسيح أنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات - مع ذلك القول والحوار الطويل
الذي جرى بين المسيح وتلاميذه وعرفهم فيه بقيامته من الأموات .. وهو الحوار الذي ذكرته أناجيل : مرقس ومتى ولوقا ...؟
كذلك شك التلاميذ فيما روته مريم المجدلية وغيرها عن ظهور المسيح .. فحين ذهبت مريم وأخبرت التلاميذ ..
" لما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته .. لم يصدقوا " ..
وكذلك كان الحال مع الاثنين اللذين قيل إنه ظهر لهما .. إذ لما ذهب هذان وأخبرا الباقين فلم يصدقوا ولا هذين " ..
ويسجل متى شك التلاميذ في ذلك الذي قيل إنه المسيح الذي صاحبوه من قبل فيقول :
" أما الأحد عشر تلميذاً ـ لما رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكوا "
وكذلك يقول لوقا عن التلاميذ :
" أنهم جزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً " ..
ويسجل يوحنا شك توما بصورة تقطع بأن فكرة القيامة لا علاقة لها البتة برسالة المسيح وتعاليمه .. فهو يقول :
" أما توما أحد الاثني عشر .. فلم يكن معهم حين جاء يسوع فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب . فقال لهم إن لم أبصر في يديه أثر المسامير .. وأضع أصبعي في جنبه لا أومن " ..
لقد ربطت المسيحية التقليدية ـ مسيحية بولس الصليبية - نفسها بالقول بأنها تقوم على أحداث تاريخية - مثل القول بقتل المسيح على الصليب وقيامته في اليوم الثالث - بحيث لو تعذر إثبات وقوعها .. ما كان للمسيحية من برهان يدعمها .. كما أنه لو أمكن إثبات عدم حدوثها لانهارت العقيدة التقليدية من أساسها ولم يبق منها شيء ..
وفي هذا يقرر علماؤها بأنه جرى التوكيد دائماً على أن المسيحية تعتبرعقيدة تاريخية بمفهوم قلما تناظرها فيه أي من العقائد الأخرى .. ذلك أنها إما أن تظل قائمة أو تنهار .. بناء على حقيقة ما كان من أحداث معينة .. جرى الزعم بأنها وقعت خلال فترة زمنية محددة تقدر بثمان وأربعين ساعة في فلسطين منذ ألفي عام تقريباً ..
.
وهنا يثور سؤال : من أي الوجوه – إذن ـ تكون العقيدة المسيحية عرضة للسقوط تاريخياً ؟
ولكن إذا نظرنا إلى السؤال بعين فاحصة .. لوجب علينا الاعتراف بأنه لا يمكن إثبات أن المعتقدات التي تقوم على الأمور التاريخية يمكن اعتبارها حقائق مؤكدة .. وبتعبير أدق .. فإن تلك المعتقدات لا تملك أكثر من درجة عالية جداً من الاحتمال والترجيح .. ( من كتاب اعتراضات على العقيدة المسيحية ص 58، 64-65)
إن كل من لم يبصر في مسيحية المسيح الحقة الفاضلة .. سوى الصلب والقيامة قد جعلها تحت رحمة التاريخ .. وإذا رجعنا إلى ما يسعفنا به التاريخ في روايات الصلب والقيامة والظهور .. لوجدناه في غير صالح ذلك المفهوم الذي لم ير بولس شيئاً غيره في المسيحية التي جال يدعو لها حتى جعل لها السيادة .. وأعني بها مسيحية الصليب ..
لكن العلماء يقررون - حقاً ـ أن تلك المعتقدات التي تقوم على الأمورالتاريخية لا يمكن اعتبارها حقائق مؤكدة ..
*** وهل تبني العقائد - أيها الناس - على الظن والاحتمال والترجيح ؟
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-02-2020, 05:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن القضية الرئيسية في المسيحية هي قضية الغفران وأنه بسبب خطيئة آدم المتوارثة فإن البشرية كلها هالكة لا محالة ولذلك جاء المسيح ليفديها بنفسه .. وكان قتله على الصليب - باعتباره ابن الله الوحيد هو الثمن الذي ادعى بولس أنه دفع للمصالحة مع الله أو على حد تعبيره " صولحنا مع الله بموت ابنه " ( رومية 5: 10 ) ..
ولكن إن صح ما قيل عن الخطيئة المتوارثة ـ وهو غير صحيح على الإطلاق ولا يتفق مع عدل الله ولا شرائعه ومنها شريعة موسى .. فهل كان ضرورياً تلك الرواية المأساوية التي تتمثل في قول المسيحية بقتل المسيح صلباً وسط صرخاته اليائسة التي كان يرفض فيها تلك الميتة الدموية ؟
** أما كان يمكن أن تحدث المغفرة دون سفك دم بريء .. دم يرفض صاحبه بإصرار أن يسفك ؟
لنرجع إلى إنجيل متى نجده يقول :
" فدخل السفينة واجتاز وجاء إلى مدينته . وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحاً على فراش . فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج : ثق يابني مغفورة لك خطاياك . وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف . فعلم يسوع أفكارهم فقال لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك . أم أن يقال قم وامش ؟ ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك فقام ومضى إلى بيته فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا " ( 9: 1-8 ) ..
لقد قال المسيح للمفلوج : (( مغفورة لك خطاياك )) ومغفورة اسم مفعول لفاعل تقديره الله سبحانه وتعالى .. لأن المخلوق لا يستطيع أن يغفر الخطايا .. تماماً كما يقول إنسان عن إنسان آخر متوفي : المغفور له .. فهذا يعني أنه يرجو أن يغفر الله له ..
بل إن متى ينسب للمسيح قوله :
" لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا " . فكأن الله - سبحانه وتعالى - منح المسيح أن يغفر الخطايا بكلمة منه . وبناء على ذلك فإن مغفرة خطايا البشر ليست في حاجة إلى عملية صلبه وقتله وكل ذلك العمل الدرامي المفجع الذي ضاعف الخطايا - لو كان قد حدث كما يزعمون - بدلا من أن يمحوها . وأكثر من هذا أن المسيح أعطى لبطرس - الذي وصفه بأنه شيطان والذي تقول الأناجيل إنه تبرأ من سيده في وقت المحنة وأنكره أمام اليهود - سلطاناً أن يغفر الخطايا فقال له :
" وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوط في السموات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات " ..
** هل يستطيع الإنسان أن يغفر بكلمة ويعجز رب الإنسان عن مثل ذلك ؟
*** أين عقول الناس التي يفكرون بها ؟
لقد كتبت الأناجيل - كما علمتم - بعد عشرات السنين من رحيل المسيح ثم تعرضت للكثير من الإضافات والحذف .. ولقد كان المسيح يعلم حقيقة من حوله وحقيقة الأدعياء الذين سيلتصقون باسمه وبرسالته ويزعمون أنهم رسله وتلاميذه رغم أنهم تلاميذ الشيطان الذي سيؤيدهم بعجائب وأضاليل تكون فتنة للناس .. ولذلك قال كاتب إنجيل متى على لسانه :
" ليس كل من يقول : يا رب يا رب دخل ملكوت السموات .. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات . كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب . أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم - " ( 7: 21-23 ) ..
لقد لعب اسم الروح القدس دوراً كبيراً في الدعوة باسم المسيح لدرجة أنهم لو وجدوا إنساناً يهذي فإنهم يقولون : قد امتلأ من الروح القدس .. ولا شك أن المجرم هو أقدر من يدل على طرق الإجرام فإذا أردنا أن نحد من الجرائم علينا أن نأتي بجماعة من المجرمين ونتعرف منهم على أساليبهم ومن ثم نستطيع وضع الخطط اللازمة لمكافحة الإجرام ..
ونأتي الآن إلى شاول – بولس - نجده يقول في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس :
" ولكن ما أفعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجدوا كما نحن أيضاً في ما يفتخرون به . لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور . فليس عظيماً إن كان خدامه أيضاً يغيرون شكلهم كخدام للبر الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم .. أقول أيضاً لا يظن أحد أني غبي وإلا فاقبلوني ولو كغبي لأفتخر أنا ايضاً قليلاً . الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب بل كأنه في غباوة في جسارة الافتخار هذه " ( 11: 12-17 ) ..
وعندما نأتي لفكر بولس في الصلب ـ مع إيماننا الكامل بأن المسيح لم يصلب على الإطلاق ولم يعلق على الصليب - نجده يقول :
" المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا {{ لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة }} " غلاطية ( 3: 13 ) ..
كيف هذا أيها الناس ؟ كيف يكون المسيح لعنة ؟
وكأن المسيح كان يتحرز ضد بولس وأفكاره وتابعيه حين قال في إنجيل يوحنا :
" هو ذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي وأنا لست وحدي لأن الأب معي " ( 16: 32-33 ) ..
وهذا مخالف تماماً لقول ذلك الذي علقوه على الصليب فصرخ يائساً يقول " إلهي إلهي لماذا تركتني " ..
*** إن هذا وحده كاف لإثبات عدم صلب المسيح ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-06-2020, 05:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** بولس ..
حديثنا الآن عن بولس خاصة وقد علمنا لمحة عن فكر بولس وفلسفته لفكرة الصليب والفداء .. وهي مسيحيته التي قام يبشر بها وجاءت مخالفة لمسيحية المسيح الحقة التي اتسمت بالمحبة والوداعة .. خلافاً لذلك العنف الدموي الذي اعتنقه "بولس" في مسيحيته الصليبية .. ولسوف نرى كيف دخل بولس في المسيحية وكيف كان نتاج أفكاره .. خاصة وأن هناك قاعدة معروفة تقول : إنك لا تجني من الشوك العنب ..
ولقد كان بولس - شاول - يهودياً واشتهر بعنفه في خصومته .. بل بعدائه الشديد لأتباع المسيح {{ ولم }} يكن له حظ من رؤية المسيح - ولو مرة واحدة - في حياته ..
يقول سفر أعمال الرسل :
" أما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم إلى السجن " ( 8: 3 ) ..
" والشهود خلعوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول .. فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو .. ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم : يا رب لا تقم لهم هذه الحظية .. وإذ قال هذا رقد وقد كان شاول راضياً بقتله " ( أعمال الرسل 7: 58-60 ، 8: 1-3 ) ..
ثم أعلن بولس - فجأة - تحوله إلى المسيحية ..
إن تاريخ الديانات يشهد لكثيرين كانوا من ألد أعدائها وأعداء النبي والرسول الذي جاء يدعو لها ثم يتحولون إليها ويصيرون من خير دعاتها .. لكن القاعدة الهامة والخطيرة التي شذ فيها بولس هي أنه لم يلتزم بالتعاليم الموجودة في العقيدة الجديدة التي تحول إليها - وهي المسيحية - لكنه اختص بتعليم انفرد به وطفق يبشر به .. واستطاع بوسائله الخاصة ومهاراته أن ينحي كل التلاميذ جانباً ويتصدر الدعوة إلى المسيحية بعد أن اكتسح الآخرين .. ولنرى الآن ماذا يقول سفر أعمال الرسل عن قصة تحول بولس إلى المسيحية.. يقول الإصحاح التاسع :
" اما شاول فكان لم يزل ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب .. فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناساً من الطريق رجالا ونساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم . وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له : شاول لماذا تضطهدني ؟ فقال من أنت يا سيد . فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده .. فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن أفعل . فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل .. وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً - " ( 9: 1-7 ) ..
لكن الله - سبحانه وتعالى ـ دائماً يبين الحق رحمة بالناس ولهذا نجد الإصحاح الثاني والعشرين من سفر أعمال الرسل يحكي قصة تحول بولس إلى المسيحية على لسانه شخصياً فيقول :
" حدثت لي وأنا ذاهب ومتقرب إلى دمشق .. أبرق حولي من السماء نور عظيم . فسقطت على الأرض وسمعت صوتاً قائلاً لي : شاول شاول لماذا تضطهدني ؟ فأجبت من أنت يا سيد . فقال أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده . والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني -" ( 6-9 ) ..
من ذلك نتبين أن المسافرين : سمعوا الصوت ولم ينظروا النور حسب قول الإصحاح (۹) .. بينما ذكر الإصحاح (22) عكس ذلك تماماً فقال : نظروا النور ولم يسمعوا الصوت .. هذه بداية دخول بولس إلى المسيحية وهي قصة مشكوك فيها تماماً ..
لقد دخل بولس المسيحية - وفق رواية خطؤها واضح تماما - ثم انطلق بتعليمه الخاص الذي أعلن فيه الاستغناء عن كل تعليم تلقاه تلاميذ المسيح من معلمهم بدعوى أنه تلقى تعليمه من المسيح (( مباشرة )) في تلك الرؤيا المزعومة ..
فهو يقول :
" لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحماً ودماً ولا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل (( التلاميذ )) الذين قبلي .. بل انطلقت إلى العربية ثم رجعت أيضاً إلى دمشق . ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يوماً . ولكني لم أرغيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب والذي أكتب به إليكم هو ذا قدام الله إني لست أكذب فيه - غلاطية " ( 1: 15-20 ) ..
*** وهكذا بدأ بولس الدعوة إلى المسيحية وفق مفهومه الخاص لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتعرف بتلاميذ المسيح الذين أسسوا الكنيسة الأم في أورشليم والذين كانوا المرجع في كل ما يتعلق بالمسيحية والدعوة إليها ..
ثم يقول بولس :
" بعد أربعة عشر سنة صعد أيضا إلى أورشليم مع برنابا آخذاً معي تيطس أيضاً . وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلاً . فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا على بشيء بل بالعكس إذ رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان " (غلاطية 2: 1-8 ) ..
من ذلك يتضح ..
1- أن قصة دخول بولس في المسيحية مشكوك فيها ولا يمكن الاعتماد عليها لما فيها من تناقضات صارخة ..
2ـ لم يعرف بولس عن المسيحية سوى الصلب وسفك الدم وأن هذا شيء أختص به .. وأما غير ذلك من تعاليم المسيح فقد أهمله تماماً فهو يقول :
" أعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به إنه ليس بحسب إنسان . لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته بل بإعلان يسوع المسيح " (غلاطية 1: 11-12 ) ..
" لأني لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً " ( 1كورنثوس 2: 2 ) ..
لقد بحث العلماء فكر بولس والتيارات التي أثرت فيه .. وفي هذا يقول تشارلز دود :
لقد أوضحنا سلفاً أن فكرة الكمنولث العالمي كانت شائعة في العالم الوثني وكانت روما في تأثرها بالمثل العالية للرواقيين ـ الذين قدموا في أيام بولس رئيساً لوزراء الإمبراطورية .. وفي القرن التالي له اعتلى أحدهم عرش الإمبراطورية ـ فحاول تأسيس ذلك الكمنولث . ولقد تأثر بولس كأحد المواطنين الرومان بهذه الأفكار .. ( من كتاب ماذا يعنيه بولس لنا اليوم ص 49 ) ..
لقد فكر بولس في إنشاء كمنولث مسيحي يقوم على اسم واحد وعلامة واحدة هما المسيح والصليب .. ولا مانع أن تكون فيه أفكار وديانات مختلفة .. ليكن ما يكون .. إن بولس يعترف في رسائله بأنه لم يتحرز عن استخدام كل الوسائل لكسب أكبر عدد من الأتباع .. فهو يقول :
" إذ كنت حراً من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين . فصرت لليهود كيهودي لاربح اليهود .. وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس .. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء . صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوماً . وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكاً فيه " ( كورنثوس 1: 19-23 ).
وهكذا نجد بولس قد عرض المسيحية على أصحاب العقائد المختلفة بالصورة التي ترضي كلاً منهم وترتب على ذلك أنهم دخلوا الديانة الجديدة بعقائدهم وأفكارهم القديمة وكان لهذا - ولا يزال - أثره الخطير في المسيحية ..
ولقد عرفنا من قبل أن " برنابا " هو الذي قدم بولس إلى التلاميذ لكن الذي حدث بعد ذلك أن أزاح بولس " برنابا " من تصدر الدعوة إلى المسيحية ..
يقول سفر أعمال الرسل :
" فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر " (15: 39 ) ..
ولم يلبث بولس أن تشاجر مع بطرس - رئيس التلاميذ - ونحاه أيضاً فهو يقول :
" لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته في مواجهة " غلاطية ( 2: 11) ..
ومن المؤكد أن بولس لم يعلم قدر بطرس الذي أعطاه المسيح التفويض أن يحل ويربط كما يشاء والذي عينه راعياً لتلاميذه ..
*** ولا داعي للحديث عن رسائل بولس فهي رسائل شخصية بحتة .. يقول في بعضها :
" فليس عندي أمر من الرب ولكني أعطى رأياً ( اكو7: 25 ) ..
أو يقول :
" أظن أني أنا أيضاً عندي روح الله " (اكو 7: 40 ) ..
أو يقول :
" لست أقول على سبيل الأمر بل أعطي رأياً " ( أكو 7: 6 ) ..
وهكذا من مثل هذه الأمور الظنية التي لا تصلح إطلاقاً لبناء عقيدة ..
كذلك تنتهي رسائله بالحديث عن السلام وبث القُبلات المقدسة للرجال والنساء على السواء مثل قوله :
" سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب " (رومية 16: 12) ..
" سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيراً في الرب " (رومية 16: 12).
" سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة .. ( رومية 16 : 16).
إن مسيحية بولس تقوم أساساً على فكرة الإله المخلص المقتول .. ولقد كانت الديانات التي شاعت في العالم الروماني في ذلك الوقت مثل ديانات إيزيس وميثرا وسيبل تقوم على نفس هذه الفكرة .. ولهذا يقول مؤرخو الديانات إن التشابه ملحوظ بين المسيحية وتلك الديانات ..
يقول : هربرت فيشر في كتابه « تاريخ أوروبا » :
استدار العالم الروماني بشغف زائد إلى عبادات الشرق الملتهبة مثل عبادات إيزيس وسيرابيس وميثرا .. إن عباد إيزيس المصرية وسيبل الفريجية وميثرا الفارسي اشتركوا في معتقدات كثيرة وجدت في النظام المسيحي ..
لقد اعتقدوا في اتحاد سري مقدس مع الكائن الإلهي إما عن طريق اقتران خلال الشعائر أو بطريقة أبسط عن طريق أكل لحم الإله في احتفال طقسي .. لقد كان الإله الذي يموت بين العويل والمراثي بيد أنه يقوم ثانية وسط صيحات الترحيب والسرور .. من الملامح الرئيسية في هذه العبادات الشرقية الغامضة ..
إن عبادة إيزيس قد نظمت بطريقة تماثل تماماً ما في الكنيسة الكاثوليكية .. لقد كان هناك تنظيم كهنوتي مماثل مكون من البابا مع القسس والرهبان والمغنين وخدم الكنيسة .. وكانت صورة السيدة ترصع بجواهر حقيقية أو مزيفة وكانت زينتها تعمل كل يوم كما كانت صلاة الصبح وأغاني المساء تغني في معابدها الرئيسية .. وكان الكهنة حليقي الرؤوس ويلبسون ملابس كهنوتية بيضاء من الكتان ..
إن التحول من الوثنية إلى المسيحية لم يكن يعني الدخول في جو غريب علية .. أو ممارسة ثورة فجائية .. لقد كانت عملية التحول تتم بلطف .. وكانت طقوس العقيدة الجديدة استرجاعاً للأسرار القديمة ..
فقد كانت عقيدة الوسيط مألوفة في معتقدات الفرس وأتباع الأفلاطونية الحديثة وكانت فكرة التثليث معتقداً دينياً شائعاً تنبع أساساً مما تعارفوا عليه من أن العدد ثلاثة هو العدد الكامل .. ( من كتاب: تاريخ أوروبا ص 102-115 ) ..
ويقول أرنست كيللت في كتابه ( مختصر تاريخ الديانات ) :
إن أوجه التشابه المحيرة بين شعيرة التعميد ( المسيحية ) - على سبيل المثال ـ وبين طقوس التطهير في ديانة أتيس وأدونيس لتصدم كل دارس .. لقد أظهرت الديانة المسيحية قدرة ملحوظة في جميع العصور على الأخذ لنفسها ما يناسبها من الديانات الأخرى ..
ولسوف أعطي هنا ملخصاً لأسطورة أتيس وطقوس عبادته لأن هذا لم يؤثر فقط بعمق في المسيحية بل لأنه كان منتشرة في أغلب الإمبراطورية الرومانية ..
لقد حدثت قيامة أتيس في يوم الخامس والعشرين من مارس بدء الربيع وهو نفس اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات حسب أقوال كثير من المسيحيين .. كذلك فإن التشابه بين الطقوس السرية لديانة ميثرا والمسيحية مذهلة .. إن المثرية لها طقوسها المتعلقة بالعشاء الرباني ومن الصعب التفريق بينها وبين ما في عقيدتنا المسيحية .. ولها احتفالات تماثل احتفالات عيد الميلاد ولها عيد القيامة .. ( من كتاب: مختصر تاريخ الديانات ،، ص 130-262 ) ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-10-2020, 05:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن المسألة أصبحت من الوضوح بحيث لا بد من الإقرار بأن تسمى الديانة المسيحية الديانة البوليسية .. فهي تنسب بحق لبولس وليس للمسيح عليه الصلاة والسلام .. كذلك من المفيد معرفة أن الفاتيكان يعترف بموقف بولس من المسيحية وعدم حرصه عليها .. فقد جاء في كتاب نشره الفاتيكان سنة 1968م بعنوان : المسيحية عقيدة وعمل .. ما يلي في صفحة (50) :
كان القديس بولس منذ بدء المسيحية ينصح لحديثي الإيمان أن يحتفظوا بما كانوا عليه من أحوال قبل إيمانهم بيسوع ..
** إن هذا الإقرار الخطير يتفق وكل ما قلناه عن بولس والمسيحية ..
العشاء الرباني ..
يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد .. عن فطيرة القربان والعشاء الرباني الذي كان معمولا به في الديانات الوثنية القديمة ..
جاء في إنجيل لوقا إصحاح 22) ( وفي الأناجيل الأخرى أيضاً ) ما نصه :
" ولما كانت الساعة اتكا والاثنا عشر رسولا معه .. وقال شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم . لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يكمل فيّ ملكوت الله . ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله . وأخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم .. اصنعوا هذا لذكري . وكذلك الكأسأيضا بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم . ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة . وابن الإنسان ماض كما هو محتوم . ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه، (لوقا 22: 14-22 ) ..
من الملاحظ أن الأيام الأخيرة من حياة المسيح كانت مزدحمة بالقلق والرعب وكان المسيح حقيقة في أيامة الأخيرة ثابتاً لكل الضغوط دون أن يتأثر بتلك القلاقل لأنه كان واثقاً تمام الثقة أن الله - سبحانه وتعالى – سوف ينجية ..
لكن عندما نأتي حقيقة لتفسير هذا الكلام .. فإني أقول في صراحة متناهية : من هو المصدر الأساسي لهذا النص ؟ .. إن هناك نصاً في سفر أعمال الرسل يمنع الدم :
" بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم " ( 15: 20 ) ..
*** فإذا كان ينهى عما ذبح للأصنام والدم فكيف يقال : هو ذا دمي .. اشربوه ..
إن هذه وثنية منقولة من وثنية العبادات التي كانت متفشية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت .. إن مصدر هذا النص أو إيحاءه إنما يرجع إلى تلك الوثنية المتفشية مثل المثرية الفارسية وكان من طقوسها العشاء الرباني .. وكان منها يوم 20 ديسمبر يوم الميلاد ويوم الأحد يوم الراحة .. كل هذه وثنية فارسية في عبادة ميثرا ثم غيرت اللافتة من ميثرا إلى المسيح .. أما أن نؤمن بشريعة موسي التي تمنع الإنسان المؤمن عن الدم وبذلك تكون هذه العادة باطلة .. لأنه لا يعقل أن يقول المسيح ( كلوا جسدي هذا واشربوا دمي هذا ) .. لسبب .. هو أن المسيح تحدى اليهود قائلاً :
" ستطلبوني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ..
فهو يتحداهم ويؤكد عجزهم عن الوصول إلى المسيح .. بدليل قوله في إنجيل يوحنا إصحاح ( 8 عدد 28 ) :
" فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئاً من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الأب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " ..
إن قصة الصلب منقوضة من أساسها تماماً ..
*** كذلك فإن الذي صلب هو شبيه بابن الإنسان إذ يقول إنجيل يوحنا على لسان المسيح إصحاح ( 3 عدد 14 ) :
" وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان "
وكانت الحية التي رفعها موسى شبيهة بالحية الحقيقية .. فبالمقارنة نقول .. كما رفع موسى شبيه الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع شبيه ابن الإنسان ..
وعلى هذا الأساس نقول إن النص الذي يتكلم عن أكل جسد المسيح وشرب دمه إنما هو نص مقتبس من المصادر الوثنية المتفشية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت .. لقد كان المسيح آمناً على نفسه وبالتالي كان جسده سليماً ودمه سليماً ..
وأنا ـ كقسيس سابق - لا أقدر أن أتصور أن كسر لقمة وإعطائها لأخ ـ في العقيدة - يضعها تحت أسنانه تتحول إلى جسد المسيح .. ويشعر أن لحماً تحت أسنانه ..!
ما أريد قوله هو بيان كيف استطاع بولس إفساد المسيحية .. لقد قال المسيح :
*** " ما جئت لأنقض شريعة موسى "
وتجد في سفر التكوين إصحاح ( 17 عدد 9 ) في حديث الله - سبحانه وتعالى - لأبينا إبراهيم :
" وقال الله لإبراهيم أما أنت فتحفظ عهدي . أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم . هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك . يختن منكم كل ذكر. فتختنون في لحم غرلتكم ، فيكون علامة عهد بيني وبينكم . ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم .. وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها . إنه قد نكث عهدي ». ( 17: 9-14 ) ..
ونجد أن إبراهيم حين ختن كان عمره 100 سنة تقريباً وكان ابنه البكر إسماعيل عمره 14 سنة .. فهذا إبراهيم بقدره الجليل وابنه إسماعيل وبقية الخدم والعبيد اختتنوا جميعاً .. [ فكيف يأتي بولس بعد هذا ليبطل الختان ؟ ] ..
لقد كان بولس إنساناً مشكوكاً فيه من التلاميذ والرسل لولا " برنابا " الذي تحنن عليه وقدمه لهم لكنهم جميعاً كانوا يخافونه ..
وكان بولس من الصنف الوصولي الذي يطمع في الوصول إلى القمة حتى إذا ما وصل فإنه يتخلص من كل من خلفه ..
لقد أراد بولس أن يخرج بالرسالة من اليهودية إلى الأمم علماً بأن المسيح ( لم يأمر بهذا ) لأن الرسالة كانت محدودة في بني إسرائيل ..
ولما كانت الأمم غير مختنة فإنه لجأ إلى أول مجمع هاجم فيه الختان وقال إن الختان ختان القلب .. كمن يقول للمسلم إنك تستطيع دخول الصلاة بلا وضوء .. فهذا إفساد للصلاة إذ قد هدم الأسس التي يجب السير عليها لإقامة الصلاة ..
وقد استطاع التأثير على الحاضرين .. فنقرأ في سفر أعمال الرسل إصحاح (15 عدد 22 ) :
" حينئذ رأى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة أن يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الإخوة . وكتبوا بأيديهم هكذا. الرسل والمشايخ والإخوة يهدون سلاماً إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية . إذ قد سمعنا أن أناساً خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس . الذين نحن لم نأمرهم . رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا برنابا وبولس .. رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح . فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها . لأنه قد رأى الروح القدس ونحن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة . أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون . كونوا معافين " ( 15: 22-29 ) ..
** هكذا صار الروح القدس لعبة في أفواههم فقد أمرهم ألا يختتنوا ..
*** بهذا حطم بولس شريعة موسى تحطيماً كبيراً ..
وبالنسبة للطلاق نجد شريعة موسى تسمح بالطلاق كما في سفر التثنية .. لكن بولس يعمل على إشاعة الفاحشة بين الناس .. فإذا كانت امرأة على خلاف مع زوجها فإنه يأمرها بعدم الطلاق .. وهكذا وجد فساد في المجتمع حيث تضطر الزوجة إلى سلوك خفي مشين .. وأريد أن أسأل الآن :
لماذا رفضت الكنيسة إنجيل برنابا ؟ ..
لأن برنابا في إنجيله بيَّن بقوة ووضوح كيف أفسد بولس المسيحية وحولها إلى نصرانية يونانية .. ومن عقيدة تؤمن بالتوحيد وهو أن الله واحد أحد إلى عبادة ابن الله على شاكلة أوزوريس وإيزيس وحورس ..
العشاء الرباني ..
يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد .. عن فطيرة القربان والعشاء الرباني الذي كان معمولا به في الديانات الوثنية القديمة ..
جاء في إنجيل لوقا إصحاح 22) ( وفي الأناجيل الأخرى أيضاً ) ما نصه :
" ولما كانت الساعة اتكا والاثنا عشر رسولا معه .. وقال شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم . لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يكمل فيّ ملكوت الله . ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله . وأخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم .. اصنعوا هذا لذكري . وكذلك الكأسأيضا بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم . ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة . وابن الإنسان ماض كما هو محتوم . ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه، (لوقا 22: 14-22 ) ..
من الملاحظ أن الأيام الأخيرة من حياة المسيح كانت مزدحمة بالقلق والرعب وكان المسيح حقيقة في أيامة الأخيرة ثابتاً لكل الضغوط دون أن يتأثر بتلك القلاقل لأنه كان واثقاً تمام الثقة أن الله - سبحانه وتعالى – سوف ينجية ..
لكن عندما نأتي حقيقة لتفسير هذا الكلام .. فإني أقول في صراحة متناهية : من هو المصدر الأساسي لهذا النص ؟ .. إن هناك نصاً في سفر أعمال الرسل يمنع الدم :
" بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم " ( 15: 20 ) ..
*** فإذا كان ينهى عما ذبح للأصنام والدم فكيف يقال : هو ذا دمي .. اشربوه ..
إن هذه وثنية منقولة من وثنية العبادات التي كانت متفشية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت .. إن مصدر هذا النص أو إيحاءه إنما يرجع إلى تلك الوثنية المتفشية مثل المثرية الفارسية وكان من طقوسها العشاء الرباني .. وكان منها يوم 20 ديسمبر يوم الميلاد ويوم الأحد يوم الراحة .. كل هذه وثنية فارسية في عبادة ميثرا ثم غيرت اللافتة من ميثرا إلى المسيح .. أما أن نؤمن بشريعة موسي التي تمنع الإنسان المؤمن عن الدم وبذلك تكون هذه العادة باطلة .. لأنه لا يعقل أن يقول المسيح ( كلوا جسدي هذا واشربوا دمي هذا ) .. لسبب .. هو أن المسيح تحدى اليهود قائلاً :
" ستطلبوني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ..
فهو يتحداهم ويؤكد عجزهم عن الوصول إلى المسيح .. بدليل قوله في إنجيل يوحنا إصحاح ( 8 عدد 28 ) :
" فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئاً من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الأب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " ..
إن قصة الصلب منقوضة من أساسها تماماً ..
*** كذلك فإن الذي صلب هو شبيه بابن الإنسان إذ يقول إنجيل يوحنا على لسان المسيح إصحاح ( 3 عدد 14 ) :
" وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان "
وكانت الحية التي رفعها موسى شبيهة بالحية الحقيقية .. فبالمقارنة نقول .. كما رفع موسى شبيه الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع شبيه ابن الإنسان ..
وعلى هذا الأساس نقول إن النص الذي يتكلم عن أكل جسد المسيح وشرب دمه إنما هو نص مقتبس من المصادر الوثنية المتفشية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت .. لقد كان المسيح آمناً على نفسه وبالتالي كان جسده سليماً ودمه سليماً ..
وأنا ـ كقسيس سابق - لا أقدر أن أتصور أن كسر لقمة وإعطائها لأخ ـ في العقيدة - يضعها تحت أسنانه تتحول إلى جسد المسيح .. ويشعر أن لحماً تحت أسنانه ..!
ما أريد قوله هو بيان كيف استطاع بولس إفساد المسيحية .. لقد قال المسيح :
*** " ما جئت لأنقض شريعة موسى "
وتجد في سفر التكوين إصحاح ( 17 عدد 9 ) في حديث الله - سبحانه وتعالى - لأبينا إبراهيم :
" وقال الله لإبراهيم أما أنت فتحفظ عهدي . أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم . هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك . يختن منكم كل ذكر. فتختنون في لحم غرلتكم ، فيكون علامة عهد بيني وبينكم . ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم .. وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها . إنه قد نكث عهدي ». ( 17: 9-14 ) ..
ونجد أن إبراهيم حين ختن كان عمره 100 سنة تقريباً وكان ابنه البكر إسماعيل عمره 14 سنة .. فهذا إبراهيم بقدره الجليل وابنه إسماعيل وبقية الخدم والعبيد اختتنوا جميعاً .. فكيف يأتي بولس بعد هذا ليبطل الختان ؟ ..
لقد كان بولس إنساناً مشكوكاً فيه من التلاميذ والرسل لولا " برنابا " الذي تحنن عليه وقدمه لهم لكنهم جميعاً كانوا يخافونه ..
وكان بولس من الصنف الوصولي الذي يطمع في الوصول إلى القمة حتى إذا ما وصل فإنه يتخلص من كل من خلفه ..
لقد أراد بولس أن يخرج بالرسالة من اليهودية إلى الأمم علماً بأن المسيح ( لم يأمر بهذا ) لأن الرسالة كانت محدودة في بني إسرائيل ..
ولما كانت الأمم غير مختنة فإنه لجأ إلى أول مجمع هاجم فيه الختان وقال إن الختان ختان القلب .. كمن يقول للمسلم إنك تستطيع دخول الصلاة بلا وضوء .. فهذا إفساد للصلاة إذ قد هدم الأسس التي يجب السير عليها لإقامة الصلاة ..
وقد استطاع التأثير على الحاضرين .. فنقرأ في سفر أعمال الرسل إصحاح (15 عدد 22 ) :
" حينئذ رأى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة أن يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الإخوة . وكتبوا بأيديهم هكذا. الرسل والمشايخ والإخوة يهدون سلاماً إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية . إذ قد سمعنا أن أناساً خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس . الذين نحن لم نأمرهم . رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا برنابا وبولس .. رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح . فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها . لأنه قد رأى الروح القدس ونحن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة . أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون . كونوا معافين " ( 15: 22-29 ) ..
** هكذا صار الروح القدس لعبة في أفواههم فقد أمرهم ألا يختتنوا ..
*** بهذا حطم بولس شريعة موسى تحطيماً كبيراً ..
وبالنسبة للطلاق نجد شريعة موسى تسمح بالطلاق كما في سفر التثنية .. لكن بولس يعمل على إشاعة الفاحشة بين الناس .. فإذا كانت امرأة على خلاف مع زوجها فإنه يأمرها بعدم الطلاق .. وهكذا وجد فساد في المجتمع حيث تضطر الزوجة إلى سلوك خفي مشين .. وأريد أن أسأل الآن :
لماذا رفضت الكنيسة إنجيل برنابا ؟ ..
لأن برنابا في إنجيله بيَّن بقوة ووضوح كيف أفسد بولس المسيحية وحولها إلى نصرانية يونانية .. ومن عقيدة تؤمن بالتوحيد وهو أن الله واحد أحد إلى عبادة ابن الله على شاكلة أوزوريس وإيزيس وحورس ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-17-2020, 05:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
« اعترافات بولس بخطاياه »!
وأخيراً نختتم الحديث عن بولس بنقل اعترافه بخطاياه الجسدية التي عجز عن الفكاك منها والتي جعلته واحداً من سبايا الخطيئة .. ولقد أثبت باعترافه هذا - دون أن يدري - أن الزعم بصلب المسيح وقتله .. الذي عاش بولس يفلسفه ويدعو له .. قد ذهب سدى .. فلا زال بولس باعترافه عبداً للخطيئة وثمنها عنده موته الأبدي .. إن بولس يقول :
" فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطيئة لأني لست أعرف ما أنا أفعله إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فأياه أفعل .. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطيئة ساكنة في .. فإني أعلم أنه ليس ساكن في أي في جسدي شيء صالح . لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسني فلست أجد . لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل . فإن كنت ما لمست أريده إياه أفعل فلست بعد أفعله أنا بل الخطيئة الساكنة في . إذا أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أن الشر حاضر عندي . فإني أسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن . ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي . ويحي أنا الإنسان الشقي . من ينقذني من جسد هذا الموت ؟..» (رومية 7: 14 - 24) .
دين المسيح كان التوحيد :
والآن بعد أن انتهينا من دراسة مصادر العقائد المسيحية من أناجيل وأسفار أخرى .. ورأينا كيف جاءت هذه لتصير كتباً مقدسة .. وماذا قال فيها علماء المسيحية .. ثم ماذا حوت من تنبؤات استحال تحقيقها .. ومن اختلافات وتناقضات وخاصة في القضايا الرئيسية مثل الصلب والقيامة والظهور .. فإن السؤال الذي نختتم به هو : ماذا كانت حقيقة دين المسيح ؟
إن المصادر المسيحية الموثوق فيها لا تملك سوى الإقرار بأن دعوة المسيح كانت توحيد الله .. ثم ما لبثت أن دخل عليها صنوف من عقائد أهل الشرك حتى إذا ما جاء القرن الرابع الميلادي كانت عقيدة التثليث المسيحي واحدة من نتاج ما يسمى بالمجامع المسيحية المقدسة .. إن هذا مجمل ما تذكره دائرة المعارف الأمريكية في قولها :
«لقد بدأت عقيدة التوحيد - كحركة لاهوتية - بداية مبكرة جداً في التاريخ .. وفي حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين .. لقد اشتقت المسيحية من اليهودية .. واليهودية صارمة في عقيدة التوحيد .. إن الطريق الذي سار من أورشليم ( مجمع تلاميذ المسيح الأوائل) إلى نيقية (حيث تقرر مساواة المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام 320 م ) كان من النادر القول بأنه كان طريقاً مستقيماً ..
إن عقيدة التثليث التي أقرت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس بدقة التعليم المسيحي الأول فيما يختص بطبيعة الله .. لقد كانت على العكس من ذلك انحرافاً عن هذا التعليم .. ولهذا فإنها تطورت ضد التوحيد الخالص أوعلى الأقل يمكن القول بأنها كانت معارضة لما هو ضد التثليث كما أن انتصارها لم يكن كاملاً .. ( دائرة المعاف الأمريكية : ج 27 - ص 294 ) ..
لقد كانت عقيدة المسيح توحيداً نقياً .. ثم بدأ يتسرب إليها من العقائد المختلفة وخاصة العقائد الوثنية في العالم الروماني ما صبغها بالتثليث .. فأصبحت المسيحية التقليدية الشائعة هي مسيحية الثالوث .
ولكن لا يزال يوجد إلى اليوم طائفة هامة وقوية من بين الطوائف المسيحية المشهورة هي {{ طائفة الموحدين }} وقد أصبحت ظاهرة اليوم في الولايات المتحدة .. ويتلخص قول الموحدين المسيحيين في : ( لا إله إلا الله - المسيح رسول الله ) إنسان فقط .. وفيما يلي خلاصة مركزة لبعض مبادئ الفكر التوحيدي المسيحي :
1- إن كنيسة الموحدين تعتبر الكتاب المقدس تسجيلاً قيّماً للخبرات الإنسانية وهي تصر على أن كاتبيه كانوا معرضين للخطأ .. ولهذا السبب فإن أغلب الأجزاء الرئيسية للمعتقدات المسيحية قد رفضت ..
2 - إن الثلاثة أقانيم تتطلب ثلاثة جواهر وبالتالي ثلاثة آلهة .. إن الأسفار لم تعط أي مستند للاعتقاد في التثليث .. إن نظام الكون يتطلب مصدراً واحداً للشرح والتعليل لا ثلاثة .. لذلك فإن عقيدة التثليث تفتقد أي قيمة دينية أوعلمية ..
3 - لقد قدمت اعتراضات قوية ضد عقيدة لاهوت يسوع المسيح .. إن الكتاب المقدس لم يقل بذلك .. كما أن يسوع فكر في نفسه كزعيم ديني هو المسيا وليس كإله ..
وبالمثل اعتقد التلاميذ أن يسوع مجرد إنسان .. إذ لو كان عند أي من بطرس أو يهوذا أية فكرة على أن يسوع " إله " لما كان هناك تفسير معقول لإنكار بطرس ليسوع وما كان هناك تبرير لخيانة يهوذا. إن الإنسان لا يمكن أن ينكر أو يخون كائناً إلهياً له كل القوى ..
4 - إن الحقيقة المزعومة عن أن يسوع مات من أجل خطايانا وبهذا وقانا لعنة الله إنما هي مرفوضة قطعاً .. إن الاعتقاد في أن موت يسوع كان له من النتيجة إنما يعني الطعن في أخلاق الله ..
*** إن الله يجب ألا يعرف عن طريق اللعنة بل عن طريق الحلم والحكمة والمحبة ..
إن الموت الدموي على الصليب من أجل إطفاء لعنة الإله لهو أمر مناقض للحلم الإلهي والصبر والود والمحبة التي لا نهاية لها ..
5- إن الموحدين ينظرون إلى يسوع باعتباره واحداً من قادة الأخلاق الفاضلة للبشر ..
إنه لو كان إلهاً فإن المثل الذي ضربه لنا بعيشته الفاضلة يفقد كل ذرة من القيمة .. حيث إنه يمتلك قوى لا نملكها .. إن الإنسان لا يستطيع تقليد الإله .. ( دائرة المعارف الأمريكية ، ج 27، ص 300-301 )
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-22-2020, 07:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** كلمة إلى المبشرين ..
وقبل أن أختم هذا الحديث لا بد لي من كلمة أوجهها إلى المبشرين - وخاصة الأجانب - الذين يعملون في البلاد الإسلامية :
أيها المبشرون .. ارفعوا أيديكم عن المسلمين .. أولى بكم أن تحملوا أمتعتكم وصحائفكم وتعودوا بها إلى بلادكم فلم تعد مثل بضاعتكم هذه صالحة للترويج والبيع بين المسلمين .. إنكم تعلمون أكثر من غيركم ما آلت إليه المسيحية عقيدة وأخلاقاً بل ومظهراً .. فلم يعد يبقى منها ـ تقريبا - سوى اسمها .
فالأولى بمن تصدع بيته أن يقيم بناءه أولا ويصلح ما فسد منه قبل أن يخرج إلى العالم يدعوه - كما تزعمون - إلى الخلاص والإيمان .. أولى بكم أن تتفقوا على عقيدة مسيحية واحدة تقوم على الإيمان بالإله الواحد الأحد الذي كان آخر وحي أنزل إلى موسى قوله :
" حي أنا إلى الأبد .. " (تثنية 32 : 40)
** ولقد ألزمكم المسيح بعقيدة موسي كما التزم هو بها وسجل ذلك كتبة الأناجيل .. وما من سبيل لإزالة الشقاق بين فرقكم وشيعكم المختلفة إلا هذا :
الإيمان بالإله الواحد الحي الذي لا يموت .. ثم الكف عن الخلط بين الله وبين المسيح كما قال بعض علماؤكم وجاء ذكره في أول هذا الحديث .. عندئذ - فقط يمكن القول بأن المسيحية عقيدة تؤمن بالله الواحد .. أما وإن الحال على ما أنتم عليه حيث :
** يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً على مر السنين والأيام فإن عملكم بين المسلمين لردهم عن عبادة الله الواحد الأحد ودعوتهم إلى الأقانيم التي اقتحمت مسيحية المسيح الحقة الفاضلة بعد أن تسللت إليها أقنوماً أقنوماً عبر تلك المجامع المختلفة والمتعاقبة .. فإن هذا الوضع يذكرني بقول المسيح في الإنجيل :
" ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلاً واحداً ومتى حصل تصنعونه ابناً لجهنم أكثر منكم مضاعفاً "
وإن دعوتكم المسلمين إلى المسيحية لتذكرني بموقف الملأ من قوم فرعون وذلك المؤمن بينهم الذي كان يكتم إيمانه . فلقد أخرسهم بحجته القوية قائلاً :
" وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)" سورة غافر ..
أيها المبشرون :
لقد انكشفت خططكم لتنصير المسلمين وافتضحت أساليبكم للعمل بينهم .. وإذا كان رق الجسد شيئاً بغيضاً فإن رق الروح لأشد بغضاً وأكبر مقتاً . إنكم تمارسون رق الروح حين تقدمون مساعدتكم المادية لفقراء المسلمين - متمثلة في حفنة من الأرز كما تفعلون في أندونيسيا - وذلك بشرط قبولهم للمسيحية التي تفرضونها عليهم .. سبحان الله .. لقد قتلتم بهذا أول حقوق الإنسان إذ حرمتموه حرية الاختيار ..
** وأي رق أفظع من هذا ؟
ولقد بلغ الهوس ببعضكم أن قال منذ أكثر من 70 عاماً - حين كان الاستعمار القديم جاثماً على صدر العالم الإسلامي كله - إن الواجب على الهيئات التبشيرية أن تنتهي من تنصير المسلمين في مدى 25 عاماً ..
والحمد لله لقد انقضت نحو ثلاثة أمثال تلك المدة وبقي الإسلام قوياً صامداً .. بل إن السنوات الأخيرة قد شهدت – بفضل الله وحده ـ تحول الكثير من الأوروبيين والأمريكيين إلى الإسلام بسهولة وعن اقتناع ورضى وذلك بعد أن احتكوا بالعالم الإسلامي وعرفوا شيئاً عن ذلك الدين الذي حرصتم دائماً على تشويهه بكل ما أوتيتم من قوة ...
نعم .. لقد كان همكم - كما قال برنارد شو ـ هو تدريب المسيحيين على كراهية محمد والقرآن والإسلام ..
ولقد انتهزتهم كل خطأ أو تصرف أحمق يصدر عن بعض من في العالم الإسلامي سواء كانوا أفراداً أو جماعات .. لتقولوا هذا هو الإسلام .. رغم أنكم أول من يعلم كذب هذا القول .. لأن الإسلام شيء والمسلمين وسلوكهم وما هم عليه من ضعف الآن شيء آخر بعيد عن الإسلام ..
إنكم تعلمون يقيناً أن هناك حضارة إسلامية قامت على نصوص القرآن وتعاليم النبي وروح الإسلام التي تدعو إلى العلم وتحرير الفكر والنظر في الكون .. فانتشرت المدارس وحلقات العلم ونبغ العلماء في شتى فروعه مثل : الطب والفلك والرياضيات والطبيعيات والكيمياء والصيدلة .. ولا يزال إدخال الصفر في الحساب واكتشاف خاصية اللوغاريتم ـ الذي لا يزال اسمه يشير إلى مصدره الإسلامي وهو الخوارزمي - من أعظم الإنجازات في عالم الرياضيات .. كما اعترف بذلك أولو الفضل والعلم من الأوروبيين والأمريكيين ..
هذا .. على حين أن الحضارة الغربية الحديثة لم تقم لها قائمة إلا بعد أن تحررت من سلطان الكنيسة ** التي أحرقت العلماء ومنهم برونو لا لشيء إلا لأنه قال إن الأرض كروية ** ثم أخذت علوم المسلمين واهتدت بأساليبهم في البحث والتجريب ومن ثم كانت هذه النهضة الأوروبية الحديثة .. ولا أريد أن أذكركم أنه بينما كانت الحضارة الإسلامية تتألق في عصر هارون الرشيد كان معاصره شارلمان - سيد أوروبا - مشغولا بتنصير الوثنيين الأوروبيين بحد السيف .. ويكفي أن أذكر ما تقوله وثائقكم التبشيرية من أنه قتل في يوم واحد 4500 وثنياً رفضوا التعميد والتحول للنصرانية .. وكانت المعاهدات بينه وبينهم تقضي بالتنصير وإلا فالقتل هو البديل ..
وبعد شارلمان سحبت الكنيسة بعضاً من طوائف الفرسان الصليبية من فلسطين - أيام الحروب الصليبية - ليساعدوا في تنصير شعوب بحر البلطيق بحد السيف .. ولقد استمروا في العمل هناك طيلة 50 عاماً نظير ثمن حددته الكنيسة وهو الاستيلاء على أراضي أولئك الوثنيين ثمناً لإعطائهم المسيحية ..
هذا .. بل إن أساسيات العلوم الذرية الحديثة قد جاءتكم من العالم الإسلامي .. أما قرأتم قول جون أونيل في كتابه ( الذرة الجبارة ) الذي أصدره عام 1945م .. وجاء فيه : « إن إحدى النقط المتلألأة في القرون الوسطى تأتي من العالم الإسلامي حيث نجد ما سطره قلم علي أبو الحسن - صهر محمد ـ الذي كتب يقول : إذا فلقت الذرة - أي ذرة ـ تجد في قلبها شمساً .. إن هذا يدل على أن بصيرته الصافية قد استطاعت أن تلمح حقيقة النظام الشمسي الحديث في الذرة « ..
هذا .. بل إن أساسيات العلوم الذرية الحديثة قد جاءتكم من العالم الإسلامي .. أما قرأتم قول جون أونيل في كتابه ( الذرة الجبارة ) الذي أصدره عام 1945م .. وجاء فيه : « إن إحدى النقط المتلألأة في القرون الوسطى تأتي من العالم الإسلامي حيث نجد ما سطره قلم علي أبو الحسن - صهر محمد ـ الذي كتب يقول : إذا فلقت الذرة - أي ذرة ـ تجد في قلبها شمساً .. إن هذا يدل على أن بصيرته الصافية قد استطاعت أن تلمح حقيقة النظام الشمسي الحديث في الذرة « ..
وجدير بالذكر أن علي بن أبي طالب قرر أن كل ما عنده من علم فهو ( علم علمه الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم - فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري وتنضم عليه جوانحي ) ..
لقد كانت فكرة النظام الشمسي في الذرة متأصلة في التراث الإسلامي فها هو فريد الدين العطار يقول بعد خمسة قرون من مقالة علي هذه : « الذرة فيها الشمس .. وإن شققت ذرة وجدت فيها عالماً .. وكل ذرات العالم في عمل لا تعطيل فيه ) ..
لقد قامت النظرية الذرية الحديثة وما ترتب عليها من تطبيقات في مجال الحرب والسلم على السواء .. على أساس أن الذرة نظام شمسي - فمتى عرفت أوروبا هذه النظرية ؟
يلخص العالم الطبيعي هيزنبرج الإجابة على هذا السؤال بقوله :
“ ظلت الذرة كما كان يؤمن بها ديمقراط ذات حجم ذرات الغبار المتراقصة في حزمة ضوئية أو أقل بكثير .. وبالتالي كانت المعلومات عن شكل الذرات والقوى التي تعمل بينها قليلة .. إن ما عرف عن تركيب الذرة كان قليلاً أو معدوماً أما شكلها فلم يكن التساؤل عنه أمراً ممكناً وقد ادخر حل هذه المسألة للقرن العشرين ".
"ويعتبر رذر فورد هو الذي اتخذ هذه الخطوة الهامة التي أدت إلى تركيب أول نموذج للذرة عام 1911 م .. وهو أن الذرة تتركب من نواة ذات شحنة موجبة وتدور حولها الكترونات على مسافات بعيدة نسبياً عنها .. وأن عدد الالكترونات يساوي عدد الشحنات الأولية الموجبة التي على النواة إذ أن الذرة متعادلة كهربياً في تركيبها ..
إن الذرة بذلك نظام شمسي حيث تماثل نواتها الشمس بينما تماثل الإلكترونات السابحة حول النواة تلك الكواكب السيارة التي تسبح حول الشمس .. ولقد ذكر العالم الألماني أوتوهان صاحب انفلاق نواة اليورانيوم قوله : « بالتأكيد فإن بعض الكتاب قد فكروا في هذه المسألة من قبل ... كما أن أجزاء من الحقيقة بالنسبة للنظرية الذرية الحديثة ـ قد ذكرت هنا أو هناك " ..
ولما كان قدامى الإغريق الذين تحدثوا في الذرة لم يدروا شيئاً عن فكرة النظام الشمسي فيها .. لم يبق إلا التسليم بأن مصدر تلك النظرية هو التراث الإسلامي ..
أما بعد فإن خير ما أذكر به أولئكم الذين جعلوا كل همهم تخريب عقيدة المسلمين وإخراجهم من نور التوحيد إلى متاهات التعدد والشرك هو ما يقوله القرآن الكريم فيهم وفي أمثالهم :
“إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِين (38) " سورة الانفال.
وأقولها ثانية : أيها المبشرون ارفعوا أيديكم عن المسلمين .. ومن كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة وإلا تحققت فيه نبوءة أشعياء التي ذكرها المسيح في الإنجيل :
" تسمعون سمعاً ولا تفهمون ومبصرين تبصرون ولا تنظرون . لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم " .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-26-2020, 07:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى ..
واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16) فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا (17) قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا (18) قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا (19) قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا (20) قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا (21) فحملته فانتبذت به مكانا قصيا (22) فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا (23) فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (25) فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا (26) فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا (27) يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا (28) فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا (29) قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (30) وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (31) وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا (32) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا (33) ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون (34) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (35) وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (36). سورة مريم ..
ويقول الله سبحانه وتعالى بدء من الآية الثامنة والثمانون من السورة نفسها سورة مريم :
" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا (88) لقد جئتم شيئا إدا (89) تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا (90) أن دعوا للرحمن ولدا (91) وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا (92) إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا (93) لقد أحصاهم وعدهم عدا (94) وكلهم آتيه يوم القيامة فردا (95) "
أود أن أقدم بمقدمة قصيرة عن السر أو المعجزة التي أذاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهي واحدة من معجزاته التي لا يحصيها العد ولا يحيط بها الإحصاء .. لما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
«لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم .. فإنما أنا بشر فقولوا عبد الله ورسوله ( الحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم ) ..
فالرسول صلى الله عليه وسلم بهذا يشير إلى حقيقة الحقائق وإلى أساس الضلالات حينما يغالي الناس في الحب أحياناً وحينما يغالي الناس في الكراهية أحياناً .. فقد ينظرون إلى شخص واحد فيرفعه بعضهم إلى " إله " ويهوي به البعض الآخر إلى " شيطان رجيم " والمثل هو عيسى بن مريم عليه السلام .. فعيسى بن مريم نظر إليه قومه فمنهم من أحبه وأسرف في حبه فبالغوا وغالوا وجعلوا منه " إلها "ً .. والله سبحانه وتعالى يقول لهؤلاء في الآية الحادية والسبعين بعد المئة من سورة النساء :
" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (171) "
كذلك يقول الله سبحانه وتعالى في الآية السابعة والسبعين من سورة المائدة :
" قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) "
فهؤلاء قد غالوا في المسيح عليه السلام ورفعوه إلى مرتبة الألوهية ..
" أجاب توما وقال له ربي وإلهي " ( يوحنا 20 : 28 )
وفي الوقت ذاته نجد أقواماً آخرين اتهموه بأنه شيطان .. هؤلاء هم اليهود ..
" أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين .. فعلم يسوع أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب .. وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت .. فإن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته " (متى 12: 24- 26 ) ..
ثم نجد النظرة الإسلامية وهي نظرة وسط تقرر الحق والحقيقة فحينما نشير إلى المسيح عليه السلام فإنه ينبغي لنا أن نضع في ذاكرتنا أن المسيح ليس وحده الشخص التاريخي الذي غالى فيه الناس علواً وهبوطاً .. فكثير من الشخصيات التاريخية غالى فيها الناس فبعضهم ارتفع بها إلى ما فوق مستوى البشرية وبعضهم هبط بها إلى الحضيض ..
فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه غالى فيه البعض حتى ادعوا أنه " إله " وسجدوا له فحرقهم رضي الله عنه بالنار .. كما أن هناك جمهرة من الناس كفروه ولعنوه وخرجوا عليه .. والحق والحقيقة في "علي" غير ذلك .. وليس الأشخاص الدينيون فقط هم الذين يقف منهم الناس هذا الموقف .. فعيسى رجل دين وعلي أيضاً كذلك .. ولكن في رجال الدنيا نجد أيضاً من يرتفع بهم إلى ما فوق مستوى البشرية أحياناً .. والباب هو باب المدح المبالغ فيه .. المدح المذموم حيث نرى الشعراء المداحين ومن على شاكلتهم وهم يتحدثون عن الطغاة وعن الأقزام فيمجدونهم ويحولونهم إلى عمالقة وإلى آلهة .. فنسمع عن واحد من هؤلاء الغلاة يقول لأحد الملوك الظلمة :
" ما شئت لا ما شاءت الأقدار .. فأحكم فأنت الواحد القهار "
وهذا شاعر آخر يقول :
" وأخفت أهل الشرك حتى إنه .. لتخافك النطف التي لم تخلق "
لم يكن هذا في العصر القديم وحده وإنما هذا في العصور الحديثة أيضاً .. الناس يبالغون في تمجيد الطغاة والظلمة حتى يرفعونهم فوق مستوى البشر ..
ولعلنا نذكر أن بعض الصحف كتبت عن أحد الحكام تقول : إنه فوق مستوى البشر .. بل إن واحداً من الشعراء قال قصيدة في نعيه كان في أولها :
" قتلناك يا آخر الأنبياء "
بينما نجد جماهير كثيرة تلعنه وتمقته ..
ذن مصيبة المصائب هي المبالغة في المدح ومصيبة المصائب هي المبالغة في الذم .. ولهذا حذرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام أن نبالغ في مدحه فقال :
" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم "
فإنهم دخلوا في الشرك والكفر من باب إطراء المسيح عليه الصلاة والسلام إلى حد الغلو والمغالاة فزعموا أنه النور الأول الذي انبثق من ذات الله وصاروا يبالغون في هذه النظرية حتى وصلوا إلى القول ببنوته لله وأنه الله إلى آخر الخلافات العقائدية التي تمخضت عنها مجامعهم الكنسية من أول مجمع نيقية عام 320 م .. إلى ما تلاه من مجامع ..
إن الحديث عن الإطراء يطول ولكننا نريد أن نوصي المسلمين بأن يحذروا المبالغة في الإطراء حتى لا يدخل عليهم الشر الذي دخل على الأمم قبلهم ..
ولقد ندد رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد .. ففي آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم و كما تقول أمنا المبرأة عائشة رضي الله عنها :
لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي مرض الموت ) طفق يطرح خميصة على وجهه حتى إذا اغتم بها كشفها وقال :
« لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » ( رواه البخاري ) ..
يحذر مثل ما صنعوا .. وتقول أم حبيبة تحكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. ما رأته في الحبشة من الكنائس وما فيها من صور وقبور فقال لها :
" أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح أقاموا على قبره مسجداً .. أولئك شرار الخلق عند الله " ( رواه البخاري ومسلم والنسائي ..
فليحذر المسلمون أن يبالغوا في إطراء رسول الله فإن الشر يأتي من باب الإسراف في الإطراء.
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-03-2020, 09:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد ..
يضطرني الموقف باعتباري كنت واحداً من القساوسة السابقين وقد هداني الله إلى الإسلام أن أمهد بكلمة كمدخل موجز ...
أبنائي الشباب .. إخواني وأحبابي .. إنني أرى في هذا اللقاء بشري طيبة بادية في صفاء أبنائنا وتقصيهم للحق عملاً بتوجيهات السيد المسيح حيث قال في إنجيل (يوحنا 8: 32) :
" وتعرفون الحق والحق يحرركم"
وإنني أرجو الله سبحانه أن يبارك هذه الخطوة النبيلة والطيبة مما يدفعني بكل الصدق والأمانة أن أتباحث معكم في الدين مستعيناً بما جاء في التوراة والإنجيل وفي القرآن الكريم .
- فلقد أنبأنا موسى عليه السلام بهذا كله بتتابع الأنبياء والمرسلين حيث قال في سفر التثنية إصحاح ( 33 عددي 1 – 2 ) :
" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال { جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلالا من جبل فاران } "
وحينما نتأمل هذه العبارة نجد مرحلتين تسبقان الرسالة الخاتمة إذ يقول :
جاء الرب من سيناء .. فسيناء تشير إلى جبل سيناء الذي ارتقاه موسى حين كلم ربه .. وسعير تشير إلى أرض فلسطين التي جال فيها المسيح عيسى بن مريم وفاران تشير إلى مكة المكرمة .. وهو ما سوف أتحدث عنه تفصيلياً في حينه إن شاء الله .. لكن حينما يقال :
جاء .. وأشرق .. وتلألأ ..
ـ فهذه كلها أفعال حركة .. فالفعل جاء يدل على حركة قد تكون ليلا أو نهاراً .. أما " أشرق " .. فهي حركة نورانية لتبديد الظلمات .. وأما " تلألأ " .. فهو قمة عظمى في النورانية إذ لا يوجد بعد التلالؤ شيء آخر ..
من هذا نرى أن التوراة وهي الرسالة الأولى التي أنزلها الله إلى موسى عليه السلام كانت في قوالب جامدة لا تعرف الاجتهاد وجاءت الوصايا العشر ضمن شريعته التي أوحى الله بها إليه .. وحينما جاء المسيح نرى الفعل يقول : أشرق ..
لماذا جاء المسيح ؟ ..
إنه يقول لليهود كما في إنجيل (متى 5 : 17 ) :
" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء .. ما جئت لأنقض بل لأكمل " ..
وهنا نستوضح المسألة :
ما هو الذي سيكمله ؟ ..
" قال المسيح : يقول موسى :
" لَا تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْحُكْمِ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْحُكْمِ " متى ( 5: 21-22 )
فلقد جاء المسيح عليه الصلاة السلام ليعطي إيضاحات وتفسيرات للوصايا التي أعطاها الله لموسى عليه الصلاة السلام ..
** وحينما نأتي إلى الرسالة الخاتمة فإننا لا نجد في الرسالات السابقة تعريفاً للدين لا في التوراة ولا في الإنجيل ولكننا نجد في القرآن الكريم في آخر آيات التنزيل ..
" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) " سورة المائدة ..
فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية كافة وهو دين الأنبياء من قبل وهو التسليم الله سبحانه وتعالى ..
ولا ريب أن دعوة الأنبياء كانت واحدة إذ قال السيد المسيح في إن إنجيل مرقس ( 12: 29) ..
" إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل : الرب الهنا رب واحد "
وقالها من قبل موسى في ( سفر التثنية 6: 4) :
" اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا واحد "
وأكدها السيد المسيح قائلاً لمريم المجدلية قبل صعوده إلى السماء كما جاء في إنجيل يوحنا ( 20: 17) ..
" اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم "
ويؤكد القرآن الكريم دعوة التوحيد حيث قال سبحانه :
" وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ( 163 ) " سورة البقر.
والحقيقة أيها الباحثون عن الحق أقول لكم ما أشبه يومنا هذا بموقف السيد المسيح أثناء تجربة إبليس له في البرية حيث أخذه إبليس إلى جبل عالٍ جدا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال له أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي متى ( 4: 8-9 ) ..
** و أما السيد المسيح الذي أسلم أمره لله وحده واستمد منه الإلهام بالجواب الصريح إذ أنطقه رب العزة ليواجه إبليس قائلاً :
" اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " متى ( 4 : 10) ..
وهنا انتصرالسيد المسيح ومن ثم أصبح أهلاً للدعوة الجهارية .. ويقول كل من متى ولوقا في إنجيله في هذه الحادثة :
" ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه " متى (4: 11) ..
ومن عمق هذا الاختبار وجه السيد المسيح النصيحة والإرشاد لتلاميذه قائلاً :
" ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه " (متى 16: 26) ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-10-2020, 09:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوعات التي ساتناولها ان شاء الله .. هي التي تتعلق بالأسئلة الآتيه :
1- هل السيد المسيح ابن مريم إله أم إنسان ؟
2- وهل هو من جوهر ؟ ام من مادة التراب التي منها خلق الله آدم ؟
3- هل الروح القدس إله أم ملك من الملائكة ؟
4 - وهل هو من جوهر الله أم مخلوق من نور؟
5ـ هل السيدة مريم العذراء أم إله أم هي أم الإنسان يسوع ؟
6- وهل هي من جوهر الله أم من مادة التراب التي خلق منها آدم ؟
7 - كيف ومتى دخلت شبهات الأقانيم في أصول العقيدة المسيحية ؟
8- هل تنبا السيد المسيح عن النبي الذي يأتي بعده ومن هو؟
سبعة من الأسئلة متعلقة بالسيد المسيح عليه الصلاة والسلام .. والسؤال الثامن عن الرسول الكريم فسوف أتكلم عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل .. وبماذا تنبأ موسى عن النبي الذي أشار إليه بعبارة
" من اخوتهم "
كما جاء في (سفر التثنية 18:18 ) - ثم ما جاء في ( سفر التثنية ( 23: 1-2 ) .. وما هي تنبؤات أشعياء عن الرسول المنتظر الذي جاء ذكره في ( الإصحاح 42 والإصحاح 60 ) حيث قال في (أشعياء 60: 1 ) :
" قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك "
وما علاقة هذه التنبؤات بقوله تعالى :
" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (19)" سورة آل عمران
ماذا يقصد داود بالعبارة :
" الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية ؟ "
كما جاء في ( المزمور 118: 22 ) ؟ ..
وماذا يعني السيد المسيح في تأكيده لهذه النبوة قال :
" الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية "
كما جاء في إنجيل متى 21: 42 - 44 ) ؟
ماذا يعني دانيال في تعبيره الحلم نبوخذ نصر حين قال :
" لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لابيدين " كما جاء في ( سفر دانيال 2: 45 ) ؟
وفي هذا تفسير لقوله تعالى :
" إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)" سورة الأنبياء
وقوله سبحانه "
" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (110) " سورة آل عمران
ما هي تنبؤات السيد المسيح بشأن الرسول النبي الذي يأتي بعده ؟ .. وحديث رسول الله :
" لي خمسة أسماء "
ثم علاقة هذا الحديث بالباراقليط ؟
ثم أتحدث عن القرآن الكريم في موقف الدفاع عن الأنبياء جميعاً .. ثم أتحدث عن المجامع المسكونية ..
وأبدأ الآن بالحديث عن ذات المسيح ومرجعنا فيه هو الكتاب المقدس نفسه ..
** ولادة المسيح :
نجد إنجيل ( متى 1: 18) يقول :
" أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا .. لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس " ..
كذلك في إنجيل ( لوقا 1: 28 ) وهو يتحدث عن كيفية دخول الملاك جبريل إلى مريم العذراء فيقول :
" فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها .. الرب معك مباركة أنت في النساء "
ثم يبشرها بالمسيح :
" فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً. فأجاب الملاك وقال لها : الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك " ( لوقا 1: 34-35 ) ..
** وحين يقول قائل إن المسيح ولد بقوة الروح القدس وإن هذا قد يعطيه ميزة عن سائر البشر..
*** وهنا نقول إنها ليست ميزة تدعو إلى التفكير ولو للحظة واحدة بأن المسيح من غير طينة البشر .. فها هو زميله وقريبه يوحنا المعمدان قد ولد بقوة الروح القدس ونجد نفس الملاك جبرائيل قد قال لأبيه زكريا وهو في الهيكل كما جاء في إنجيل لوقا 1: 13-15 ) ..
" فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومسكراً لا يشرب . ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس " ..
وبعد ذلك امتلا زكريا نفسه من الروح القدس كما يقول إنجيل لوقا ( 1: 67-68 ) :
" وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وضع فداء لشعبه " ..
فها هو الروح القدس الذي كان مع زكريا وابنه يوحنا هو ذاته الذي كان مع المسيح .. إذ يقول إنجيل لوقا ( 1: 26-27 ) :
وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة وإلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم " ..
من هذا يتبين أن الروح القدس هو ملاك من ملائكة الله سبحانه وتعالى .. كذلك يقول إنجيل لوقا ( 2: 6-7 ) :
" وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل"
وحسب شريعة موسى نجد أن الطفل الذي ولدته العذراء قد ختن وأن أمه تطهرت وقدمت ذبيحة للرب .. إذ يقول إنجيل لوقا ( 2: 21-24 ) :
" ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حبل به في البطن . ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوساً للرب ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام او فرخي حمام " ..
ويجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن مفهوم القدوس في اليهودية والمسيحية يختلف عن مفهومه في الإسلام .. ذلك أن كلمة قدس التي هي ( قاداش ) بالعبرية وتعني « فرز » أو « تجنيب » .. أما المفهوم الإسلامي للتقديس .. فهو « التنزيه والتمجيد » .. لذلك نجد في سفر الشريعة الموسوية يقول الله لموسى عليه الصلاة والسلام :
" قدس لي كل بكر فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس ومن البهائم إنه لي " (خروج 13: 2 )
أي أفرز الأبكار ..
فكلمة قدوس لهذا المولود تعني فرز الابن البكر الذي هو أول من فتح رحم الأم .. من هذا يتبين أن المسيح كان مولوداً عادياً جاز عليه ما جاز على غيره من البشر .. وأنه وأمه خضعا تماماً لناموس موسي .. بعد ذلك نؤكد أن المسيح جاء من جوهر الإنسان فقد ولد من مريم العذراء التي كانت واحدة من بنات آدم الذي خلق من التراب والمعجزة هنا أن الله سبحانه قادر أن يعطي المرأة العاقر كما أنه يعطي المرأة العذراء .. إذ قال سبحانه :
" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) " سورة آل عمران.
إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم فقد كان ذلك معجزة وبالمثل عندما خلق امرأته من جسمه : أليست هذه معجزة ؟
إن لوقا يحدد الموقف فهو يربط بين مولد يوحنا المعمدان وبين مولد المسيح عليه السلام .. فعندما تتعجب مريم العذراء لأنها ستحمل وتلد وهي لا تعرف رجلاً يقول لها الملاك كما في إنجيل لوقا ( 1: 34 - 37 ) :
" فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلاً . فأجاب الملاك وقال لها : الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله وهو ذا اليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً . لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله "
وفي القرآن الكريم نجده يقول :
" إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) " سورة مريم
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-18-2020, 07:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ابن الله ..
ونريد أن نعرف معنى قوله في الإنجيل « يدعى ابن الله .. فنجد إنجيل متى ( 5: 8-9 )
" طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله : طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون "
فكل من يعمل الخير ويسعى من أجل السلام يعتبر بحسب لغة الإنجيل ابن الله .. وهي بنوة مجازية وليست بنوة حقيقية مثل قول الناس .. هذا ابن السودان أو ابن الخرطوم .. فكل هذه التعبيرات مجازية ومعروفة في اللغات المختلفة .. كذلك نجد في ( سفر التكوين (1: 27 ) .. وهو يتحدث عن خلق الإنسان :
" فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه . ذكراً وأنثى خلقهم " ..
لكن القرآن الكريم يقول :
" ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4) " سروة التين ..
فالتعبير القرآني هنا أجمل وأدق ولا شك من تعبير التوراة .. فالله سبحانه وتعالى ليس له صورة لأنه ..
" ليس كمثله شيء (11) " سورة الشورى ..
كذلك يقول الرب لموسى في التوراة في ( سفر الخروج 4 : 22 ) :
" تقول لفرعون هكذا يقول الرب .. إسرائيل ابني البكر " ..
ونجد في ( سفر هوشع (11: 1 ) :
" ولما كان إسرائيل غلاماً أحببته ومن مصر دعوت ابني " ..
وكذلك في ( سفر أخبار الأيام الأول ( 28: 6) ..
" وقال لي إن سليمان ابنك هو يبني بيتي ودياري لأني اخترته لي ابنا وأنا أكون له أباً " ..
ولم يوجد من يقول بأن سليمان كان إلهاً أو إنه ابن الله .. هذا فضلاً إلى تعريف ابن الله حسب وروده في إنجيل يوحنا ( 1: 12) :
" وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه "
ثم يقول يوحنا في رسالته الأولى ( 3: 1 ) :
" انظروا أية محبة أعطانا الأب حتى ندعي أولاد الله "
فابن الله تعني عبد الرحمن كما جاء في قوله تعالى :
" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) " سورة الفرقان.
** ونجد في وقت معمودية المسيح - والمعمودية تعني اعتراف الإنسان بخطاياه ثم يأتي إلى يحيا بن زكريا كما يروي ( لوقا في إنجيله ( 3: 3 ) .. أنه كان يكرز (( بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا )) ليغتسل في ماء الأردن كرمز للطهارة ..
يقول إنجيل ( متى 3: 16-17 ) :
" فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء . وإذ السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتياً عليه . (( وصوت من السماء قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت )) "
ولا شك أن الله منزه عن الخطايا وعن الحاجة إلى التعميد والتطهير ..
ونجد كذلك في ( سفر التكوين ( 6: 2 ) :
" أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا " ..
وهذا يعني أن كل أبناء آدم هم أبناء الله ولا يمكن أن يكون أبناء آدم آلهة .. كذلك يقول لوقا في إنجيله إصحاح ( 3: 38 ) بعد أن ذكر سلسلة نسب يوسف رجل مريم ما نصه :
" ... بن شيت بن آدم ابن الله "
** ونلاحظ أنه لما كان شيت ابناً لآدم بنوة حقيقية فقد كتبت بدون حرف (أ) أما باعتبار أن آدم ابناً لله بنوة مجازية فقد كتبت هذه بالحرف (أ) ولا يمكن أن يكون آدم إلهاً ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-03-2020, 08:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيح نبي الله ..
ونعود الآن لنرى المسيح نبي الله كما تتحدث عنه الأناجيل فنجد في أناجيل ( متى 13: 54-58 ) .. وكذلك ( مرقس ولوقا ) :
" ولما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا : من أين لهذا هذه الحكمة والقوات ؟ أليس ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا ؟ أوليست أخواته جميعهن عندنا فمن أين لهذا هذه كلها ؟ فكانوا يعثرون به. وأما يسوع فقال لهم : ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم "
وكذلك يقول إنجيل مرقس ( 6: 5 ) في هذا المقام :
" ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة "
لقد عجز المسيح هنا عن صنع المعجزات .. فلو كان المسيح إلهاً أو ابن الله لكان قادراً على صنع المعجزات بصرف النظر عن سوء استقبالهم له وتأثره نفسياً بذلك .. ويقول متي في إنجيله ( إصحاح 21 عددي 10، 11 ) :
" ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة : من هذا ؟ فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل "
*** فهذه هي شهادة الشهود الذين عاينوه ورأوا معجزاته ولم يقل واحد منهم إنه إله أو ابن الله .. ونجد في إنجيل ( لوقا 7: 11-16 ) :
" وفي اليوم التالي ذهب إلى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير فلما اقترب إلى باب المدينة إذا ميت محمول ابن وحيد لأمه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة .. فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي . ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون . فقال أيها الشاب لك أقول قم : فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه . فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه "
لقد أقام المسيح ميتاً بعد أن صلى إلى الله سبحانه وتعالى ليمنحه القوة والتأييد .. وبعد أن صنع هذه المعجزة العظيمة بإحياء ذلك الميت نجد شهود هذه الحادثة الكبيرة لم يفقدوا صوابهم ويقولون عنه إنه إله أو ابن الله وإنما قالوا :
" قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه " (لوقا 7: 16) ..
إحياء الموتى ..
لم تكن هذه أول مرة يرى فيها اليهود نبياً يحيي ميتاً فقد سبق أن أقام كل من إيليا واليشع ميتاً .. بل إن عظام اليشع في قبره - بعد أن مس جسده عظام اليشع .. وكذلك أقام حزقيال جيشاً من الموتي كما هو ثابت في أسفار العهد القديم .. ففي سفر الملوك الأول ( 17: 17-24 ) الذي يقول :
" وبعد هذه الأمور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتد مرضه جداً حتى لم تبق فيه نسمة فقالت لإيليا ما لي ولك يا رجل الله . هل جئت إليّ لتذكير إثمي وإماتة ابني . فقال لها أعطيني ابنك . وأخذه من حضنها وصعد به إلى العلية التي كان مقيماً بها وأضجعه على سريره وصرخ إلى الرب وقال: أيها الرب إلهي أيضاً إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها. فتمدد على الولد ثلاث مرات وصرخ إلى الرب وقال: يا رب إلهي لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه ، فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش .. فأخذ إيليا الولد ونزل به من العلية إلى البيت ودفعه لأمه ، وقال إيليا انظري ابنك حي ، فقالت المرأة لإيليا هذا الوقت علمت أنك رجل الله وأن كلام الرب في فمك حق " ..
وكذلك في ( سفر الملوك الثاني 4: 32-37 ) :
" ودخل اليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره . فدخل وأغلق الباب على نفسيهما كليهما وصل إلى الرب . ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد. ثم عاد وتمشي في البيت تارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه . فدعا جيجزي وقال ادع هذه الشونمية فدعاها ولما دخلت إليه قال احملي ابنك . فأتت وسقطت على رجليه وسجدت إلى الأرض ثم حملت ابنها وخرجت.. "
وأكثر من هذا ما فعلته عظام اليشع بعد موته إذ يقول (سفر الملوك الاثاني 13: 20-21 ) :
" مات اليشع فدفنوه . وكل من غزاة موآب تدخل على الأرض عند دخول السنة . وفيما كانوا يدفنون رجلاً إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر اليشع فلما نزل الرجل ومس عظام اليشع عاش وقام على رجليه "
ونذكر كذلك معجزة حزقيال كما هو مكتوب في سفره ( إصحاح 37 عدد 1-10 ) :
" كانت على يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً .. وأمرََّني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جداً على وجه البقعة وإذا هي يابسة جداً. فقال لي يابن آدم أتحيا هذه العظام فقلت يا سيد الرب أنت تعلم فقال لي:تنبأ على هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب . هكذا قال السيد الرب لهذه العظام. هأنذا أدخل فيكم روحاً فتحيون .. وأضع عليكم عصباً وأكسيكم لحماً وأبسط عليكم جلداً وأجعل فيكم روحاً فتحيون وتعلمون أني أنا الرب .. فتنبأت كما أمرت وبينما أنا أتنبأ كان صوت وإذا رعش فتقاربت العظام ... فدخل فيهم الروح حيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جداً جداً "
بعد ذلك نجد أن معاصري المسيح الذين آمنوا به كانوا يؤمنون أنه نبي الله ولا شيء أكثر من هذا .. فها هو إنجيل لوقا ( 24: 19 ) :
" فقال لهما وما هي . فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل أمام الله وجميع الشعب " ..
وكذلك يقول إنجيل يوحنا ( 6: 14):
" فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: إن هذا لحقيقة النبي الآتي إلى العالم "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-12-2020, 08:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيح رسول الله ..
ونتقل الآن للحديث عن المسيح رسول الله .. فنجد في إنجيل يوحنا ( 13: 16 ) :
" الحق الحق أقول لكم إنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله " ..
وكذلك في إنجيل يوحنا ( 8: 37 - 40 ) :
" أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم لكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا موضع له فيكم ... أجابوا وقالوا له أبونا هو إبراهيم .. فقال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم .. ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله "
وكذلك نجد في إنجيل يوحنا ( 8: 44 - 45 ) يدمغ المسيح اليهود بالأبالسة قائلاً :
" أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا . ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه كذاب وأبو الكذاب "
الأبُوّة والبنُوّة في الإنجيل ..
من هنا نفهم قول المسيح لتلاميذه وهو يعلمهم الصلاة ليقولوا :
" أبانا الذي في السموات "
ولما جاء ليندد باليهود نسب أبوتهم إلى إبليس لأنهم كانوا ذرية إبراهيم حسب الجسد إلا أنهم بسلوكهم وأفكارهم الشريرة كل هذا جعلهم كأبناء لإبليس لكن المؤمنين الذين آمنوا بالله الواحد الأحد وبالمسيح إنساناً ورسولا ونبياً فهؤلاء نسبهم الإنجيل كأنهم أبناء الله وكل حديث في الكتاب المقدس عن هذا النوع من البنوة إنما هي بنوة مجازية ولا يمكن أن تكون حقيقة على الإطلاق ..
كذلك نجد في إنجيل يوحنا ( 7: 16-18 ) :
" أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي . من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه . وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم "
وفي إنجيل يوحنا ( 12: : 44 ) :
" الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلنى "
يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم .. وفي إنجيل يوحنا ( 12: : 44 ) :
" الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني "
وفي معجزة إقامة الميت التي يذكرها إنجيل يوحنا ( 11: 38-44 ) :
" فانزعج يسوع أيضاً في نفسه وجاء إلى القبر . وكان مغارة وقد وضع عليه حجر قال يسوع ارفعوا الحجر . قالت له مرثا أخت الميت : ياسيد قد أنتن لأن له أربعة أيام . قال لها يسوع ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله . فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعاً ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي. ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر: هلم خارجاً . فخرج الميت "
**** لقد كان المسيح دائماً يصلي ويضرع إلى الله قبل أن تجرى المعجزة على يديه .. هذا ولقد كانوا ينادون المسيح بالمعلم لأن المعلم هو الإنسان الذي يحيطه التلاميذ .. فعندما ظهر المسيح اتخذ لنفسه اثنا عشر تلميذاً ونجد في إنجيل (متى 8: 23-26 ) :
" ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه . وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطت الأمواج السفينة . وكان هو نائماً فتقدم تلاميذه وأيقظوه قائلين : ياسيد نجنا فإننا نهلك . فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان . ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوء عظيم "
*** كيف ينام الإله ويغفل عن الكون؟..
لقد كان المسيح بشراً يجرى عليه ما يجري على سائر البشر من نوم ويقظة وتعب وراحة وخوف وطمانينة لكن الله سبحانه وتعالى - كما يقول القرآن بحقه :
" لا تأخذه سنة ولا نوم (255) "سورة البقرة
والسنة : النعاس
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-20-2020, 04:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيح يدعو الى التوحيد ..
وفي إنجيل لوقا ( 18: 18-19) :
" سأله رئيس قائلاً أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالحاً إلا واحد هو الله "
ولقد بينا حديث الرسول الذي قال فيه :
" لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح عيسى بن مريم "
ذلك أن الإطراء باب من أبواب الضياع والمتاهات ولقد حرص المسيح على أن ينفي عن نفسه صفة الصلاح ويردها إلى الله وحده فكيف يقال بعد ذلك إن المسيح إله أو ابن الله .. بل أكثر من هذا نجد في إنجيل مرقس ( 12: 28-29 ) :
" فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسناً سأله : أية وصية هي أول الكل ؟ فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد "
** فلم يدع المسيح أنه إله يعبد لكن موقفه أمام الله كموقف كل بني إسرائيل .. ولقد نادي المسيح بالتوحيد صراحة فقال في إنجيل يوحنا ( 17: 3 ) :
" وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك انت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته "
وفي حديثه مع مريم المجدلية الذي ذكره إنجيل يوحنا ( 20: 17-18 ) :
" قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي . ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم "
** فعلاقة المسيح بالله كعلاقة التلاميذ بالله .. كلهم عبيده وحينما نتأمل تاريخ الأنبياء نجد أن موسى عليه السلام بعد أن قتل المصري هرب إلى البرية وبقي بها أربعين سنة يرعى الغنم ويتأمل صنع الله في الأرض وفي السماء وكان ذلك تحت رعاية الله حتى يتأهل لحمل الرسالة بمشاقها ومتاعبها .. وكذلك تعرض يوسف لمحن كثيرة بدأت بتآمر إخوته عليه ثم بيعه إلى عزيز مصر ليخدم في بيته ثم اتهامه بمداعبة امرأة العزيز وأخيراً برأه الله سبحانه وصار بعد ذلك الوزير الأول لملك مصر..
وكذلك كان أمر المسيح فقبل أن يبدأ دعوته في سن الثلاثين حسب كلام لوقا نجده قد ذهب من بلدته الناصرة إلى البرية وبقي هناك أربعين يوماً بلا طعام ثم جاءه إبليس ليجربه بثلاث تجارب نجح فيها جميعاً وانتصرعلى إبليس .. وأصبح بذلك معداً ليكون رسول الله ..
ثم يقول إنجيل لوقا ( 4: 14 - 15):
" ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة . وكان يعلم في مجامعهم ممجداً من الجميع "
ونجد في إنجيل متى( 4 : 11):
" ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه "
لقد أُعِدَ المسيح للرسالة كما أُعِدَ سائر الأنبياء قبله .. وهذه شهادة أقرب الناس إلى المسيح وأعني به بطرس رئيس التلاميذ الذي يقول في ( سفر أعمال الرسل ( 2: 22 ) :
أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات الله وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون "
*** لم يقل بطرس إن المسيح هو الله .. لكنه قال إنه رجل إنسان أجرى الله على يديه معجزات وآيات .. وكذلك يقول بطرس في ( سفر أعمال الرسل (10: 38 ) :
« يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه "
لم يقل بطرس لأن الله كان معه كما كان مع كل الأنبياء والمرسلين .. كل هذا يبين لنا أن المسيح إنسان بشر.. وأنه رسول الله .. وأنه نبي ظهر في بني إسرائيل كما ظهر أنبياء آخرون قبله ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-28-2020, 07:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** الروح القدس ..
والآن نناقش موضوع الروح القدس .. فنجد في العهد القديم سفر الخروج ( 23: 20-21 ) :
" ها أنا مرسل ملاكاً أمام وجهك ليحفظك في الطريق وليجئ بك إلى المكان الذي أعددته احترز منه واسمع لصوته ولا تتمرد عليه لأنه لا يصفح عن ذنوبكم لأن اسمي فيه "
إن العرف الدولي يتفق على أن السفير هو ممثل للدولة ولرئيسها بالذات وعلى ذلك فإن أي مساس بالسفير يعني المساس برئيس الدولة .. فتعبير إن اسمي فيه يعني أنه يقوم مقام السفير بين الله سبحانه وتعالى وبين خلقه ..
ونجد في سفر صموئيل الأول ( 10: 1-10 ) :
" فأخذ صموئيل قنينة الدهن وصب على رأسه وقبَّله وقال أليس لأن الرب قد مسحك على ميراثه ريساً ؟ وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل أن الله أعطاه قلباً آخر وأتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم . ولما جاءوا إلى هناك إلى جبعة إذا بزمرة من الأنبياء لقيته فحل عليه روح الله فتنبأ في وسطهم"
ونجد في (سفر صموئيل الأول 16 : 14 ) .. أن الله غضب على شاول ففارقه روح الرب إذ يقول :
" وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روحٌ رديء من قبل الرب "
** وهنا نجد أن روح القدس يحل على الإنسان المطهر النقي أما إذا أغضب ذلك الإنسان الله بخطيئة ما فإن الروح القدس يفارقه ويصيبه روح شرير .. من هذا نرى داود عليه السلام يصلي داعياً الله بقوله :
" قلباً نقياً أخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي . لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني " مزمور ( 51: 10-11 )
ونجد في إنجيل لوقا ( 3: 21-22 ) :
" ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة "
لقد كان الروح القدس مع أنبياء العهد القديم وها هو مع المسيح عند المعمودية وهو معه في التجربة .. فالروح القدس ليس ثابتاً في الإنسان ولكنه يأتي للأنبياء حسب متطلبات الأحوال .. إن هذا يعني أن ذات المسيح شيء وأن ذات الروح القدس شيء آخر .. ويوضح ذلك أيضاً قول إنجيل مرقس ( 3: 28-29 ) :
" الحق أقول لكم إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها . ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد . بل هو مستوجب دينونة أبدية "
ونظير ذلك ما رأيناه في ( سفر الخروج ) من قوله :
" لا تتمرد عليه لأن اسمي فيه "
وتكرر هذا القول في إنجيل متى ( 12: 31-32 ) .. بصورة أوضح :
" لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس . ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له . وأما من قال على الروح القدس فلم يغفر له لا في هذا العالم ولا في الأتي "
*** كل هذا يؤكد أن ذات المسيح شيء وأن الروح القدس شيء آخر .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-29-2020, 09:05 AM
xxxxxxxxxxxxxxxxxx
AL-ATHRAM
10-04-2020, 10:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** مُعجزات المسيح ..
بعد ذلك ننظر في معجزات المسيح .. لقد أشبع الجوعى وطهر البرص وأقام الموتى وكل هذه ليست مقصورة على المسيح لكنها جرت على أيدي الأنبياء قبله . فنجد في عهد موسى أن الله سبحانه وتعالى أكرمه بأن جعل بني إسرائيل يأكلون المن والسلوى أربعين سنة ( خروج 16 : 4-31 ) ..
وأن إيليا ذهب في ضيافة امرأة أرملة فقيرة فقالت له إنها لا تملك سوى بعض الدقيق والزيت سوف تصنعها فطيرة لابنها ثم تموت .. فقال لها اصنعي الكعكة وستجدين بعد ذلك أن كوار الدقيق وكوز الزيت لن ينفد أبداً الملوك الأول ( 17: 8-16 )
" وكان له كلام الرب قائلا: قم اذهب إلى صرفة التي لصيدون وأقم هناك. هوذا قد أمرت هناك امرأة أرملة أن تعولك. فقام وذهب إلى صرفة. وجاء إلى باب المدينة، وإذا بامرأة أرملة هناك تقش عيدانا، فناداها وقال: هاتي لي قليل ماء في إناء فأشرب. وفيما هي ذاهبة لتأتي به، ناداها وقال: «هاتي لي كسرة خبز في يدك.فقالت: حي هو الرب إلهك، إنه ليست عندي كعكة، ولكن ملء كف من الدقيق في الكوار، وقليل من الزيت في الكوز، وهأنذا أقش عودين لآتي وأعمله لي ولابني لنأكله ثم نموت. فقال لها إيليا: لا تخافي. ادخلي واعملي كقولك ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة أولا واخرجي بها إلي، ثم اعملي لك ولابنك أخيرا. لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ، وكوز الزيت لا ينقص إلى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الأرض. فذهبت وفعلت حسب قول إيليا وأكلت هي وهو وبيتها أياما. كوار الدقيق لم يفرغ وكوز الزيت لم ينقص، حسب قول الرب الذي تكلم به عن يد إيليا. "
** وقد حدث ذلك في أيام المجاعة فكانت معجزة كبيرة من إيليا .. كذلك حدث لواحدة من نساء الأنبياء مع اليشع إذ أخبرته أن الدائنين يطالبونها وليس عندها شيء سوى دهنة زيت فأخذها وأمرها أن تطلب أواني كثيرة من جيرانها .. وعلمها أن تسمك الدهنة وتعصر الأواني فكان ينزل الزيت الذي ملأ أواني كثيرة " ( الملوك الثاني 4: 1-7 ):
" وصرخت إلى أليشع امرأة من نساء بني الأنبياء قائلة: إن عبدك زوجي قد مات، وأنت تعلم أن عبدك كان يخاف الرب. فأتى المرابي ليأخذ ولدي له عبدين. فقال لها أليشع: «ماذا أصنع لك؟ أخبريني ماذا لك في البيت؟. فقالت: ليس لجاريتك شيء في البيت إلا دهنة زيت فقال: اذهبي استعيري لنفسك أوعية من خارج، من عند جميع جيرانك أوعية فارغة. لا تقللي. ثم ادخلي وأغلقي الباب على نفسك وعلى بنيك، وصبي في جميع هذه الأوعية، وما امتلأ انقليه. فذهبت من عنده وأغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها. فكانوا هم يقدمون لها الأوعية وهي تصب. ولما امتلأت الأوعية قالت لابنها: قدم لي أيضا وعاء. فقال لها: لا يوجد بعد وعاء فوقف الزيت. فأتت وأخبرت رجل الله فقال: اذهبي بيعي الزيت وأوفي دينك وعيشي أنت وبنوك بما بقي "
*** واستطاعت بذلك أن تسدد ديونها بمعجزة اليشع هذه ..
وبالنسبة لتطهير الأبرص فقد فعلها اليشع ( الملوك الثاني 5: 8- 14)
" ولما سمع أليشع رجل الله أن ملك إسرائيل قد مزق ثيابه، أرسل إلى الملك يقول: لماذا مزقت ثيابك؟ ليأت إلي فيعلم أنه يوجد نبي في إسرائيل .فجاء نعمان بخيله ومركباته ووقف عند باب بيت أليشع. فأرسل إليه أليشع رسولا يقول: اذهب واغتسل سبع مرات في الأردن، فيرجع لحمك إليك وتطهر. فغضب نعمان ومضى وقال: «هوذا قلت إنه يخرج إلي ويقف ويدعو باسم الرب إلهه ويردد يده فوق الموضع فيشفي الأبرص. أليس أبانة وفرفر نهرا دمشق أحسن من جميع مياه إسرائيل؟ أما كنت أغتسل بهما فأطهر؟ ورجع ومضى بغيظ. فتقدم عبيده وكلموه وقالوا: يا أبانا لو قال لك النبي أمرا عظيما أما كنت تعمله؟ فكم بالحري إذ قال لك: اغتسل واطهر؟ فنزل وغطس في الأردن سبع مرات حسب قول رجل الله فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر. "
وأما إقامة الموتى فقد ذكرنا كلاً من إيليا واليشع وحزقيال أنهم أقاموا الموتى قبل المسيح كذلك فإن بطرس أقام ميتاً (أعمال الرسل 9: 36-42 ) :
ولم يقل أحد إن بطرس إله . إن الحكمة من المعجزة أن الله - سبحانه - يؤيد نبيه لكي يؤمن الناس بأنه نبي الله ورسوله وإنه مبعوث من قبل مالك كل القوى والقدرة ..
* وهذا ما حدث مع موسى :
" ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين . فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى " (خروج 14 : 31 )
** وما حدث مع إيليا :
" فقالت المرأة لإيليا هذا الوقت علمت أنك رجل الله وإن كلام الرب في فمك حق " ( الملوك الأول 14 : 24 )
*** وما حدث مع المسيح نفسه :
" فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم نظروا ما فعل يسوع فآمنوا به ، ( يوحنا 11 : 45 ) ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
10-14-2020, 08:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** مواجهة المسيح للكهنة ..
بعد الحديث عن معجزات المسيح وأنه بشر وأنه نبي الله وأنه رسول الله .. أريد أن أتحدث الآن عن مواجهة المسيح للكهنة ولذوي النفوذ في إسرائيل ..
جاء في إنجيل متى ( 6: 14 - 15 ) ما يوضح لنا فكر المسيح عن الغفران حيث قال :
" فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم "
فهذا التوجيه صريح جداً في إمكانية المغفرة دون الحديث عن الصليب وسفك دم المسيح .. فلو كان صلب المسيح مسألة حتمية لا يتم مغفرة الخطايا إلا بها لكان هو أول من نبه إلى هذا .. ولكنه يقول الشيء بالشيء. فإذا تجاوز الإنسان عن خطايا أخيه الإنسان فإن الله يغفر له خطاياه .. وهذا يعني أن رضا الله - سبحانه - يمكن أن يناله الإنسان بممارسة العبادات الإلهية والعمل الصالح ..
كذلك نجد قصة المشلول في إنجيل متى ( 9: 2-7 ) :
" وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحاً على فراش . فلما رأى يسوع إيمانهم .. قال للمفلوج :ثق يا بني مغفورة لك خطاياك . وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف . فعلم يسوع أفكارهم فقال لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال للإنسان مغفورة لك خطاياك أم أن يقال قم وامش ؟ ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا . حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك فقام ومضى إلى بيته "
النتيجة :
" فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا " (متى 8: 8 ) ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
10-21-2020, 07:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** مغفرة الخطايا
لقد بيَّن المسيح أن له سلطاناً أن يغفر الخطايا وهو يغفرها بمجرد مثل « مغفورة لك خطاياك » ثم هو يعلم الناس أن شفاء المفلوج أشد من غفران الخطايا بكلمة .. وهذا يوضح أن فكرة سفك دم المسيح على الصليب باعتبارها ضرورة لمغفرة الخطايا إنما هي زعم لا ساس له من الصحة .. ثم قضية أخرى من القضايا التي واجهها المسيح مع رؤساء بني إسرائيل مايذكره إنجيل ( يوحنا 8: 1-11 ) :
" ثم حضر أيضاً إلى الهيكل في الصبح وجاء إليه جميع الشعب فجلس يعلمهم . وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زني ولما أقاموها في الوسط قالوا له يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل . وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه. وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بأصبعه على الأرض . ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر . ثم انحنى أيضاً إلى أسفل وكان يكتب على الأرض . وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحداً واحداً مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين . وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحداً سوى المرأة قال لها يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك . أما أدانك أحد؟ فقالت لا أحد يا سيد . فقال لها يسوع ولا أنا أدينك . اذهبي ولا تخطئي أيضاً "
فالمسيح .. نادي بالغفران ونادي بالستر ونادى بالمحبة .. إن السيد المسيح التزم بالناموس مراعياً حدود الله ولقد قضت الشريعة على حيثيات إقامة الحد :
" على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يقتل الذي يقتل . لا يقتل على فم شاهد واحد .. أيدي الشهود تكون عليه أولا لقتله ثم أيدي جميع الشعب أخيراً فتنتزع الشر من وسطك " (تثنية 17 : 6 - 7) ..
** وبناء عليه فإن السيد المسيح الذي ولي قاضياً لم يجد شهود الإثبات ليقيم الحد فأخلى سبيلها ..
بعد ذلك نجد في إنجيل لوقا ( 11: 53-54 ) :
" وفيما هو يكلمهم بهذا ابتدأ الكتبة والفريسيون يحنقون جداً ويصادرونه على أمور كثيرة . وهم يراقبونه طالبين أن يصطادوا شيئاً من فمه لكي يشتكوا عليه "
لقد كانوا ينتهزون كل فرصة للتربص بالمسيح كما بين لوقا وكما يذكر الإنجيل عن تجربة العملة .. يقول ( لوقا 20: 20-26 ) :
" فراقبوه وأرسلوا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يمسكوه بكلمة حتى يسلموه إلى حكم الوالي وسلطانه فسألوه قائلين يا معلم نعلم أنك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق تعلم طريق الله ؟ أيجوز لنا أن نعطى جزية لقيصر أم لا .. فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني أروني ديناراً . لمن الصورة والكتابة ؟ فأجابوا وقالوا لقيصر فقال لهم : اعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدام الشعب . وتعجبوا من جوابه وسكتوا"
*** أضيف إلى ذلك أن المسيح نفسه كان يعتبر عبداً من رعايا الإمبراطورية الرومانية وكانت عليه ضريبة يقدمها للرومان ككل المواطنين كان المفروض أن يدفع الجزية عن نفسه وعن تلاميذه .. فيذكر إنجيل متى ( 17: 24-27 ) :
" ولما جاءوا إلى كفر ناحوم تقدم الذين يأخذون الدرهمين إلى بطرس وقالوا أما يوفي معلمكم الدرهمين ؟ قال بلى . فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلاً ماذا تظن با سمعان ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية أمن بنيهم أم من الأجانب . قال له بطرس من الأجانب . قال له يسوع فإذاً البنون أحرار . ولكن لئلا نعثرهم اذهب إلى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع أولا خذها ومتى فتحت فاها تجد إستاراً فخذه واعطهم عني وعنك "
لقد دفع المسيح الجزية عن نفسه للرومان إذ كان عبداً تحت الجزية الرومانية .. وفي إنجيل لوقا ( 20: 27-39 ) نجد حديثاً عن الصدوقيين .. لقد كان في اليهودية طوائف منها الفريسيون والصديقيون .. ويؤمن الفريسيون بقيامه الأموات وبالبعث وبالحساب ويؤمنون بالجنة والنار .. وأما الصدوقيون فلا يؤمنون بهذا كله .. وهنا يقول إنجيل (لوقا):
"وحضر قوم من الصدوقيين الذين يقاومون أمر القيامة وسألوه قائلين يا معلم كتب لنا موسى إن مات لأحد أخ وله امرأة ومات بغير ولد يأخذ أخوه المرأة ويقيم نسلاً لأخيه . فكان سبعة إخوة وأخذ الأول امرأة ومات بغير ولد. فأخذ الثاني المرأة ومات بغير ولد. ثم أخذها الثالث . وهكذا السبعة ولم يتركوا ولداً وماتوا . وآخر الكل ماتت المرأة أيضاً ففي القيامة لمن منهم تكون زوجة لأنها كانت زوجة للسبعة . فأجاب وقال لهم يسوع أبناء هذا الدهر يزوّجون و يزوّجون . ولكن الذين حسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات لا يزوّجون ولا يزّوجون . إذ لا يستطعون أن يموتوا أيضاً لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله إذ هم أبناء القيامة . وأما أن الموتى يقومون فقد دلّ عليه موسى أيضاً في أمر العليقة كما يقول الرب : ( إله إبراهيم وإله إسحق وإلله يعقوب وليس هو إله أموات بل إله أحياء لأن الجميع عنده أحياء . فأجاب قوم من الكتبة وقالوا يا معلم حسناً قلت ) "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
10-31-2020, 09:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** موقف المسيح من تقديس السبت !!
بعد ذلك أتحدث عن تقديس السبت عند اليهود .. فنجد في سفر التكوين ( 2: 1-3 ) :
" فأكملت السموات والأرض وكل جندها وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل . فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل . وبارك الله اليوم السابع وقدسه . لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً "
هذا بينما نجد القرآن الكريم يقول في سورة ( ق ) :
" ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38) "
أي لم يمسنا التعب على أية صورة من الصور .. وبذلك لا معنى للحديث عن الراحة بعد خلق العالم في تلك الأيام الستة .. لكن اليهود يقاومون المسيح تحت شعار حفظ السبت فكانوا ينتقدونه في شفاء المرضى يوم السبت .. ولقد علمهم المسيح أن السبت قد خلق لأجل الإنسان ولم يخلق الإنسان لأجل السبت .. ولكن عقولهم توقفت عن فهم ذلك كله .. يقول إنجيل يوحنا ( 9: 1-33 ) :
" وفيما هو مجتاز رأى إنساناً أعمى منذ ولادته . فسأله تلاميذه قائلين با معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟ أجاب يسوع لا هذا أخطا ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه . ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار . يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل . ما دمت في العالم فأنا نورالعالم . قال هذا وتفل على الأرض وصنع من التفل طيناً وطلى بالطين عيني الأعمى . وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل .. فمضى واغتسل وأتي بصيراً ... وكان سبت حين صنع يسوع الطين وفتح عينيه .. فقال قوم من الفريسيين هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت . آخرون قالوا كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات وكان بينهما انشقاق .. فدعوا ثانية الإنسان الذي كان أعمى وقالوا له اعط مجداً لله نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ. فأجاب ذاك وقال أخاطئ هو. لست أعلم . إنما أعلم شيئاً واحداً أني كنت أعمى والآن أبصره فشتموه وقالوا أنت تلميذ ذاك . وأما نحن فإننا تلاميذ موسى . نحن نعلم أن موسى كلمة الله . وأما هذا فما نعلم من أين هو. أجاب الرجل وقال لهم إن في هذا عجباً أنكم لستم تعلمون من أين هو وقد فتح عينى. ونعلم أن الله لا يسمع للخطاة ولكن إن كان أحد يتقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع . ويختم الأعمى الذي عاد بصيراً قوله (( منذ الدهر لم يسمع أحداً أن فتح عيني مولود أعمى لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئاً )) "
ويجب ملاحظة أن بعض صفات الله تنسب أحياناً للبشر مثل قول المسيح هنا :
" ما دمت في العالم فانا نور العالم "
*** إن هذا لا يعني إنه إله أو معادل للإله لأن هذا القول لا يقارن بما تذكره التوراة عن موسى الذي جعلته إلها لكل من هارون أخيه وفرعون عدوه ..
يقول ( سفر الخروج 4 : 14 - 16) :
" إن الرب قال لموسى عن أخيه هارون : ها هو خارج لاستقبالك .. فتكلمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأعلمكما ماذا تصنعان وهو يكلم الشعب عنك. وهو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً "
يقول سفر الخروج (7: 1-2 ) :
" فقال الرب لموسى انظر . أنا جعلتك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك "
*** إن هذه الأقوال من قبيل المجاز لا الحقيقة .. والهدف من هذه القصة : الأعمى الذي عاد بصيراً في يوم السبت أن المسيح أراد أن يكشف لليهود خطأ نظرتهم للسبت وتعطيل كل عمل صالح فيه ..
يقول إنجيل مرقس (2: 23-28 ) :
" واجتاز في السبت بين الزروع فابتدأ تلاميذه يقطفون السنابل وهم سائرون فقال له الفريسيون : انظر ، لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل ؟ فقال لهم أما قرأتم ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه ؟ كيف دخل بيت الله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة وأعطى الذين كانوا معه أيضاً . ثم قال لهم السبت إنما جعل لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت، إذاً ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-06-2020, 09:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** قانون الإيمان المسيحي ..
كيف نشأ هذا القانون وكيف تجمع عبر مجموعة المجامع المسكونية الكنسية .. يقول نص قانون الإيمان : المنبثق عن مجمع نيقية عام 325م :
" نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل خالق السموات والأرض ما يرى ما لا يرى .. نؤمن برب واحد ... يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور .. نور من نور ، إله حق من إله حق .. مولود غير مخلوق ، مساو للأب في الجوهر .. الذي به كان كل شيء .. هذا هو الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاص نفوسنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومريم العذراء وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي وتألم وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب .. وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه وأيضاً يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات . الذي ليس لملكه انقضاء" ..
ثم أضيفت إلى هذا القانون إضافة أخرى .. منبثقة عن مجمع القسطنطينية عام 381 م ..
" نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الاب نسجد له ونمجده مع الآب والابن .. الناطق في الأنبياء .. وكنيسة واحده مقدسة جامعة رسولية .. ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا .. وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي .. آمين "
ثم أضيفت إضافة ثالثة حول تطويب العذراء منبثقة عن مجامع أفسس عام 431م. تقول :
" نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة لأنك ولدت لنا مخلص العالم كله .. أتي وخلص نفوسنا "
ثم أضيفت إضافة رابعة لتمجيد السيد المسيح :
" المجد لك يا سيدنا ولملكنا المسيح فخر الرسل إكليل الشهداء تهليل الصديقين ثبات الكنائس غافر الخطايا "
ثم إضافة أخرى للتبشير بالثالوث الأقدس :
" نکرز ونبشر بالثالوث الأقدس لاهوت واحد نسجد له وتمجده يا رب ارحم یا رب وأياك آمین "
هذه هي قوانين الإيمان التي نريد أن نمر عليها لنعرف كيف لفقت هذه القوانين وكيف جمعت كلماتها من أسفارهم كما تجمع الكلمات المتقاطعة التي تنشر في الصحف ..
إن تاريخ المسيحية :
يقول في سنة 325م .. اجتمع المؤتمر المسكوني في نيقية بأمر الملك قسطنطين الكبير .. وكانت المسألة الأولى والوحيدة التي ناقشها المؤتمر هي طبيعة المسيح وذلك بعد أن قررالقس أريوس الإسكندري رأيه في المسيح وأنه مخلوق ..
يقول سعيد البطريق أو ابن البطريق في كتابه التاريخي « نظم الجوهر » يروي مقاله أريوس هذا وما كان لها من آثار في إثارة الخلاف والفرقة بين المسيحيين وما انتهى إليه الرأي فيه وفي مقولته ..
يقول ابن البطريق :
قال بطريرك الاسكندرية لتلاميذه : إن المسيح لعن آریوس فأحذروا أن تقبلوا قوله .. فإني رأيت المسيح في النوم مشقوق الثوب ( الله يلبس جلابية ) فقلت له يا سيدي : من شق ثوبك ؟ فقال لي : آریوس ، فاحذروا أن تقبلوه أو أن يدخل معكم الكنيسة . فبعث قسطنطين الملك إلى جميع البلدان فجمع البطاركة والأساقفة فاجتمع في مدينة نيقية - بعد سنة وشهرين - ألفان وثمانية وأربعون أسقفاً وكانوا مختلفي الآراء ومختلفي الأديان ..
فمنهم من يقول المسيح ومريم إلهان من دون الله وهم المريمانية .. ومنهم من يقول إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة نار تخلقت من شعلة نار فلم تنقص الأولى لإيقاد الثانية منها وهي مقالة سيبارينون وأتباعه ومنهم من كان يقول :
لم تحمل مریم لتسعة أشهر وإنما مر نور في بطن مريم كما يمر الماء في الميزاب لأن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها وهي مقالة أيليان وأشياعه .. ومنهم من يقول إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منا في جوهره وإن ابتداء الابن من مريم وإنه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الأنسي صاحبته النعمة الإلهية فحلت فيه المحبة والمشيئة - فلذلك سمي ابن الله ..
ويقولون إن الله جوهر واحد وأقنوم واحد ويسمونه بثلاثة أسماء ولا يؤمنون بالكلمة ولا بالروح القدس وهي مقالة بولس الشمشاطي بطريرك أنطاكية وأشياعه وهم البولونيون .. ومنهم من كان يقول بثلاثة آلهة : صالح وطالح وعدل .. وهي مقالة مرقیون وأشياعه .. ومنهم من كان يقول ربنا هو المسيح وتلك هي مقالة بولس الرسول ومقالة الثلاثمائة والثمانية عشر أسقفا .
ثم يقول ابن البطريق :
فلما سمع قسطنطين الملك مقالاتهم عجب من ذلك وأخلى لهم داراً وتقدم لهم بالإكرام والضيافة وأمرهم أن يتناظروا فيما بينهم ليظهر من معه الحق فيتبعه .. فاتفق منهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا على دین واحد ورأي واحد فناظروا بقية الأساقفة فأفلجوا عليهم حججهم وأظهروا الدين المستقيم ..
** أما أهم ما قرره هذا المجمع الثلاثمائة والثمانية عشر أسقفاً فهو أن المسيح ابن الله وأنه مساو لله في الجوهر .. ونريد الآن أن نعرف من أين جمعوا نصوص قانون الإيمان المسيحي فنجد أن عباراته جاءت كالآتي :
" نؤمن بإله واحد " جاءت من إنجيل يوحنا ( 17: 3 )
" آب " من الرسالة الأولى لأهل تسالونيكي (3: 11)
" ضابط الكل " من ( إنجيل متى ( 10: 29-30 )
" خالق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى " من ( متی (11: 25) وسفرالخروج ( 20: 11)
" نؤمن برب واحد " من العبرانيين ( 1: 8) والرؤيا (19: 16)
" يسوع المسيح " من العبرانيين 13: 8)
" ابن الله الوحيد " من إنجيل يوحنا (3: 16)
" المولود من الأب قبل كل الدهور ) من ميخا ( 5: 2 )
" نور من نور " من العبرانيين ( 1: 3)
" إله الحق " من إنجيل يوحنا ( 5: 17)
" من إله حق " من إنجيل يوحنا ( 17: 5 )
" مولود غير مخلوق " من إنجيل يوحنا ( 5: 26 )
" مساو للآب في الجوهر" من إنجيل يوحنا ( 10: 30)
" الذي به كل شيء " من إنجيل يوحنا ( 1: 3 )
" هذا هو الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاص نفوسنا " .. ليس له سند من نصوص العهد الجديد وإنما وضع بمعرفة المجمع ..
" ونزل من السماء وتجسد " من إنجيل یوحنا ( 1: 14) ومن العبرانيين ( 10: 5 )
" من الروح القدس ومريم العذراء من إنجيل لوقا ( 1: 35 )
" وتأنس " من إنجيل يوحنا ( 8: 40 )
" وصلب على عهد بيلاطس البنطي " من إنجيل يوحنا ( 19: 19)
" وتألم " من الرسالة الأولى لبطرس ( 1: 11 )
" وقبر" من أشعياء ( 53: 9 ) ومن متى ( 27: 60 )
" وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب " من الرسالة الأولى لكورنثوس ( 15: 3-4 )
" وصعد إلى السموات : من إنجيل لوقا ( 24: 51)
" وجلس عن يمين أبيه " من إنجيل مرقس ( 16: 19 )
" وأيضا يأتي في مجده " من إنجيل (متی 25: 31 )
" ليدين الأحياء والأموات " من العبرانيين ( 10: 30 )
" الذي ليس لملكه انقضاء " من إنجيل لوقا ( 1: 33)
هذا هو قانون الإيمان المسيحي الأول قبل تطويره .. وأود أن أنبه إلى أن هذا التخريج ليس من عندنا ولكنه كما خرج عليه المؤتمرون قرارهم وقدموا به محمولا بين يدي هذه المذكرة الإيضاحية .. وإذا جاوزت هذا التبرير وما فيه من تعسف وشطط بعيدين غريبين فإنك تجد أن الصورة التي رسمها القرار للألوهية ينقصها الوجه الثالث من وجوه التثليث وهو الروح القدس فالإيمان الذي يبشر به هذا القرار هو الإيمان بالآب والابن فقط .. أما الروح القدس فهو ما دخل في تجسد الابن من مريم العذراء وهو في هذا الموضع قد يكون ملاك الرب أو جبريل أو كلمة الله أو الابن ..
ونستطيع أن نتخذ من هذا القرار وثيقة تاريخية محققة للقول بأن التثليث المسيحي لم يكن معروفاً إلى سنة 325 من ميلاد المسيح ولم يعترف المؤتمر المنعقد في هذا العام بغير الآب والابن .. كما نستطيع أن نقرر أيضا أنه إلى ذلك الحين لم يكن المسيح قد دخل ببنوته في شركة مع الله على هذا النحو الذي يجعل منه الله مندمجاً في اقنومية الآب والروح القدس .. وغايه ما كان يتصور في هذه البنوة أنها فرع عن أصل وأنها إن دلت على الإله فلن تكون هي الإله .. وفي هذا القرار إعلان صريح عن الله الأب أنه خالق السموات والأرض .. أما الابن فلم يكن له في خلق السموات والأرض أي دخل .. ولكن المسيحية بعد هذا تدين بأن الله الآب لم يخلق شيئا وإنما المسيح الابن هو الذي خلق كل شيء .. فأقنوم الابن هو القائم بعملية الخلق كما انتهى إلى ذلك معتقد المسيحية بعد أن المسيحية إلى ما بعد منتصف القرن الرابع لم تكن قد استكملت حقيقتها فما زال موقف المسيح متأرجحة مضطربة بين الإله والإنسان .. وإن الأمر ليحتاج إلى خطوة أو خطوات أخرى لسد هذه الفجوة العميقة التي تتذبذب فيها شخصية المسيح متأرجحة مضطربة بين الإله والإنسان ..
وليس يقوم لهذا الأمر إلا مجمع مقدس يسوي ألوان هذه الصورة المهزوزة ويحدد ملامحها وهذا ما قد كان فعلا .. ففي سنة 381 م .. أمر الملك تاودسيوس الكبير بعقد مجمع مقدس في مدينة القسطنطينية للنظر في مقولة مقدونيوس بطريرك القسطنطينية التي كان ينادي بها في محيط كنيسته ويذيعها في أتباعه وهي أن الروح القدس مخلوق كسائر المخلوقات .. وواضح من هذا أن أمر الروح القدس لم يكن قد استقر بعد کوجه من وجوه الله وأقنوما من أقانيمه متساوياً مع الأب والابن في الرتبة .. وقد اجتمع في هذا المؤتمر مائة وخمسون أسقفا يمثلون جميع الهيئات المسيحية . وكان من بينهم تيموثاوس بطريرك الاسكندرية الذي أسندت إليه رئاسة الجميع ..
وقد انتهى المؤتمر بإدانة مقدونيوس ومن كان على رأيه من الأساقفة ثم خرج المجمع بالمصادقة على قرار نيقية ثم إضافة نص جديد كالآتي مع بیان نصوص الكتاب المقدس التي رجعوا إليها :
" نعم نؤمن بالروح القدس " إنجيل يوحنا ( 14 : 26 )
" الرب " الرسالة الثانية إلى كورنثوس ( 2: 17 )
" المحيي " رومية ( 8: 11)
" المنبثق من الآب " إنجيل يوحنا ( 15: 16 )
" نسجد له ونمجده مع الآب والابن " إنجيل متى ( 18: 19-20 )
" الناطق في الأنبياء " الرسالة الأولى لبطرس ( 1: 11 ) ، 2 بط ( 1: 2 )
" وبكنيسة " إنجيل متی ( 16 : 18 )
" واحدة " رومية ( 13: 5 )
" مقدسة " أفسس ( 5: 25-26 )
" جامعة " إنجيل يوحنا ( 11: 52 )
" رسولية " أفسس ( 3: 5 )
" ونعترف بمعمودية واحدة " أفسس ( 4: 5 )
" لمغفرة الخطايا " عبرانيين ( 8: 13) ، ( 9: 22 )
" وننتظر قيامة الأموات " الرسالة الأولى لكورنثوس ( 15: 21 )
" وحياة الدهر الآتي . آمين " إنجيل لوقا ( 18: 30 )
وقد جمع هذا النص كسابقه من أشتات ملفقة من الأناجيل والرسائل ومنتزعة من مواطنها انتزاعا في غير رفق أو تلطف لتلتقي هنا على غير إلفٍ أو تعارف وفي هذا النص يظهر الوجه الثالث للثالوث المقدس .. ثم تبدأ المسيحية النظر في الإله ذي الأقانيم الثلاثة نظراً فلسفياً لاهوتياً تختلط فيه الفلسفة باللاهوت ويمتزج فيه الواقع بالخيال ويعمل العقل المسيحي في جد وبراعة في نسج ملحمة من أبرع الملاحم الأسطورية التي تصل السماء بالأرض وتخلط الله بالإنسان .. ولكن القصة لم تتم فصولا بعد ..
فما زال هناك فجوات تنتظر من المجامع المقدسة أن تملأها بتلك الكلمات التي تلتقطها من شتيت الصفحات في الأناجيل والرسائل ..
ففي سنة 431 م أعلن نسطور بطريك القسطنطينية قوله : إن العذراء لم تلد ألهاً متأنسا بل ولدت إنساناً عادياً ساذجاً ثم حل فيه الإله بإرادته لا بالاتحاد فهو لهذا ذو طبيعتين وأقنومين .. وقد انقسم المسيحيون ( الأساقفة والقساوسة ) ازاء هذا الرأي فكان بعضهم في جانب نسطور وكان البعض الآخر في الجانب المخالف له على حين وقف كثيرون موقف الحياد بين الحيرة والتردد .. ومن أجل هذا دعا الملك تاودوس الصغير ملك القسطنطينية إلى عقد المجمع المقدس فحضره نحو مائتي أسقف وبعد مناقشات طويلة انتهى الرأي إلى القول بتجسد الكلمة واتحاد الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية بدون اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة .. والذي يلفت النظر في مقررات هذا المؤتمر أنها لم تخرج مخرج المقررات التي صدرت في المجمعين السابقين حيث لم تكن في صورة دعوة إلى إيمان بحقيقة جديدة وإنما جعلت هذه المقررات مقدمة لقانون الإيمان .. وكان المؤتمرین قدروا الخطر الناجم عن تبدل صورة العقيدة وما يدخل في قلوب الناس وعقولهم من هذه الإضافات التي تحدث كلما حدثت أحداث وبرزت آراء فذلك من شأنه أن يجعل الناس يتهمون المقولات التي تلقى إليهم من جهة الدين ويتشككون في إضافتها إلى السماء حيث لا تبديل لكلمات الله .. نقول إن المؤتمرین قدروا هذا كله فلم يجعلوا لمقرراتهم شيئا جديدا يدخل في مجال العقيدة وإنما جعلوه مقدمة إلى العقيدة ومدخلا إلى الإيمان .. وقد حملت هذه المقدمة ثلاث مقولات عن العذراء والمسيح والثالوث وها هي ذي كما صدرت في المجمع :
تطويب العذراء :
" نعظمك يا أم النور الحقيقي ومجدك أيتها العذراء القديسة لأنك ولدت لنا مخلص العالم كله أتي وخلص نفوسنا "
إن هذه الكلمات القصيرة لها مصدرها .. فقولهم :
" نعظمك " تأتي من إنجيل لوقا ( 1: 48 )
" یا أم النور الحقيقي " من إنجيل لوقا ( 1: 43 ) ومن إنجيل یوحنا ( 1: 8-10 )
" ونمجدك ، من المزمور( 91: 15 )
" أيتها العذراء القديسة " من أشعياء ( 7: 14) ولوقا ( 1: 37 )
" لأنك ولدت لنا مخلص العالم كله " من لوقا (2: 11) ( 3: 11 )
" أتى وخلص نفوسنا " من لوقا ( 19: 10 )
المقدمة الثانية عن تمجيد السيد المسيح :
" المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح فخر الرسل إكليل الشهداء تهليل الصديقين ثبات الكنائس غافر الخطايا "
*** هذه الكلمات أيضا لها مراجعها .. فكلمات :
" المجد لك يا سيدنا " تأتي من أشعيا ( 43: 7-8 )
ولملكنا المسيح " من لوقا ( 1: 33 )
" فخر الرسل " من غلاطية ( 6: 14)
" إكليل الشهداء " من أشعياء ( 38: 5 )
" تهليل الصديقين " من إنجيل يوحنا ( 8: 56 )
" ثبات الكنائس " من إنجيل يوحنا ( 15 : 4 )
" غافر الخطيا " من إنجيل متى ( 9: 2 )
المقدمة الثالثة .. التبشير بالثالوث الأقدس :
" نکرز ونبشر بالثالوث الأقدس لاهوت واحد نسجد له ونمجده . یا رب ارحم یا رب ارحم یا رب أياك. آمين ".
*** فهذه الكلمات لها انتماؤها .. فعبارة :
" نکرز ونبشر " تأتي من الرسالة إلى العبرانيين ( 10: 34 )
" بالثالوث الأقدس " من متی ( 28: 19 )
" لاهوت واحدا " من يوحنا ( 5: 7 )
" نسجد له ونمجده " من متى ( 4: 10 )
" یا رب ارحم یا رب ارحم من المزمور ( 33: 1 )
" یا رب بارك . آمین " من لوقا ( 24: 53 )
ومن هنا نرى أنه فضلا عن أن قانون الإيمان تطور عبر المجامع كما رأيتم فهو في الوقت نفسه ملفق من كلمات مفردة بعضها من أسفار العهد القديم وبعضها من أسفار العهد الجديد فهي كلها تلفيقات مأخوذة من أشتات متنافرة ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-14-2020, 07:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أن آريوس الذي قال إن المسيح مخلوق وأنه أقل من الله في الجوهر ابتداء من عام 313 م فصاعدا لم يكن هو أول من قال بهذا القول واعتقده .. ولكن قال هذا المسيحيون الأوائل أيضا وهو أن المسيح إنسان مخلوق .. لقد كانت تلك هي عقيدة الغالبية العظمى من المسيحيين الأوائل ..
كذلك فإن وصف المسيح بأنه ( عبد الله ) لا يزال موجوداً إلى الآن في أسفار العهد الجديد .. ولكن للأسف فإن الطبعات العربية تذکرها بصورة مستترة حتى القارئ العربي لا يتبينه .. فقد وصف المسيح في الأسفار بأنه نبي ورسول .. وأنه ابن الإنسان - أي ابن آدم - وكان هذا هو الاسم المحبب إليه .. ولقد وصف في هذه الأسفار كذلك بأنه عبد .. ولكن للاسف فإنهم لم يستخدموا هذه الكلمة وإنما استخدموا كلمة مرادفة لها بصورة مستترة .. فنقرأ في إنجيل متى - وهو مشهور بأنه أكثر كتبة الأناجيل استشهادا بأسفار العهد القديم بدعوى أنها تنبؤات سبق القول بها وكان من نتيجة التكالب على هذا العمل أن أصبح العلماء مقتنعون بعد دراساتهم الطويلة أن " متى " أشار إلى تنبؤات ليس لها وجود في أسفار العهد القديم ولا يعلم لها أصل ولكن يهمني هنا أن أبين كيف اصطاد کاتب إنجيل متى نبوءة من العهد القديم .. ولكن عندما أدرجت في العهد الجديد . في إنجيل متى .. فقد حدث فيها تحوير ملحوظ حتى لا يتبينه القارئ العربي ..
ماذا يقول متى؟
إنه يقول في الإصحاح ( 12: 15-21 ) :
" تبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا وأوصاهم أن لا يظهروه ؛ لكي يتم ما قيل بأشعياء النبي القائل : هو ذا فتاي الذي اخترته ، حبيبي الذي سرت به نفسي ، أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق .. لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ، قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق إلى النصرة وعلى اسمه يكون رجاء الأمم"
لكن نبوءة أشعياء - التي اقتبس منها متى أغلب هذه الكلمات – نجدها تقول في ( الإصحاح ( 42: 1-4 ) ما نصه :
" هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته .. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ .. يخرج الحق .. لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته "
*** لكن هؤلاء السادة الذين أؤتمنوا على كتاب الله لم يراعوا تلك الأمانة ذلك أن أول كلمات سفر أشعياء هذه تقول :
" هو ذا عيدي الذي أعضده "
لكنهم نقلوها في أسفار العهد الجديد لتكون :
" هو ذا فتاي الذي اخترته "
لقد عمدوا إلى وضع كلمة « فتی » في أسفار العهد الجديد بدلا من نظيرتها كلمة « عبد » الموجودة في أسفار العهد القديم حتى يبتعد القارئ العربي عن فكرة ان المسيح عبد الله .. ولو أن الاستعمال اللغوي لكلمة « فتی » بالعربية تعني « عبداً» كما في سورة يوسف في قوله :
" وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه ( 30 ) "
وقوله "
" وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها ( 30 ) "
فكلمة الفتي تعني العبد ..
** وإذاً نقرر أن الإنجيل الموجود حاليا يعترف بأن المسيح هو عبد الله ..
كذلك وصف تلاميذ المسيح وعلى رأسهم بطرس ويوحنا المسيح بأنه « فتی الله » أي « عبد الله » .. فقد جاء في ( سفر أعمال الرسل ( 3: 13 ) :
" إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع "
ولو كتبت هذه « مجد عبده يسوع » فإنها تنبه عقل القارئ العربي إلى حقيقة أن المسيح هو عبد الله .
ولو رجعنا إلى الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدس لوجدنا أنها موجودة في سفرأشعياء .. وفي إنجيل متى .. وفي سفر أعمال الرسل بصيغة واحدة لتعطي هذا المعني وهي thy servant .. أي «عبدك » والخلاصة أن المسيح ذكر في أسفار العهد الجديد بأنه عبد الله ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-20-2020, 11:15 PM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
" يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 120) " سورة المائدة
حديثنا ... عن البُشائر أو البُشرَيات التي جاءت في الكتب عن رسول الله .. ولقد قلنا وما زلنا نقول إن هذه الكتب قد عبثت فيها أيدي التحريف وأيدي التبديل .. وأيدي التغيير .. ولكنه على الرغم من هذا كله ما زالت فيها بقايا وما زالت فيها نصوص لا تحتمل التأويل أبدا .. وأنها تنص نصاً قاطعاً على أن المقصود بها إنما هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله سبحانه وتعالى من ذرية إسماعيل عليه السلام .. وأحب أن أقول لكم إن هذه البُشريات على كثرتها لا تمثل في نظر المعتقد المسلم أكثر من واحدة من آلاف الأمارات والدلالات على صدق محمد صلى الله عليه وسلم .. فهي ليست كل شيء في أيدينا نستدل به على صدق الرسول .. إنما هي شيء واحد من أشياء كثيرة لا يحيط بها العد ولا يحصيها الإحصاء .. هذه النبوءات وغيرها هي - كما قلت لكم - إصبع صغيرة تشير إلى الحقيقة الكبيرة وهي أن محمدا صلى الله عليه وسلم إنما هو رسول الله ونبيه الخاتم .. ولو أننا ذهبنا نستعرض الأمارات والدلالات على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا تكفينا الليالي ذوات العدد ويكفي أن تعرفوا أنه أُلف في أمارات ودلائل النبوة كتب ذات مجلدات كثيرة تصل إلى الآلاف عدا .. آلاف المجلدات .. أُلفت في الحجج والبراهين والدلالات على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ..
يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد .. في صراحة متناهية عن لماذا أسلمت ؟ كيف أسلمت ؟ وما هي الأسباب التي دفعتني إلى الإسلام؟ ..
حقيقة القول أنني عندما وصلت إلى الآية الكريمة من القرآن الكريم :
" الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (157) "
قلت لو نظرت إلى أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاء ذكره في التوراة والإنجيل فسأبلغها للناس وأشهد للرسول بأنه خاتم النبيين حقا ويقينا .
نبؤات العهد القديم عن الرسول الخاتم :
يقول .. حديثي إليكم هو حديث إنسان استطاع أن يعرف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .. من خلال التوراة ومن خلال الإنجيل .. فمن التوراة نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عنه الرب لموسى في سفر التثنية ( 18 :18-19) :
" أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي أتكلم به باسمي أنا أطالبه "
إن هذا النص الذي جاء على لسان موسى عليه السلام لنا عليه وقفات بسيطة .. فحينما يقول :
" أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم "
فإن الضمير الغائب المتصل يشكل حقيقة من الحقائق .. لو شاء الرب أن يجعل هذا النبي المنتظر أن يكون من بني إسرائيل لقال :
" أقيم لهم نبيا من وسط إخوتكم "
فيكون الضمير للمخاطب .. أما أن يكون الضمير للغائب فمعنى هذا أن النبوة ارتفعت بسلسلة النسب إلى إبراهيم عليه السلام .. وحينما نلجأ إلى التوراة لنرى من هم أولاد إبراهيم عليه السلام .. تقول التوراة لقد بورك إبراهيم في الأرض التي قيل عنها أرض الميعاد ولم يرزق بعد بولد .. ثم أعطي الولد .. ونرى في سفر التكوين (17: 18-20 ) أن إبراهيم يقول لله سبحانه :
" ليت إسماعيل يعيش أمامك "
يتمنى ان اسماعيل يعيش أمامه ..
فقال الله له - كما يقول العدد 20 من نفس الإصحاح :
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه .. ها أنا أبارکه وأثمره وأكثره كثيراً جدا. اثني عشر رئيسا يلد واجعله أمة كبيرة "
هذا هو الوعد الذي وعده الله لسيدنا إبراهيم عليه السلام كما جاء في سفر التكوين .. وهذا يدل على أن النبي الذي يأتي لا بد أن يأتي من ذرية إبراهيم عليه السلام وهو بتحديد أكثر من ذرية إسماعيل عليه السلام .. لأن الخطاب في تلك النبوءة - كما قلت - موجه للغائب .. إذ لو كان النبي المنتظر من بني إسرائيل فحسب لقيل :
" من إخوتكم "
ثم تأتي عبارة « مثلك » .. إنها تعني النبي المنتظر سيكون مثل موسى عليه السلام .. فلو وضعنا الأنبياء الثلاثة في مقارنة وهم موسى وعيسغŒ ومحمد - نرى أن موسى عليه السلام أوحي إليه بالشريعة .. وسيدنا عيسى عليه السلام ما جاء بشريعة جديدة بل أنه قال بوضوح :
" لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقص بل لأكمل "
أما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقد أنزل الله عليه القرآن الكريم وهو الرسالة الخاتمة والرسالة المهيمنة على كل الرسالات السابقة وبه التشريع الإسلامي الكامل التام ..
ثم يقول :
" وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "
وهنا دليل قاطع ضد المستشرقين الذين يفترون على رسول الله .. أن القرآن من وضعه .. فالله يقول في هذه النبوءة :
" وأجعل كلامي في فمه "
لأن الرسول { ما ينطق عن الهوى } بل كان يتكلم بما يوحي به الله سبحانه وتعالى إليه .. وأكثر من هذا ما جاء في نفس سفر التثنية ( 18: 19 ) :
" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "
** فالويل لمن يكفر بالرسول عليه الصلاة والسلام .. وويل لكل أمة تناوئ هذا النبي الخاتم ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-28-2020, 10:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جبل فاران :
بعد ذلك نتقل إلى نص آخر من نصوص التوراة حيث نجد في سفر التثنية ( 33: 1-2 ) ما يقوله موسى :
" وهذه هي البركة التي بارك بها موسی رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال :
" جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتی من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم "
** فحينما نتأمل فإننا نتأمل أولا الأماكن المقدسة وما تعنيه .. فنجد سيناء هي المكان الأول وسعير هي المكان الثاني وأما المكان الثالث فهو فاران أو جبل فاران .. إن سيناء تشير إلى المكان الذي فيه موسی ..
كلنا يعلم ان موسى عليه السلام كان في برية سيناء وأنه اعتلى جبل سيناء ليتلقى الشريعة من الله سبحانه وتعالى .. كلنا يعرف هذا حق المعرفة ..
" فصعد موسى إلى الجبل فغطى السحاب الجبل وحل مجد الرب على جبل سيناء " (خروج 24: 15- 18 ) ..
وأما سعير فإنها تعني أرض فلسطين التي سكنها عيسو أخو يعقوب أي أخو إسرائيل (تکوین 36: 8 ) :
" فسكن عيسو في جبل سعير .. وعيسو هو أدوم"
والغريب أن التوراة تقضي بأن البكر هو الذي يرث اسم أبيه ويرث ميراث أبيه .. لقد كان عيسو هو البكر وأما يعقوب فكان الابن التالي له .. لكن بأضحوكة صنعها يعقوب مع أبيه إسحق نجده قد سرق حق البكورية من أخيه عيسو وأصبح اسرائيل هو الوارث للبركات الروحية والبركات الزمنية ( تکوین 27 ).
لقد كان عيسو هذا - الذي أسدل عليه ستار كثيف .. يسكن حسبما يقول سفر التكوين ويقول (سفر التكوين 36: 8 ) :
" فسكن عيسو في جبل سعير .. وعيسو هو أدوم"
وكذلك جاء في سفر التكوين ( 32: 2 ) :
" وأرسل يعقوب رسلا قدامه إلى عيسو أخيه إلى أرض سعير بلاد أدوم "
وعلى ذلك تكون سعير هي أرض فلسطين التي وطئتها أقدام الأنبياء من ذرية يعقوب الذي أخذ حق البكورية من أخيه عيسو وكان منهم السيد المسيح ..
*** والآن نأتي إلى أرض فاران .. ما هي أرض فاران .. من العجب العجاب - أيها الإخوة – أن الله سبحانه وتعالى وعد إبراهيم بالأرض من النيل إلى الفرات كما جاء في سفر التكوين ( 15: 18-19 ) :
" في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام میثاق قائلا : لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات .. القينيين والقنزيين والقدمونيين والحثيين والفرزيين والرفائيين والأموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين "
هؤلاء هم شعوب هذه الأرض الذين سیطردهم الله ويسكنها نسل إبراهيم .. إن هذا الوعد الذي أعطى لسيدنا إبراهيم عليه السلام ولم يكن له ولد آنذاك .. ولكن المرأة هي المرأة في كل زمان وفي كل عصر .. تشتاق إلى الأرض وإلى استثمار الأرض .. فجاءت سارة امرأة إبراهيم عليه السلام وكانت عاقراً لم تلد فطلبت من زوجها إبراهيم أن يدخل على سيدة كريمة في بيتها هي هاجر .. لعل الله سبحانه يعطيها نسلاً .. فتزوجها وأنجب منها .. مَن ؟ " إسماعيل " وكان قرة عين لإبراهيم ولهاجر ولسارة أيضا .. وفي هذا يقول سفر التكوين ( 16: 1- 4) :
"وأما ساراي امرأة إبرام فلم تلد له وكانت لها جارية مصرية اسمها هاجر فقالت ساراي لإبرام هو ذا الرب أمسكني عن الولادة ادخل على جاريتي لعلي أرزق منها بنين . فسمع إبرام لقول ساراي فأخذت ساراي امرأة إبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة إبرام في أرض كنعان وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له فدخل على هاجر فحبلت "
*** بهذا أعطي إبراهيم الولد وكان هو إسماعيل الذي سيرث نسله الأرض من النيل إلى الفرات .. بعد ذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى يزيد إبراهيم فيعطيه إسحاق بعد أن بلغ عمر إسماعيل 13 سنة .. وهناك بدأت الغيرة تدب في قلب سارة وبدأت تؤثر ابنها إسحق على إسماعيل وبدأت تطلب من إبراهيم أن يعزل هاجر وابنها عن المشاركة في البيت .. تقول التوراة في سفر التكوين ( 21: 9-13) :
" ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحق . فقبح الكلام جدا في عيني إبراهيم لسبب ابنه فقال الله لإبراهيم لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك . وفي كل ما تقول لك سارة اسمع قولها . لأنه بإسحق يدعي لك نسل . وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك "
من هنا يتبين لنا مقدار قبح الكلام الذي قالته سارة عن إسماعيل وأمه والذي قبح تماما في عيني إبراهيم .. ولكنه اضطر أن يأخذ زوجه هاجر وابنهما إسماعيل ويذهب ليسكنهما في أرض .. كما قال القرآن الكريم على لسان إبراهيم حين دعاه :
" رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (37) " سورة ابراهيم.
وتقول التوراة إن إسماعيل سكن في برية فاران .. إذ يقول سفر التكوين ( 21: 17-21 ) :
" سمع الله صوت الغلام ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة . وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء . فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس . وسكن في برية فاران وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر "
ومن هنا نرى أن الجزء الثالث الذي تكلم عنه موسى عليه السلام إذ قال :
" وتلألأ من جبل فاران "
إنما هو إشارة إلى إسماعيل عليه السلام والنبي الخاتم الذي يأتي من نسله .. والذي تأكدت فيه الوعود الإلهية كما في سفر التكوين ( 21: 13 ) :
" وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك "
وفي سفر التكوين ( 17: 20 ) :
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أبارکه وأثمره وأكثره كثيرة جدا . اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
12-10-2020, 07:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
من تحريفات بولس :
ولكن تمر الأيام ويأتي المسيح مولودا من عذراء ثم يبلغ رسالته ولكن يندس في دعوته أناس ما كانوا على صلة بالمسيح ومن هؤلاء شاول الذي هو بولس .. لقد كان شاول يمثل الحقد الأسود بين المسيحية وبين أتباع محمد الذي يأتي من نسل إسماعيل عليه السلام : إنه يقول في ( رسالة غلاطية ( 4 : 30-31 ) :
" لكن ماذا يقول الكتاب . اطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع إبن الحرة . إذا أيها الإخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة "
** من هنا نرى أن الحرب بين الصليبيين وبين المسلمین سجال من وقت أن کتب بولس رسالته إلى أهل غلاطية .. فهم يعتقدون أنهم من نسل إسحق عليه السلام .. وبهذا النسب إلى إسحق فعلى رأيهم تكون لهم المواعيد ولهم الشريعة ولهم الملك .. ولكن عندما نسير في استقراء النبوات سنرى أن هذا الكلام سيضرب به عرض الحائط "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
12-18-2020, 08:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نبوة حَبقُوق ..
الأذان : « لا إله إلا الله محمد رسول الله »
نأتي بعد موسى عليه السلام إلى حبقوق الذي يقول في سفره ( الإصحاح 3: عدد 3- 4 ) :
" الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران . سلاه . جلاله غطى السموات والأرض . امتلأت من تسبيحه . وكان لمعان كالنور . له يده شعاع وهناك استِتَار قدرته "
إن هذه النبوءة التي قالها حبقوق إنما تشير إلى مكة المكرمة . فقوله « الله جاء من تيمان » تشير إلى بلد في جنوب شرقی تبوك قرب من المدينة المنورة . وقوله « القدوس من جبل فاران » إنما هي إشارة إلى مكة المكرمة ..
وحينما يقول « جلاله غطى السموات » ماذا تعني هذه العبارة ؟
إن المسلم حينما يسمع إلأذان يتابع المؤذن ..إذن هي صيحات الله أكبر التي تتردد في الآفاق في كل الأرض التي يسكنها المسلمون قلوا أو كثروا .. إنها جلال الله الذي يغطي السموات والأرض .. إنها لا يمكن أن تشير إلى كنيس اليهود الذي يستخدم البوق .. ولا تشير إلى كنيسة النصارى التي تستخدم الجرس .. ولكنها تشير إلى مئذنة المسجد حيث يعلوها المؤذن ليشهد أن « لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله » .. وليعلن للناس كافة الله أكبر .. حتى إذا ما أقيمت الصلاة قام المسلمون خاشعين لله يسبحون ويكبرون ويسجدون بجباههم على الأرض تعظيما لله ..
ولا يحدث شيء من هذا لا في كنيس اليهود ولا في كنيسة النصاری .. فلا تمتلئ الأرض بتسبيح الله إلا في صلاة المسلمين .. بل وفي غير صلاتهم فهم دائما أهل التسبيح والتحميد ..
وأما قوله : « وكان لمعان كالنور .. له من يده شعاع وهناك استِتًار قدرته »
فما أعظم وما أمجد أن يرفع القرآن عالياً .. ففيه النعمة وفيه الهداية وفيه البركة وفيه كل الخير .. لقد قال هذا حبقوق النبي ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-02-2021, 07:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نبوة داود ..
الحجر الذي رفضه البناؤون هو صار رأس الزاوية :
ونرجع الآن لسيدنا داود عليه السلام .. داود عليه الصلاة والسلام يتنبأ عن النبي المرفوض .. نجده يقول في المزمور ( 118: 22-23 ) :
" الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية .. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا "
إن هذا يعني أن أنبياء بني إسرائيل على كثرتهم تشير إليهم الحجارة الكثيرة في بناء بيت الرب .. أما الحجر الذي هو رأس الزاوية ويمسك البناء كله فهو وإن كان حجراً واحداً إلا أنه هوالأهم والأعظم أثرا في إقامة البناء وتماسكه .. إنه يشير إلى محمد خاتم النبيين والذي بدونه لا ترتبط النبوات معا ولا يمكن أن تكون لها قيمة تذكر تماما كما أنه بدون ذلك الحجر « رأس الزاوية » لا يكتمل البناء ولا يكون له قيمة .. لقد كان هذا الأمر « من قبل الرب » ربما يقول قائل إن هذا الكلام يشير إلى المسيح عليه السلام .. ولكن المسيح قال موجها كلامه لبني إسرائيل في تنديد شديد كما في إنجيل متی (21 : 42 - 44 ) :
" قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب ( هذا التوجيه لليهود ) الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا .. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منکم ويعطي لأمة تعمل أثماره : ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه "
إن قول المسيح هنا : « لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم » يعني أن النبي الخاتم الذي يرمز إليه هذا الحجر «رأس الزاوية » لن يكون من بني إسرائيل .. وإنما يكون من أمة صالحة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله الواحد الأحد .. إنها أمة العرب المسلمة .. وأما قوله :
" ومن اسقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه "
فإنما يشير إلى قوة الإسلام .. وأن من يعاديه سوف يسحقه الله .. وقد كان هذا مما سجله التاريخ .. حيث استطاعت قلة ضعيفة من العرب المسلمين أن تكتسح أعظم إمبراطوريتين قويتين في زمن ظهور الإسلام - أو هما القوتين العظميين بلغة عصرنا الحاضر - فقد قضى المسلمون الناشئون على الإمبراطورية الفارسية .. كما اقتطعوا من الإمبراطورية الرومانية نصف أملاكها التي كانت أرضا كثيرة الخيرات غنية بالأموال والرجال ..
** إن تنبؤ المسيح بهزيمة أعداء الإسلام هنا يتفق وما سبق أن قاله موسى في سفر التثنية ( 18: 19 ) :
" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "
أي أن الله سبحانه وتعالى سينتقم منه ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-12-2021, 08:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تعبيردَانيَال النبي لحلم نبوخذ نصر ..
وأكثر من هذا نری دانیال الذي كان واحدا من اليهود المسيحيين في أرض بابل .. أنه في أيام الملك نبوخذ نصر الذي هدم الهيكل وأخذ كل ما فيه من توراة وأواني ذهبية وغير ذلك قد حلم حلما لم يستطع أن يفسره سوی دانیال الذي قال للملك كما في سفر دانيال الإصحاح ( 2: 31-36 ) :
" أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم .. هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل .. رأس التمثال من ذهب جيد .. صدره وذراعاه من فضة .. بطنه وفخذاه من نحاس .. ساقاه من حديد .. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف .. کنت تنظر إلى أن قطع حجر بغیر یدین فضرب التمثال على قدميه اللذين من حديد وخزف فسحقهما .. فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معا وصار کعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان .. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيرا وملأ الأرض كلها .. هذا هو الحلم فنخبر بتعبيره قدام الملك "
" أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا وفخرا .. وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعاً .. فأنت هذا الرأس من ذهب وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض .. وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء .. وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث أنك رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين .. وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قويا والبعض قصماً .. وبما رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف .. وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبدا وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد .. لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب الله العظيم قد عّرف الملك ما سيأتي بعد هذا الحلم .. حق وتعبيره يقين " (2: 37-45 )
وبدراسة التاريخ نجد أن أقدم مملكة بعد الفراعنة هي المملكة البابلية وهي رأس من ذهب .. بعد ذلك تأتي المملكة الفارسية وهي من الفضة .. بعد ذلك المملكة المقدونية الإغريقية وهي من النحاس .. بعد ذلك المملكة الرومانية وهي من الحديد .. وهذه الأخيرة انقسمت إلى قسمين كبيرين : الشرقية والغربية .. وبعد ذلك تفتتت إلى ممالك أخرى .. وبعد ذلك قامت دولة الإسلام التي ورثت هذه الممالك العظيمة وهي مملكة خرجت من الصحراء إذ أشير إليها بحجر قد قطع من جبل . وهذا الحجر قد قضى على تلك الممالك إنه الإسلام الباقي إلى الأبد .. إذ يقول دانیال :
" وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبدأ وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفنی كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد " ( 2: 44-45 )
لقد ولد محمد في مكة المكرمة التي تحيطها الجبال من كل جانب .. ثم اختاره الله - سبحانه - نبيا ورسولا فتحقق الوعد فيه لإبراهيم وإسماعيل وتحقق تفسیر دانیال فما هي غير سنوات حتى كان الإسلام هو القوة الظاهرة في العالم .. لم يمتد من النيل إلى الفرات فحسب إنما امتد من الصين شرقا إلى الأندلس غربا .. إنه مهما حاول الحاقدون أن يطمسوا هذه المعالم فلن يستطيعوا أبدأ .. لقد حاولت أنا شخصيا ( ابراهيم خليل أحمد ) لمدة خمسة عشر عاما أن أحارب الإسلام .. ولكن الله سبحانه وتعالى قهرني .. فبدلا من أن أكون عونا لسياسة استعمارية كضالع في الحركة التنصيرية في البلاد إذ بالله سبحانه يهديني إلى الإسلام وصيرني بفضله ونعمته أن أكون داعيا للإسلام على خير وجه إن شاء الله .. فأذود عن الإسلام وعن أرض الإسلام ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-20-2021, 06:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نبوة اشعياء .. المدينة المنورة :
بعد ذلك نذهب إلى سفر أشعياء ( 42: 11-13 ) الذي يقول :
" لترفع البرية ومدنها صوتها .. الديار التي سكنها قيدار .. لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا .. ليعطوا الرب مجدأ ويخبروا بتسبيحه في الجزائر .. الرب كالجبار يخرج . كرجل حروب ينهض غيرته . يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه "
وهنا نرى الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة .. إذ إن سالع جبل من الجبال القريبة من جبل أُحد في المدينة المنورة .. وقوله :
" لتترنم سكان سالع "
إنما كان نبوءة عن استقبال الرسول بالأناشيد والهتاف فرحا بمقدمه إلى المدينة .. وهذا ما حدث فعلا حين استقبله أهل يثرب بإنشادهم .. طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ..
مكة المكرمة :
كذلك نجد في ( سفر أشعياء ( 60: 1-7 ):
" قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك .. لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يُرى فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك .. ارفعي عينيك حواليك وانظري .. قد اجتمعوا كلهم جاءوا إليك .. يأتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الأيدي . حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر ويأتي إليك غنى الأمم . تغطيك كثرة الجمال بکران مدیان وعيفه كلها تأتي من شبا . تحمل ذهبا ولباناً وتبشر بتسابيح الرب . كل غنم قیدار تجتمع إليك . كباش نبايوت تخدمك . تصعد مقبولة على مذبحي وأزين بيت جمالي "
** إن النبوءة هنا تتحدث عن مكة المكرمة فقوله :
" قومي استنيري لأنه قد جاء نورك "
يشير إلى بداية الإشعاع بنور الإسلام .. بنور التوحيد بــ لا إله الا الله .. يبدأ من مكة المكرمة .. وقوله :
" ها هي الظلمة تغطي الأرض "
إنما يعني الشرك الذي كان في بلاد العرب .. والمجوسية التي كانت في أرض فارس .. والوثنية الهندية في بلاد الهند .. والضلال والشرك الذي لحق بالنصرانية في بلاد الروم ..ومستعمراتها .. لقد كان الظلام الدامس يغطي الأمم فعلا .. ولكن وسط هذا الظلام الدامس يبدأ نور الإسلام في الظهور من مكة المكرمة .. وقوله :
" فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك "
يعني أن العالم كله سوف يسمع صوت الحق وتسير الأمم والملوك إليك .. إن بلاد العرب أرض قاحلة لا زرع فيها ولا ماء .. ولكن الله سبحانه سوف يجعل ثروة الأمم تتدفق عليها استجابة دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام التي يقول فيها :
" رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) " سورة ابراهيم .
لهذا جاءت ثروات الأمم لتدفق على مكة المكرمة وعلى بلاد العرب ..
وفي قوله :
" تغطيك كثرة الجمال "
إشارة قوية إلى أن المراد هو بلاد العرب ثم عاصمتها مكة المكرمة التي يفد إليها الحجاج من كل حدب وصوب ووسيلتهم إليها هي الجمال .. لأن الأرض الصحراوية لا يقدر على السير فيها سوى الجمال .. ثم هو يتحدث هنا عن نبایوت و قیدار وغيرهم .. وهم من أولاد إسماعيل عليه السلام حسبما جاء في سفر التكوين ( 20: 12-18) :
" وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب موالديهم : نبايوت بكر اسماعيل وقيدار .. "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-03-2021, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بالإضافة إلى ما قاله الأستاذ إبراهيم خليل أحمد نجد أنه يكفينا التركيز على سفرين فقط : الأول من أسفار العهد القديم وهو سفر أشعياء الإصحاح ( 42 ) الذي تحدث عنه الأستاذ إبراهيم خليل .. ثم الثاني من أسفار العهد الجديد وهو إنجيل يوحنا وما انفرد به دون بقية الأناجيل الأخرى من الحديث عن :
" المعزى روح الحق "
وهذا شيء مختلف عن روح القدس .. فلقد أثبت يوحنا في رسائله أن « روح الحق » إنما هو « إنسان مؤمن » .. وفي الواقع نجد أن سفر أشعياء إصحاح ( 42 ) إنما هو وثيقة تتحدى كل من لا يؤمن بمحمد .. ذلك أن وصف هذا النبي وقومه خصائصهم وحالهم قبل مجيئه .. ثم حالهم بعد ظهوره بينهم .. كل ذلك يقود كل من يقرأ هذا الإصحاح مخلصا مع نفسه إلى التسليم بأن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على محمد بن عبد الله .. ماذا يقول هذا الإصحاح (42) من سفر أشعياء ؟
حين نقسمه إلى فقرات تتكون كل منها من مجموعة أسطر أو كلمات متناسقة تجمع معاً لتعطي معنی متکاملا نجد الآتي :
1- تتحدث الفقرة الأولى عن نبي اشتهر بأنه عبد الله ورسوله فهي تقول :
" هو ذا عبدي الذي أعضده . مختاري الذي سرت به نفسي . وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم " ( 42: 1)
2 - وتبين الفقرة الثانية أن الدين يسود وتكتمل الشريعة التي جاء بها في عهده هو وليس من بعده .. ومن الواضح - وهذا ما يعلمه كل علماء المسيحية - أن المسيحية المعاصرة لم تكتمل في حياة المسيح .. فقد دخل عليها الكثير من عمل التلاميذ وعمل رجال الكنيسة وعمل بولس .. لكن النبي الذي تتحدث عنه نبوءة أشعياء تؤكد اكتمال الشريعة في عهده .. ويكتمل الدين في وجوده بحيث لا تستطيع الأجيال اللاحقة أن تقوم بعمليات حذف أو إضافة إلى ما جاء به هذا النبي .. فما عليها إلا التطبيق .. إن هذا ما يقوله السفر :
" لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض .. وتنتظر الجزائر شریعته " ( 42: 4 )
*** إنه يبين لنا أن لهذا النبي شريعة .. بينما المعلوم أن المسيح ليس له شريعة .. لكنه جاء بمجموعة من الأخلاق يحافظ من خلالها على شريعة موسى ويدعو المؤمنين به لتطبيقها .. فقد كان آخر وصاياه قوله في إنجيل متى ( 23: 1-3 ) :
" على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون "
3 - وتبين الفقرة الثالثة أن الله يعصمه من الناس حتى يكمل رسالته .. أي إنه لن يموت ولن يقتل حتى يكتمل الدين .. إنها تقول :
" أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم " ( 42: 6 )
ومن الواضح أن هذا لا يمكن تطبيقه على المسيح .. فقد كل وانكسر سریعاً إذ أن الأناجيل تزعم أنه قتل بعد فترة وجيزة من بدء دعوته اختلف في تقديرها المسيحيون بين عام ونصف العام أو قد تزيد إلى نحو ثلاثة أعوام فقط .. إن حفظ الله لنبيه هذا من بطش الناس والذي تحدث عنه أشعياء هنا قد جاء في القرآن الكريم في سورة المائدة :
" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (67) "
لقد قضى الله - سبحانه - بعصمة نبيه محمد من الناس .. ولما نزلت هذه الآية وكان له حرس يحرسه من كيد الكافرين فصرفهم النبي وقال :
« أيها الناس انصرفوا عنا .. فقد حرسنا الله »
- 4 - وتبين الفقرة الرابعة أن هذا النبي يأتي من نسل إسماعیل بن إبراهيم .. فهي تقول :
" الترفع البرية ومدنها صوتها .. الديار التي سكنها قیدار . لتترنم سکان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا " ( 42: 11 )
وقيدار هذا هو الابن الثاني لإسماعيل .. كما في ( سفر التكوين 25 : 13 ) :
" وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب موالديهم : نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام "
5- ثم هناك علامة بارزة تفرق بين هذا النبي وأي نبي آخر .. قد يقال أنها تتنبأ عنه كالمسيح أو غيره .. فهي تبين بوضوح أن أعداءه المنهزمين كانوا عبدة أصنام وأصحاب أوثان .. واليهود الذين ظهر فيهم المسيح ما كانوا عبدة أصنام .. لقد كانوا يؤمنون بالإله الواحد الحي الذي لا يموت .. إنها تقول :
" يخزي خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات أنتن آلهتنا " ( 42: 17 )
6 - وتبين الفقرة السادسة أن هذا النبي رجل حرب .. ونجد في أسفار موسى أن رجل الحرب صفة من صفات الله سبحانه وتعالى .. فهذا ما قاله موسى في سفر الخروج ( 15: 3 ) :
" الرب رجل الحرب الرب اسمه "
إن الحرب ليست بالأمر الهين .. فهي تحمل للمقاتل الكثير من الآلام البدنية والنفسية .. ولكن تكفي التذكرة بما قاله الشاعر العربي في شطر بيته « والجود بالنفس أسمى غاية الجود » لأن ذلك الذي يتكئ على أريكته أو تحت الظلال الوارفة ثم ينقد أهل الجهاد الحق .. كم يساوي هو .. أو ماذا قدم برهانا عملياً لعقيدته ؟ .. لقد كان موسى رجل حرب .. فلقد أعد قواته للحرب وقاد بني إسرائيل في المعارك حيث انتصر في بعضها وانهزم في البعض الآخر . إن هذا ليس عيبا على الإطلاق إذ إنه من صفات أولي العزم من الأنبياء .. يصف أشعياء هذا النبي بأنه رجل حرب ومقدام شجاع ينتصر على أعدائه .. إن هذه الفقرة تقول :
" الرب كالجبار يخرج . كرجل حروب ينهض غيرته. يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه "
*** إن هذه كلها صفات محمد بن عبد الله ..
7 - وماذا في دين هذا النبي ؟
إن هذه الفقرة تبين أن في دينه هتاف من رؤوس الجبال وتسبيح وتكبير ومؤتمر عالمي يعقد سنوية .. والإسلام هو الدين الوحيد الذي يحدث فيه هذا .. إذ يجتمع كل الحجيج من ملوك وشعوب ومن مختلف البيئات والأعمار .. لا يجتمعون في القصور وإنما في رؤوس الجبال .. إن هذه الفقرة تقول :
" من رؤوس الجبال ليهتفوا ، ليعطوا الرب مجدأ ويخبروا بتسبيحه في الجزائر" ( 42: 11 )
*** إن هذا ما يحدث في الإسلام فقط وذلك في ركنه الخامس وهو الحج ..
8- تبين هذه الفقرة أن الشعب الذي ظهر فيه هذا النبي كان ضعيفاً جدا .. وكان طعمة لكل آكل .. لقد كان معروفاً حال العرب قبل الإسلام .. فقد كانت الحدود الشمالية الغربية نهبا للروم .. كما كانت الحدود الشمالية الشرقية نهبا للفرس ولنر كيف وصف السفر هذا الشعب .. إنه يقول :
" شعب منهوب ومسلوب .. قد اصطيد في الحفر كله .. وفي بيوت الحبوس اختبأوا .. صاروا نهبا ولا منقذ .. وسلبأ وليس من يقول رد "
9- ولكن بعد أن جاءهم هذا النبي وظهر فيهم هذا الدين .. تحول العُمي إلى مبصرين .. والمرضى إلى أصحاء .. فانطلقوا في العالم حتى خضع لهم العالم .. إن هذه الفقرة تقول :
" لتفتح عيون العُمي .. لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة .. وأسير العُمي في طرق لم يعرفوها .. في مسالك لم يدروها أمشيهم .. أجعل الظلمة أمامهم نوراً .. والمعوجات مستقيمة .. هذه الأمور أفعلها ولا أتركهم "
من كان يجرؤ حين ينظر إلى خريطة العالم في القرن السابع الميلادي ثم يقول إن من هذه الجزيرة يخرج قوم يسودون العالم ويكتسحونه .. كما سبق أن قرر ذلك الوزير البريطاني السابق انتوني فاتنج حين قال :
" إن ما حدث في الإسلام ليس له مثيل في تاريخ العالم .. فلقد كان متوسط مساحة الأرض التي يفتحها الإسلام نحو 250 كيلو مترا مربعا يوميا على مدى سبعين عاما .. لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على هذا النحو الخارق لكل تجارب البشر .. وهي تفوق الواجب اليومي لأي جیش من جيوش العالم حديثة التنظيم والتسليح ..
10- بعد ذلك يختتم السفر نبوءته بأنه نبي البر الذي يعظم شريعة الله ويكرمها .. وهذا ما عرف عن محمد عليه الصلاة والسلام الذي شمل بره الحيوانات والضعفاء من الأطفال واليتامى والنساء والأرامل .. لقد كان يحترم النفس البشرية مهما كانت .. ويكفي التذكرة بقصة ذلك اليهودي الذي مرت جنازته فوقف رسول الله احتراما لها .. ولما قال صحابته : یا رسول الله إنها ليهودي قال الرسول : أليست نفسا .. لقد استكثر صحابة النبي أن يقوم احتراما ليهودي ميت وذلك بسبب العداوة الشديدة والأذى الذي ألحقه اليهود بمحمد عليه الصلاة والسلام وصحبه ورسالته .. فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن ارتقى بهم إلى مستوى عال من الخلق الكريم الذي قال عنه :
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ..
إنني كمسلم أؤمن بالمسيح إيمانا كاملا وفق التعاليم القرآنية .. وإنه - كما يقول الإنجيل - نبي الله وإنه رسول الله وإنه العبد الصالح ولا شيء أكثر من هذا.. ولكن السادة الذين كتبوا الأناجيل وضعوا فيها ثغرات أصبح علماء المسيحية يهاجمون المسيح ذاته من خلالها .. فهذا ويلز الأستاذ بجامعة لندن يقول في كتابه :
« يسوع المسيحيين الأوائل »
إن المسيح نادي بالمحبة المثالية فقال :
لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخرأيضا .. أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ... من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع . ومن قال أحمق يكون مستوجب دار جهنم .. إلى آخر هذه الأقوال ..
ولكن من الملاحظ أنه على الرغم من هذه التعاليم فإن المسيح لا يترك فرصة للتنديد بخصومه وأعدائه من اليهود وشتمهم والقذف بهم في جهنم إلا اغتنمها .. أليس هو القائل :
" ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون .. أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم "
لكن المعروف عن النبي محمد أنه كان نبي العفو والبر وخاصة في موقع القدرة .. فحين دخل مكة منتصراً في أكثر من عشرة آلاف مقاتل وتوقع القرشيون أنه سينزل بهم الضرب والتقتيل .. لكنه عفا عنهم .. لقد قال لهم؟
" ما تظنون أني فاعل بكم .. قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم . قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء "
لنقارن هذا الموقف المشرف من مواقف التاريخ الإسلامي على عهد محمد بما كان يحدث على عهد موسي ووفق شريعته التي استمسك بها المسيح والتي تأمر بقتل الشعوب المغلوبة وحرق مساكنهم بما فيها من أطفال ونساء وحتی البهائم العجماء يلحقها هذا البلاء فيحرم عليهم جميعا حق الحياة. يقول سفر التثنية ( 20: 10-17 ) :
" حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك . وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها . وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف . وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك . هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا . وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما. بل تحرمها تحريمة الحثيين والأموريين والكنعانيين والفزريين والحويين واليبوسيين كما أمرك الرب إلهك "
** والآن إذا قال قائل إن هذه النبوءة جاءت في نبي آخر غير محمد نقول له :
بيننا وبينك الإنجيل .لقد ظهر في بني إسرائيل أنبياء كثيرون بعد أشعياء وتتابعوا حتى جاء المسيح فنجد أن إنجيل متى حاول تحقيق هذه النبوءة في المسيح كما رأينا ذلك بالأمس - وكما يقول في ( الإصحاح 12 ) من إنجيله ..
ونحن كمسلمين نقول لهذا القائل ومن على شاكلته من المسيحيين : بورکت لكم هذه النبوءة التي تعتقدون أنها تختص بالمسيح بشرط أن تأخذوها جميعا ولا تقطعونها نتفاً وجزئیات .. إن أول كلمات هذه النبوءة تقول :
" هو ذا عبدي - الذي أعضده . مختاري الذي سرت به نفسي . وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم "
فإذا آمنتم بأن المسيح هو حقا عبد الله ورسوله وأن الله أيده بالروح .. فنحن كمسلمين نوافقكم على ذلك .. ففي هذه الحالة يتفق المسلمون والمسيحيون على أن المسيح ما هو ..
" إلا رسول قد خلت من قبله الرسل (144) " آل عمران
وبذلك ينتهي أيضا الخلاف الرهيب بين الطوائف المسيحية ذاتها ..
*** لكن الحقيقة تقول إن بقية نبوءة أشعياء في ( الإصحاح 42 ) لا يمكن تطبيقها على المسيح بأي حال من الأحوال .. فما كان الشعب اليهودي الذي ظهر فيه المسيح شعبا وثنياً .. وما كان المسيح رجل حرب ... إلخ .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-16-2021, 07:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نبوات المسيح ..
المعزي :
إن ما يجب أن أعول عليه كل التعويل - فضلا عن النبوءات التي جاءت في العهد القديم - هو ما قاله السيد المسيح .. فنجد في إنجيل یوحنا ( 14: 16-17 ) :
" أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر لیمکث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه . وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم "
وحين نذهب إلى العهد القديم نجد أن الله هو إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب .. ما اسم الله عندهم ؟ إنه : يهوه .. لقد صوروه على أنه إله دموي يظهر في ظواهر طبيعية ورعود وبرق ونيران .. إله يحارب ويدمر ويحرق بالنيران .. هذا هو الإله الذي عرفه بنو إسرائيل إلى أن ظهر المسيح عليه السلام .. لقد أرد المسيح أن يخفف من هذه الصفات التي نسبوها لله سبحانه وتعالى .. وكان اليهود أناسا ماديين لم يرقوا بعد إلى الروحانية .. فشاء أن يعبر لهم عن الإله الرحمن الرحيم بقوله :
" قولوا أبانا الذي في السموات "
فرمز إلى الله بالآب على اعتبار أن الوالد كله حنان واشفاق ورعاية لأولاده ولمن يرعاهم .. ونجد في إنجيل یوحنا ( 14: 25-26 ) :
" بهذا كلمتكم وأنا عندكم أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم "
كذلك نجد في إنجيل يوحنا ( 15: 26-27 ) :
" ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء "
وفي إنجيل يوحنا ( 16: 7-11 ) :
" لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق . لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي . ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة .. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على بر فلاني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا . وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دین "
وكذلك في إنجيل یوحنا ( 16: 12-14 ) :
" إن لي أمور كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم "
روح الحق:
إن كل هذه النصوص تأتي من إنجيل يوحنا .. ولنتناول الآن النص الأخير من عدد 12 إلى عدد 14 من ( الإصحاح 16) فنرى أولاً أن التلاميذ ليسوا على المستوى المطلوب لحمل مسؤولية الدعوة .. وجاءت وقت التجربة فالتلاميذ هربوا كلهم .. إنه يقول :
" إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن "
وذلك بالإضافة إلى قوله في إنجيل يوحنا ( 16 : 32 ) :
" هو ذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركوني وحدي "
من هذا نرى أن النبي الذي يأتي بعد المسيح قد وصفه بأنه روح الحق .. كما جاء في يوحنا (16: 13) ومسؤوليته أن يرشدهم - أي سیرشد المسيحيين - إلى جميع الحق ..
كذلك نجد المسيح عليه السلام يضع أصابعه في عيون المستشرقين الذين كفروا بنبوة محمد .. فيقول :
" لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية "
وهذا ما تحقق في الرسول عليه الصلاة والسلام الذي تلقى الوحي عن الروح القدس جبريل عليه السلام وهذا ما يقوله القرآن الكريم :
" وما ينطق عن الهوى (2) إن هو إلا وحي يوحى (3) " سورة النجم
وأما قوله :
" ويخبركم بأمور آتية "
فهذا يشير إلى عظمة الإسلام وعلو مصدره .. إننا لو تصفحنا الإصحاحين الأول والثاني من سفر التكوين .. ثم نرجع إلى القرآن الكريم وهو يحدثنا عن الإعجاز العلمي الذي ما كان يستطيعه ذلك النبي الأمي الذي عاش في بيئة أمية في القرن السابع الميلادي .. بل ما كان يستطيعه أساطين العلم والحكمة من مختلف الأمم الراقية في ذلك الزمان .. لأدركنا شيئا من عظمة القرآن الكريم .. لنقرأ ما يقوله القرآن الكريم عن كيفية خلق الإنسان في بطن أمه ومراحله المختلفة التي يمر بها كما تقول سورة المؤمنون :
" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "
إن هذه الأطوار التي يتقلب فيها الإنسان في بطن أمه هي ما حققه العلم الحديث .. وهي واحدة من البراهين على صدق هذا النبي الأمي ..
ونجد في إنجيل يوحنا ( 15: 26) :
" ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-27-2021, 09:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الاستاذ ابراهيم خليل أحمد ..
لقد درست - ولله الحمد - اللغة اليونانية وذلك لمعرفة حقيقة العهد الجديد .. وكذلك درست اللغة العبرية لمعرفة حقيقة العهد القديم ..
فنجد في اللغة اليونانية أن كلمة ( المعزى ) المذكورة في إنجيل يوحنا هي باللغة اليونانية ( بارقليط ) وهذه الكلمة لها أربع معان هي : المُعزي - المحمد - المحمود – الماحي .. لقد استعمل كتبة الأناجيل كلمة المُعزي .. لماذا ؟ إنهم يمكرون ..
" ويمكر الله ، والله خير الماكرين "
ليكن ما كتبوه وهي كلمة المعزي .. لكنها تعني في الحقيقة : المواسي .. إن معنى هذا أن المسيح يقول إن الأتي بعدي سيكون معزياً للقلة المؤمنة لأن العقيدة قد انحرفت من الطريق السوي إلى طرق مختلفة .. فكأن المعزي هو المواسي .. ولسوف نرى من خلال حديثي عن المجامع كيف ظهرت هذه المسألة .. إن المعزي الذي جاء بعد المسيح جاء ليواسي أهل التوحيد الذين يقولون لا إله إلا الله ومنهم آریوس ..
ولو استخدم كتبة الأناجيل - بدل كلمة المعزي - كلمة المحمد أو المحمود لكان هذا اعترافا صریحا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم .. ولو استخدموا كلمة الماحي لكان ذلك اعترافا صريحا أيضا بصدق نبوة محمد .. لماذا ؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول :
" لي خمسة أسماء : أنا محمد .. وأنا أحمد .. وأنا العاقب .. وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر .. وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمه " ( البخاري في المناقب 4 / 162 )
إن القرآن الكريم يقول في سورة الأعراف :
" الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ (157) "
حين مارست التبشير بين المسلمين .. والحق أقول لكم إني فعلت هذا في سابق عهدي قبل أن يهديني الله إلى الإسلام .. فقد كنت أتودد إلى المسلمين وأتقرب إليهم وأقول لهم إن القرآن الكريم يبين أن النصارى أهل مودة وأنهم أهل رأفة وأهل رحمة .. فلقد قال القرآن الكريم في سورة المائدة :
" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) " سورة المائدة .
إن أي إنسان مسلم واع سيقول : يا أخي .. أنت لا تزال على نصرانيتك وتتكلم هكذا .. يبدو أنك تلعب بالألفاظ .. هل تؤمن حقا بالقرآن ؟
إن القرآن الكريم قال :
" ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذین قالوا إنا نصاری "
هو ذاته القرآن الذي قال :
" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مریم "
قالها مرتين في الآيتين ( 17 و 72 ) من سورة المائدة .
أضف إلى هذا شيئا هاما لا يتنبه إليه الكثيرون من المسلمين وهو أن القرآن قد تحدث عن قرينة المودة ولم يتحدث إطلاقا عن قرينة العقيدة .. وفرق كبير بين هذا وذاك ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
03-19-2021, 08:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المجامع المسكونية
إن نظرة تاريخية سريعة على القرون الأولى للمسيحية ترينا أن النصرانية كانت بين شقي الرحی .. بین اضطهاد اليهود واضطهاد الوثنية الرومانية .. وفي سنة 325 م .. كانت القسطنطينية قاعدة الدولة الرومانية الشرقية ولما كان أغلب رعايا الإمبراطور قسطنطين من المسيحيين .. وكان أغلب الوثنيين في حوزة روما في الغرب .. فلكي يقوي مركزه فإنه قرب المسيحيين إليه .. ولكن لما كانوا هم أنفسهم مختلفين حول المسيح فقد دعاهم إلى عقد مجمع لحسم هذه الخلافات العقائدية التي كان لها أثرها على إشاعة عدم الاستقرار في إمبراطوريته .. لذلك عقد مجمع نيقية سنة 325 م ..
وقد حضره 2048 أسقفا من جميع أنحاء العالم وذلك لتحديد من هو المسيح .. وقول کتاب ( تاریخ الكنيسة ) لمؤلفه هيستنج إن المجتمعين تناظروا معا وكان بينهم آريوس واحد من العلماء .. وقد قال إن المسيح عليه السلام رسول الله ونبي الله هو إنسان وعبد من عباد الله .. وقد تبع آريوس/ 1731 من الأساقفة المجتمعين .. ولكن اثناسيوس الذي كان أصلا شماساً بكنيسة الإسكندرية انتهز هذه الفرصة فأراد أن يتقرب إلى قسطنطين الوثني وأعلن أن المسيح هو الإله المتجسد .. لقد اتبع اثناسيوس 317 عضواً فقط من أعضاء المجمع .. وبعد أن استعرض قسطنطين الآراء .. وكان لا يزال على وثنيته فإنه مال إلى رأي اثناسيوس لما فيه من عقيدة وثنية تؤمن بتجسيد الألهة ونزولها من السماء .. فأقر مقالة اثناسيوس وطرد الأساقفة الموحدين وعلى رأسهم آریوس ..
*** وأخطر من هذا أنه قضى بحبس الكتاب المقدس سنة 325 م .. فلا يسمح بتداوله بين الناس وأن يقتصر تعليم الدين على ما يقوم القساوسة بتلقينه للناس ... أي ان تعليم الدين تلقاه الشعب من أفواه القساوسة ..
*** ومن عجب أن استمرت هذه البدعة الخطيرة سائدة في النصرانية ولم يخرج الكتاب المقدس من حبسه إلا في عام 1516م .. على أيام لوثريوس .. ذلك ما كان من أمر مجمع نيقية الذي كانت أخطر قراراته هي تأليه المسيح ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
04-04-2021, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لي تعقيب بسيط على قضية البشارات والتي أرجو أن ننتبه لها جيداً .. وهي في ثلاثة نصوص ..
لقد ورد في إنجيل لوقا ( 2: 14 ) .. قوله عن تسبيح الملائكة :
" المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة "
كذلك ورد في سفر التكوين ( 17: 20 ) :
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه .. هأنا أبارکه وأثمره وأكثره كثيراً جدا اثني عشر رئيسا يلد واجعله أمة كبيرة "
كذلك ورد في إنجيل متی ( 11: 13-14 ) :
" لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا .. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي "
ولنذهب الآن لدراسة النص الأول .. ولسوف أنقل هنا تعليقا عليه لأحد المسيحيين الذين أسلموا وهو عبد الأحد داود الذي كان مطراناً للموصل .. لقد قدم سيادته بحثا لغويا استنبط منه أن ميلاد المسيح كان بشارة بميلاد محمد .. وأورد من إنجيل لوقا ما يدل على ذلك : فقد جاء في إنجيل لوقا أنه عند مولد المسيح ظهر جمهور من الجنود السماوية للرعاة السوريين وأخذ هؤلاء الأملاك يترنمون بالنشيد الآتي :
" المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة "
وهذا هو النص الموجود في الترجمة العربية كثيرة الانتشار ..
أما النص في الترجمة التي قامت بها جمعية التوراة " Bible Society " فهو :
" الحمد لله في الأعالي .. على الأرض سلامة .. وفي الناس حسن رضی "
ويقول السيد عبد الأحد : إن هؤلاء الأملاك لم يتكلموا باللغة العربية ولو تكلموها ما فهم هؤلاء السوريون .. ولم يتكلموا كذلك بلغة غير لغة هؤلاء الرعاة .. لأن طبيعة الرعاة ألا يعرفوا لغات أجنبية لقلة ثقافتهم .. وإذا كانت الأنشودة باللغة السوريانية لغة الرعاة .. فما هي كلمات الأنشودة بهذه اللغة وما ترجمتها الحقيقية وبخاصة الكلمتين : السلام أو سلامة .. والمسرة أو حسن الرضى ؟ وقبل أن يجيب سيادته على هذا السؤال يؤكد تاکيداً قاطعاً أن ترجمة الكلمتين السوريانيتين : السلام أو سلامة .. والمسرة أو حسن الرضى .. إنما هي ترجمة خاطئة ..
ويتساءل ما معنى ( على الأرض السلام أو سلامة ) .. وأي سلام شهدته الأرض منذ خلقها ؟ .. وقد دنسها أحد ابني آدم حين قتل أخاه في مطلع البشرية .. واستمر بعض أولاد آدم يقتلون إخوتهم دون توقف حتى العهد الحاضر .. وأصبح طبيعياً للنوع البشري أن يعيش عيشة تكاد تكون مستمرة بين الفجائع الوخيمة والاختلافات والحروب التي جُبِلت عليها الطبيعة البشرية ..
وأن ما يقال في هذه الجملة يقال كذلك في الجملة الأخرى : " وبالناس في المسرة " أو " وفي الناس حسن الرضى " .. فأين المسرة التي رآها الناس ..
وما قيمتها إذا قيست بالدموع والعرق والكفاح والآلام التي يعانيها الجنس البشري ؟ وأين حسن الرضى الذي أظهروه والأطماع لا تحد والكفاح لا يلين ؟.
ومما يؤيد بطلان هذه الترجمة أن تولستوي المفكر الروسي الشهير کتب مؤلفاً عن الأناجيل الأربعة ورتب من الأربعة أناجيل إنجيلا واحداً رابطاً جمل الآيات المفيدة على زعمه بعضها ببعض. ولم يثبت تولستوي هذه الآية في إنجيله الشامل زاعما أنها من الآيات المحرفة التافهة ومن لغو القول .
وبعد هذا يورد السيد عبد الأحد الكلمتين الأصليتين وهما :
" ایريني - وأيادوكيا "
ويوضح ببحث لغوي طويل أن " إيريني " معناها الإسلام .. وأن " أيادوكيا " معناها أفعل تفضيل من الحمد أي أكثر الحمد أوأحمد .. والمعنى العام كما يراه هو :
" الحمد لله في الأعالي .. أوشك أن يجيئ الإسلام في الأرض . يقدمه للناس أحمد "
ويؤكد مرة أخرى أنه لو كان المقصود سلام بمعنى الأمن وعدم الحرب لاستعملت كلمة " شلم " السوريانية أو " شالوم " العبرانية .
وأما بخصوص النصين الآخرين فسوف نجري عملية حسابية بسيطة تتعلق بما يعرف باسم ( حساب الجمل ) وهو حساب عرفه علماء بني إسرائيل واستخدموه في تفسيراتهم للتنبؤات .. فهذه هي الحروف وما يقابلها من أعداد :
أ ب ج د .......... هـ و ز ......... ح ط ی
1 2 3 4 ........ 5 6 7 ......... 8 9 10
بعد العشرة يضاعف العدد عشرة ..
ك ل م ن ..... س ع ف ص ق
20 30 40 50 .... 60 70 80 90 100
بعد المئة تضاعف
ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ
200 300 400 500 600 700 800 900 1000
ولنرجع الآن للنص الثاني من النصوص الثلاثة السابقة وهو الذي يقول فيه الرب لإبراهيم :
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه . هأنا أبارکه وأثمره وأكثره كثيراً جداً. اثنا عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة "
إن كلمتي " كثيراً جدا "
تقابلها في اللغة العبرية « بَمَاد مَاد » .. وكذلك كلمتي «أمة كبيرة » تقابلها في اللغة العبرية « لَجَوي أو جَدَول » وبحساب القيمة العددية للكلمتين العبريتين « بَمَاد مَاد » نجدها كالآتي :
ب م أ د م ا د
2+ 40 + 1 + 4 + 40+ 1 + 4 = 92
وكذلك بحساب القيمة العددية للكلمتين العبريتين « لَجَوي أو جَدَول » نجدها كالآتي :
ل ج و ي ج د و ل
30 + 3 + 6 + 10 + 3 + 4 + 6 + 30 = 92
والآن نحسب القيمة العددية لكلمة " محمد " فنجدها كالآتي :
م ح م د
40 + 8 + 40 + 4 = 92
إن هذا يبين وفق حسابات علماء بني إسرائيل في استخراج النبوءات .. أن بركة إسماعيل التي وعد الله بها إبراهيم ستظهر في شخص محمد ..
بعد ذلك نذهب لدراسة النص الثالث الذي أورده إنجيل متى في قوله على لسان المسيح :
" لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا . وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيلياء المزمع أن يأتي "
وبحساب القيمة العددية لكلمة " إيلياء " نجدها كالآتي :
أ ي ل ي ا ء
1 + 10 + 30 + 10 + 1 + 1 = 53
ثم بحساب القيمة العددية لكلمة " أحمد " نجدها كالآتي :
أ ح م د
1 + 8 + 40 + 4 = 53
إن هذا يبين مرة آخرى أن النبي الذي أعلن المسيح مجيئه من بعده – كما تبينها عبارته عن المستقيل بقوله : « المزمع أن يأتي » – انما هو " أحمد " ..
وصدق الله العظيم إذ يقول القرآن الكريم في سورة الصف :
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) " سورة الصف.
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
04-18-2021, 11:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نأتي بعد ذلك إلى الآية الكريمة رقم 73 من سورة المائدة والتي تقول :
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ "
هذا كلام الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم .. يكلم من .. يكلم الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة .. الرسول صلى الله عليه وسلم ابتعث سنة 610 م ..
لقد حدث في مجمع القسطنطينية سنة 381 م .. أن قال مقدونيوس إن الروح القدس ليس بإله بل إنه رسول من رسل الله .. وقد شاع هذا بین المسيحيين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية فلم يجدوا فيها بدعة ولا منكراً .. إلا أن الحاقدين أوعزوا إلى الملك أن يأمر بعقد مجمع .. فعقد مجمع القسطنطينية سنة 381 .. وقد حضره 150 أسقفا .. علما بأن مجمع نيقية الذي عقد سنة 320 م قد حضره 2048 أسقفا .. لقد كان عدد الحاضرين في مجمع القسطنطينية صغيراً جدا إذا قورن بمجمع نيقية .. وقد كانت حصيلة هذا المجمع الصغير أن الروح القدس هو إله من جوهر الله .. إن القرآن الكريم يقول في سورة النساء :
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) "
إن التثليث في حقيقته ليس إلا فلسفة ظهرت في مدينة الإسكندرية قبل ظهور المسيح عيسى بن مريم .. إذ كانت الفلسفة الأفلوطينية الحديثة تقرر أن المسيطر والمهيمن على العالم ثلاث قوى هي : العقل - اللوجوس - الروح .. ومن هذه الفلسفة جاءت إضافة في إنجيل متی ( 28: 19 ) :
" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس "
ونجد في هامش الكتاب المقدس توضيحاً يقول :
« لم تكن هذه العبارة موجودة في النسخة الأصلية اليونانية »
** ومما يؤكد أن هذه الإضافة مستحدثة قول المسيح لتلاميذه كما جاء في إنجيل (متی 10: 5-7 ) :
" هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاه قائلا : إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا . بل اذهبوا بالحريِّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة . وفيما أنتم ذاهبون اکروزا قائلين إنه قد اقترب ملكوت السموات "
*** لقد حصر المسيح رسالة تلاميذه في بني إسرائيل .. وهو نفسه قد حصر رسالته في بني اسرائيل إذ قال في إنجيل متی ( 15: 24 ) :
" أجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة "
هذا .. وحين نستخدم العقل لمناقشة مشكلة التثليث نقول إنه لو وجد في ذات الله ثلاثة أقانيم ممتازة حقيقية كما يزعمون لكان الله مركباً .. ولما كان المعروف بداهة أن كل مرکب مفتقر إلى غيره فمعنى ذلك أن يكون الله محتاجاً .. وهذا باطل .. ولو كان الاتحاد بین لاهوت الله وناسوته حقيقياً كما يعتقدون لكان أقنوم الابن محدوداً .. وكل ما يكون قابلا للزيادة أو النقصان محدث والمحدث لا يمكن أن يكون إلهاً لأن الله أزلي وليس بحديث ..
هذا فضلا عن ان التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي ضدان تماماً .. لا يمكن اجتماعهما في أحد .. في شخص واحد من جهة واحدة ..
إن القرآن يقول .. وقول الله هو الحق .. كما جاء في سورة الأنبياء :
" لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) "
** تألیه مريم :
وننتقل الآن إلى شبهة أخرى من الشبهات التي دخلت على الكنيسة وهي شبهة تألیه مريم العذراء .. لقد كان أسقفاً يدعی نسطور كان بطريك القسطنطينية وقد قال : إن السيدة مريم العذراء إنما هي أم الإنسان يسوع المسيح وحاشا لها أن تكون أم الإله .. وإن المسيح ذاته لم يكن إلهاً وإنما كان إنساناً ملهماً من الله .. لقد انتشرت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع في مدينة أفسس حضره مائتان من الأساقفة . وقرروا أنها والدة الإله .. وفي هذا يقول القرآن الكريم :
" وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ (117) "
يقول وول ديورانت في كتابه " قصة الحضارة " جزء 11 صفحة 418 ما نصه :
" ولما فتحت المسيحية روما انتقل إلى الدين الجديد - أي الدين المسيحي - دماء الدين الوثني القديم : لقب الجد الأعظم .. وعبادة الأم العظمی .. وعدد لا يحصى من الأرباب التي تبث الراحة والطمأنينة في النفوس وتمتاز بوجود کم کائنات في كل مكان لا تدركها الحواس .. كل هذا انتقل إلى المسيحية كما ينتقل دم الأم إلى ولدها .. واسلمت الإمبراطورية المحتضرة أزمة الفتح والمهارة الإدارية إلى البابوية القوية .. وشحذت الكلمة بقوة سحرها ما فقده السيف المسلول من قوته .. وحل مبشرو الكنيسة محل الدولة .. إن المسيحية لم تقض على الوثنية بل ثبتتها .. ذلك أن العقل اليوناني عاد إلى الحياة في صورة جديدة .. في لاهوت الكنيسة وطقوسها ونقلت الطقوس اليونانية الخفية إلى طقوس القداس الرهيبة .. وجاءت من مصر آراء الثالوث المقدس ويوم الحساب وابدية الثواب والعقاب وخلود الإنسان في هذا أو ذاك .. ومن مصر جاءت عبادة الأم الطفل .. والاتصال الصوفي بالله ذلك الاتصال الذي أوجد الأفلوطينية واللاأدرية وطمس معالم العقيدة المسيحية . ومن بلاد الفرس جاءت عقيدة رجوع المسيح وحكمه الأرض لمدة 1000 عام .
إن القرآن الكريم يقول :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) سورة المائدة.
إن القرآن الكريم ينبئنا عما حدث داخل الكنيسة من انهيار في العقيدة وتعدد الألهة وقبول العقائد الوثنية الفاسدة .
كل هذه الأحداث قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-03-2021, 10:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** نشأة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية ..
لقد نادي الأسقف دسقورس بطريك الإسكندرية أن المسيح ذو طبيعة واحدة حيث يتلاقى في ذاته الناسوت باللاهوت فهو من جوهر الله بل هو الله المتأنس ..
لقد شاعت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع خلقيدونية عام 451م ولقد قرر المجمع أن المسيح ذو طبيعتين هما طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت التقتا في ذاته .. ولقد كفر المجمع دسقورس وقرر نفيه عن الإسكندرية إلا أن - المصريين لم يرضوا بغيره بديلا .. الأمر الذي دفعهم إلى الانسلاخ من الكنيسة منشئين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية .. ولعل عوامل سیاسية ساعدت على هذا الانفصال .. ولقد استند دیسقورس إلى ما قاله (بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس (3: 16 ) :
"عظيم هو سر التقوى .. الله ظهر في الجسد "
لقد كانت رسائل بولس عبارة عن مواعظ يبثها بطريقته الخاصة ويجمعها أشتات من هنا ومن هناك ..
إن القرآن الكريم يقول الحق ولا يحابي .. بصرف النظر عما إذا كان ما يقوله يرضي الناس لأنه يتفق وما جبلوا عليه وورثوه أو كان لا يرضيهم ..
إن الآيات ( 156-158 ) من سورة النساء تقول :
" وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا "
- الله يغفر الذنوب ..
أيها الناس .. لقد تكلمنا كثيراً في مسألة الصليب وبينا أن المسيح عليه السلام كان عنده سلطان أن يغفر .. إن داود عليه السلام عندما كان يخطئ وهو نبي من الأنبياء كان يقول :
" لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك ."
إن المغفرة عند الله سبحانه وتعالى .. لقد جاء القرآن الكريم لينفي صلب المسيح تماماً .. وإن ما يربط بين صلبه ومغفرة ذنوب البشر إنما هي خرافات .. إن القرآن الكريم يقول في سورة الزمر :
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 53 ). "
الَّذِينَ أَسْرَفُوا ... السكيرين .. والمجرمين ومعربدين .. ... الخ.
إن الله هو خالقنا وهو رازقنا وهو الذي يغفر ذنوبنا جميعاً .. إن الله تعالى قريب من الإنسان .. إنه يقول :
" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ( 186 ). "
إن الله يقول لكل الناس في القرآن الكريم :
" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( 16 ). "
القرآن يوضح ويعطيك الطمأنينة ويعطيك الإمكانية ..
أيها الإنسان ..
أين العقل ؟
هل ترضى أن تجلس أمام إنسان مثله مثلك .. وتقول له أنا فعلت كذا .. وفعلت كذا .. وكذا .. وكذا ..
من هو الذي خلقك .. ؟ أليس هو الله .. !
ومن هو الذي يغفر لك .. ؟ أليس هو الله .. !
ومن هو الذي يرزقك .. ؟ أليس هو الله ..!
ومن الذي يستر عليك ..؟ أليس هو الله .. !
الكاهن لا يملك شيء .. بل بالعكس .. أنت يوم أن تعترف أمام كاهن .. يوم أن تذل نفسك .. هذا من جهة الرجل .. أما من جهة المرأة التي وقعت في الخطيّة .. لما تجلس أمام كاهن وتقول له .. أنا فعلت كذا .. وكذا .. وكذا ..
الكاهن مهما كان فهو رجل .. أعتقد الأمر واضح .. فكيف يكون هذا .. أليس هذا إذلال .. ؟!
الإسلام فيه .. إذا أخطأت اتجه إلى الله سبحانه وتعالى ..
" وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( 16 ). "
وإذا كان الله أقرب للإنسان من نفسه .. فلماذا يقبل الإنسان وسيطاً بينه وبين الله أو أن ينتظر المغفرة من أحد غير الله ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
05-22-2021, 10:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نشأة المارُونيَّة ...
بعد ذلك نذهب إلى مجمع القسطنطينية الذي عقد عام 680 م .. والذي كان سبب عقده ما نادى به الأسقف " يوحنا مارون " في عام 667 م .. بدعوى جديدة مضمونها أن المسيح ذو طبيعتين التقتا معاً .. طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت في شخصه .. ولكنه ذو مشيئة واحدة هي مشيئة الله ..
ولم ترق هذه الدعوى في نظر البطاركة لذلك عقدوا مجمع القسطنطينية في عام 680 م .. وقد حضره 289 أسقفاً وقرروا أن المسيح ذو طبيعتين وذو مشيئتين إلا أن أهل الشام رفضوا قرارات هذا المجمع وتمسكوا بأسقفهم ثم انسلخوا عن الكنيسة الأم ..
ما أريد أن أقوله إن كل هذا تضليل تعاقب خلال المجامع .. وكل مجمع يلغي قرارات سابقة ويصدر قرارات جديدة .. وكل مجمع يدعي أن قراراته صدرت بإيحاء الروح القدس ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-07-2021, 09:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديس الصُّور ..
بعد ذلك نذهب إلى مجمع نيس الذي عقد سنة 787 م .. وحضره 377 أسقفاً .. قرروا فيه تقديس صور السيد المسيح وأمه العذراء مريم وكذلك صور القديسين .. وهذا القرار يتنافي مع الشريعة الموسوية التي تقول في الوصايا العشر في سفر الخروج ( 20 : 4 – 5 ) :
" لا تصنع لك تمثالا منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض .. لا تسجد لهن ولا تعبدهن . "
نشأة كَنيسَة الروم الأرثوذكس ..
بعد ذلك يأتي مجمع القسطنطينية عام 879 م ... الذي قرر أن الروح القدس انبثق من الله الآب ( ما معنى انبثق : يعني مُرسل من الله ) .. كل الملائكة منبثة من الله ورفض قرارات مجمع القسطنطينية الذي سبق عقده عام 869 م .. والذي تقرر فيه أن الروح القدس منبثق من الآب والابن .. وقد أعقب ذلك أن انسلخت كنيسة القسطنطينية عن الكنيسة الأم وأطلقت الكنيسة اليونانية على نفسها كنيسة الروم الأرثوذكس .. وهي لا تعترف لبابا روما بالسيادة .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-03-2021, 09:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
البابا وحق الغفران ..
ثم عقد بعد ذلك مجمع الأساقفة الذي تقرر فيه أن بابا روما يملك حق الغفران ثم جاء وقت أفرط فيه رجال الكنيسة في منح الغفران إفراطاً شديداً حتى أنشأوا لها صكوكاً عرفت باسم ( صكوك الغفران ) التي جاء فيها ما نصه :
" أنا بالسلطان الرسولي المعطى لي أُحلك من جميع القصاصات ومن جميع الإفراط والخفايا والذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة وفظيعة ومن كل علة .. وأردك ثانية إلى الطهارة والبر سنين طويلة تبقى معموديتك .. وإذا امتد عمرك بعد ذلك سنين طويلة تبقى هذه النعمة غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة . "
لقد كان صك الغفران هذا يشترى بالثمن ..
وبهذا كان للبابا ورجاله سلطة مغفرة خطايا البشر ..
بُولس وخطَاياه الجَسدية ..
أرجوا قراءة هذا النص جيداً لأنه مهم ..وما بين الأقواس هو تعليقاً لي ) .. هم قالوا إن الله صُلب على الصليب ليفدي خطيئة الناس .. والبابا كما رأينا عنده إمكانية أن يغفر خطايا الناس .. ثم نأتي إلى بولس .. يقول في رسالته إلى أهل رومية ( 7 : 14 – 25 ) :
" فإننا نعلم أن الناموس روحيٌّ ( الناموس يعني الشريعة ) وأما أنا فجسديٌّ مبيعٌ تحت الخطيَّة ( إذن ما فائدة الصلب ) لأني لستُ أعرف ما أنا أفعله إذ لستُ أفعل ما أريدهُ بل ما أبغضه فإيَّاهُ أفعل ( سرقة أي أو أي حاجة عنده ) .. فإن كنتُ أفعل ما لستُ أريده فإني أصادق الناموس أنه حسنٌ .. فالآن لستُ بعد أفعل ذلك أنا بل الخطيَّة الساكنة فيَّ[/color] ( يا ناس .. ما فائدة الصليب أو ما فائدة موت المسيح عن الجنس البشري .. يقول الخطيََّة الساكنية فيّ .. معنى ذلك أن الصلب لم يخلص الإنسان من الخطيّة .. ما فائدة الصلب .. ما فائدة صكوك الغفران التي عملها بابا روما ) ) .. .. الخطيَّة الساكنة فيَّ .. فإني أعلم أنه ليس ساكنٌ فيّ أي في جسدي شيءٌ صالح .. لأن الإرادة حاضرة عندي .. وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد .. لأني لستُ أفعل الصالح الذي أريده بل الشرُّ الذي لستُ أريده إياه أفعل .. فإن كنت ما لستُ أريده إياه أفعل فلست بعد أفعله أنا بل الخطيّة الساكنة فيّ ( هو عمل ذنب ) .. إذ أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أن الشر حاضر عندي فإني أسرُّ بناموس الله بحسب الإنسان الباطن .. ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطيَّة الكائن في أعضائي .. ويحي أنا الإنسان الشقي .. من ينقذني من جسد هذا الموت ... أشكر الله بيسوع المسيح رينا .. إذاً أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية .. ( يخدمن من .. يخدم ناموس الخطيَّة .. هذا بولس الذي هو رسول المسيحية ) .. ".
إن بولس هنا يعترف بخطاياه البشرية ويبين أن فكرة الصليب لم تستطع مقاومة الخطية التي ستظل في الإنسان ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-19-2021, 09:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ظهور لوثر ...
نذهب بعد ذلك إلى مجمع ورمز عام 1531 م .. حين ظهر لوثر وندد بصكوك الغفران .. وأنه لا عصمة للبابوية .. وأن كلام البابا غير مقدس .. وفضح الفساد الذي استشرى في الأديرة .. وقال إن الله واحد أحد .. عمل معلقة على كنيسة في ألمانيا .. فعقد هذا المجمع الذي حضره البابا وأمر بحرقه .. فاختطفه الشباب الألماني في اللحظات الأخيرة .. وقرروا الانسلاخ عن الكنيسة البابوية منشئين لأنفسهم كنيسة البروتستانت .. وقد حدثت حروب فظيعة بين الكاثوليك والبروتستانت ولم ينقذ الأخيرين إلا اكتشاف أمريكا وهجرتهم إليها ..
لقد خالف البابوات أمر المسيح عليه السلام الذي حينما اختار تلاميذه .. فإنه قال لهم :
" لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم .. ولا نزداً للطريق .. ولا أحذية ولا عصا لأن الفاعل مستحق طعامه .."
لكن البابوية دولة غنية مترفة تعيش في الذهب والمال وهو الأمر الذي لا يتفق وتعاليم السيد المسيح عليه السلام .
بعد هذا جاء الإسلام ليبين الحق ويخاطب أهل الكتاب في روية ورفق كما تقول الآيات الأولى من سورة المائدة :
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ( 15 ) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( 16 ). "
أيها الأحباب .. يقول الأستاذ إبراهيم خليل أحمد .. الحمد لله أن كانت هذه هي المعالم الرئيسة التي استطعت أن أطمئن إليها وأعلن إسلامي على الرغم مما تعرضت له من أذى واضطهاد كثير .. فلم أتزعزع بإذن الله لأني وصلت إلى اليقين .. وفي يوم 25 ديسمبر عام 1959 م .. أبرقت برقية إلى الإرسالية الأمريكية في مصر وقلت لهم :
" لقد آمنت بالله الواحد الحد وبمحمد رسولاً ونبياً .. "
أما شبهة تأليه المسيح فإن الأناجيل لا تزال تؤكد أن المسيح نادى بالتوحيد كما جاء في إنجيل يوحنا ( 17 : 3 ) :
" وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته "
أقر إنسانيته .. كما بينا ذلك من قبل قصة المسيح مع تلاميذه في السفينة .. سأقتبس ذلك ..
نجد في إنجيل ( متى : 8 : 23 – 26 ) :
" ولما دخل السفينة تبعهُ تلاميذُه .. وإذا اضطرابٌ عظيمٌ قد حدث في البحر حتى غطّت الأمواج السفينة .. وكان هو نائماً .. فتقدّم تلاميذه وأيقظوهُ قائلين يا سيّد نجِّنا فإننا نهلك .. فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان .. ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوٌّ عظيمٌ ."
** كيف ينام الإله ويغفل عن الكون ؟
لقد كان المسيح بشراً يجري عليه ما يجري على سائر البشر من نوم ويقظة وتعب وراحة وخوف وطمأنينة بل كان نومه ثقيلاً من كثرة إرهاقه وتعبه رغم الرياح العاتية ورغم الأمواج المتلاطمة .. ورغم المياه الغزيرة التي انصبت على السفينة الصغيرة وسط البحر .. فجعلت تتقاذفها كالريشة في مهب الرياح ..
ورغم كل الضوضاء التي أحدثها الركاب خوفاً وجزعاً فقد ظل المسيح نائماً لا يحس بشيء من هذا ولا يشعر به .. لولا إيقاظ التلاميذ له وطلبهم منه أن يصلي لله طلباً للنجاة لكان من الممكن أن يهلكوا جمعياً بالسفينة وفيهم عيسى نائماً ..
وأنه عطش وجاع .. ونام .. وكما قال :
يوحنا ( 7: 1- وكان يسوع يتردد بعد هذا في الجليل . لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه .)
ويقول يوحنا ( 11: 53- فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه . 54- لم يكن يسوع أيضاً يمشي بين اليهود علانية بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البريية ..
كل هذا يدل على بشريته عليه الصلاة والسلام ..
مريم العذراء تنفي عن نفسها أن تكون هي والدة الإله .. يقول لوقا ( 1 : 38 ) :
" فقال مريم هو ذا أنا أمَةُ الرب .. ليكن لي كقولك .. فمضى من عندها الملاك ."
وفي أنجيل لوقا أيضاً ( 1 : 46 – 49 ) :
" فقالت مريم تعُظمُ نفسي الرب .. وتبتهج روحي بالله مخلصي .. لأنهُ نظر إلى اتضاع أمتهِ .. فهو ذا منذ الآن جميع الاجيال تُطوِبُني .. لأن القدير صنع بي عظائم واسمهُ قدوسٌ ."
وفي إنجيل لوقا ( 2 : 45 – 52 ) :
" ولما لم يجداهُ رجعا إلى أورشليم يطلبانه .. وبعد ثلاثة أيام وجداهُ في الهيكل جالساً في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم .. وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه واجوبته .. فلما أبصراه اندهشا .. وقالت لهُ أمُّهُ يا بُني لماذا فعلت بنا هكذا .. هو ذا أبوك ...... وأما يسوع فكان يتقدّم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس .."
*** كل هذا يبين أن المسيح عليه السلام إنسان .. حتى الملاك أيضاً الذي هو الروح القدس .. هو ملاك من الله سبحانه وتعالى ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-02-2021, 10:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الفتح :
" لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ( 27 ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ( 28 ) مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ( 29 ) . "
لقد جاء الدور لمناقشة الأسئلة الإسلامية .. بعد أن فرغنا تماماً من مناقشة الأسئلة المسيحية .. وذلك أمر منطقي .. لأنه من المفيد والهام أن نبدأ بالجزء المسيحي المطروح فنناقشه مناقشة موضوعية علمية .. حتى إذا فرغنا منه بدأنا بالجانب الإسلامي ..
ولقد كان ذلك ..
فإنه على الرغم من أن الأسئلة الخاصة بالدين المسيحي .. كانت قليلة .. وكان عددها محدوداً .. إلا أننا حولناها إلى دراسات علمية واسعة .. استغرق عرضها شهور طويلة .. كما رأيتم وشاهدتم .. !!
وإنما فلعنا هذا لكي نعطي السائلين .. فرصة التعرف والمتابعة والدراسة للموضوعات كلها .. من أولها إلى آخرها متابعة دقيقة وعميقة ..
وكان في وسعنا منذ البدء أن نخطط للإجابة بمنهج مغاير .. فننهي الموضوع كله .. بأسئلة كلها في فترة وجيزة ! .. إلا أن ذلك كان سيتم _ ولو أريد له أن يتم _ بأسلوب الإجابة الموجزة المباشرة على كل سؤال .. وهو أسلوب لا يفيد المتتبع للقضايا العلمية .. وبخاصة إذا كانت قضايا هامة تتصل بهدم دين .. وقيام دين !
إن هدم دين كامل لا يمكن أن يحدث بجرة قلم .. وإن قيام دين كامل لا يمكن أن يحدث بجرة قلم أيضاً ! .. لأن الديانات ليست مسائل سهلة أو سطحية .. إنها دم .. إنا تاريخ .. إنها كيان .. إنها حياة .. إنها دنيا .. إنها آخر’ !!!
ولا أتصور .. أنا _ ولا تتصورون أنتم _ أنه من الممكن أني يلغي الإنسان ( كيانه الديني ) .. في جلسة واحدة .. ثم ينتقل بقفزة واحدة من دين إلى دين .. من واقع يعيشه .. إلى واقع آخر ينبغي أن يعيشه ..
لهذا رأيت .. أن نبدأ باستعراض ( المقررات النصرانية ) وإن كنا نقرر _ سلفاً _ أن الديانة النصرانية .. ديانة مختصرة .. إذ أن قضاياها تكاد تنحصر في مسألة أو مسألتين هما عمادها وأساسها !
فإذا ما نوقشت هاتان المسألتان .. وثبت بطلانهما .. فإن هذه الديانة بكل مقولاتها ومنقولاتها تتهاوى وتنهار ..
المسيح .. الإله !
أما المسألة الأولى .. فهي القول بألوهية المسيح .. أو بكونه واحداً من الأقانيم الثلاثة التي تكون الإله الواحد كما تصوره الأسطورة الصليبية ..!
ولقد ناقشنا هذا الموضوع مناقشة واسعة .. وبينا أن هذا الفكر إنما هو فكر وثني عاش في خلد الوثنيات القديمة .. التي صورت لنفسها .. أو صور لها الكهنوت .. أن لله ابناً ..أو أن له أبناء ..
والوثنيات القديمة التي شاركت في صياغة هذا الأفك _ أوالشرك _ هي : الوثنيات المصرية .. والإغريقية .. والرومانية .. والهندية .. والعربية .. وما إليها من وثنيات تواصت بالفكر .. والخرافة ..!!
ونقدم لهذا نموذجاً فيه مقارنة بين المسيحية والمثراسية .. المسيحية والوثنية صفحة 338 ..
ويقول بوبرتسون ( Ropertson : Pagan and Christ P. 338 ).. ميثراس .. هذه الديانة فارسية الأصل .. وقد ازدهرت في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون .. ثم نزحت إلى روما حوالي عام ( 79 م ) ..وانتشرت في بلاد الرومان .. وصعدت إلى الشمال حتيى وصلت إلى بريطانيا وقد اكتشفت بعض آثارها في مدينة يورك .. ومدينة شستر وغيرها من مدن إنجلترا وتذكر هذه الديانة أن :
• ميثراس كان وسيطاً بين الله والناس ..
• كان مولد ميثراس في كهف أو زاوية من الأرض .
• وكان مولده في الخامس والعشرين من ديسمبر .
• كان له اثنا عشر حوارياً .
• مات ليخلص البشر من خطاياهم .
• دفن ولكنه عاد للحياة بقيامة من قبره .
• صعد إلى السماء أمام تلاميذه وهم يبتهلون له ويركعون .
• كان يدعي مخصاً ومنقذاً .
• ومن أوصافه أنه كان الحمل الوديع .
• وفي ذكراه كل عام يقام العشاء الرباني .
• ومن شعائره التعميد ( Baptism )
• واعتبار يوم الأحد يوم العبادة يوماً مقدساً .
ويقول روبرتسون إن ديانة ميثراس لم تنته في روما إلا من بعد أن انتقلت عناصرها الأساسية إلى المسيحية على هذا النحو ..
الديانة الميثراسية : ميثراس وسيط بين الله والناس
الديانة المسيحية : المسيح وسيط بين الله والناس :
" وليس يأخذ غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس ربه ينبغي أن نخلص ." ( أعمال الرسل 4 : 12 ) .
الديانة الميثراسية : مولده في كهف ..
الديانة المسيحية : ولد في مذود البقر :
" فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود ." ( لوقا : 22 – 7 ) .
الديانة الميثراسية : مولده في يوم 25 ديسمبر .
الديانة المسيحية :يحتفل الغربيون بمولد المسيح في يوم 25 ديسمبر ..
الديانة الميثراسية : كان له اثنا عشر حوارياً ..
الديانة المسيحية : كان له اثنا عشر حوارياً :
" ثم دعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف .. " ( متى 10 : 1 ).
الديانة الميثراسية : مات ليخلص العالم ..
الديانة المسيحية : مات ليخلص العالم .. هكذا كانت تعاليم بولس :
" إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب ." ( كورنثوس الأولى 15 : 3 ) .
الديانة الميثراسية : دفن ولكنه عاد للحياة ..
الديانة المسيحية : دفن وقام في اليوم السادس .. هكذا كانت تعاليم بولس :
" أنه دفن وأنه قام في اليوم السادس حسب الكتب " ( 1 كو 15 : 4 ).
الديانة الميثراسية : صعد إلى السماء أمام تلاميذه ..
الديانة المسيحية : صعد إلى السماء أمام تلاميذه :
" ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم . " ( أعمال الرسل 1 : 9 ) .
الديانة الميثراسية : كان يدعى مخلصاً ومنقذاً ..
الديانة المسيحية : خلع عليه بولس لقب المخلص والمنقذ :
" منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصاً يسوع المسيح .. " ( تطيس 2 : 13 ) .
الديانة الميثراسية : ومن أوصافه أنه حمل الله الوديع ..
الديانة المسيحية : وصفه يوحنا المعمدان بحمل الله الوديع :
" وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم . " ( يوحنا 1 : 29 ).
الديانة الميثراسية : رسم العشاء الرباني ..
الديانة المسيحية : رسم بولس العشاء الرباني قائلاً :
" .. أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري .. " ( 1 كو 11 : 23 – 25 ) .
الديانة الميثراسية : رسم المعمودية ..
الديانة المسيحية : رسم المعمودية / بدأت بداية صحيحة :
" وأمر ( بطرس ) أن يعتمدوا باسم الرب . " ( أعمال الرسل 10 : 48 ) . "
وانتهت بالتثليث :
" وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس . " ( متى 28 : 19 ) .
الديانة الميثراسية : تقديس يوم الأحد ..
الديانة المسيحية : تقديس يوم الأحد :
" وبعد السب عند فجر أول الأسبوع . " ( متى 28 : 1 ) .
مع أن الوصية الرابعة تقرر تقديس يوم السبت إذ تقول :
" اذكر يوم السبت لتقدسه ... " ( خروج 20 : 8 – 11 ) .
ولقد واجه القرآن الكريم .. هذه الوثنيات وناقشها وهي وثنيات تتشابه وتتشابك في الشكل والموضوع ..
فسجل كفر النصارى وقولهم إن المسيح هو الله .. أو ابن الله .. أو ثالث ثلاثة ..
قال تعالى :
" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ( 17 ) . " سورة المائدة .
وقال تعالى :
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 72 ) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 73 ) أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 74 ) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 75 ) . " سورة المائدة .
وقد ذكرت هذه الآيات :
1- إن المسيح عليه السلام لا يعدو أن يكون رسولاً من رسل الله الذين خلوا من قبل ... وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم .. فلقد قال الله عنه كذلك :
" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ( 144 ) . " سورة آل عمران .
2- وأن أمه لا تعدو أن تكون صديقة .. فهي ليست نبيّة ..
" وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ "
3- ثم قال :
" كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ "
وهذا من أظهر الصفات النافية للألوهية .. لأن الأكل في حاجة إلى ما يدخل جوفه ليشبعه من جوع .. وكذلك هو في حاجة إلى أن يخرج ما في جوفه من الفضلات لتخلص من الأذى ..
وإذا كان القرآن الكريم قد نفى الألوهية عن المسيح عليه السلام .. فقد أثبت له العبودية .. كما قال تعالى :
" وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ( 57 ) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ( 58 ) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ( 59 ) . " سورة الزخرف .
وأخبر _ سبحانه وتعالى _ أن اول كلمة نطق بها المسيح وهو في المهد .. هي الإقرار بعبوديته لله .. قال تعال :
" فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ( 29 ) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ( 30 ) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ( 31 ) . " سورة مريم .
ويقول الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم _ كما في الصحيحين _ عن أبي هريرة رضي الله عنه :
" يقول الله عز وجل :
كذبني ابن آدم .. ولم يكن له ذلك.. وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك .. فأما شتمه إياي فقوله :
اتخذ الله ولداً .. وأنا الأحد الصمد .. ولم ألد .. ولم أولد .. ولم يكن لي كفواً أحد .. وأما تكذيبه إياي .. فقوله :
لن يعيدني كما بدأني .. وليس أول الخلق بأهون على من إعادته . "
وإذا كان القرآن الكريم .. قد ناقش ( الثالوث النصراني ) فلقد ناقش ( الثالوث ) بكل صوره وتصوراته ..
وإذا كان القرآن الكريم .. قد ناقش (البنوة اللاهوتية النصرانية ) .. لقد ناقش ( البنوة الوثنية ) في كل أطوارها وتطوراتها .. !
فهو يقول عن الوثنيين العرب .. وعن غيرهم من الوثنيين :
" وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ( 100 ) . سورة الأنعام .
وقال :
" أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا ( 40 ). " سورة الإسراء .
" فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ( 149 ) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ( 150 ) أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ( 151 ) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 152 ) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ( 153 ) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( 154 ) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ( 155 ) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ ( 156 ) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 157 ) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 158 ) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ( 159 ) . " سورة الصافات.
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ( 171 ) لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا ( 172 ) . " سورة النساء .
" وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 30 ) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 31 ) . " سورة التوبة .
وقوله تعالى :
" يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن "
إشارة بليغة معجزة إلى قصة الوثنيات القديمة الممتدة عبر العصور والدهور .. تلك الوثنيات التي آلت بتركتها المثقلة بالخرافة والشعوذة والكهانة إلى ( الصهيونية العالمية ) و ( الصليبية العالمية ) .
وهذه واحدة من لفتات القرآن الكريم الرائعة .. وإشاراته البارعة .. إنه يضع أيدينا على الحائق كاملة سافرة .. في غير ما التواء أو غموض !
وهكذا نجد القرآن الكريم دائماً .. معجزاً وهادياً .. في كل ما يقوله أو يقرره .. لا يقول إلا حقاً .. ولا ينطق إلا صدقاً ..
كم .. وكم من المرات ... خرجت البشرية على القرآن الكريم .. فقالت ما شاءت من المقولات بعيداً عن هداه .. وتصورت _ ما أراد لها الهوى _ من تصورات في منأى عن وصاياه ..
ثم .. .. ماذا ؟
ثم ثبت _ علمياً وعقلياً _ فساد مقولاتها وتصوراتها .. !
وبقيت ( المقررات القرآنية ) ثابتة كالجبال الشم الرواسي .. لا تتزلزل ولا تتزعزع !! ويعود الناس إلى القرآن _ شاءوا أو أبوا _ دارسين باحثين متأملين !!
من كان يصدق أن ( الأكليورس ) في هذا الزمان .. يقابل حقائق القرآن بهذا الإعجاب ؟!
من كان يصدق أن لغة ( أكليروس القرون الوسطى ) قد أخرست إلى الأبد ؟!
لقد كان عمل هذا ( الأكليروس ) الدائب .. هو محاولة تشويه جمال الإسلام .. والإساءة إليه .. وتفريخ الأكاذيب والنحل الفاسدة لصد الناس عنه !!
حتى قال .. وما أسخف ما قال :
إن المسلمين إنما حرموا الخمر والخنزير .. لأن نبيهم في آخر حياته شرب الخمر حتى سكر .. فجاءته الخنازير فقتلته ..
من كان يصدق أن عقلية ( الأكليروس ) القديمة تنفتح هذا الانفتاح .. وتنتقل هذه النقلة السريعة من طرف النقيض إلى طرفه الآخر ؟
فنجد بيوت الطباعة _ في أوروبا الصليبية _ وبيوت العلم .. وبيوت الثقافة .. والأكاديميات .. والجامعات .. بل وإرساليات التبشير .. تدرس الإسلام .. وتعجب به .. وتكتب عنه ..
بل إن الكتب الإسلامية العظيمة ألفت .. وصدرت من هناك .. من ( ألمانيا ) وغيرها من البلدان .. !
إن أكبر معجم في الحديث النبوي أصدره الألمان ..
وإن أول طبعة للمصحف ظهرت هناك .. !
من كان يصدق أن جامعات العالم الأوروبي تعكف على دراسة العقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية .. والفقه الإسلامي .. بل وتمنح درجاتها العلمية .. وعلى أرقى مستوى في جزئية صغيرة من جزئيات الثقافة الإسلامية !! ؟
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-22-2021, 09:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلب والفداء ...
وإذا كنا قد ناقشنا في الأيام الماضية قضايا ( الثالوث ) .. ( الأقانيم ) .. و ( الإله المولود ) ... فلقد ناقشنا في الشهور الماضية أيضاً ( قضية الصلب والفداء ) ..
وهي قضية عجيبة غريبة .. شائكة ومتشابكة .. لا ندري ما سرها .. وما الهدف منها ؟ .. كل ما ندريه أنها أسطورة في المبدأ .. وأسطورة في النتيجة ..
ما سر هذه المسرحية الغامضة المملة التي بدأت بالتآمر على المسيح عليه السلام .. ثم بمحاكمته .. ثم بصلبه _ كما يزعمون _ ثم بدفنه _ ثم بنزوله إلى الجحيم .. ثم بخروجه في قيامة الأموات !!
لماذا هذا كله ؟
لماذا جعلوه إلهاً .. أو ابن إله وصلبوه ؟
إن القرآن الكريم يتحدث عن ( قضية الصلب ) هذه وينفيها نفياً مؤكداً .. فهو يقول :
" فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ( 155 ) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ( 156 ) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ( 157 ) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ( 158 ) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ( 159 ). " سورة النساء ..
** لماذا ينفي القرآن الكريم صلب المسيح ؟
*** أو بعبارة أخرى .. هل المسيح منزه عن القتل أو الصلب ؟
والجواب .. لا ..
فإن القرآن الكريم تحدث عن الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم .. فقال :
" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ( 144 ). " سورة آل عمران .
فمحمد عليه الصلاة والسلام من الممكن أن يموت .. ومن الممكن أن يقتل ؟ !
والمسيح عليه الصلاة والسلام من الممكن أن يموت .. ومن الممكن أن يقتل أو يصلب ؟!
وإنما نفى القرآن الكريم حادثة الصلب هذا النفي اليقيني المؤكد الذي لا شك فيه .. ليقرر خيبة أمل اليهود .. !
فهم .. يحاسبون في الآخرة .. على أنهم قتلة المسيح .. وإن لم يقتلوه !! كيف ..
إن الله سبحانه وتعالى سجل عليهم عدة أمور :
أولها . أنهم أصحاب ( سوابق ) في جريمة قتل الأنبياء ..
" وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ ( 155 ). " سورة النساء
ثانيها .. سبق الإصرار والترصد .. كما في قوله ..
" وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ( 156 ) ." سورة النساء ..
ثالثها .. الاعتراف _ وهو سيد الأدلة _ ..
" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ ( 157 ) . " سورة النساء ..
وإذا كان الصلب في حد ذاته أسطورة .. يعتريها الغموض والتناقض من كل أبعادها .. !
فإن ما يترتب على الصلب أسطورة أخرى .. !
تلك هي أسطورة ( ابن الله الفادي ) .. أو .. ( المخلَّص ) ...!
وهذه المقولة .. الغير معقولة .. لا تصلح أساساً للتعامل البشري .. إذ إنها تنفي ( المسئولية الشخصية ) فيكف ارتضاها الله سبحانه وتعالى .. لكي تكون سنَّته في التعامل مع البشر ؟
وتصور معي ..
لو أن واحداً من البشر .. ذهب إلى المحكمة متلبساً بجريمة قتل .. .. يده ملوثةٌ بالدم .. وثبتت إدانته من كل وجه .. واعترف بأنه القاتل !! أفيحق له أو لمحاميه .. أن يدافع قائلاً :
أنا قتلت حقاً .. وأنا الذي اقتدته إلى ذاك المكان المهجور ت.. وذبحته .. ولكن ) فلانا ) ً من الناس أو من غير الناس .. يتحمل عني هذه المسؤولية .. فحاكموه هو .. وحاسبوه هو .. "
هل هذا يجوز في عُرف البشر .. وفي منطق البشر ؟؟
فاذا كان البشر لا يرضونه لقضائهم ولا لِقضاتهم - مع أن قضاء البشر يحيط به القصور من كل جانب – أفيجوز ذلك أمام عدالة الله سبحانه وتعالى ؟
أنرفض أن يكون في قضائنا محسوبيات أو وساطات أو امتيازات أو صرخات عرق .. ثم نقبل بالنسبة لله _ وعز في علاه _ أن يكون قضاؤه قضاء وساطة ومحسوبية .. وامتياز في الدم أو الجنس أو اللون أو العنصر ؟
أفترض أن يكون ربنا _ سبحانه _ رباً لفريق يحبه ويحنو عليه .. ضد فريق يبغضه ويلعنه .. لا لسبب إلا لاختلاف الدم والجنس .. ؟
أفترض أن يكون ربنا رباً لإسرائيل ...
ثم ينبذ الكنعانيين ومن عداهم ..
وأنقل لكم من ( الإنجيل ) المتداول اليوم هذا الحديث والحدث بحروفه وانفعالاته ..
" وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود .. ابنتي مجنونة جداً .. فلم يجبها بكلمة .. فتقدم تلاميذه .. وطلبوا إليه قائلين .. اصرفها لأنها تصيح وراءنا .. فأجاب وقال :
لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة .. فأتت وسجدت له قائلة .. يا سيد أعني .. (( فأجاب )) ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب .. فقالت .. نعم يا سيد .. واكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها .. " ( إنجيل متى 15 : 21 – 27 ).
فهذا المسيح كما تصوره ( الأسطورة النصرانية ) عندما تأتيه امرأة تطلب منه أن يدعو لابنتها لكي تشفى مما هي فيه _ يقول لها :
" ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ."
سبحان الله ...
أهذا هو المسيح الإله الذي يعبده النصارى ؟!
برأ الله المسيح .. البشر الإنسان الرسول .. من كل ما يفتريه دجال .. أو كاهن .. او جهول !!
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-12-2021, 09:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التفرقة العنصرية :
ان هذا الفهم .. وهذا السلوك .. هو البدء الحقيقي " للتفرقة العنصرية " التي تدين بها أوربا .. وأمريكا اليوم
.. إن أول من نادى بالتفرقة بين البشر وفقاً للألوان هو الكتاب المقدس ذاته.. وليست أمريكا!!
لم تكن أمريكا هي رائدة التفرقة العنصرية .. وإنما رفعت شعاراتها .. وكان بيدها نصوص مقدسة من الكتاب المقدس
! أليس الكتاب المقدس هو الذي حكم على الجنس الأسود كله باللعنة .. لأنهم أولاد حام ؟
يقول الكتاب المقدس في سفر التكوين :
" أَمَّا أَبْنَاءُ نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ مِنَ الْفُلْكِ فَكَانُوا: سَاماً وَحَاماً وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو الْكَنْعَانِيِّينَ. 19هَؤُلاَءِ كَانُوا أَبْنَاءَ نُوحٍ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ تَفَرَّعَتْ مِنْهُمْ شُعُوبُ الأَرْضِ كُلِّهَا. 20 وَاشْتَغَلَ نُوحٌ بِالْفَلاحَةِ وَغَرَسَ كَرْماً.. 21 وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خَيْمَتِهِ .. فَشَاهَدَ حَامٌ أَبُو الْكَنْعَانِيِّينَ عُرْيَ أَبِيهِ.. فَخَرَجَ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَا خَارِجاً. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ رِدَاءً وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا الْقَهْقَرَى إِلَى دَاخِلِ الْخَيْمَةِ.. وَسَتَرَا عُرْيَ أَبِيهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَدِيرَا بِوَجْهَيْهِمَا نَحْوَهُ فَيُبْصِرَا عُرْيَهُ. .. وَعِنْدَمَا أَفَاقَ نُوحٌ مِنْ سُكْرِهِ وَعَلِمَ مَا فَعَلَهُ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ .. قَالَ: .. لِيَكُنْ كَنْعَانُ مَلْعُوناً.. وَلْيَكُنْ عَبْدَ الْعَبِيدِ لإِخْوَتِهِ . .. ثُمَّ قَالَ: تَبَارَكَ اللهُ إِلَهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْداً لَهُ. .. لِيُوْسِعِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي خِيَامِ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْداً لَه. " ( 9 : 18 – 27 )
بل تروى التوراة عن سارة زوجة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنها قالت له في سفر التكوين :
" وَرَأَتْ سَارَةُ أَنَّ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَسْخَرُ مِنِ ابْنِهَا إِسْحقَ .. فَقَالَتْ لإِبْرَ اهِيمَ .. اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا.. فَإِنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِي إِسْحقَ .. ( تكوين 21 : 10 - 11 ) .
وقد اقتبس (بولس) هذا النص لإشعال العنصرية بين الناس ( غلاطية 4 :
" إِنَّمَا مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا.. لأَنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ!» 31 إِذَنْ.. أَيُّهَا الإِخْوَةُ.. نَحْنُ لَسْنَا أَوْلاَدَ الْجَارِيَةِ.. بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ .. ( غلاطية 4 : 30 – 31 ).
ولا تزال حكومة جنوب إفريقيا تعتمد على ما جاء في سفر التكوين الذي يصف أحد أبناء حام وهو " كنعان " _ كما أسلفنا _ بأنه عبد العبيد .. لتبرير سيطرتها على السود وإذلالهم .
و ... لهذا ...
فاننا لا نجد في المجتمعات الإسلامية هذه التفرقة العنصرية التي نجدها في المجتمعات المسيحية . !
لان النصوص الإسلامية تقف حائلاً دون ظهور هذه الشّر أو تفاقمهُ ..
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم سورة الحجرات:
" " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( 13 ). "
وفي هذه الآية الكريمة إعلان المساواة الكاملة بين الأمم والشعوب والأفراد .. إذ ان الآية خطاب موجه إلى جميع بني الإنسان .
كذلك فإن هذه الآية تقرر أن التمايز بين الناس لا يكون باللون أو الجنس أو العنصر .. إنما يكون " بالتقوى " التي هي جماع الخير والهدى والرشاد .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" الخلق كلهم عيال الله .. وأحبهم إليه أنفعهم لعياله "
إذن القاعدة الأساسية في المفاضلة والتقدير بين بني البشر كما أعلن عنها في كتاب الله هي في السلوك والتخلق بالأخلاق الحميدة وحسن التعامل مع الله ومع الناس
" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "
وليس اللون أو الجنس أو المال ... هذا هو الأساس الصادق الوحيد التي يمكن أن تقوم عليها مملكة الله .
وبذلك فتح الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بأمر ربه – أفاق دعوته أمام بني الإنسان جميعاً – فالله { رب الناس .. ملك الناس .. إله الناس } وليس رب فئة واحدة .. أو عنصر واحد .. أو مجموعة بشرية واحدة !
وبذلك حطم الإسلام الحواجز التي كانت قائمة بين الأجناس والأعراف والأنساب .
ولقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه .. الذي كان رقيقاً فحرره :
" سلمان منا أهل البيت "
" كما ضم صف السابقين الأولين مجموعة كبيرة من أمثال " صهيب الرومي " و " بلال الحبشي " وهما رقيقان واعتبرهم الرسول عليه الصلاة والسلام في مقدمة كبار الشخصيات العربية من أصحابه المهاجرين والأنصار .
بل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّّـرَ على قيادة جيشه شاباً في الثامنة عشر من عمره وجعل تحت قيادته مجموعة من كبار المسلمين .. وأصحاب السابقة في الإسلام .
وهكذا يكون الإسلام قد حقق معجزة في التاريخ الإنساني .. إذ جعل الناس جميعاً يعيشون تحت شعار إلهي نادي به الإسلام منذ ظهوره .. وأكده الرسول عليه الصلاة والسلام من جديد وبكل صراحة وصرامة .. وفي خطبة الوداع .. فقال :
" لا فضل لعربي على أعجمي .. ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى " .
ثم نسأل الجماهير المسلة المحتشدة لسماع الخطاب الأخير :
" ألا هل بلغت ؟ "
" اللهم فاشهد "
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-28-2021, 08:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** حقيقة الكتاب المقدس .. وحقيته ..
هذا ... ولقد تحدثنا .. عن ( الكتاب المقدس ) بعهديه .. القديم والجديد .. وأمطنا اللثام عن التناقض والتعارض الذي يعتري هذا ( المصنف) من أوله إلى آخره ..
*** إن هذا الكتاب مليء بأمور تتعارض مع ( الهداية ) التي هي الهدف الأول من إرسال الرسل .. وإنزال الكتب ..
ويكفي أن نلقي نظرات عابرة على ما جاء في " سفر نشيد الأنشاد " الذي يعتبر سفراً غزلياً .. تتردد في فقراته عبارات من الأدب المكشوف العاري ... فهو يصف خفايا جسد المرأة .. بأسلوب مسف فاحش إذ يقول - في ( الإصحاح الثالث : ( 1-5 ) :
" في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته إني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع أطلب من تحبه نفسي طلبته فما وجدته وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت : أرأيتم من تحبه نفسي فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي فأمسكته ولم أرخه ، حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي ، أحلفكن يا بنات أورشلیم ، بالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء "
ويقول الإصحاح الرابع من هذا السفر : (1-7) :
" ها أنت جميلة يا حبيبتي ، ها أنت جميلة ، عيناك حمامتان من تحت نقابك ، شعرك كقطيع معز رابض على جبل جلعاد أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس فيهن عقيم شفتاك كسلكة من القرمز وفمك حلو خدك كفلقة رمانة تحت نقابك عنقك كبرج داود المبني للأسلحة ... ثدياك كحشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السوسن إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أذهب إلى الجبل المر وإلى تل اللبان کله جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة "
ويقول الإصحاح السابع من السفر نفسه (1-11 ) :
" ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم ، دوائر فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن ثدياك كحشفتين توأمي ظبية عنقك كبرج من عاج ... ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها وتكون ثدياك کعناقيد الكرم ورائحة أنفك كالتفاح وحنكك كاجود الخمر لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين . أنا لحبيبي وإلى اشتياقه تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل ولنبت في القرى و هناك أعطيك حبي "
*** أهذا كتاب دين وهداية ..؟
أهذا هو القصص الحق .. الذي يهدي إلى صراط مستقيم ؟
وإذا تركنا هذا الجانب الجنسي الطافح بالنزوة والشهوة إلى غيره من جوانب التناقض والتعارض والتضارب .. فإننا نجد ما لا يصدقه عقل .. ولا يقره منطق ..
*** إن هذه التناقضات تؤكد شيئا هاماً وخطيراً .. هو نفي صفة الوحي عن هذه الاسفار.. القديم منها والجديد ...!
وتعال معي ننظر صفات الله في الكتاب المقدس ..
الله يحزن ويندم :
" فحزن الرب أن عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه فقال الرب : أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته ، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء . لأني حزنت أني عملتهم " سفر التكوين (6: 6-8 )
الله يعزم على ألا يعود :
" وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان لأن تصوُّر قلب الإنسان شرير منذ حداثته ، ولا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت " سفر التكوين (8: 21) ..
فكان الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيراً .. حزن أولا وتأسف لأنه خلق الإنسان ... فأهلكه على عهد نوح ...!
** ثم عاد فندم مرة ثانية لأنه أهلکه... وقرر ألا يعود إلى ذلك مرة أخرى ...!
*** وهكذا تعرض الأسفار المتناقضة ، صورة متناقضة لإله متناقض ... !!
الله يتذكر عهده مع الناس عن طريق « قوس قزح :
" وصنعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض ، فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض .. ويظهر القوس في السحاب إني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد، فلا تكون أيضا المياه طوفاناً لتهلك كل ذي جسد .. فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض ، (سفر التكوين 1: 13 - 16).
وهكذا ... هكذا وضع سفر التكوين يدنا على اسرار علمية جديدة لقوس قزح ... إن الله جعل هذا القوس الذي يظهر في السماء بألوانه الزاهية في الأيام المطيرة ليذكره بميثاقه مع بني آدم .. حتى لا ينسى .. فيتكرر الطوفان الرهيب مرة أخرى ...!!
ومرة أخرى نستغفر الله .. ونتوب إليه .. ونقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ..!
الله يغار من الإنسان :
" وكانت الأرض كلها لسانا واحداً .. ولغة واحدة وحدث في ارتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار.. وسكنوا هناك .. وقال بعضهم هلم نصنع لبناً ونشويه شيأ ، فكان لهم اللبن مكان الحجر، وكان لهم الحمر الطين وقالوا : هلم نبني لأنفسنا مدينة وبرجأ رأسه بالسماء ، ونصنع لأنفسنا اسما لئلا تتبدد على وجه الأرض فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما وقال الرب : هو ذا شعب واحد .. ولسان واحد لجميعهم وهذا ابتداؤهم بالعمل والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه هلم ننزل ونبليل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض فكفوا عن بنيان المدينة لذلك دعى اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض " سفر التكوين (11: 1-9).
أسمعتم ؟ أقرأتم .. إن الله غار من خلقه حينما هموا ببناء مدينة وبرج !! فدمر عليهم وبلبل ألسنتهم !!
ولست أدري .. كيف تم بناء المدن الكبار.. والأبراج الضخمة .. وناطحات السحاب .. ألم يكن في هذا العمران الحديث الضخم .. ما يثير غيرة إله الكتاب المقدس ..
الله يحرض على السرقة :
" ثم قال الرب لموسى ضربة واحدة أيضا أجلب على فرعون وعلى مصر .. بعد ذلك يطلقكم من هنا، وعندما يطلقكم يطردكم طردا من هنا بالتمام تكلم في مسامع الشعب أن يطلب كل رجل من صاحبه وكل امرأة من صاحبتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين "سفر الخروج ( 11: 1-2 )
" وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى ، طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب ، وثيابا وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتی اعاروهم فسلبوا المصريين " سفر الخروج ( 12: 35-36 ) ..
فالرب - عند كتبة هذه الأسفار ورواة هذه الأخبار هو الذي حرض إسرائيل على السرقة .. وعلمهم كيف يسطون فيسرقون ذهب المصريين وفضتهم .. وأمتعتهم .. قبل خروجهم من مصر مع موسى !!!
الله يصارع يعقوب :
" بقى يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه وقال : أطلقني لأنه قد طلع الفجر فقال : لا أطلقك إن لم تباركني فقال له : ما اسمك ؟ فقال : يعقوب ، فقال : لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت . وسأل يعقوب وقال : أخبرني باسمك ، فقال : لماذا تسأل عن اسمي وبارکه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي " سفر التكوين (32: 24-30).
يدعي كتبة الأسفار .. كما يؤكد هذا النص أن يعقوب صارع الله حتی غلبه ولم يطلقه من قبضته إلا بعد أن بارکه ...!
** وإذا كانت هذه هي الصورة التي يرسمها خيال كتبة الأسفار لإلههم ومعبودهم ...!
*** فإن كتبة الأسفار يقدمون صوراً بلهاء شوهاء لأنبياء الله ورسله !!
صورة شوهاء لأنبياء الله ورسله في العهد القديم !!
• إبراهيم الرسول الخليل
تقول أسفار العهد القديم عن إبراهيم رسول الله وخليله :
" وحدث جوع في الأرض فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك لأن الجوع في الأرض كان شديدأ . وحدث لما قرب أن يدخل مصر أنه قال لسياراي امرأته إني قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك ، قولي إنك أختي ليكون لي خير بسبك وتحيا نفسي من أجلك فحدث لما دخل أبرام إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدا ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأخذت المرأة إلى بيت فرعون فصنع إلى أبرام خيرا بسبها ، وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة أبرام فدعا فرعون أبرام وقال : ما هذا الذي صنعت بي لماذا لم تخبرني أنها امرأتك لماذا قلت هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي والآن هو ذا امرأتك خذها واذهب ، فأوصى عليه فرعون رجالا فشيعوه هو وامرأته وكل ما كان له " سفر التكوين (12: 14-20)
فكم سقطة .. وكم زلة وقع فيها ابراهيم في هذا الذي تقوله التوراة عنه .. لقد كذب فقال عن امرأته انها اخته .. ثم لقد حرض زوجه ساراي على ان تكذب .. ثم لقد باع امرأته لقاء الخيرالذي كان يرجوه من التجارة بحسنها وجمالها .. ثم قبض ثمن هذا فصنع له خير كثير .. وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال ..
** أفيرضى أحد من الناس له مروءة وخلق .. أو بقية من مروءة وخلق أن يتجر في جمال امرأته وحسنها !؟
فكيف بنبي الله .. ووليه .. ورسوله وخليله إبراهيم عليه السلام ؟!!
لوط ..
وعن لوط تحكي التوراة قصة أشنع وأبشع مما حكت عن ابراهيم عليه السلام عليه الصلاة والسلام ..
جاء عنه في سفر التكوين :
" وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض هلم نسقي أبانا خمرا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبي نسقيه خمرا الليلة أيضأ فادخلي واضطجعي معه فتحيي من أبينا نسلا فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها فحبلت ابنتنا لوط من أبيهما سفر التكوين ( 19: 30-36) ..
وإنه - على الرغم - مما تشتمل عليه هذه الأسطورة من كذب وافتراء ومستحيل غير أنني أسأل :
ما هي الحكمة والعظة .. التي يمكن أن يستفيدها قراء کتاب مقدس ... من قراءة هذه القصة ؟
*** وإذا كان الأنبياء بهذه المثابة .. وهم حملة كلمة الله الهادية .. فماذا بقي للفساق والسفهاء؟
كيف يخاطبون الله :
وإذا رحنا نقلب صفحات هذه الأسفار لنتعرف منها على آداب الدعاء والضراعة .. فإننا نجد عجباً !!
إن الخطاب مع الله يتسم بالجرأة والاتهام .. واقرأ معي هذا النص الواحد من عشرات النصوص :
في سفر الملوك الأول أن إيليا ( إلياس ) النبي خاطب الله - يقول السفر :
" وصرخ إلى الرب وقال : أيها الرب إلهي .. أأيضا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها { أسات } بأماتتك ابنها " (17: 20 ) .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
10-19-2021, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث عن الإسلام ..
الأن - بعد أن رأينا النصرانية .. واضحة المعالم بينة الملامح - نتحدث عن الإسلام ...!
وان كنت أقرر سلفا أن الحديث عن الإسلام لا تستوعبه محاضرة مرتجلة .. ولا عدة محاضرات .. ولا يفي بعرضه حديث عابر ولا عدة أحاديث ...!
لأن الإسلام أكبر مما يتصور کثیر من الناس !
الإسلام كيان ثقافي هائل .. ومدرسة للعلوم والمعارف لا نظير لها ...!
ولقد ثبت - تاريخياً وحضارياً – أنه لم تقم دراسات بالكثرة والوفرة التي قامت حول القرآن الكريم .. كتاب الله .. وبيان الإسلام ...!
كذلك فإنه قد انبثق من العلم القرآني علوم شتی ومعارف لا تنتهي كثرة ...!
يقول الله تعالى :
" لم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) " سورة البينة ..
وإذا كانت الكتب فيها صحف !
فإن صحف هذا الكتاب المبارك فيها كتب !
إن الصفحة الواحدة من القرآن الكريم تشتمل حقاً على كتب قيمة !
وهذا ما شاهدناه ورأيناه ... وشاهده معنا ورآه مؤرخو الفكر وراصدو الحضارة ..
لقد قامت علوم شتی لخدمة ذلك الكتاب المجيد .. مثل : علوم القرآن والتفسير واللغة والحديث والفقه والسير والمغازي والرجال .. وغيرها .. وغيرها كثير ..
ولقد ألفت كتب في مختلف فروع الثقافة تهدف إلى نشر هداية ذلك الكتاب .. وإشاعة ثقافته في الخافقين .. ولم يكن العرب وحدهم هم الذين قاموا بهذا العمل المشكور المأجور .. بل لقد ساهم فيه .. وأعان عليه جمهرة كبيرة من العلماء والفقهاء من غير العرب ..
فهؤلاء .. أبو حنيفة ، والبخاري ، والطبري ..
وأولئك سيبويه .. والزمخشري .. والجرجاني ..
مما يجعلنا نؤكد أن الفتح الإسلامي لم يكن فتحاً دينياً فقط .. إنما كان فتح دین ولغة وتمدن وعمران وحضارة وثقافة ..
وإن القرآن الكريم ليس كتاب عقيدة ومواعظ فحسب وإنما هو كتاب علم وثقافة وحضارة وتشريع وسياسة وأخلاق ..
ولقد كان الفتح الحضاري الإسلامي سريعاً في انتشاره وانتصاره .. مما جعل راصدي الحضارة يعجزون حتى يوم الناس هذا عن تفسير هذا التحرك الإسلامي الهائل ...
ويعجزون أيضا عن العثور على إجابة للسؤال القائل :
** كيف استطاع محمد صلى الله عليه وسلم في ثمانية أعوام أو زهائها أن يفتح مليون كيلومتر مربع !!
- كيف حدث هذا ... في عصر .. مواصلاته محددة .. وطرق القوافل غير معبدة !
كيف تحقق هذا الفتح المبين .. بأقل خسارة بشرية إذ لم يتعد عدد القتلى (1002) من شهداء المسلمين .. وصرعى الكفار !!
إن الإجابة على هذه الأسئلة أمر متعسر أو متعذر إذا أخضعنا الإجابة للأساليب البشرية .. وللمعايير التي تواضع عليها بنو الإنسان !
أما إذا راعينا في الإجابة ( سنَّة الله ) وعمل هذه السنَّة في المجتمعات والأمم .. فإننا نجد الإجابة سهلة وميسرة !! |
الإسلام دين الأنبياء جميعاً ..
إن الإسلام هو دين الله الذي لا دين له سواه .. ولقد تكفل سبحانه وتعالى بنصره وتمكينه وإظهاره على الدين كله !
لكن .. أي دين هو ذلك الإسلام .. وهل هناك ديانات أخرى تزاحمه في علاقتها بالله ؟ .. أقول في الإجابة :
** إن الله سبحانه وتعالى .. لم ينزل ديانات مختلفة .. وإنما أنزل على عباده المرسلین دینا واحداً .. وهو الإسلام .. قال تعالى :
" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (19) " سورة آل عمران ..
ولقد جاء بهذا الدين الواحد جميع رسل الله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ..
جاء به نوح عليه الصلاة والسلام :
قال تعالى "
" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) " سورة يونس
وجاء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
قال تعالى :
" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) " سورة البقرة ..
وجاء به يعقوب عليه السلام ( اسرائيل ) :
قال تعالى :
" أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) " سورة البقرة ..
وجاء به لوط عليه السلام :
قال تعالى :
" قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) " سورة الذاريات ..
وجاء به يوسف عليه الصلاة والسلام :
قال تعالى :
" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) " سورة يوسف
وجاء به موسى عليه السلام :
قال تعالى :
" وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)" سورة يونس
وهو دین قوم موسى من بني إسرائيل :
قال تعالى :
" وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُواْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) " سورة يونس
وهو دين السحرة الذين آمنوا بموسى :
قال تعالى :
"وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)" سورة الاعراف .
وهو دين أنبياء بني إسرائيل ..
قال تعالى :
" إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ" سورة المائدة
وهو دين سليمان عليه الصلاة والسلام ..
قالى تعالى :
" إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) " سورة النمل
وقال تعالى :
" قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) " سورة النمل
وقال تعالى :
" فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) " سورة النمل
وقال تعالى :
" قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) " سورة النمل
وهو دين المسيح عليه الصلاة والسلام وحوارييه ..
" فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) " سورة آل عمران .
وقال تعالى :
" وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) " سورة المائدة
وهو دين المهتدين من الجن ..
قال تعالى :
" وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) " سورة الجن
وهو دين المتمسكين بالحق من أهل الكتاب قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام .. قال ىعالى :
" الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) " سورة القصص
ثم هو دين النبي الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام ..قال تعالى :
" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) " سورة آل عمران
وقال تعالى :
" قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) " سورة غافر ..
وقال تعالى :
" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) " سورة المائدة
" مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) 67( " سورة آل عمران
بل ان القرآن الكريم ليقرر في وضوح كامل إن الإسلام دين أهل السموات والأرض .. قال تعالى :
" أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) " سورة آل عمران
وإلى هذا الدين وحده وجه النبي الخاتم رسله .. ورسائله إلى الملوك .. وعظماء الملل وأشهدهم على إسلامه وإسلام من معه .. قال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) " سورة آل عمران .
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-07-2021, 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
النبي الخاتم ..
ولقد أراد الله سبحانه وتعالى لدينه أن يكمل .. ولنعمته أن تتم .. فأرسل النبي الخاتم محمدأ صلى الله عليه وسلم وجعل شريعته عامة وصالحة لكل زمان ومكان ..
والحديث عن ( النبي الخاتم ) وعن ( عموم رسالته ) يحتاج منا إلى وقفة قد تطول .. وقد تقصر؟
إن الله سبحانه وتعالى الذي أراد لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أن تكون عامة وتامة وخاتمة وشاملة وكاملة هو الذي قيض لها عوناً لم یکن لغيرها من الرسالات .. وأمدها بمدد مكنها من الخلود والانتشار .. وفي تاريخ الدعوة الإسلامية الخاتمة أمور ينبغي أن يهتم بها الدارسون والباحثون :
** فمن هذه الأمور : ( الدقة في تسجيل حياة الرسول وهدیه ) ..
إن الاهتمام البالغ برصد أعمال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأقواله ليس له نظير في رصد تحركات أي نبي أو رسول .. حتى الأنبياء الأقرب عهداً والذين تدعي جماهير كبيرة من البشر الإيمان بهم .. واتباعهم .. كموسى وعيسی ...!
إنه ليس لدينا - على الإطلاق - وثيقة كاملة تتحدث بوضوح عن (حياة المسيح عليه السلام) وهو ... خاتم الأنبياء من بني إسرائيل.. فضلا عن غيره من الأنبياء والرسل ..
والكتابات التي بين أيدينا .. تعطينا صورة - لا أقول : واضحة الملامح - عن الأيام الخمسين الأخيرة من حياة المسيح !!
يقول القس الدكتور شارلس اندرسن اسکات في مقال له في دائرة المعارف البريطانية :
« ينبغي أن يتنازل الإنسان عن محاولة وضع كتاب في سيرة المسيح بكل صراحة .. فإنه لا وجود للمادة والمعلومات التي تساعد على تحقيق هذا الغرض .. والأيام التي توجد عنها بعض المعلومات لا يزيد عددها على خمسين يوما .. » ( ط 14 ، ج 13 ، ص 171 )
وهذا الذي قرره ذلك القس .. ونشرته دائرة المعارف البريطانية .. يتعارض مع ما كان سائدا في العالم المسيحي حتى عهد قريب ...
لقد كان السائد أن ( أسفار العهد الجديد ) تتضمن أخبار السنوات الثلاث الأخيرة من سيرة المسيح وأخباره !!
وهذا الذي قرره ويقرره علماء المسيحية .. يخالف تماما ما سجله ونقله الرواة عن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم قدموا لنا سجلا كاملا وأمينا عن دقائق وحقائق حياته ...!
لقد رصد صحابته حياته .. منذ البدء وإلى النهاية ، وكتبوها بكل عناية في دواوين السنَّة وكتب المغازي والسير ..
إن الكتب التي روت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحداثها كتب كثيرة ... فمنها :
(كتب السير ) وهذه رصدت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأرّخت لها .. و(كتب المغازي ) وهذه عرفت بغزواته وبعوثه وسراياه .. والأخلاق التي كان يتحلى بها في حروبه .. وكيف كان يتعامل مع أعداء دعوته إن أمكنه الله منهم ..
و (كتب الهدي ) مثل : « زاد المعاد ، في هدي ، خير العباد » وهذه الكتب تنقل لنا اسلوب النبي وهديه في عبادته .. ونسكه .. وزواجه .. ومعاشرته لأهله .. ومعاملاته مع الناس ..
و (كتب الشمائل ) وهي تحدثنا عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلقية والخُلفية .. أي .. الجسمية والعقلية والروحية ..
و (کتب الخصائص ) وهي تتضمن ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم من ميزات لا يشاركه فيها أحد ..
و (کتب الاذكار .. وأعمال اليوم والليلة ) وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ربه ويسبحه ويحمده ويمجده ويدعوه على كل حال .. وفي كل مجال ..
ثم هناك ( الصحاح .. والسنن .. والمسانید ) ... وأسجل هنا .. بكل صدق وحق .. أن أرقی کتب المسيحيين سندا .. وأعلاها رواية .. لا تصل إلى الدرجة الرابعة أو الثالثة ... من كتب السنن والآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم !! هذا - فضلاً - على ما رواه القرآن وحكاه .. عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه - كما تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .. وحينما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت كلمتها المشهورة :
( كان خلقه القرآن ) ..؟
** إن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته .. والعناية الفائقة بتسجيل جميع أقواله وأفعاله وتقريراته .. كل ذلك يشير إلى أنه خاتم النبيين والمرسلين !! ..
دعوة المسيح .. دعوة خاصة ..
لقد كانت دعوة المسيح خاصة ببني إسرائيل .. وقد صرح بأنه لم يبعث إلا ليرعى خراف بني إسرائيل الضالة :
" لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " متی ( 15: 24).
ولهذا اقتصرت رسالته على قراهم وأرضهم والمنتسبين إليهم .. ولما جاءته امرأة كنعانية تستعطفه .. وتطلب إليه أن يدعو لابنتها المريضة .. قال لها العبارات التي نقلناها آنفا :
" ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب " متی (15: 26) ..
وفي القرآن الكريم .. آيات تدل على أن المسيح عليه السلام كان رسولا إلى بني إسرائيل، منها قوله تعالى :
" إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) " سورة آل عمران .
وقوله تعالى :
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) " سورة الصف
وقوله تعالى :
" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) " سورة الصف ..
ومن الأمور التي جعلت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة :
** حفظ الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم من التغيير والتبديل والتحريف ..
والقرآن الكريم بهذه الخاصية الفريدة يخالف غيره من الكتب المنزلة .. حتى أقربها عهدا (كالإنجيل) ..
وقد أحسن العالم المستشرق المهتدي ( آیتین دینیه) الفرنسي .. في وصف هذه الأناجيل التي يطلق عليها ( العهد الجديد ) وتحديد قيمتها العلمية والتاريخية .. يقول بكل تدقيق وتحقيق :
*** أما أن الله سبحانه قد أوحى الإنجيل إلى عيسى بلغته ولغة قومه .. فالذي لا شك فيه .. أن هذا الإنجيل قد ضاع واندثر .. ولم يبق له أثر أو أنه أبيد .. ( أضواء على المسيحية للأستاذ متولي يوسف شلبي ص 52، 53 ( الدار الكويتية )
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
11-28-2021, 08:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الناس ..
اسمحوا لي أن أقول لكم بصراحة : إنه من السهل أن يذهب من يريد إلى المطبعة .. ومعه نسخة محرفة من الإنجيل ، فيطبعها ثم ينشرها في الأسواق ..
إن أحداً لن يثور على هذا العمل ... بل ستتلقاها الدوائر المسيحية بقبول .. وستصبح بعد قليل مرجعاً تستقي منه العقيدة المسيحية ...!
إن هذا الكلام الذي أقوله ... ليس وليد الخيال المجنح ... بل هو ما حدث فعلا ... واقرأوا هذه القصة - ...
لقد قامت ( دار النشر اليهودية ) بالقدس بإصدار طبعة محرفة لأسفار العهد الجديد عام 1970 م .. وقامت بترجمتها بمختلف لغات العالم .. ومن بينها اللغة الإنجليزية .. التي كانت تقوم على توزيعها .. وكالة (رید) بلندن .. وقد جاء في مقدمة هذه الترجمة المحرفة لأسفار العهد الجديد ما يلي :
« إن هذه الترجمة اليهودية والمعتمدة للعهد الجديد يمكن وصفها بأنها العهد الجديد خالية من معاداة السامية -
إن التعديلات التي أدخلت هنا على ترجمة عام 1611 (الإنجليزية المعتمدة إلى الآن ) يمكن إثباتها من المصادر الأولى .. وقد اختيرت جميعها لهدف واحد هو : التخلص - بقدر ما تسمح به الحقيقة - مما تحتويه تلك الترجمة النكدة .. والتي تهدف إلى بذر العداوة بين المسيحيين واليهود ..
إن تعاليم العهد الجديد الحقيقي تتضمن المحبة بدلا من تلك الكراهية القاتلة .. وعلى هذا الأساس .. فإن هذه الترجمة اليهودية يحق لنا أن نقول بأنها الترجمة المسيحية الصادقة .. وفيما عدا ذلك من تعديلات .. فإن نصوص هذه الترجمة تبقى كما هي في ترجمة عام 1611 م ..
إن هذه الترجمة تمثل إعلانا تأخر كثيراً عن موعده للتقارب بين المسيحية واليهودية ..
سبحان الله ...
لقد قام اليهود بتحريف العهد الجديد - أسفار المسيحية - لتنقيتها مما يسيء إليهم حتى تسود المحبة بينهم وبين المسيحيين ...
فماذا كان رد الفعل عند المسيحيين إزاء هذا العمل الخطير ؟
لا شيء ... أيها السادة ... لا شيء !
لقد صمت المسيحيون تماما ... وكأن الأمر لا يعنيهم في قليل ولا كثير ...!
فلم يتحرك واحد منهم على الإطلاق ... سواء من الكنسيين .. أو الكتَّاب والمفكرين ! بل إن الذي نبه إلى ذلك العبث اليهودي بالأسفار المسيحية إنما هم الكَّتاب الإسلاميون !
لقد أثاروا موضوع تحريف الأناجيل .. وبقية أسفار العهد الجديد في مؤتمرات إسلامية مسيحية عقدت في قرطبة وطرابلس والقاهرة .. وكان موقف رجال الدين المسيحي هو الصمت التام .. والاكتفاء بالنظر في وجوه العلماء المسلمين وفي أيديهم النسخة المحرفة .. تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ...!
ألا... شتان ما بين موقف المسيحيين من كتبهم المقدسة .. وبين موقف المسلمين من القرآن الكريم .
أما القرآن الكريم .. فشأنه يختلف عن شأن جميع الكتب السماوية كل الاختلاف .. فقد تكفل الله بحفظه وسلامته من كل تحريف أو تبديل أو زيادة أو نقص .. قال تعالى :
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) " سورة الحجر ..
" وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) " صورة فصلت ..
" لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) " سورة القيامة ..
وقد اتفقت كلمة المستشرقين .. وعلماء الغرب المحققين .. على أن القرآن الكريم محفوظ في السطور والصدور .. وأنه لم تحذف منه كلمة .. ولم تزد عليه كلمة ..
ومن هؤلاء ( السير ولیم میور ) في كتابه : (حياة محمد) وقد عرف ( وليم ) هذا بتحامله على الإسلام .. وعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. قال :
" لم يمض على وفاة محمد ربع قرن حتى نشأت منازعات عنيفة .. وقامت طوائف .. وقد ذهب عثمان ضحية هذه الفتن .. ولا تزال هذه الخلافات قائمة .. ولكن القرآن ظل كتاب هذه الطوائف الوحيد .. إذ أن اعتماد هذه الطوائف جميعا على هذا الكتاب تلاوة .. برهان ساطع على أن الكتاب الذي بين أيدينا اليوم .. هو الصحيفة التي أمر الخليفة المظلوم بجمعها وكتابتها .. فلعله هو الكتاب الوحيد في الدنيا الذي بقي نصه محفوظاً من التحريف طيلة 1442 سنة " ..
ومنهم (وهيري) في تفسيره للقرآن قال :
" إن القرآن أبعد الصحف القديمة بالإطلاق عن الخلط والإلحاق وأكثرها صحة وأصالة " ( ج1 ص 349 ) » ..
ومنهم (يامر ) مترجم القرآن المعروف إلى اللغة الإنجليزية .. جاء في كتابه :
" لم يزل نص القرآن الذي رتبه عثمان على الصحيفة المتلقاة بالقبول .. المعتمد عليها عند المسلمين "
ومنهم ( بن بول ) الذي يقول :
" إن أكبر ما يمتاز به القرآن أنه لم يتطرق شك إلى أصالته .. إن كل حرف نقرأه اليوم نستطيع أن نثق بأنه لم يقبل أي تغيير منذ ثلاثة عشر قرنا "
فسيرة النبي صلى الله عليه وسلم المكتوبة بكل أمانة وتحقيق .. والقرآن الكريم الذي تواطأت الصدور والسطور على حفظه ونقله .. كل أولئك يعتبر أمارة صادقة على ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم للنبوات !
إن الزمان والمكان .. وكل الظروف والملابسات .. إن كل أولئك كان مهيأ لاستقبال آخر نبوة !
لقد كانت نبوة فاتحة لعصر العلم .. والعقل والطموح الإنساني لاكتشاف الكون .. واستكناه أسراره !
لهذا كانت رسالة دافعة لا معوقة .. كانت رسالة تفسح مجال العقل إلى منتهاه .. وتدفع العلم إلى مداه .. وترفع الإنسان إلى مدارج رشده وهداه وتقواه ! .. ولقد ذكر القرآن الكريم - بأوضح بيان وأجلى برهان - أن محمداً خاتم النبيين ..
قال تعالى :
" مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40) " سورة الأحزاب
كذلك رویت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى ..
قال - صلى الله عليه وسلم :
" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي .. خلف نبي .. وأنه لا نبي بعدي .. وسيكون خلفاء " ( رواه البخاري ومسلم ) .
وقال :
" إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية .. فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له .. ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة .. فأنا اللبنة .. وأنا خاتم النبيين " (رواه البخاري ومسلم) ..
وقال ..
" فضلت على الأنبياء بست : أعطیت جوامع الكلم .. ونصرت بالرعب .. وأحلت لي الغنائم .. وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراُ .. وأرسلت إلى الخلق كافة .. وختم بي النبيون " ( رواه مسلم والترمذي وابن ماجه ) ..
وقال :
" إن الرسالة والنبوة قد انقطعت .. فلا رسول بعدي ولا نبي " (رواه أحمد والترمذي) ..
وقال :
" أنا محمد .. وأنا أحمد .. وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر .. وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي .. وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي " (رواه البخاري ومسلم).
ولقد صرح القرآن الكريم بأن هذا الدين قد بلغ طوره الأخير من الكمال والوفاء بحاجات البشر .. والصلاحية للبقاء والاستمرار فقال تعالى :
" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) " سورة المائدة
وقد نزلت هذه الآية يوم عرفة .. في حجة الوداع .. سنة عشر للهجرة .. ولم ينزل بعدها - كما تقول أكثر الآثار - حلال ولا حرام .. ولم يعش رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بعد هذا اليوم إلا إحدى وثمانين ليلة ..
ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الوداع التي استمع إليها أكثر من مائة ألف إنسان .. وحفظوها :
" أيها الناس .. إنه لا نبي بعدي .. ولا أمة بعدكم .. ألا فاعبدوا ربکم .. وصلوا خمسكم .. وصوموا شهركم .. وأدوا زكاة أموالكم .. طيبة بها أنفسكم .. وأطيعوا ولاة أمركم .. تدخلوا جنة ربكم .. ( أخرجه ابن جریر في تهذيب الآثار، وابن عساكر ) .. ( كنز العمال ج5 ، ط حلب ) ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
12-19-2021, 09:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
عموم الرسالة المحمدية ..
أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال :
" فُضِّلْتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ: أُعطيتُ جوامعَ الكلِمِ ونُصِرْتُ بالرُّعبِ وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ وجُعِلت لي الأرضُ طَهورًا ومسجدًا وأُرسِلْتُ إلى الخَلقِ كافَّةً وخُتِم بي النَّبيُّونَ "
وقال صلى الله عليه وسلم :
" كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس أجمعين "
وقال الله سبحانه وتعالى .. في القرآن الكريم :
" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (158) " سورة الاعراف ..
وقال عز وجل :
" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا (28) " .. سورة سبأ
ومن العجيب الغريب المريب .. أن بعض النصارى يذهبون إلى القول بأن محمد نبي للعرب خاصة ...
يقولون هذا .. ويرددونه .. ويتشدقون به .. مع وفرة النصوص الكريمة في القرآن والسنة التي تؤكد عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للعالمين ..
بل إن في كثير من نصوص القرآن الكريم دعوة موجهة إلى أهل الكتاب من یهود و نصاری .. وغيرهم من أهل النحل والملل المختلفة في كل البقاع والأصقاع !
وهذه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ورسله .. وجهاده .. لليهود والنصارى وللمجوس وللمشركين - من العرب ومن غيرهم - شاهد صدق على ما نقول !
وفي القرآن الكريم ...
في مواضع كثيرة منه .. ذکر وتنديد بكفر الكافرين من اليهود والنصارى .. وأمر بقتال الظالمين والطغاة منهم .. ودعوة لهم إلى الدخول في الإسلام دين الله الحق ..
قال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) " سورة آل عمران ..
وقال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) " سورة آل عمران ..
وقال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) " سورة النساء ..
وقال تعالى :
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) " سورة النساء ..
وقال تعالى :
" يا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) " سورة المائدة ..
وقال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) " سورة المائدة ..
وقال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) " سورة المائدة ..
وقال تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) " سورة المائدة ..
** قد يقول قائل .. أليس هناك تناقض بن هذه الآيات وبين آيات أخرى ..تقول :
" لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) " سورة آل عمران ..
" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) " سورة يوسف ..
" وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) " سورة الشعراء ..
" وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) " سورة القصص ..
ونقول في الإجابة :
ليس في القرآن الكريم آية واحدة تدل أو تشير إلى أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم مختصة بالعرب وحدهم !!
وإنما فيه إثبات رسالته إليهم .. كما أن فيه إثبات رسالته إلى قريش !!
وليس بين هذين تناقض !!
وكذلك ليس هناك تناقض أي تناقض .. بين أن يوجه القرأن الخطاب إلى أهل الكتاب - كما أسلفنا - وبين أن يوجهه إلى بني إسرائيل .. أو بني آدم .. كما في قوله تعالى :
" ا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) " سورة البقرة ..
" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) " سورة البقرة ..
" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) " سورة البقرة ..
" يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) " سورة الأعراف ..
" يا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ (27) " سورة الأعراف ..
" يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) " الأعراف ..
" يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) " الأعراف ..
فليس التخصيص في توجيه الدعوة الإسلامية .. إلى العرب أو بني إسرائيل بمناف لعموم الرسالة إلى الثقلين !
ولهذا فإن البشرية كلها - بل .. والجن كذلك - مخاطبون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ومسؤولون عن دعوته وعن مدى استجابتهم واتباعهم لها.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ..ىأنه قال :
" إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب "
وأولئك البقايا الذين عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث .. كانوا متمسکین بدين المسيح الحق قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ..
أما منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم .. فمن لم يؤمن به فهو كافر من أهل النار .. كما قال :
" والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
ثم إنه من المعروف أن بني إسرائيل كانوا أكثر الأمم أنبياء .. بعث إليهم موسی وبعث إليهم بعده أنبياء كثيرون ... حتى قيل : إنهم بلغوا الف نبي .. كلهم يلتزمون بشريعة التوراة .. يأمرون بها .. ويدعون إليها .. ولا يغيرون منها شيئا .. ثم جاء المسيح بعد ذلك بشريعة أخرى غير فيها بعض شرع التوراة بأمر الله "
فاذا كان إرسال موسى والأنبياء بعده .. لم يمنع من إرسال المسيح إلى بني إسرائيل ..
فلماذا يرفضون أن يكون محمد رسولا إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى وهم منذ المسيح لم يأتهم رسول من الله .. كما قال تعالى ..
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) " المائدة ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-13-2022, 09:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصادق الأمين ..
** فإن قال قائل : إن الشكوك تراودني في صدق محمد صلى الله عليه وسلم في إدعائه للنبوة .. قلنا له :
أولا : إن الذين يقدحون في محمد صلى الله عليه وسلم عليهم أن يعلموا أن القدح فيه قدح في غيره من الأنبياء .. وأن الشك فيه شك في غيره من الأنبياء .. وأن تبرئة غيره من الأنبياء هو تبرئة له من باب أولى .. إن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من سيرة غيره من الأنبياء .. وكذلك شريعته .. وأمته .. والكتاب الذي أنزل إليه من ربه .. ومعجزاته وهديه !! فمن كذب به وتشكك فيه .. فتكذيبه لغيره .. وشكه فيه أولى ...!
ومن آمن بغيره من الأنبياء .. ونادی باتباعهم .. فإن إيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه أولى .. وأهدى !
ثانيا : ان محمد صلى الله عليه وسلم قد أظهر دين الرسل قبله .. وصدقهم .. ونوه بذكرهم وتعظيمهم .. حتى يحق لنا أن نقول : إن من آمن بالأنبياء والرسل مثل موسى والمسيح وغيرهما .. إنما آمنوا بهم عن طريقه صلى الله عليه وسلم .. بهم الكفار ..
ويحق لنا أن نقول : إن كثيرا من الأمم .. لولا محمد صلى الله عليه وسلم وما قصه عليهم من القصص الحق في أخبارهم وآثارهم .. لم يؤمنوا بهم !!
( ولولا أن القرآن الكريم - ذكر ما ذكر - عن ولادة المسيح وآية الله فيه وفي أمه .. لاعتبر الناس هذا الموضوع أسطورة قديمة .. ) وهذا التعبير .. قاله أحد الأدباء المسيحيين !!
ثالثا : إن في القرآن الكريم آيات كثيرة تثبت شهادة أهل الكتاب له .. وإيمان كثير منهم به .. كما قال تعالى :
" وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) " سورة البقرة
" الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) " سورة البقرة ..
" قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) " سورة الأنعام ..
" وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) " سورة آل عمران
" قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) " سورة الأحقاف
" وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) " سورة الرعد
" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) " سورة الفتح ..
وهذه الآيات القرآنية تشير إلى شواهد كثيرة موجودة في كتب القوم .. من يهود أو نصاری .. وقد نقلنا منها فيما سلف من أحاديث .. الشيء الكثير ..
** فإن قال قائل : إننا لا نقر ولا نعترف بأن في الكتب المقدسة كأسفار العهدين القديم والجديد .. إشارات أو بشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم ..
قلنا لهم : يترتب على قولكم هذا أمران :
الأمر الأول : ألا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم أي كتاب .. يهودي أو نصرانی .. بحجة أن ( القرآن ) قال إنه ( مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) وهو غير مكتوب عندهم لا في التوراة ولا في الإنجيل ...!
لكن ثبت - تاريخياً وواقعياً - غير هذا .. بل وضد هذا .. فإن الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه من اليهود والنصارى .. في القديم والحديث .. أعداد هائلة لا تكاد تنحصر .. وهم لم يؤمنوا به إلا بعد أن قرأوا هذه الآيات .. ووقفوا من كتبهم على هذه البشارات !!
وأمر ثان : هو : أن محمدا صلى الله عليه وسلم ظهر وقهر أهل الكتاب من یهود ونصاری .. وسبی من سبى منهم .. وقتل من قتل من رجالهم .. وأخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ...
فلا بد أن يرد ذكره .. وذكر الأحداث العظام التي جرت عليهم في أيامه ...!
وإذا كان كاذباً أو دعياً - وحاشاه – فلا بد أن يرد في كتبهم التحذير من أتباعه ..!|
ومعلوم أن أهل الكتاب يقولون قولين :
القول الأول : إنه ليس موجوداً في كتبنا ...
والقول الثاني : إنه موجود ومذكور بالمدح والثناء ..
وليس هناك قول ثالث .. يدعي صاحبه أن اسمه أو صفته مذكورة في هذه الكتب بالذم والتحذير ...
ولو كان موجوداً عندهم بالذم والتحذير .. لكان هذا من أعظم ما يحتجون به عليه في حياته .. أو يواجهون به أتباعه بعد مماته .. ويحتج به من لم يسلم منهم على من أسلم ...
فانه من المعلوم أن كثيرا من أهل الكتاب - كانوا .. وما زالوا يبغضونه صلى الله عليه وسلم ويضمرون ويظهرون له من العداوة والتكذيب الشيء الكثير ... مما دفعهم إلى افتراء أمور خيالية وهمية ونسبتها إليه ... حتى آل الأمر ببعضهم إلى أن فسروا قول المسلمين ( الله أكبر) بأن ( أكبر) هذا صنم .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتعظيمه وعبادته !!
**** إن قوما وصل بهم الافتراء والكذب إلى هذه الغاية ... كان يمكنهم أن يظهروا ما في كتبهم من تكذيبه والتحذير منه .. لكنهم لم يفعلوا لأن كتبهم خالية من هذا الادعاء !!
رابعا : إن من ادعى النبوة - وكان صادقا - فهو من أفضل خلق الله تعالى .. وأكملهم في العلم والدين ... إذ لا شك أن رسل الله وأنبياءه هم أفضل الناس .. وأعدل الناس .. وأبر الناس .. وأهدى الناس ... وإن كان بعضهم أفضل من بعض ۰۰
كما قال تعالى عن الرسل :
" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ (253) " سورة البقرة
وكما قال سبحانه عن الأنبياء :
" وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) " سورة الاسراء
اما من ادعى النبوة - وكان كاذبا - فهو من أكفر خلق الله وأفجرهم وشرهم .. كما قال تعالى :
" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ (93)" سورة الانعام ..
وقال تعالى :
" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) " سورة الزمر
وقال تعالى :
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) " سورة الزمر
*** فالكذب أصل الشر .. وأعظم الكذب ما كان كذبا على الله عز وجل ...
*** والصدق أصل الخير .. وأعظمه الصدق في التبليغ عن الله تبارك وتعالى ..
وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"عليكم بالصدق .. فإن الصدق يهدي إلى البر.. وإن البر يهدي إلى الجنة .. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتی یکتب عند الله صديقا .. وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور.. وإن الفجور يهدي إلى النار .. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتی يكتب عند الله كذابا "
وهذا المعنى يعرفه العقلاء من بني الإنسان .. ولهذا .. فإنه ينبغي لنا أن ننقل هذه المناقشة الواعية الدقيقة التي تمت بين (هرقل ) وبين ( أبي سفيان ) .. وهي مناقشة تنم عن فهم .. وعلم .. وعقل .. اتسم بها ( هرقل ) ...!
كان ( هرقل ) هذا... ملكا على النصارى في زمان النبي النبي صلى الله عليه وسلم ولما أرسل إليه النبي النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام .. سأل عن عشرة أمور كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما .. قال :
" حدثني أبو سفيان بن حرب من فَيْه إلى فيَّ ، قال : انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم هدنة .. قال : فبينا أنا بالشام .. إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل .. قال : وكان دحية الكلبي جاء به فدفعه إلى عظیم بصرى إلى هرقل ..
فقال هرقل : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟
قالوا : نعم
قال : فدعيت في نفر من قريش .. فدخلنا على هرقل .. فأجلسنا بين يديه .
قال : أيكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟
قال أبو سفيان : قلت أنا ..
فأجلسوني بين يديه .. وأجلسوا أصحابي خلفي .. فدعا بترجمانه .. فقال :
قل لهم : إني سائل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه ..
قال : فقال أبو سفيان : وأيم الله لولا مخافة أن يؤثرعلي الكذب لكذبت عليه ..
ثم قال الترجمانه : سله : كيف حسبه فيكم ؟
قال : قلت : هو فينا ذو حسب ..
قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟
قلت : لا
قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟
قلت : لا
قال : ومن اتبعه ؟ أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟
قلت : بل ضعفاؤهم ..
قال : أيزيدون أم ينقصون؟
قلت : لا .. بل يزيدون ؟
قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟
قال : قلت : لا ..
قال : فهل قاتلتموه ؟
قلت : نعم ..
قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟
قال : قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا .. يصيب منا ونصيب منه ؟
قال : فهل يغدر ؟
قلت : لا .. ونحن منه على مدة ما ندري ما هو صانع فيها ..
** قال : فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غيرهذه ..
قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟
قال : قلت : لا ..
قال : ماذ يأمركم ؟
قلت : يقول : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا .. واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ..
قال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن حسبه .. فزعمت أنه فيكم ذو حسب .. وكذا الرسل تبعث في أحساب قومها ..
وسألتك : هل كان من آبائه من ملك ؟ فزعمت أن لا .. فقلت : لو كان من آبائه من ملك .. قلت : رجل يطلب ملك أبيه ..
وسألتك : عن أتباعه .. أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم .. وهم أتباع الرسل ..
وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت : أن لا .. فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يكذب على الله ..
وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟
فزعمت : أن لا .. فكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب ..
وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون .. وكذلك الإيمان حتى يتم ..
وسألتك : هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه .. فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا .. ينال منكم .. وتنالون منه .. وكذلك الرسل لا تغدر ..
وسألتك : هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت : أن لا .. فقلت : لو قال هذا القول أحد قبله قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله ..
ثم سألتك : بم يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف ..
قال : إن يكن ما تقول فيه حقا : إنه لنبي .. وقد كنت أعلم أنه خارج .. ولم أكن أظنه منكم .. ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه .. ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه .. وليبلغن ملکه ما تحت قدمي ..
ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإذا فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم ..
من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم .. سلام على من اتبع الهدی أما بعد ..
فإني أدعوك بدعاية الإسلام .. أسلم تسلم .. وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين .. وإن توليت فإنما عليك إثم الإريسيين – الفلاحين .. والعامة - " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) " سورة آل عمران
وفي رواية : فماذا يأمركم به ؟
قال : يأمرنا أن نعبد الله وحده .. ولا نشرك به شيئا .. وينهانا عما كان يعبد آباؤنا .. يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف .. والوفاء بالعهد .. وأداء الأمانة فقال : هذه صفة نبي ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-14-2022, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
خامسا : نزول القرآن الكريم عليه .. مع أنه (( أمّيّ )) لم يذهب إلى مدرسة .. ولم يجلس إلى معلم .. ولم يهاجر في طلب علم ..
قال تعالى : " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) " سورة العنكبوت
وقال تعالى " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)" سورة يونس ..
وتأملوا - إن شئتم - قوله تعالى :
" فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ "
*** وهذ العمر الذي لبثه فيهم .. والذي بلغ أربعين عاما !!
لم يؤثر عنه في خلالها علم .. ولا شعر .. ولا بلاغة .. ولا فصاحة ...!
فلما بلغ الأربعين تحدث ... وتحدث كثيرأً بالعلم النافع .. والهدي القويم .. والخير العميم ...!
وتحول ( الأميُّ ) إلى معلم ... لا معلم مدرسة أو منطقة أو مدينة أو قبيلة أو دولة ... وليس معلم زمان واحد .. أو جیل فريد ...!
وإنما أصبح معلما للدنيا بأسرها .. بكل ألوانها وأجناسها .. معلمأً لكل العصور والدهور ..!
قال الله تعالى :
" وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) " سورة النساء
إنه لم يتكلم من عند نفسه .. ولم ينطق بقوة جنانه .. أو بروعة بيانه .. أو بفصاحة لسانه .. ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي علمه الحكمة وفصل الخطاب ..
وقد علمه الله أن يقول في دعائه :
" فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) " سورة طه
وقال تعالى مبيناً التحول العظيم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم .. وكيف أنه سبحانه وحده هو الذي علمه ورباه .. وزكاه :
" وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) " سورة الشوى ..
وقال عنه .. وله :
" بسم الله الرحمن الرحيم. وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) " سورة الضحى.
والقرآن الكريم .. وهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى .. وهو النص الوحيد الباقي لدين الله وهدايته .. ومراده من عباده !
وهو المتعبد بتلاوته .. والمتحدى بأقصر سورة منه !
**** وهذا هو السر في انتشار ( رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ) وشيوعها في الخافقين .. مع قلة ما يبذل في سبيلها - وبخاصة في هذا الزمان - من جهود .. إذا قيست بما يقيمه أعداؤها في سبيلها من عقبات !!
إن الإسلام ...
وإن القرآن ...
وإن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ...
إن هذا الخير الكبير .. ينتشر .. ويمتد في انتشاره .. حتى بين البلاد التي يسمونها ( العالم الجديد ) بلاد النور .. والحرية .. وحقوق الإنسان !!
لقد قال أحد الأدباء الإنجليز المشهورين : (جورج برنارد شو) :
" وإذا كان لنبوءات كبار الرجال أثر .. فإنني أتنبأ بأن دین محمد .. قد بدأ يكون مقبولا لدى أوروبا اليوم .. وسيكون مقبولا لديها أكثر غداً .. وسيكون دین الإنسانية جميعاً قبل الصيحة الأخيرة " ..
وقد ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
" ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر .. وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " ..
وسادسا وسابعا : فإن الدلائل والبراهين .. القائمة الشاهدة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى نبوته أكثر من أن تحصى أو تستقصی :
فصحابته رضوان الله عليهم من أمارات صدقه .. فالذي يدرس حياتهم في الجاهلية والإسلام .. فرادى أو جماعات يجد عجبا ...
أمة متنابزة متخاصمة .. بينهم تراث وعداوات .. تقوم الحروب بينهم .. ولا تهدأ الا لتبدأ .. وهذه الحروب القائمة الدائمة المستمرة .. تشعلها أوْهَی الأسباب .. ولا تطفئها كل الجهود والمساعي ...!
هذه الأمة .. تحولت - بعون الله ومدده – إلى أمة متحالفة .. متآلفة .. متكاتفة .. قوية ... يقول عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم :
" المسلمون تتكافأ دماؤهم .. ويسعى بذمتهم أدناهم .. وهم يد على من سواهم "
ويقول الله سبحانه وتعالى عنهم :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) " سورة آل عمران
وقال تعالى :
" وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) " سورة الأنفال ..
ونقول باختصار - وباختصار شديد :
إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم .. من آیاته .. وأخلاقه .. وأقواله .. وأفعاله ..
وشريعته من آیاته ...
وأمته من آیاته ...
وغزواته من آیاته ... وعلم أمته ودينهم من آیاته ...
وكرامات صالحي أمته من آیاته ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
03-12-2022, 09:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
المعجزات الحسية
فإن قال قائل :
فأين معجزات محمد صلى الله عليه وسلم الحسية ؟
فإننا نقول :
إن عد ذلك يحتاج إلى صفحات وصفحات .. بل إلى كتب ومجلدات لكننا نكتفي بإشارات وتلميحات .. ومن أراد المزيد .. والتفصيل .. فليتبع ذلك في مظانه من كتب الحديث والسير والتواریخ .. فهي مليئة بما يروي الغلة ويشفي العلة .. يقول ابن تيمية عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم الحسية :
" قد جمعت نحو ألف معجزة " - ( الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان - ص 125 ) ..
ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة .. منها :
1- إخباره أصحابه بفتح مكة وبيت المقدس واليمن والشام والعراق .
2 - وأن خيبر تفتح على يد علي رضي الله عنه في غد يومه .
3 - وأنهم يقسمون كنوز ملك فارس وملك الروم .
4 - وأن فارس .. نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أبدا .. والروم ذات قرون كلما هلك قرن خلف مكانه قرن .. أهل صخر وبحر .. وهيهات آخر الدهر .
5 - وأن الله زوى له الأرض فرأى مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمته ما زوی له منها .
6 - ولا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى .
7 – وأن الفتن لا تظهر ما دام عمر حياً .
8 - وأن عثمان يقتل وهو يقرأ في المصحف ..
9 - وأن أشقى الآخرين من يصبغ هذه من هذه يعني : لحية على من دم رأسه ..
10- وأن عماراً تقتله الفئة الباغية .
11- وأن الخلافة بعده في أمته ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضأ بعد ذلك ..
12 - وأنه يكون في ثقيف كذاب ومبير .. أي مهلك .. فرأوهما المختار والحجاج ..
13 - وأن أمته يغزون في البحر كالملوك على الأسرة .. ففي الصحيحن :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان من خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع وكانت تحت عبادة بن الصامت .. فدخل عليها يوما فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام .. ثم استيقظ يضحك .. فقالت : مم تضحك ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله .. يركبون ثبج هذا البحر .. ملوكاً على الأسرة .. أو كالملوك على الأسرة .. فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم .. فقال : أنت من الأولين .. فركبت البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها بعد خروجها منه .. فهلكت " ( صحيح مسلم ، کتاب الإمارة باب فضل الغزو في البحر 1518/3 ، ح 1912م بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى ) ..
14 - وأن فاطمة رضي الله عنها أول أهله لحوقا به .. فماتت رضي الله عنها بعد ستة أشهر من وفاته صلى الله عليه وسلم ..
15 - وقال عن الحسن بن علي رضي الله عنهما : " إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين ".. ووقع كما أخبر .. فأصلح الله به بین أتباعه وأهل الشام ..
16 - وأن أبا ذر .. يعيش وحيداً .. ويموت وحيداً ..
17- وأن أسرع أزواجه لوحقاً به أطولهن يدأ .. فكانت زینب بنت جحش رضي الله عنها أسرعهن لحوقا به لطول يدها بالصدقة ..
18 - وأن سراقة بن جعشم .. سیلبس سواري کسری ..
19 - وقال لخالد رضي الله عنه حين وجهه لأكيدر : إنك تجده يصيد البقر ..
20- في البيضاوي .. وغيره : إنه لما طلعت قريش من العقنقل قال صلى الله عليه وسلم :
" هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك .. اللهم إني أسألك ما وعدتني .. فأتاه جبريل عليه السلام .. وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها .. فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء فرمى بها في وجوههم .. وقال : شاهت الوجوه .. فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه .. فانهزموا .. وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم .. ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر .. فيقول الرجل قتلت .. وأسرت " . أ.هـ.
وفي هذا يقول الله تعالى :
" وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى " سورة الأنفال
21 - نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم في مواطن متعددة ..
وهذه المعجزة أعظم من تفجر الماء من الحجر كما وقع لموسى عليه السلام .. فإن ذلك من عادة الحجر في الكثير الغالب .. وأما أن يحدث ذلك من أصابع هي لحم ودم .. فلم يعهد من غيره صلى الله عليه وسلم ..
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر .. فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه .. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء .. فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء .. وأمر الناس أن يتوضأوا منه .. قال فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ الناس حتى توضأوا عن آخرهم "
وهذه المعجزات صدرت بالزوراء عند سوق المدينة ..
وعن جابر رضي الله عنه قال :
" عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها وأقبل الناس نحوه .. وقالوا : ليس عندنا ماء إلا ما في ركوتك فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة .. فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون " وكان الناس ألفا وأربعمائة ..
22- عن جابر رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه .. فاستطعمه شطر وسق شعير .. فما زال يأكل منه وامرأته وضيفه حتی کاله .. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " لو لم تكله لأكلتم منه ولقام بكم " ( أخرجه أحمد في المسند 3/ 337 ، 347 ، وابن ماجه في الفضائل 8/642/2 ) ..
ومعجزة تكثير الطعام بدعائه صلى الله عليه وسلم مروية عن بضعة عشر صحابياً .. ورواه عنهم اضعافهم من التابعين .. ثم من لا يعد بعدهم ولهذا نظائر مروية عن الأنبياء السابقين ..
كما يظهر من معجزة إيلياء عليه السلام في تكثير الدقيق والزيت في بيت امرأة أرملة .. سفر الملوك الأول (17: 13-15 )
وكذلك معجزة اليشع عليه السلام في تكثير عشرین خبزاً من شعير وسنبل مفروك في منديل حتى أكل مائة رجل وفضل ( سفر الملوك الثاني ( 4: 42-43 )
وكذلك معجزة المسيح عليه السلام في تكثير خمسة أرغفة وسمكتين .. إنجيل متى ( 14).
23 - عن جابر رضي الله عنه .. كان المسجد مسقوفاً على جذوع نخل .. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها .. فلما صنع له المنبر .. سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار .. وفي رواية أنس : حتى ارتج المسجد لخواره .. وفي رواية سهل : وكثر بكاء الناس لما رأوا ما به .. وفي رواية المطلب : حتى تصدع وانشق حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم ووضع يده عليه فسکت !
24 - عن ابن عباس رضي الله عنهما .. قال : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم مثبتة الأرجل بالرصاص في الحجارة .. فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد عام الفتح جعل يشير بقضيب في يده إليها ولا يمسها .. ويقول :
" وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) " الاسراء.
فما أشار إلى وجه صنم إلا وقع لقفاه .. ولا لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم ..
25 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن عين قتادة ابن النعمان أصيبت حتى وقعت على وجنته .. فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت أحسن عينيه ..
26 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه .. قال : قالت أمي : يا رسول الله .. خادمك أنس .. ادع الله له .. فقال : اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما آتيته .. قال أنس : فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليعادون اليوم نحو المائة ..
27 - إسراؤه ومعراجه صلى الله عليه وسلم قال تعالى :
" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) " سورة الاسراء
*** ولا يحق لواحد من النصارى أن ينكر إسراء النبي ومعراجه .. لأن مثله ثابت في كتبهم لإيلياء وغيره .. ففي العهد القديم :
" وكان عند إصعاد الرب إيليا في العاصفة إلى السماء أن إيليا واليشع ذهبا من الجلجال " سفر الملوك الثاني ( 2: 1 ) ..
وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء " ( سفر الملوك الثاني ( 2: 11 ) ..
28 - انشقاق القمر .. لقوله تعالى :
" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) " سورة القمر ..
فعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال : " ألا إن الساعة قد اقتربت .. وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم " ..
29 - ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على كسرى حين مزق كتابه أن يمزق الله ملکه .. فلم تبق له باقية ..
30- تسليم الأحجار عليه .. وتسبيح الحصى في كفيه ..
ولو رحنا نتتبع هذا كله .. لما اتسع المقام ولا المقال .. ولكننا نجتزئ مما ذكرناه .. ومن أراد « الزيادة » و « التفصيل » فعليه بكتابي :
ا- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح .. لشيخ الإسلام ابن تيمية ..
۲- إظهار الحق .. للشيخ رحمة الله الهندي ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
04-07-2022, 10:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** فإن قال قائل : إن ما ذكرته وما نقلته من هذه المعجزات الحسية .. لم نره .. ولم نشاهده .. ولم نحس به .. فلا يكون حجة علينا !! |
قلنا له : وكذلك معجزات المسيح وغيره من الأنبياء لم نرها .. ولم نشاهدها .. ولم نحس بها !!
** فإن قال قائل : لكن تواترت روايات الثقات بهذا ؟
قلنا له : إن ( الرواية الإسلامية ) هي أدق الروايات واضبطها على الإطلاق .. أما ( الرواية المسيحية ) فهي رواية يعتريها الشك من كل أقطارها !
ثم إن ( المعجزة الحسية ) هي كل شيء بالنسبة لهذه الديانات .. فإن ثبتت صحت هذه الديانات .. وإن انتقت أو دخلها الشك .. بطلت هذه الديانات !
أما الإسلام ... الدين الخاتم ... الذي جاء به النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم .. فإنه لم يركز على المعجزة الحسية وحدها ... وإنما ركز على المعجزات المعنوية ... وفي قمتها القرآن الكريم ..
والقرآن الكريم معجزة عقلية معنوية باقية لا يهون من جلالها مرور الزمان .. وتقادم الأيام .. بل إن الزمان كلما تقادم زاد هذا القرآن جدة وقوة وإعجازاً .. فالزمان عنصر من الإعجاز في القرآن ...!
إن الإسلام دين معجز .. بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ومجالات واتجاهات !
فهو معجز في تشريعه ...!
وهو معجز في تاريخه ...!
وهو معجز في دائرة معارفه ...!
وهو معجز في فتوحاته وانتصاراته ...!
***
*** فإن قال قائل : إن القرآن ينفي ( المعجزات الحسية ) عن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في سورة الأنعام :
" وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) "
وكما جاء في سورة الإسراء :
" وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) "
قلنا له :
الذي يفهم من هذه الآيات .. وما شاكلها .. نفي المعجزات المقترحة .. ولا يلزم من نفي المعجزات المقترحة نفي المعجزات مطلقا ..
إذ أنه ليس حتما على الأنبياء أن يظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون !!
بل - على العكس - فهم لا يظهرون المعجزة إذا كان طلبها منطوياً على العناد والامتحان والاستهزاء ...
*** ولذلك نظائر في كتب القوم .. لا أدري لماذا يغفلون عنها .. تقول أسفار العهد الجديد :
" فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه فتنهد بروحه .. وقال : لماذا يطلب هذا الجيل آية. الحق أقول لكم لن يعطي هذا الجيل آية " إنجيل مرقس ( 8: 11-12) ..
ومعنى هذا النص أن الفريسين طلبوا معجزة من المسيح عليه الصلاة والسلام على سبيل الامتحان .. فما أظهر معجزة .. ولا أحال - في ذلك الوقت - إلى معجزة لا وعد بإظهار معجزة فيما بعد ..!
بل قال :
" لن يعطي هذا الجيل آية "
** وهذا يدل على أنه لن تصدر عنه معجزة إطلاقا ..!
*** لأن لفظ الجيل يشمل جميع الذين كانوا في زمانه !
وليس هذا هو النص الوحيد .. الذي نقلته إلينا أسفار العهد الجديد .. فهناك نصوص أخرى :
ففي إنجيل لوقا :
" وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدا لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة .. وترجى أن يرى آية تصنع منه .. وسأله بکلام کثیر فلم يجبه بشيء .. ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد . فاحتقر هيرودس مع عسكره واستهزأ به وألبسه لباسا لامعا ورده إلى بيلاطس " ( 23: 8-11 ) ..
وفي إنجيل لوقا أيضا :
" والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه .. وغطوه وكانوا يضربون وجهه .. ويسألونه قائلين : تنبأ .. من هو الذي ضربك وأشياء أخرى كثيرة كانوا يقولون عليه مجدفين " لوقا ( 22: 63-65 )
وفي إنجيل متى :
" وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين : يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلص نفسك . إن کنت ابن الله فانزل عن الصليب . وكذلك رؤساء الكهنة أيضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا : خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به قد أتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده . لأنه قال : أنا ابن الله . وبذلك أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعیرانه " ( متى ( 27: 39-44 )
وفي إنجيل متى أيضا :
" حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلین یا معلم نريد أن نرى منك آية . فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي . لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال " ( متى 12: 38-40 ) ..
*** ولنا على هذا النص ملاحظتان :
الملاحظة الأولى : أن المسيح قد وعد بمعجزة لم تصدر عنه .. لأن المسيح صلب قريباً من نصف النهار من الجمعة كما يعلم من الإصحاح التاسع عشر من إنجيل يوحنا ..
ومات في الساعة التاسعة .. وطلب يوسف جسده من بيلاطس وقت المساء فكفنه ودفنه كما هو واضح من إنجيل مرقس ..
فدفنه لا محالة كان في ليلة السبت ..
وغاب هذا الجسد عن القبر قبل طلوع الشمس من يوم الأحد كما هو واضح في إنجيل يوحنا .. فما بقي في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال – كما قال – وإنما بقي يوم وليلتين !!
والملاحظة الثانية : أن ( قيامه من الأموات ) لم يره الكتبة والفريسيون بأعينهم .. لأنهم هم الذين طلبوا الآية .. ولأنهم هم الذين وعدوا بها !!
وفي إنجيل متى أيضا :
" فتقدم إليه المجرب وقال له : إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا . فأجاب وقال . مکتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .. بل بكل كلمة تخرج من فم الله . ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل .. وقال له : إن کنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل .. لأنه مکتوب أنه يوصي ملائكته بك .. فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصطدم بحجر رجلك . قال له يسوع : مكتوب أيضا لا تجرب الرب إلهك " ( إنجيل متى ( 4: 3-7 ) ..
*** ففي هذا النص نرى أن إبليس طلب من المسيح عليه السلام - على سبيل الامتحان - معجزتين .. فما أجاب إلى واحدة منهما !!
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
07-06-2022, 10:45 PM
الجهاد في الإسلام ..
و... بين يدي سؤال عن السيف .. وانتشار الإسلام بالسيف .. وهو سؤال مکرر ومعاد ... وليست هذه أول مرة يثار فيها .. ولن تكون آخر مرة !!
وليست هذه أول مرة يجاب فيها على هذا السؤال .. ولن تكون آخر مرة !!
لآن قائمة ( النحل الفاسدة ) قائمة محفوظة .. تلقى إلقاء بدون وعي ولا بصيرة !
وكأن الله - سبحانه وتعالى - أراد .. لرجال الكهنوت أن يحتفظوا بقائمة الاتهامات هذه ... وأن ينشروها بين أتباعهم ... ومن يريدون إيقاعهم في شباكهم وشراكهم ...! .
لتكون هذه القائمة ... كما أرادوا لها أن تكون !... صداً عن سبيل الله .. وصرفاً للناس عن دين الهدى والحق ...!
ولكنها تصبح إمارة هدى .. وإشارة براءة .. وبشارة حق .. كما أراد الله لها أن تكون ..! وفرق كبير وهائل ... بين ما يريده الله ... وما يريده الطغاه !
لقد أمر الله المسلمين بأن يجادلوا الناس جميعا بالتي هي أحسن سواء أكانوا من أهل الكتاب .. كما قال تعالى :
" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) " سورة العنكبوت
أم كانوا من غيرهم .. كما قال تعالى :
" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) " سورة النحل ..
وهذه الآيات وأمثالها .. لا تناقض ما جاء في قوله تعالى :
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) " سورة النساء ..
فالجمع بين ( الجدال ) و ( الجهاد ) وهو أسلوب الإسلام ومنهجه .. ولكل منهما موضعه .. إذ إن كلاً منهما ينفع حيث لا ينفع الآخر.. وإن استعمالهما جميعاً أبلغ في إظهار الهدى ودين الحق ..
فمن كان من أهل الذمة والعهد والمستأمن منهم لا يجاهد بالقتال .. فهو داخل ضمن أمر الله بدعوته ومجادلته بالتي هي أحسن .. وليس داخلاً فيمن أمر الله بقتاله ..
ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في خطبته عند وفاته :
" وأوصي الخليفة من بعدي بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم .. وإن يقاتل من ورائهم .. ولا يكلفوا إلا طاقتهم "
وهذا امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه من حقه أو كلفه فوق طاقته .. أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس .. فأنا حجيجه يوم القيامة " رواه أبو داود .
قال أبو عبيد .. في (كتاب الأموال) عن ابن الزبير :
" كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم .. وعليه ما عليهم .. ومن كان على يهوديته أو نصرانیته .. فإنه لا يفتن عنها .. وعليه الجزية "
وأما الظالمون الذين قال الله فيهم :
" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ (46) سورة العنكبوت ..
فهؤلاء لم نؤمر بجهادهم بالتي هي أحسن .. لأن الظالم ليس بذي علم ولا دين ولا حق .. ولهذا كان مستحقاً للقتال ..
وأما المستجير المستأمن - وهو من أهل الحرب - فقد أمر الله تعالى بإجارته حتى تقوم حجة الله عليه .. ثم يبلغ مأمنه .. قال تعالي : -
" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) " سورة التوبة ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-14-2022, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحرب الإسلامية .. دفعت إليها الرحمة .. وأظلتها الرحمة .. وأنهتها الرحمة .. وإذا كان من الرحمة بجسم الإنسان أن تقطع بعض أجزائه الفاسدة حتى لا يسري الفساد ولا يستشري .. فإن من الرحمة بالناس جميعا أن تبتر عناصر الفساد من الطغاة والظالمين والمستبدين .. حتى يعيش سائر الناس آمنين مطمئنين .. لا يهدد حياتهم خوف ولا ظلم ولا اضطهاد ..
والباعث على الحرب الإسلامية .. كما جاء في القرآن الکریم .. رد العدوان .. وصد الطغيان .. قال تعالي : -
" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) " سورة الحج ..
وقال تعالى :
" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) " سورة البقرة ..
وقال تعالى :
" وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) " سورة البقرة ..
وقد بين سبحانه وتعالى أن معاملة المعتدين إنما تكون على قدر اعتدائهم .. فقال تعالى : -
" الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) " سورة البقرة ..
ومن هذه النصوص وغيرها - وهو كثير .. نرى أن ابتداء الاعتداء كان من المشركين .. وكان اعتداء على الحرية الدينية .. ومحاولات متكررة .. وبشتى الأساليب لفتنة المؤمنين في عقيدتهم .. وصرفهم عن دينهم .. وصدهم عن سبيل ربهم ..
** كذلك نستبين من هذه النصوص وغيرها - وهو كثير - أن المسلمين لما طولبوا وخوطبوا برد العدوان .. طولبوا وخوطبوا – أيضاً – بأمرين هامين هما :
1- عدم الاعتداء .. " وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) " .. والاعتداء هنا .. هو أن يقاتلوا من لم يبدأهم بقتال .. ومن لم يضع العقبات والعراقيل في سبيل تقدم الدعوة الإسلامية الهادية ..
2- والتقوى " وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) " .. والتقوى - هنا - هي الالتزام بالفضيلة .. فلا يجرفهم تيار العداوة إلى التشبه بأعدائهم فيما يفعلون .. من العدوان على الأعراض .. والتمثيل بالقتلى ... وما إلى ذلك من أسلوب شركي جاهلي إرهابي خبيث . .
ثم ... إن الذين يراجعون ( السيرة النبوية ) وما جرى للمسلمين من اضطهاد وتعذيب .. وفتنة وتشريد .. يعلمون أن الباعث على ( الحرب الإسلامية ) إنما هو رد العدوان .. وإيقاف المد الهمجي الرهيب للظلم والطغيان .. " حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ (194) " ..
هذا هو مجمل الحديث عن القتال في شبه الجزيرة العربية .. وهذه هي باختصار شديد ومفيد .. أسبابه ودوافعه !
لقد تجمع الشرك بكل قدراته .. وجحافله .. وألقي بأفلاذ أكباده .. ليضرب الإسلام في معقله .. وبين أنصاره من أهل ( المدينة ) !!
فنزل قول الله تعالى :
" وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) " سورة التوبة ..
تلك كانت حال ( الحروب الإسلامية داخل الجزيرة !
أما حال هذه الحروب خارج الجزيرة :-
فلقد وجه الرسول صلى الله عليه وسلم كتبه ورسله إلى الملوك والرؤساء .. إلى هرقل .. وإلى المقوقس .. وإلى كسرى .. وإلى غيرهم .. بل وإلى أمراء بعض البلاد العربية النائية ...
فما كان جواب أكثرهم إلا الإساءة .. سواء أكانت إساءة قولية أم فعلية !!
ومن تتبع صفحات التاريخ .. نرى أن الباعث على ( الحرب الإسلامية ) إنما هو دفع الأذى .. وتمكين الدعوة .. ومقاومة الشر .. ومكافحة الطغيان ... ولم يكن ثمة إكراه على دين .. أو قهر على إيمان .. قال تعالى :
" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) " سورة البقرة ..
وقال تعالى :
" وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) " سورة يونس ..
ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكره أحداً على الدين بل ثبت عکس ذلك .. وهو .. أن بعض الأنصار أراد أن يكره ولده على الإسلام فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ..
ويقول تعالى : -
" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) " سورة التوبة ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
09-24-2022, 09:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وهنا نتوقف لنستعرض بعض النصوص التي تلقي الضوء على أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم ووصاياه في الحرب .. سواء أكان ذلك في وقت الإعداد لها أم في وقت مباشرتها أم في أعقابها ..
1- كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المؤمنين إلى عدم تمني لقاء العدو . فكان يقول :
" لا تتمنوا لقاء العدو.. وإذا لقيتموهم فاصبروا " ..
( الحديث متفق عليه .. أخرجه البخاري في الجهاد 32 - 112، 156 .. ومسلم في الجهاد 20/19 ، وأبو دواد في الجهاد 89 ..
2 - ولقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على منع القتال حتى بعد أخذ الأهبة له .. فهو يقول لمعاذ بن جبل وقد أرسله إلى اليمن قائداً :
" لا تقاتلوهم حتى تدعوهم .. فإن أبوا فلا تقاتلوهم حتى يبدأوكم .. فإن بدأوكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم قتيلا .. ثم أروهم ذلك .. وقولوا لهم : هل إلى خير من هذا من سبيل .. فلأن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خیر مما طلعت عليه الشمس وغربت " ..
3 - ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف دعوته وحربه :
" أنا نبي الرحمة .. وأنا نبي الملحمة "
والرحمة والملحمة متلازمتان في حروب النبي ...!
فالرحمة الحقيقية إنما تكون في قطع أصول الفساد .. وإيقاف انتشار الجريمة والشر ..
4 - وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي جنده بتأليف القلوب .. لا بإتلاف النفوس .. فهو يقول :
" تألفوا الناس .. وتأنوا بهم .. ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم .. فما على الأرض من أهل مدر او وبر أن تأتوني بهم مسلمين .. أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم .
5- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي جيشه المحارب بألا يقوم بإتلاف زرع أو قطع شجر .. أو قتل الضعاف من الذرية والنساء والرجال الذين ليس لهم رأي في الحرب .. ولم يشتركوا فيها من قريب أو بعيد .. ومن ذلك قوله :
" سیروا بسم الله .. في سبيل الله .. وقاتلوا أعداء الله .. ولا تغلوا .. ولا تغدروا .. ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً " .. .
ويقول عليه الصلاة والسلام لخالد بن الوليد رضي الله عنه :
" لا تقتل ذرية ولا عسيفاً : أي عاملا " ..
6 - وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشدد في المنع من قتل الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يحاربون .. وليس لهم رأي في الحرب ..
فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على القتلى .. فرأى امرأة مقتولة ، فقال :
" ما كانت هذه لتقاتل " ..
وقال :
" ما بال أقوام تجاوز بهم القتل حتى قتلوا الذرية .. ألا لا تقتلوا الذرية ألا لا تقتلوا الذرية " ..
7- وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة - ولو فعلها المشركون مع المسلمين - قال :
" إياكم والمثلة " ..
8- ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى المشركين .. ولم يترك جثثهم نهباً لوحوش الأرض .. وسباع الطير .. إذ أمر صلى الله عليه وسلم يوضع جثث القتلى من قريش في ( القليب ) وهي بئر جافة ..
كما نهى صلى الله عليه وسلم عن الإجهاز على الجرحى ..
9 - وكانت حرب النبي صلى الله عليه وسلم تنتهي بأحد أمور ثلاثة :
أولها - ( الموادعة ) قال تعالى :
" وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) " سورة الانفال
وقال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) " سورة البقرة
ثانيها - ( الصلح وإنهاء الحرب ) ويكون هذا الصلح على أساس العدالة والوفاء .. ولأنه صلح منه للحرب بعد وقوعها .. لذا لزم أن يكون مقروناً بإعلان الإسلام في ربوع الديار التي كان النصر فيها للمؤمنين ..
وثالثها - ( النصر المبين ) ويكون بإعلاء كلمة الله .. كما قال تعالى :
" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) " سورة الحج ..
10- وكان موقف النبي صلى الله عليه وسلم من أعدائه المنهزمين موقفاً كريماً للغاية .. ونضرب مثلاً واحداً لهذا المعنى الإنساني النبيل :
لقد كانت آخر حرب للنبي صلى الله عليه وسلم مع قريش هي التي انتهت بفتح مكة للإسلام والمسلمين ...!
ثم ... ماذا ؟
ثم التقى النبي صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء الذين آذوه وعادوه واضطهدوا أصحابه .. وساؤهم سوء العذاب ... حتى أن منهم من مات تحت وطأة العذاب .. وضراوة الفتنة ..
فماذا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وماذا قالوا له ؟
قال لهم : " ما تظنون أني فاعل بكم ؟ "
قالوا : خيراً .. أخ كريم .. وابن أخ کریم !!
فقال لهم : لا أقول لكم إلا ما قاله أخي يوسف .. " قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) " سورة يوسف
اذهبوا فأنتم الطلقاء !!! ( أخرجه البخاري في المغازي 3/ 345 ، وأحمد في المسند 3/ 190-286 )
11- وموقفه صلى الله عليه وسلم من الأسرى .. موقف کریم رحيم .. وهو أعرف من أن يعرف - فهو الذي يقول :
" استوصوا بالأسرى خيرا " ..
ولقد قام صحابته رضوان الله عليهم بما أمرهم به خیر قیام .. حتى أثنى الله عليهم بقوله :
" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) " سورة الانسان
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
03-17-2023, 10:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
*** الحَربُ في الأسفار المقدّسَة ..
بعد هذا الاستعراض الموجز الأمين لأسلوب ( الحرب الإسلامية ) كما تحدث عنها القرآن الكريم والسنَّة المطهرة ...!
نقدم الصورة المقابلة .. وهي صورة ( الحرب الدينية ) كما تحدثت عنها الأسفار المقدسة عند اليهود والنصارى !
وبضدها تتميز الأشياء ... كما قال سلفنا العلماء !
** وسنرى مدى البشاعة والشناعة التي تظهرها هذه الصورة الأخيرة ...!
*** ولا نزيد في التعليقات عن هذا الحد .. لأننا نريد للنصوص أن تتكلم .. وأن تقول كل شيء ! ***
في الإصحاح العشرين من سفر التثنية (عدد 10 وما بعده ) :
" حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح .. فإن أجابتك - إلى الصلح .. وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك .. وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها .. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف .. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمة فتغتنمها لنفسك .. وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك . هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة عنك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا . وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما .. بل تحرمها تحريماً .. الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين كما أمرك الرب إلهك .. لكي لا يعلموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم فتخطئوا إلى الرب إلهكم "
فظهر من هذا النص ( المقدس - طبعاً !! ) أن الله أمر بأن يقتل بحد السيف كل ذي حياة من ذكور وإناث وأطفال الشعوب الستة :
1- الحثيين. 2- والأموريين . 3 - والكنعانيين .
4 - والفرزیین . 5 - والحويين . 6- واليبوسيين .
وأمر فيما عداهم بأن يدعو :
أولا : إلى الصلح .. فإن رضوا به .. وقبلوا الطاعة والخضوع وأداء الجزية .. فبها ..
ثانيا : وإن لم يرضوا .. يحاربوا ..
ثالثا : فإذا تم الظفر بهم .. يقتل كل ذكر منهم بحد السيف .. وتسبي نساؤهم وأطفالهم .. وتنهب دوابهم وأموالهم .. وتقسم على المحاربين ..
وهكذا يفعل بكل الشعوب البعيدة عن الشعوب الستة ..
وفي الإصحاح الثالث والعشرين من سفر الخروج (عدد 22 وما بعده.):
" فإن ملاكي يسير أمامك ويجيء بك إلى الأموريين والحثيين والفرزيین والكنعانيين والحويين واليبوسيين فابیدهم لا تسجد لآلهتهم ولا تعبدها ولا تعمل كأعمالهم بل تبیدهم وتكسر أنصابهم "
وفي الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر الخروج (عدد 11 وما بعده ) جاء أيضا - في شأن هؤلاء الشعوب الستة :
" احفظ ما أنا موصيك اليوم . ها أنا طارد من قدامك الأموريين والكنعانيين والحثيين والفرزيين والحويين واليبوسيين .. احترز من أن تقطع عهدا مع سكان الأرض التي أنت آت إليها لئلا يصيروا فخاً في وسطك بل تهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم "
وفي الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر العدد (عدد 50 وما بعده ):
" وكلم الرب موسى في عربات موآب على أردن أريحا قائلا : كلم بني إسرائيل وقل لهم : إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم وتمحون جميع تصاویرهم وبيدون كل أصنامهم المسبوكة وتخربون جميع مرتفعاتهم .. تملكون وتسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم .. الكثير تكثرون له نصيبه .. والقليل تقللون له نصيبه . حيث خرجت له القرعة فهناك يكون له .. حسب أسباط آبائكم تقتسمون . وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جوانبكم .. ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها . فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم "
وفي الإصحاح السابع من سفر التثنية (عدد 1 وما بعده ) :
" متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتملكها وطرد شعوبا كثيرة من أمامك الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزیین والحويين واليبوسيين .. سبع شعوب أكثر وأعظم منك. ودفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم فإنك تحرمهم .. لا تقطع لهم عهدأ ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم .. بنتك لا تعط لابنه وبنته لا تأخذ لابنك .. لأنه يرد ابنك من ورائي فيعبد آلهة أخرى فيحمى غضب الرب عليكم ويهلككم سريعا هكذا تفعلون بهم هدمون مذابحهم نكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم .. وتحرقون تماثيلهم بالنار .. لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك "
** فنعلم من هذا النص ( المقدس - طبعاً !! ) أن الله أمر بإهلاك كل ذي حياة من الأمم السبع .. وعدم الشفقة عليهم .. وعدم إبرام أي معاهدة معهم .. وتخریب مذابحهم .. وتكسير أصنامهم .. وإحراق أوثانهم .. وتقطيع سواريهم .. وطالب بإهلاكهم ، وشدد في ذلك تشدیدأ بليغاً ، حتى قال لهم إن لم ينفذوا:
" إني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم "
ثم إن هناك ملاحظة - ليست عابرة – تتعلق بعدد هؤلاء الأمم والشعوب .. لقد قال النص عنهم إنهم " أكثر وأعظم منك "
ولكي نقف على إحصاء تقريبي لعدد هؤلاء الشعوب .. نقول :
قد ثبت في الإصحاح الأول من سفر العدد .. أن عدد بني إسرائيل الذين كانوا صالحين لمباشرة الحروب .. وكانوا أبناء عشرين سنة فما فوقها .. هو 603,550 رجلاً ..
وإن اللاويين الذين لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد ..
ولو أخذنا عدد جميع بني إسرائيل .. وضممنا المتروكين والمتروكات كلهم إلى المعدودين لبلغ العدد ما لا يقل عن مليونين ونصف المليون ..
ولننقل ( النص المقدس 11 ) بكامله ليحدد لنا هذه الأرقام ..
جاء في الإصحاح الأول من سفر العدد ( العدد 20 وما بعده ) :
" فكانوا بنو رأوبين بكر إسرائيل تواليدهم هم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء برؤوسهم كل ذكر من ابن عشرين سنة فصاعداً كل خارج للحرب كان المعدودون منهم لسبط رأوبين ستة وأربعين ألفا وخمسمائة. بنو شمعون تواليدهم هم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم المعدودين منهم بعدد الأسماء برؤوسهم كل ذكر من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب المعدودون منهم لسبط شمعون . تسعة وخمسون ألفا وثلاثمائة ..
بنو جاد تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعداً كل خارج للحرب .. المعدودون منهم لسبط جاد : خمسة وأربعون ألفا وستمائة وخمسون .
بنو يهوذا تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب ، المعدودون منهم لسبط يهوذا : أربعة وسبعون ألفا وستمائة .
بنو يساکر تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب ، المعدودون منهم لسبط يساکر : أربعة وخمسون ألفا وأربعمائه .
بنو زبولون تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب .. المعدودون منهم لسبط زبولون : سبعة وخمسون ألفا وأربعمائة .
بنو يوسف بنو أفرايم تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب .. المعدودون منهم لسبط أفرايم : أربعون ألفا وخمسمائة .
بنو منسي تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب ، المعدودون منهم لسبط منسي : اثنان وثلاثون ألفا ومئتان .
بنو بنیامین تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب ، المعدودون منهم لسبط بنیامین : خمسة وثلاثون ألفا وأربعمائة.
بنو دان تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن سنة فصاعدا كل خارج للحرب ، المعدودون منهم لسبط دان . اثنان وستون ألفا وسبعمائة ..
بنو أشير تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب. المعدودون منهم لسبط أشير . واحد وأربعون ألفا وخمسمائة .
بنو نفتالي تواليدهم حسب عشائرهم وبيوت آبائهم بعدد الأسماء من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب المعدودون منهم لسبط نفتالي . ثلاثة وخمسون ألفا وأربعمائة .
هؤلاء هم المعدودون الذين عدهم موسى وهارون ورؤساء إسرائيل اثنا عشر رجلاُ واحد لبيت آبائه . فكان جميع المعدودين من بني إسرائيل حسب بيوت آبائهم من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب في إسرائيل . كان جميع المعدودين : ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين . وأما اللاويون حسب سبط آبائهم فلم يعدوا بينهم "
** من هذا كله يتضح ...
أن هذه الأمم السبعة .. التي هي أكثر من الإسرائيليين عددا .. يصل عددها إلى ملايين كثيرة ...
فقد ألف القسيس ( الدكتور كيث ) كتاباً بالإنجليزية - سماه . ( کشف الآثار .. في قصص أنبياء بني إسرائيل ) جاء فيه :
«علم من الكتب القديمة أن البلاد اليهودية كان فيها قبل 550 سنة من الخروج ثمانون مليونا »
**** إذاً .. فهذا هو العدد الذي أمر ( الكتاب المقدس ) بقتله وإبادته ... (ثمانون مليونا ) . !!!
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
06-08-2023, 09:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم إذا تابعنا ( النصوص المقدسة ) التي تحمل أوامر مشددة بالقتل والإبادة فإننا نجد كل ما يشيب ويريب ..
ففي الإصحاح الثاني والعشرين من سفر الخروج ( عدد 20 ):
" من ذبح لآلهة غير الرب وحده يهلك "
وفي الإصحاح الثاني والثلاثين من سفر الخروج ( العدد 25 وما بعده ) :
يقول عن عبدة العجل :
" ولما رأی موسى الشعب أنه معری .. لأن هارون كان قد عراه للهزء بین مقاوميه .. وقف موسى في باب المحلة .. وقال من للرب فإليَّ . فاجتمع إليه جميع بني لاوي .. فقال لهم . هكذا قال الرب إله إسرائيل .. ضعوا كل واحد سيفه على فخذه ومروا وارجعوا من باب إلى باب في المحلة واقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه . ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى .. ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل "
وفي الإصحاح الخامس والعشرين من سفر العدد ( العدد 1.. وما بعده ):
" وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن . فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن .. وتعلق إسرائيل ببعل فغور .. فحمي غضب الرب على إسرائيل .. فقال الرب لموسی . خذ جميع رؤس الشعب وعلقهم للرب مقابل الشمس فيرتد حموغضب الرب عن اسرائیل .. فقال موسى لقضاة إسرائيل اقتلوا كل واحد قومه المتعلقين ببعل نخور. وإذا رجل من بني إسرائيل جاء وقدم إلى اخوته المديانية أمام عيني موسى وأعين كل جماعة بني إسرائيل وهم باکون لدى باب خيمة الاجتماع .. فلما رأى ذلك فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن قام من وسط الجماعة واخذ رمحاً بيده ودخل وراء الرجل الإسرائيلي إلى القبة وطعن كليهما الرجل الإسرائيلي والمرأة في بطنها فامتنع الوباء عن بني إسرائيل. وكان الذين ماتوا بالوباء أربعة وعشرين ألفا .
وفي الإصحاح الحادي والثلاثين من سفر العدد ( العدد 1.. وما بعده ):
" إن موسى أرسل اثني عشر رجلا مع فينحاس بن العازار لمحاربة أهل مدیان فحاربوا وانتصروا عليهم .. وقتلوا كل ذكر منهم .. وملوكهم الخمسة
ويلعام .. وسبوا نساءهم وأولادهم ومواشيهم كلها .. وأحرقوا القرى والدساکر والمدائن بالنار .. فلما رجعوا غضب عليهم موسى وقال : لم استحييتم النساء ؟ ثم أمر بقتل كل طفل مذكر وكل امرأة ثيبة .. وإبقاء الأبكار .. ففعلوا كما أمر. وكانت الغنيمة من الغنم . ( 675,000 ) ومن البقر ( 72,000 ) ومن الحمير ( 61,000 ) ومن النساء والأبكار ( 32,000 ) "
*** وهنا نسأل .. إذا كان عدد النساء الأبكار اثنين وثلاثين ألفا .. فكم يكون عدد المقتولين من الذكور مطلقاً .. شیوخاً وشباناً وصبياً ؟ .. وكم يكون عدد المقتولات من النساء الثيبات ؟!!
وإذا انتقلنا إلى يشوع ... فإننا نجده قد قام بقتل الملايين وذلك بعد موت موسى !! (كما هو مذكور في سفره ).
وفي الإصحاح الخامس عشر من سفر القضاة ( العدد 15 وما بعده ) :
إن شمشون قتل ألف رجل بلحي حمار !!!
" ووجد لحي حمار طرياً فمد يده وأخذه وضرب به ألف رجل فقال شمشون : بلحي حمار كومة كومتين .. بلحي حمار قتلت ألف رجل "
وفي الإصحاح السابع والعشرين من سفر صموئيل الأول ( العدد 8 وما بعده ) :
" وصعد داود ورجاله وغزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأن هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند شور إلى أرض مصر وضرب داود الأرض ولم يستبق رجلا ولا امرأة وأخذ غنما ويقراً وحميراً وثياباً ورجع إلى أخبيش "
*** فهذا هو داود ( كما تقدمه لنا النصوص المقدسة !! ) رجل يسطو على البلاد .. ويخرب الديار .. فما كان يبقي رجلاً ولا امرأة !! .. ولا دابة ولا متاعاً !!
وفي الإصحاح الثامن من سفر صموئيل الثاني ( العدد 2 وما بعده ) :
" وضرب داود هدد عزر بن رحوب ملك صوبة حين ذهب ليرد سلطته عند نهر الفرات .. فأخذ داود منه ألفا وسبعمائة فارس وعشرين ألف راجل .. وعرقب داود جميع خيل المركبات وأبقى منها مائة مركبة . فجاء آرام دمشق لنجدة هدد عزر ملك صوبة فضرب داود من آرام اثنين وعشرين ألف رجل وجعل داود محافظين في آرام دمشق وصار الآراميون لداود عبيداً يقدمون هدایا "
وفي الإصحاح الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني ( العدد 29 وما بعده ) :
" فجمع داود كل الشعب وذهب إلى ربة وحاربها وأخذها وأخذ تاج ملكهم عن رأسه ووزنه وزنة من الذهب مع حجر کریم وكان على رأس داود .. وأخرج غنيمة المدينة كثيراً جدا .. وأخرج الشعب الذي كان فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد وأمرهم في أتون الأجر .. وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون "
هكذا تكلمت أسفار العهد القديم ....!
وبهذا آمن كهنة العهد القديم ...!
فماذا تقول أسفار العهد الجديد ...! ؟
وبماذا يؤمن كهنة العهد الجديد ...! ؟
*** يعقب بولس على هذا كله - وغيره .. وهو کثیر کثیر - بقوله في الرسالة إلى العبرانيين ( 11: 32-35 ) :
" وماذا أقول أيضا لأنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان قهروا ممالك .. صنعوا براً ، نالوا مواعيد .. سدوا أفواه أسود .. أطفأوا قوة النار .. نجوا من حد السيف .. تقووا من ضعف .. صاروا أشداء في الحرب .. هزموا جيوشأ غرباء "
*** فبولس - أعظم كهنة العهد الجديد - يرى أن ما فعله هؤلاء الذين عدد أسماءهم إنما هو بر وإيمان وتقوى وإصلاح وخير ...!
** وهكذا يتناقل الكهنة القدامى والمحدثون أخبار الدمار والخراب والقتل والتشريد بالابتهاج والتسبيح والتحميد... وتفريخ الكرامات والآيات والمعجزات !!
** وعلى وقع الترانم الكنسية ( الشجية !! ) يرددون قول المسيح :
" لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض .. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً " (متی ، 10: 34).
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
08-01-2023, 09:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الوثائق تتكلم ..
والآن ... أنقل لكم بعض النصوص المأخوذة من ( تاریخ الاضطهاد الصليبي ) ..
وأحب أن أقسم هذا الاضطهاد إلى نوعين :
النوع الأول : كان فيه الصليبيون هم المضطهَدين ( بفتح الهاء ) - مفعولا بهم !!
والنوع الثاني : كانوا هم المضطهِدين ( بكسر الهاء ) ! فاعلون !!
والذي علينا هو أن نلقي نظرات فاحصة لنتعرف على ملامح القوم في الحالتين ! .. علينا أن نتعرف على ما نزل بالمسحيين من أعدائهم في فجر التاريخ المسيحي .. ثم ما أنزل المسيحيون بأعدائهم ومخالفيهم بعد قوتهم وسيطرتهم وتمكنهم وتحكمهم ..
لقد كان المسيحيون - في أول عهدهم - مغلوبين على أمرهم .. تنزل بهم صنوف العذاب .. وألوان الضيم والخسف والوحشية .. ثم لما آل إليهم الأمر .. وأصبح بيدهم السلطان .. أنزلوا بأعدائهم ومخالفيهم ألوانا من القتل والذبح والتشريد .. حتى أنشأوا للعذاب البربري ديوان سموه ( الديوان المقدس) ومحاكم سموها ( محاكم التفتيش ) !!
* أما تعاليم الرحمة والغفران ...
** أما نداءات المسيح التي يتشدقون بها ..
" اسمعتم أنه قيل : عين بعين وسن بسن .. وأما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشر .. بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضا .. ومن أراد أن يخاصمك وأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضأ .. ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين .. من سألك فأعطه .. ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده "
" سمعتم أنه قيل : تحب قريبك وتبغض عدوك .. وأما أنا فأقول لكم : أحبوا أعدائكم ، باركوا لاعنيكم .. أحسنوا إلى مبغضيكم .. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم " إنجيل متى ( 5: 38 - 44 )
*** أما هذه الوصايا والنصائح .. فقد ذهبت أدراج الرياح ..
النصاری تحت نير الاضطهاد ..
لقد بدأ اضطهاد المسيحيين منذ وقت مبكر .. وقد كان المسيح نفسه - حسبما تصوره أساطيرهم - ضحية لهذا الاضطهاد .. وقد نزل بأتباعه فيما بعد كثير من العسف والظلم .. وكان اليهود مصدر هذه القسوة ..
لكن المسيحية بدأت تنتشر على الرغم من اليهود .. وغلبتهم على أمرهم .. وحينئذ تقدم أباطرة الرومان .. ليقوموا بدورهم المشهور في اضطهاد المسيحيين !!
وذلك لأن هؤلاء الأباطرة كانوا لا يعرفون من أمر ذلك الدين الجديد إلا أنه امتداد لليهودية .. ولقد كانت اليهودية موضع کراهية واشمئزاز من الرومانيين ..
وذلك على غير ما جرى عليه العرف من أن الإمبراطورية الرومانية تعطي أبناءها حق الحرية الدينية ..
ذلك أن اليهودية - بتعصبها وعنصريتها - أثارت الحقد والضغينة في القلوب وكان الأباطرة - قبل المسيح - يقاومون ذلك التيار اليهودي العدواني الجارف !! .. هذا من جهة ..
ومن جهة أخرى .. إنه مما أثار حقد الرومان على المسيحية - كذلك - أن المسيحية أخذت من اليهودية تعصبها .. فأعلنت - حتى في عهود ضعفها - أنها تناصب العقائد الأخرى العداء .. وأنها ستعمل على تحطيم الحضارة الرومانية عندما تتهيأ لها الفرصة ..
أما هذا التحول الذي أعلنته المسيحية من التسامح والرضا والرحمة .. إلى الحقد والثأر .. فإنه يمثل تحول المسيحية وانتقالها من وصايا المسيح .. إلى أفكار بولس .. كما يؤكد ذلك كثير من المؤرخين والباحثين !
ولعل أبشع حركات الاضطهاد التي عاناها المسيحيون في القرن الأول تلك التي أنزلها بهم نيرون الطاغية سنة 68 م .. فقد ألقى بعضهم للوحوش الضارية تنهش أجسامهم .. وأمر فطليت بالقار وأشعلت لتكون بعض مصابيح الاحتفالات التي أقامها نيرون في حدائق قصره !!
وفي القرن الثاني كان المسيحيون يعتبرون أنجاساً لا يسمح لهم بدخول الحمامات والمحال العامة .. وكانوا – كما حدث في عهد نيرون وغيره - يلقون للوحوش الضارية تفترسهم في مدرج عام يضم خصومهم الذين يحضرون للتلهي بمشاهدة هذه المظاهر ..
ولقد سجل القرن الثالث صورة أخرى من أبشع وأشنع أنواع التعذيب والاضطهاد للمسيحيين .. وذلك في عهد الإمبراطور قلديانوس .. فقد أمر بهدم كنائس المسيحية .. وإعدام كتبها المقدسة وآثار آبائها .. وقرر اعتبار المسيحيين مذنبين .. وأسقط حقوقهم المدنية .. وأمر بألقاء القبض على الكهان وسائر رجال الدين .. وصب عليهم العذاب ألواناً ..
ونفذت هذه التعليمات في جميع المناطق .. فامتلات السجون بالمسيحيين ومات الكثيرون بعد أن مزقت أجسادهم بالسياط .. والمخالب الحديدية ..
وأحرقت بالنار .. ومزقت إرباً إرباً .. أو طرحوا للوحوش الضارية أو غير هذا من وجوه التعذيب .. وقد سمى المسيحيون عصره الممتد من سنة 284 إلى 305 م عصر الشهداء ..
وفي مطلع القرن الرابع تغيرت الأحوال فقد أصدر الإمبراطور قسطنطين مراسيم التسامح سنة 311 ، 312 م .. ثم دخل المسيحية بعد ذلك بعشر سنوات .. وسرعان ما قويت المسيحية .. ورجحت كفتها .. فانقضَّت على أعدائها .. تقتل .. وتعذب .. وتفتك .. فتأسست الجمعيات الثورية باسم الدين .. وكان أشهرها جمعية ( الصليب المقدس ) في تورينو .. التي أخذت على عاتقها استئصال شأفة بقايا الرومانيين الوثنيين !!
*** میزان القوى يتغير ..
حدّث بعد ذلك ولا حرج .. عن الدماء التي سفكت .. والأرواح التي أزهقت .. مما جعل (هارثمان ) يصف ( الانتقام المسيحي ) .. بأنه أفظع المجازر البشرية التي سجلها التاريخ !!
ولم يقف الاضطهاد المسيحي .. أو الانتقام المسيحي عند الوثنيين فحسب .. بل تعداهم إلى المسيحيين أيضا ..
إذ أن المسيحية التي ظهرت وأصبحت ذات کیان وسلطان .. لم تكن مسيحية ( المسيح عليه السلام ) وإنما هي مسيحية بولس ومسيحية الفلسفة الإغريقية .. لكنها - كانت ولا تزال – تحمل اسم المسيحية على أي حال !!
وإذا كانت هذه المسيحية قد ابتدعت أشياء لا يرضى عنها المسيحيون الحقيقيون كألوهية المسيح .. والتثليث .. والصلب والفداء .. وما إلى ذلك .. فقد بدأ صراع جديد اعتبر فيه المسيحيون الحقيقيون متمردين .. وأوقعت بهم المسيحية الإغريقية أو مسيحية بولس .. ألواناً من العنت والاضطهاد
واستمرت الكنيسة في تفريخ البدع .. وترويج الخرافات کالعشاء الرباني .. وصكوك الغفران !!
ووجد من المسيحيين من يعارض هذه الخرافات .. فووجه بقسوة لا نظير لها .. ووحشية تشمئز منها النفوس !
وسألمُّ في هذه العجالة ببعض الصور من هذا العنت والاضطهاد الذي أنزله المسيحيون بإخوانهم المسيحيين ..
في القرن الرابع الميلادي .. عارض ( آریوس ) القول بألوهية المسيح مما دعا إلى عقد ( مجمع نيقية ) عام 320 م ..
وقرر هذا المجمع إدانة آریوس .. وإحراق كتاباته وتحريم إقتنائها وخلع أنصاره من وظائفهم ونفيهم والحكم بإعدام كل من أخفي شيئا من كتابات آریوس وأتباعه ..
وفي عهد تيودوسيوس سنة 395 م .. ظهرت لأول مرة ( محكمة التفتيش ) .. وتم تنظيمها فيما بعد في القرن الثاني عشر.. وكان أعضاؤها من الرهبان .. وكانت وظيفتهم اكتشاف المخالفين في العقيدة .. ولهم سلطان كبير فلا يسألون عما يفعلون ..
وتاريخ محكمة التفتيش هو تاريخ الاضطهاد الديني في أقسى صوره .. وقتل حرية الفكر بأبشع أسلوب ..
ومن أشد أساليبها انحرافاً .. أنها نادت بضرورة أن ينهي كل إنسان - في غير ما تواطؤ .. أو تباطؤ- ما يصل إلى سمعه أو علمه من أخبار الملحدين .. وهددت من يتوانى في ذلك بعقوبات صارمة في الدنيا والآخرة .. فانتشر بسبب ذلك ( القرار الإرهابي ) نظام التجسس حتى بين أفراد الأسرة الواحدة !!
وفي القرون التالية كثر صرعى هذا النظام .. وتعرض للشنق والإحراق والإعدام جماعات كثيرة لأنهم في نظر الكنسية وكهنتها هراطقة ..
وكثيرا ما كانت الكنسية تلجأ إلى الإعدام البطيء مبالغة في التعذيب .. إذ كانت تسلط الشموع على جسم الضحية .. وتخلع أسنانه كما فعل ببنیامین كبير أساقفه مصر .. لأنه رفض الخضوع لقرارات مجمع (خلقيدونية ) الذي يرى أن للمسيح طبيعتين .. إلهية وإنسانية ..
وكان الإعدام يسبق بصورة بشعة من التعذيب كالكي بالنار والضرب المبرح .. لعل المتهم يعترف أو يقر .. فإن لم يعترف قتل ..
وكان شعار المحاكمات : المتهم مجرم حتى تثبت براءته ..
وليس المتهم بريء حتى تثبت إدانته ..
وإذا اعترف المتهم بجريمته استمر تعذيبه قبل القضاء عليه لعله يعترف بأسماء أنصاره وشركائه ..
وكانت القوانين تقضي أن يحمل الأبناء والأحفاد تبعة الجرم الذي يتهم به الآباء ..
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
10-08-2023, 08:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لغة الوثائق والأرقام ..
استعملت الكنسية الرومانية - مرات كثيرة – الاضطهادات والطرد ضد البروتستانت .. وذلك في ممالك أوروبا .. وقد بلغ عدد من أحرق بالنار قرابة 230,000 من الذين آمنوا بیسوع دون البابا ..
وفي فرنسا قتل في يوم واحد ثلاثون ألف رجل !
وفي مدينة تولوز قتل ألف ألف !
وفي كالابريا الإيطالية سنة 1560 م .. قتل الوف الألوف من البروتستانت !!
يقول أحد الكتاب الرومانيين :
إنني أرتعد كلما تذكرت ذلك الجلاد والخنجر الدموي بين أسنانه والمنديل يقطر دمأ بيده .. وهو متلطخ اليدين إلى نهاية المرفقين .. يسحب واحد بعد واحد من المساجين كما يفعل الجزار بالغنم !!
وکارولوس الخامس سنة 1521 م .. أصدر أمراً بطرد البروتستانتيين من بلاد الفالامنك برأي البابا وبسبب ذلك قتل خمسمائة ألف ..
وبعد کارلوس تولى ابنه فليبس ولما ذهب إلى إسبانيا سنة 1559م .. استخلف الأمير ألفا على طرد البروتستانتيين .. ويذكر المؤرخون أنه في أشهر قليلة قتل على يديه ثمانية عشر ألفأ !
وبعد ذلك كان يفخر بأنه قتل في جميع المملكة ستة وثلاثين ألفا !
** هذا ما فعله الكاثوليك بالبروتستانت !
*** فماذا فعل البروتستانت بالكاثوليك عندما قدروا ؟
أصدر البروتستانت هذه القوانين !
(1) لا يرث كاثوليكي تركة أبويه .
(2) لا يشتري واحد منهم أرضاً بعد ما يجاوز عمره ثماني عشرة سنة إلا إذا صار بروتستانتينياً !!
(3) لا يشتغل أحد منهم بالتعليم .. ومن خالف هذا الحكم يسجن سجناً مؤبداً .
(4) من كان من الكاثوليك يؤدي ضعف الخراج .
(5) إن أرسل أحد منهم ولده خارج إنجلترا للتعليم يقتل هو وولده وتسلم أمواله ومواشيه كلها .
(6) لا يعطى لهم منصب في الدولة .
(7) من لم يحضر منهم يوم الأحد أو العيد في الكنيسة البروتستانتينية يغرم غرامة مالية شهرية كبيرة .. ويكون خارجاً عن الجماعة .
(8) لا يسمع إستغاثة أحد منهم عند الحكام وحسب القانون .
(9) لا تنفذ أنكحتهم .. ولا تجهز موتاهم ولا تكفن .. ولا تعمد أولادهم إلا إذا كان ذلك على طريقة كنيسة إنجلترا .
(10) لا يحضر القسيس عند قتلهم ولا عند تجهيزهم وتكفينهم .
(11) لا يصح لواحد منهم أن يمتلك سلاحا .
(12) إن أدى قسيس منهم خدمة من الخدمات المتعلقة به يسجن سجناً مؤبدأ .
ولقد حمل كثير من رهبانهم وعلمائهم بأمر الملكة إليزابيث في المراكب .. ثم أغرقوا في البحر .. وجاء عساکرها إلى أيرالندا ليدخلوا الكاثوليك في المذهب البروتستانتي .. فأحرقوا كنائس الكاثوليك .. وقتلوا علماءهم .. وكانوا يصطادونهم کاصطياد الوحوش البرية .. وكانوا لا يؤمنون أحداً .. وإن أمنوه قتلوه أيضا بعد الأمان !!
وفي ( حديث الأرقام والوثائق ) أنه :
في إسبانيا فقط قدمت محمكة التفتيش للنار أكثر من 31,000 نسمة .. وحكمت على 290,000 بعقوبات أخرى تلي الإعدام ..
وفي عام 1568م .. أصدر ( الديوان المقدس ) حكمه بإدانة جميع سكان الأراضي المنخفضة .. والحكم عليهم بالإعدام واستثنى من الحكم بضعة أفراد نص القرار على أسمائهم .. وبعد عشرة أيام من صدور الحكم دفع للمقصلة ملايين الرجال والنساء والأطفال ..
ومن أهم المذابح التي دبرها الكاثوليك للبروتستانت مذبحة باريس في 24 أغسطس سنة 1572 م .. التي سطا فيها الكاثوليك على ضيوفهم من البروتستانت .. هؤلاء الذين دعوا لباريس لعمل تسوية تقرب بين وجهات النظر .. ثم قتلوا خيانة وهم نيام .. فلما أصبحت باريس كانت شوارعها تجري بدماء هؤلاء الضحايا .. وانهالت التهاني على شارل التاسع من البابا وملوك الكاثوليك وعلمائهم على هذا العمل البطولي النبيل !!!
وقد أسلفنا أن البروتستانت لما قويت شوكتهم مثلوا نفس الدور .. دور القسوة والاضطهاد الدنيء مع الكاثوليك .. ولم يكونوا أقل وحشية في معاملة خصومهم وأعدائهم السابقين ..
وهكذا ... هكذا دَوَّنِ تاريخ المسيحية أخبار بحار من الدماء .. وأكداس من جثث الضحايا البشرية التي تحولت إلى رماد محترق .. وآهات ودموع وأنين ووحشية وبربرية وأصوات استغاثة ...!
وللحديث بقية ..
أخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
01-10-2024, 08:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاضطهاد المسيحي لليهود ..
يقول ابن البطريق : ( نقلاً عن الجواب الصحيح ، ج 3 ، ص 28 ) :
" وأمر الملك أن لا يسكن يهود بغŒت المقدس .. ولا يمر بها .. ومن لم يتنصر يقتل .. فتنصر من اليهود خلق كثير .. وظهر دغŒن النصرانية ..
فقيل لقسطنطين الملك : إن اليهود يتنصرون من فزع القتل .. وهم على دينهم ..
قال الملك : كيف لنا أن نعلم ذلك منهم ؟
قال بولس البترك : إن الخنزير في التوراة حرام .. واليهود لا يأكلون لحم الخنزير .. فأمر أن تذبح الخنازير .. وتطبخ لحومها .. وتطعمهم منها .. فمن لم يأكل منه علمنا أنه مقيم على دين اليهودية .
فقال الملك : إذا كان الخنزير في التوراة حراما فكيف يجوز لنا أن نأكل لحم الخنزير ونطعمه الناس ؟
فقال له بولس البترك : إن سيدنا المسيح قد أبطل كل ما في التوراة .. وجاء بناموس آخر .. وبتوراة جديدة .. وهو الإنجيل .. وفي إنجليه المقدس .. أن كل ما يدخل البطن ليس بحرام ولا بنجس وإنما ينجس الإنسان الذي يخرج من فيه "
" فأمر الملك أن تذبح الخنازير وتطبخ لحومها .. وتقطع صغاراً صغاراً .. وتصير على أبواب الكنائس في كل مملكته يوم أحد الفصح .. وكل من خرج من الكنيسة يلقم لقمة من لحم الخنزير .. فمن لم يأكل منه يقتل .. فقتل لأجل ذلك خلق كثير "
وليست هذه هي الحادثة الوحيدة التي صب فيها المسيحيون العذاب صنوفاُ على رؤوس اليهود .. وإنما هناك عبر سنوات التاريخ وعصوره حوادث وحوادث .. نختصر بعضها في هذه السطور :
كان الكاثوليك يعتقدون أن اليهود كفار .. ولهذا أجروا عليهم عدة أحكام منها :
(1) من حمى يهودياُ ضد مسغŒحي خرج عن الملة .
(غ²) لا يعطى يهودي منصباً في دولة من الدول .
(غ³) لو كان مسيحي عبداً ليهودي فهو حر .
(4) لا يأكل أحد مع يهودي .. ولا يتعامل معه .
(5) أن تنزع أولادهم منهم ويلقنون العقيدة المسيحية .
- وقد أجلي اليهود من فرنسا سبع مرات .
- وعدد اليهود الذين أخرجوا من النمسا - وحدها 71,000 أسرة !
*** وفي النمسا – أيضا – قتل كثير منهم ونهبت أموالهم .. ونجا منهم القليل .. وهم الذين تنصروا ...!
وفي النمسا - أيضأ - مات كثير منهم بأن سدوا عليهم أبوابهم ثم أهلكوهم إما بالإغراق في البحر .. أو بالإحراق في النار !
وفي إنجلترا .. ذاق اليهود ألوان الذل والتشريد والطرد .. حتى أن إدوارد الأول لما ولي الملك أصدر أمره بنهب أموالهم كلها ثم أجلاهم من مملكته .. فأجلى أكثر من خمسة عشر ألف يهودي في غاية الفقر والحاجة !
وقد نقل أحد المسافرين واسمه " سوني " : " أنه كان حال البرتغاليين .. أنهم كانوا يأخذون اليهودي .. ويحرقونه بالنار .. ويجتمع رجالهم ونساؤهم يوم إحراقه کاجتماع يوم العيد .. وكانوا يفرحون أعظم الفرح .. وكانت النساء يصحن وقت إحراقه سعادة وسرورا ..
ولو ضممنا إلى هذه الوثائق .. والأرقام ما فعله المسيحيون بالمسلمين .. في الحروب الصليبية .. وكذلك في إسبانيا بعد سقوط غرناطة .. ثم ما فعله الاستعمار الصليبي القديم والحديث بالمنطقة الإسلامية .. لتبين لنا أن المسيحية التي يصر معتنقوها على اعتبارها ( دغŒن الرحمة والتسامح ) ما هي إلا باب من أبواب العذاب والتنكيل .. وجحيم لا يطاق من التآمر والفتك .. وملحمة من ملاحم الاغتيالات والكراهية والحقد ! وجرح لا يندمل في قلب البشرية وضميرها يطفح بالدم والصديد ...!
*** ومجمل القول : إن المسيحية من خلال تاريخها ، بأرقامه ووثائقه وحقائقه تعتبر مصدر قلق وآلام وشرور للإنسان .. ولتاريخ الإنسان ... أينما كان .. وحيثما حل في أرض الله !
تلك هي النصرانية الصليبية التي يصر کهنتها أن يذروا الرماد في العيون .. فتراهم كل يوم ينشرون على الناس قائمة النحل الفاسدة التي ابتدعوها واخترعوها ليصدوا الناس عن دين الله .. وعن هداه !!
** لقد قالوا : ( إن الإسلام انتشر بالسيف )... وظهر فيما سبق .. أن ادعائهم هذا مجرد زيف واختلاق !!
*** ولقد قلنا لهم - فيما مضى من حديث ... إن المسيحية هي التي انتشرت على بحر من الدماء ... ورفعت صليبها المقدس على هرم من جثث القتلى وأشلاء الضحايا !! |
ونقول لهم :
إذا كان بيتك من زجاج .. فلا ترجم الناس بالحجارة !!
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
AL-ATHRAM
02-24-2024, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تعدد الزوجات ..
سؤلان خاصان بتعدد الزوجات :
يتزوج المسلمون بأكثر من امرأة .. فهل هناك آية في القرآن الكريم توضح ذلك .. ؟
وما هي الأسباب التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يتزوج بأكثر من أربع ؟
أما ( تعدد الزوجات فمما لا شك فيه أن القرآن الكريم جاء بمشروعيته _ كما في الآية الثالثة من سورة النساء _ قال تعالى :
" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ( 3 ) . "
وقد جاء متصلاً بموضوع هذه الآية من السورة نفسها .. قوله :
" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ( 129 ) . "
وتخريج الآيتين الذي يرشد إليه سياقهما .. وسبب نزول الآية الثانية منهما .. أنه لما قيل في الآية الأولى :
" فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ( 3 ) . "
فهم منه أن العدل بين الزوجات واجب .. وتبادر إلى النفوس أن العدل بإطلاقه _ حتى في الميل القلبي _ هو المراد من الآية .. فتحرج بذلك المؤمنين .. وحق لهم أن يتحرجوا .. لأن العدل بهذا المعنى الذي تبادر إلى أذهان غير مستطاع .. فجاءت الآية الثانية لترشد إلى العدل المطلوب في الآية الأولى .. ولترفع الحرج الذي تصوروه ..
فنزل قوله تعالى :
" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ( 129 ) . "
ومن هذا يتضح أن ( تعدد الزوجات ) .. مباح ما لم يخش المؤمن الجور في القسم بين زوجاته .. فإن خافه .. وجب عليه أن يخلص نفسه من الإثم فيقتصر على واحدة ..
ويتضح _ من الآيتين _ أيضاً .. أن إباحة التعدد لا تتوقف على شيء من وراء العدل .. وعدم الخوف من الجور .. فلا يتوقف _ مثلاً _ :
على عقم المرأة .. ولا مرضها مرضاً يمنع الرجل من التحصن .. ولا على كثرة النساء كثرة يخشى منها على عفافهن .. كما في الحروب وغيرها ..
هذا .. وقد وضعت الآية الكريمة .. ( تعدد الزوجات ) .. في موضع الأصل للتخلص من عدم القسط في اليتامى .. ثم ذكرت الآية الاقتصار على الواحدة عند طروء الخوف من عدم العدل بين لزوجات !
فإذا كان المؤمن عادلاً في اليتيمات !
فهو أيضاً عادل بين الزوجات !
وللحديث بقية ..
اخوكم / الاثرم
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir